«رحلة التميز النسائى»    وزير الدفاع يشهد تخرج دورات جديدة من دارسي الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا    محافظ شمال سيناء :ثورة 30 يونيو انتفاضة شعب بكل فئاته ضد الفئة الضالة التي اختطفت الوطن    محافظ أسوان يلتقي رئيس هيئة تنمية الصعيد.. تفاصيل    وزير العمل يُطلق البث التجريبي لمنصة العمالة غير المنتظمة بأسيوط والمنيا    إطلاق البث التجريبي للمنصة الإلكترونية للعمالة غير المنتظمة بأسيوط والمنيا    أيمن الجميل: تطوير الصناعات الزراعية المتكاملة يشهد نموا متصاعدا خلال السنوات الأخيرة ويحقق طفرة فى الصادرات المصرية    ميناء دمياط يستقبل 63 ألف طن قمح    رؤساء أمريكا اللاتينية: محاولة الانقلاب الفاشلة في بوليفيا هجوم على الديمقراطية    هجوم بزورق مفخخ يستهدف سفينة بالقرب من سواحل اليمن    باحثة بالمركز المصرى للفكر: مؤتمر صراعات القرن الأفريقى يأتى فى ظروف دولية صعبة    فيران توريس بعد التألق مع منتخب إسبانيا فى يورو 2024: لن أغادر برشلونة    يورو 2024، موعد مباراة إيطاليا ضد سويسرا في دور ال16    موعد فتح باب التقديم والتحويلات لمرحلة التعليم الأساسي بالجيزة    براءة المتهم بقتل شخص بالاشتراك مع 16 آخرين بالصف    وفاء الحكيم تقدم حفل ختام المهرجان الختامي لفرق الأقاليم على مسرح السامر    عمرو يوسف ل فاطمة مصطفى عن مرض كندة علوش: الموضوع بقاله سنتين.. فيديو    حزب الله يعلن مقتل أحد عناصره فى قصف إسرائيلى للبقاع الغربى بالجنوب اللبنانى    مع ارتفاع درجات الحرارة.. «الصحة» تكشف أعراض الإجهاد الحراري    مودرن فيوتشر يتقدم على الجونة في الشوط الأول    هند صبري تشارك جمهورها بمشروعها الجديد "فرصة ثانية"    جامعة جنوب الوادي تتقدم 200 مركزًا عالميًا بالتصنيف الأمريكي    رئيس هيئة الرعاية الصحية يكرم المتميزين في تطبيق أنشطة اليقظة الدوائية    عمر كمال يثير الجدل: أمي بترفض تطلع عمرة بفلوسي.وبضحك عليها وأطلعها (فيديو)    وزيرة التخطيط: حوكمة القطاع الطبي في مصر أداة لرفع كفاءة المنظومة الصحية    أهم حدث سياسي في أمريكا.. المناظرة الرئاسية تحدد هوية حاكم البيت الأبيض    برلماني: ثورة 30 يونيو تمثل علامة فارقة في تاريخ مصر    من سينتصر أولًا الطاعة أم الخلع ؟ زوجان يختصمان بعضهما أمام محكمة الأسرة: القانون هو اللي هيفصل بينا    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الإقليمي بالمنوفية    بالصور.. محافظ القليوبية يجرى جولة تفقدية في بنها    حمى النيل تتفشى في إسرائيل.. 48 إصابة في نصف يوم    شيخ الأزهر يستقبل السفير التركي لبحث زيادة عدد الطلاب الأتراك الدارسين في الأزهر    أستون مارتن تكشف عن أيقونتها Valiant الجديدة    شوبير يكشف شكل الدوري الجديد بعد أزمة الزمالك    بيراميدز يتخذ قرارًا جديدًا بشأن يورتشيتش (خاص)    وفاة الفنان العالمي بيل كوبس عن عمر يناهز ال 90 عاما    "قوة الأوطان".. "الأوقاف" تعلن نص خطبة الجمعة المقبلة    هل استخدام الليزر في الجراحة من الكيِّ المنهي عنه في السنة؟    