لم أجد عنوانا معبرا أكثر من هذا عن حالة التشتت والتفكك التي يعاني منها الفيلم، فكل انسان عندما يري عملا فنيا يخرج منه بانطباع ما عنه ، فكان انطباعي هنا ليس سوي ...سمك .. لبن .. تمر هندي . فالمشاهد لا يدري ما الذي يريد صناع العمل توصيله أو ما هي الفكرة الرئيسية التي يدور حولها، فأنا لا أعتقد أن الكوميديا هي المحور الأساسي في العمل لأنها قليلة جدا داخل الأحداث فهي قلما تجدها بين مشهد والآخر فالفيلم حالة أشبه بالضياع الفني، فهو لا يصنف كوميديا ولا ما بعد الحداثة ولا أكشن ولا رعب ولا اجتماعي . محاكاة ساخرة فحاول صناع العمل تقديم فيلم يحمل بداخله مبادئ مدرسة ما بعد الحداثة من خلال اقتباسه لمشاهد من أعمال أخري مشهورة، واعادة تقديمها بشكل آخر بطريقة تهكمية يعرف هذا «بالكولاج» اعادة تقديم المشاهد و«الباروديا» المحاكاة الساخرة حتي أن اسم الفيلم مقتبس عن الفيلم الامريكي مستر اند ميسز سميث لبراد بيت و انجلينا جولي وهذا دليل علي أنه طرق باب هذه المدرسة ولكنه لم يستطع الخوض و المحافظة علي خصائصها فاختلط الحابل بالنابل . فمفهوم هذه المدرسة يعد من أصعب المفاهيم لأنها ليس لها تعريفاً محددا واذا لم يفهم هذا صانع العمل لم يستطع الدخول اليها وتطبيق قواعدها ويصبح ما فعله تقليدا أعمي لأفلام نجحت وتصدرت شباك التذاكر وتركت علامة عند الجمهور كفيلم سمير ... وشهير ...وبهير وبنات العم، وسيما علي بابا، فهذه الأعمال طبقت قواعد و مفهوم مدرسة ما بعد الحداثة الذي افتقده صناع هذا الفيلم . خط الصعيد أحمد عويس مطرب مشهور «حمادة هلال» يريد الزواج لارضاء والدته فيقرر الزواج من مسقط رأسه ، ويفاجأ بعد زواجه أن زوجته هي خط الصعيد الذي يهدد امن البلدة فيتورط معها ويحاول بعد ذلك التخلص من هذه الزيجة ولكن دون جدوي . المؤلف كريم فهمي خلط الأمور ببعضها ، وقدم سيناريو غير محكم به خلل في بنائه، ويفقد الترابط العضوي ووحدة الموضوع وبه اسقاطات سياسية أقحمت علي العمل دون داع، كما قدم في الفيلم مشاهد غير منطقية كمشهد خطف السفير الاسرائيلي وتضحية أحمد عويس بشهرته بكل سهولة كل هذه المشاهد وقصة الفيلم عموما من الصعب أن تحدث في الواقع و لكن كان من الممكن أن تصبح متاحة ومقبولة شريطة أن يقع الفيلم تحت تصنيف «ما بعد الحداثة» لأن سماتها تسمح له بهذا فهي لا تهتم بالحقائق و تمزج الواقع بالخيال وتعتمد في مضمونها علي عنصر الابهار فكانت أحداث الفيلم ستكون أكثر حبكة، فنري أن الخلل الذي حدث في بناء هذا السيناريو نتج عن عدم استيعاب مفاهيم تلك المدرسة مما أدي الي تفكيك العمل . حمادة هلال قدم دورا تقليديا وهو دور المطرب العاطفي الحساس بطريقة ساذجة، وقد سبق وقدمه الفنان أحمد مكي من قبل في فيلم «طير انت» ولكنه كان أفضل وأمهر بكثير، وما حدث هنا ما هو الا استغلال سيئ لشخصية ناجحة سبق وقدمت من قبل بطريقة أفضل. ادوارد كعادته أداؤه مصطنع ومبالغ فيه . بشري لم تلفت أنظار الجماهير في دورها هنا بل بالعكس كان دورها مستفزاً وأداؤها متكلفا جدا، كما أن الصعيد لايسمح مطلقا أن تقوده امرأة وخاصة اذا كانوا من قاطني الجبل . فاذا كانت بشري تسعي لتقديم سينما جادة كفيلم «678» فعليها أن تكف عن تلك الأدوار الهابطة وتختار أدوارها بعناية في الأفلام القادمة . تقليد أعمي الدويتو بين حمادة هلال وبشري ما هو الا تقليد أعمي لأغنية فريد الأطرش وشادية في فيلم «انت حبيبي» ولا أهمية لوجودها داخل الأحداث سوي أن بشري تريد أن تثبت أنها امرأة حديدية تغني وتمثل، وعليها أن تركز في شيء واحد فقط حتي تستطيع أن تبدع وتترك بصمة فيه، أغنية الفيلم «اسبونش بوب» هي أفضل ما قدم في الفيلم فوضعت ضمن الأحداث لجذب الأطفال حتي يتمكنوا من الحصول علي ايرادات للفيلم لعلمهم بمدي تمتع شخصية «اسبنش بوب» الكرتونية من شهرة وليس أكثر من ذلك . جاء تصوير الفيلم بشكل سيئ ولم أكن أصدق أن «نزار شاكر» هو مدير التصوير، لأنني أعرف أعماله وأتابعها جيدا ولكن هنا جانبه التوفيق فالاضاءة كانت منعكسة في عين الممثلين وفي الخلفية وهذا يعني أن هناك قصورا في ضبط اضاءة المشاهد، حيث إنه من المفترض أن يتم قبل التصوير ضبط مسافات الاضاءة حتي لا تنعكس بهذا الشكل . المخرج «أكرم فريد» لم يقدم جديدا بل دائما أفلامه فيها كم من اللا منطقية وعدم الاحتراف وهو بهذا الشكل يرجع للخلف ولا يحرز هدفا يبرزه من فيلم لآخر، والغريب أن أكرم من الدارسين للإخراج السينمائي ويعلم جيدا جماليات الصورة وكيفية قيادة فريق العمل، والمفروض أنه يعلم معني مدرسة ما بعد الحداثة التي حاول الزج بها داخل الفيلم ولكنه فشل فقدم الفيلم بطريقة مفككة وباهتة ومتخبطة وأهمل فريق العمل بأكمله حتي أخل من الأداء والقصة والاضاءة، فقد حاول تجميع أكبر قدر من المشاهد لكي يستطيع تقديم فيلم ظنا منه أن عدم الترابط يرجع لمفهوم «ما بعد الحداثة» فعليه مراجعة ما درسه لكي يستعيد المفهوم الغائب عنه، ويظل الفيلم بلا هوية لا يمكن تصنيفه ولا تحديد نوعه .