أثارت الطريقة التي انتهجها مجلس الشوري في اختياره لرؤساء تحرير الصحف القومية زوبعة شديدة داخل الشارع الصحفي وانقسم الصحفيون ما بين مؤيد ومعارض . فالفريق الذي يتبني وجهة النظر المعارضة يؤكد ان هذه الطريقة ما هي إلا عودة للحزب الوطني المنحل لكن تحت عباءة دينية وهو ما دفع ب(محمود نفادي ) نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية ورئيس شعبة المحررين البرلمانيين لرفع دعوي قضائية أمام مجلس الدولة لوقف قرار مجلس الشوري بشأن فتح باب الترشيح لشغل منصب رؤساء تحرير الصحف القومية . بينما يري بعض الصحفيين انها طريقة مثلي لاصلاح اوضاع المؤسسات الصحفية التي تراكمت عليها الدهون وزادت بها معدلات الفساد. لكن لماذا يري بعض الصحفيين ان هذه الطريقة لا تصلح لاختيار رؤساء التحرير وهل المعايير التي وضعها مجلس الشوري كافية لتظهر الاصلح لشغل مثل هذا المنصب ؟ وماذا إن بقي كلا من الطرفين (مجلس الشوري والصحفيين المعارضين) علي موقفيهما فما الحل حين اذن . توجهنا بتلك الاسئلة ل "د/ محرز غالي" الأستاذ بكلية الاعلام فأكد لنا أن طريقة الترشيح وطريقة التعيين التي كان يتبعها النظام السابق لا تصلح اي منهما لاختيار رئيس التحرير فالتعيين كان يفرض علي الصحف اشخاصاً بعينهم من المحسوبين علي النظام الحاكم ويدينون له بالولاء وكان يطلق عليهم اهل ثقة وليس اهل كفاءة او اهل خبرة . اما نظام الترشح الحالي فظاهره ديمقراطي ولكن باطنه ابعد عن ذلك حيث انه يخلق جوا من الشك لدي جموع الصحفيين لان اللجنة المنوطة بالاختيار يغلب عليها اعضاء مجلس الشوري المنتمين لحزب الحرية والعدالة بينما الاصح ان تتألف من شيوخ المهنة واساتذة الاعلام لذا فإن الحل هو اولا ان يعاد تشكيل اللجنة مرة اخري ثانيا ان تقدم كل مؤسسة صحفية ثلاثة مرشحين يتم اختيارهم من قبل صحفيي المؤسسة ثم تقوم اللجنة باختيار اكفأهم ويكون استمراره في منصبه مرهون باستفتاء ثانوي يعقد بين زملائه . وبسؤاله عن توقيت قرار الترشح أكد أن التوقيت سيئ ومتسرع فحزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الاخوان يعمل جاهدا علي تحسين صورتهم بعد الحرب الشرسة التي شنها بعض الاعلاميين اثناء جولة الاعادة الرئاسية ومن ثم فإن الصحف القومية طريقهم لتقديم صورة ايجابية عنهم . الإصلاح أولا أما أسامة هيكل وزير الاعلام السابق اشار ان حزب الحرية والعدالة كان عليه اولا ان يصلح من اوضاع الصحف القومية ويحررها من سيطرة النظام السابق وحل مشاكلها المالية واعادة هيكلة ادارتها واعني بذلك أن تتحول تلك الصحف لشركات مساهمة وتطرح اسهمها في البورصة ويكون للدولة 50% من تلك الاسهم اما 50 الاخري توزع علي صحفيي واداري تلك الصحيفة لكن للاسف فإنه يثير علي درب الحزب الوطني المنحل بفرض سيطرته علي الصحف وسياستها التحريرية . وبسؤاله عن شروط اختيار رؤساء التحرير اجاب انها غير مناسبة فهي تصلح لاختيار اشخاص لاي وظيفة اخري وليس منصب رئيس التحرير. ولم يختلف رأي الأستاذ سعيد