مواجهات عربية وصدام سعودى.. الاتحاد الآسيوى يكشف عن قرعة التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    محافظ المنيا: تشكيل لجنة للإشراف على توزيع الأسمدة الزراعية لضمان وصولها لمستحقيها    خبير مياه يكشف حقيقة مواجهة السد العالي ل«النهضة الإثيوبي» وسر إنشائه    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    ضبط سلع منتهية الصلاحية بأرمنت في الأقصر    21 مليون جنيه حجم الإتجار فى العملة خلال 24 ساعة    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    تفاصيل إصابة الإعلامي محمد شبانة على الهواء ونقله فورا للمستشفى    كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ "أتاكمز" الأمريكية؟    مقتل وجرح عدد من الفلسطينيين فجر اليوم إثر قصف إسرائيلي استهدف 5 منازل سكنية في حيي الصبرة والشجاعية شمال قطاع غزة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    أماكن صرف معاشات شهر يوليو 2024.. انفوجراف    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    طلب غريب من رضا عبد العال لمجلس إدارة الزمالك    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    الكشف على 1230 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    شوبير يُطالب بعدم عزف النشيد الوطني في مباريات الدوري (تفاصيل)    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين هو المقوم الأصيل للهوية المصرية
نشر في القاهرة يوم 10 - 07 - 2012


تكشف العديد من الأحداث والمواقف، التي شهدتها وتشهدها الساحة السياسية والثقافية بعد قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير، عن أن " الهوية المصرية " تواجه تحديات ومخاطر عديدة، ليس فقط علي مستوي السلوك والممارسة، وإنما أيضاً وهو الأشد خطورة علي مستوي الفهم والفكر، ولم لا، وقد شاهدنا من قبل مظاهرات السلفيين في ميدان التحرير، رافعين الرايات السوداء، والمكتوب عليها "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، أما العلم المصري فقد تم تغييبه ليتناسب مع تغييبهم لحقيقة "الهوية المصرية" إلي جانب نوعية المتظاهرين من السلفيين، والذين تم حشدهم واستجلابهم من القري والكفور والنجوع والأحياء الشعبية، والكل يصرخ بوعي أو بدونه، وإنما بمنطق "العقل الجمعي"، الذي يندمج الفرد فيه مع الجماعة دون إدراك واع لطبيعة هذا الاندماج وأهدافه . نقول الكل جاء، والكل متشنجاً "بإسلامية مصر" وضرورة تحكيم شرع الله في كل أمور الحياة تحقيقاً لهوية "مصر الإسلامية" كما يدعون، بل ويزيفون. التزييف ولقد تكررت هذه المواقف والادعاءات، وعمليات التزييف في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، واعتبار التصويت للتيارات الإسلامية عموماً من مكملات الإيمان، بل وفرض عين علي كل من له حق التصويت، وأن يشارك في دخولهم البرلمان ! إنما يضمن دخول الجنة، إلي جانب تكفير منافسيهم ممن ينتمون إلي التيارات الأخري، كما وجدنا منهم من يؤذن في البرلمان، ومن يضيف للقسم عبارة "شرع الله" كما وجدنا أعضاء من البرلمان من يرفضون الوقوف عند تحية للسلام الجمهوري باعتباره عملاً يخالف شرع الله ،عشرات المواقف والأحداث التي كشفت وتكشف عن أننا نتوجه لمنعطف خير بفعل الجهالة والردة الفكرية، حول ما يتعلق بالهوية المصرية . علي أي حال وكما تؤكد عشرات التحليلات والكتابات حول هذه المواقف والأحداث، من أنها تكشف عن انتهازية دينية مقيتة، واستغلال خاصة "التدين" لدي المصريين، وأن معظم هؤلاء المتظاهرين حديثو عهد السياسة، أو أنهم ينفذون أجندات خارجية هي في معظمها خليجية، سعودية وهابية. وهنا وعلي الفور نقول : إن هذا خلط للحقائق، وإنكار للثوابت التاريخية، ويأتي في مقدمة هذه الحقائق : 1- إن الهوية المصرية من صنع الأمة، وتعبير عن ذاتها الجماعية، والرمز الذي يجتمع عليه كل أفرادها : انتماء واعتزازاً، تعلقاً وانتساباً، ويشكل المساس بها مساساً بكيان الأمة كلها، فليس لأي فرد أو جماعة، أو أي جهة مهما كانت قوتها الحق في تعديلها أو الانحراف بها، مهما كانت مبررات التعديل أو الانحراف . 