شعيب مدير مركز «صحفيون متحدون» عن رأي ما سبقوه في ان الطريقة التي انتهجها مجلس الشوري ما هي الا نقل ملكية تلك الصحف من الحزب الوطني لحزب الحرية والعدالة فالاخوان يعملون جاهدين علي نقل مصر كلها وليس الصحف القومية فحسب الي حزب الحرية والعدالة . وأما بالنسبة لمعايير اختيار رئيس التحرير اكد انها شكلية وتكميلية وتكاد تكون فاسدة فالاخوان لو كانوا جادين في بناء دولة ديمقراطية لما اقدموا علي مثل هذه الخطوة التي تفضح نواياهم فالمؤسسات الصحفية لابد الا تخضع لاي سلطة تشريعية او تنفيذية فعلي سبيل المثال نري ان الحزب الحاكم في تركيا ذو مرجعية اسلامية لكنه لم يضع علي اي من مؤسسات الدولة . شيوخ المهنة ويوافقه الرأي الكاتب الصحفي لويس جريس الذي يري ان مجلس الشوري اخطأ باختيار لجنة مشكلة من اشخاص لا يمتون للمهنة بصلة علي الرغم من ادعائهم باجراء اتصالات مع شيوخ المهنة للوصول لافضل تشكيل لها الا انهم علي سبيل المثال لم يجروا معي اي اتصال برغم من علمهم اني من شيوخ مهنة الصحافة وكان من باب اولي ان يستفادوا من خبراتي التي يعلمها الجميع . ثم اشار لنقطة اخري وهي ان الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عندما قام باصدار قانون تنظيم الصحف عام 1960 جعل كلا من مصطفي وعلي أمين وإحسان عبد القدوس وبشارة تكلا رؤساء مجلس ادارات صحفهم واعني بذكر هذا المثال انه لابد من تولي الصحفيين ادارة شئونهم دون تدخل من احد فاختيار رئيس التحرير لابد ان يأتي بناء علي ترشيحات زملائه بالصحيفة ذاتها كذلك فإن تحويل الصحف لشركات مساهمة يعد حلا مناسبا . كذلك يري الأستاذ طارق رضوان مساعد رئيس تحرير مجلة صباح الخير ان الشروط التي وضعتها اللجنة هي احد اهم اسباب الازمة المثارة فالشرط الاول الذي ينص علي ان يكون المتقدم للمنصب معين منذ 15 عاما يثير الريبة نظرا لأن القاعدة العريضة من شباب الصحفيين والتي يعقد عليها الامل في احداث تغييرات لم يكن تم تعيينها حيث كانت الصحف القومية تعاني من سيطرة اسوا رؤساء مجالس ادارات جاءوا علي مر تاريخها فلك ان تتصور انه لم يتم تعيين صحفي واحد في مجلة صباح الخير منذ عام 1985 وحتي عام 1998 بحجة الاوضاع المالية المترضية وهذا ما كان يحدث في باقي الاصدارات القومية . أما الشرط الثاني الذي ينص علي عدم حصول الصحفي علي اجازات سنوية دون مرتب خلال العشر سنوات الاخيرة فهو شرط مجحف لان كثيرا من الصحفيين لجأوا لهذه الطريقة بهدف تحسين دخلهم سواء بالالتحاق بصحف اخري او بالسفر للخارج في وقت كانت الفضائيات تعد علي اصابع اليد . والحل الامثل للخروج من تلك الازمة يراه رضوان سهلا وبسيطا وذلك بوضع شروط عادلة تعطي للجميع فرص متساوية وحقيقية في اظهار كفاءتهم حيث انها المعيار الحقيقي لاختيار ؤئيس التحرير . أما الاعلان عن فتح باب الترشح لمنصب رئيس التحرير في ذلك الوقت يراه قرار متسرع وذلك من اجل فرض السيطرة فالاخوان اكثر شراسة من الحزب الوطني ويعلمون ان كافة اجهزة الدولة ضدهم .