2- إن الهوية المصرية هي هوية شعب عمره سبعة آلاف عام أو يزيد، ما يلبث أن يرتدي ثوب حضارة حتي ينضوي الثوب ليرتدي ثوب حضارة أخري . ولا يزال صامداً قائماً ومثل هذا الشعب لا بد وأن تكون له هويته الدائمة المستمرة التي ينفرد بها ويتميز عن غيره من الشعوب، بفعل خصوصية العوامل التي أسهمت في تكوين وتشكيل هذه الهوية، بكل ما تختص به من مقومات : مادية وثقافية . ولسنا بحاجة إلي طرح المقومات المادية للهوية المصرية، فهي من الثوابت والحقائق المادية الملموسة والمعروفة للجميع، ويكفي أن نشير إلي بعض المقومات الثقافية، التي كثيراً ما يتم فهمها وفقاً لاختلاف المفاهيم والتيارات والأيديولوجيات، بل وتوظيفها سياسياً . ويأتي في القلب من هذه المقومات: الدين هو المقوم الأساسي والأصيل للهوية المصرية، فمصر علي حد تعبير جمال حمدان هي وادي الدين كما أنها وادي النيل، والمصريون منذ وجودهم وحتي اليوم وإلي الأبد يربطون بين الأرض والسماء، بين الحياة وما بعدها في أوثق رباط وأعمقه، ورفعوا لذلك رموزاً ناطقة في مسلاتهم وأبراجهم ومآذنهم، ارتفعت كلها لتشير إلي السماء، وكأنها أصابع السبابة انبسطت لتشهد "أن لا إله إلا الله" ومن ثم لم تكن مصادفة أن تزدهر المسيحية في كنف الإسكندرية قبل أن تعبر المتوسط، وأن يزدهم الإسلام في حمي القاهرة، قبل أن ينطلق إلي أفريقيا وآسيا، مما جعل مصر "البلد الأمين" البادئة بعقيدة التوحيد، والمصدرة للأديان لكل من حولها ومستقرها، ففي داخلها نسخ كل دين سابقة، دون أن يطمس بقاياه، فبقيت اليهودية والمسيحية بنسب ودرجات متفاوتة حتي بعد دخول الإسلام وسيادته علي كل المعتقدات . وهنا يأتي الدين الإسلامي، أحد أهم المقومات الأساسية للهوية والذات المصرية، حيث استطاع أن ينفذ إلي هذه الذات، بما يحتله من رؤية شاملة للحياة، وقيامه علي العدل والإحسان، والتكليف والمسئولية والمبادئ المحددة لسلوك الأفراد والجماعات وعلي الإقناع، وعلي العلم والرسوخ فيه، وعلي اليقين في الوصول إليه، وعلي الأخلاق وما في الصدور من ضمائر حية ترسم للناس طريق التعامل الإنساني . لكل هذه الاعتبارات وغيرها وجد الإسلام في مصر التربة الخصبة التي من خلالها نما وازدهر، وإليها حمل الثقافة العربية ليزيد التربة خصوبة، وليشكل أحد أهم مقومات الذات والهوية المصرية. العروبة الثقافة، الذات والكيان، فمصر عربية بكل القوانين : الجغرافية والتاريخية والمعيشية والثقافية، هذه القوانين التي لا خيار في الفكاك منها، فالعروبة لمصر ولكل بلد عربي هي الذات والانتماء، وهي ثقافة لا سياسة تصدر بقرارات ومؤتمرات وإنما مركب ثقافي يعيشه العربي كل لحظة، وخصائص تلتصق به التصاق الجلد بالجسد، وقيم وعادات تبلغ منه مبلغ الخيوط التي ترتد في نهاية الأمر إلي نسيج ثقافي واحد هي "الثقافة العربية". خصائص الشخصية المصرية وإلي جانب هذه المقومات للهوية المصرية فإن هناك العديد من الخصائص المستمدة منها ومن غيرها من المقومات المادية، وفي القلب من هذه الخصائص : - التدين: الذي يعد الخاصية المصرية الأصيلة القديمة قدم الأديان نفسها، بل هي سابقة للأديان، وهي السمة التي منحت مصر قوة داخلية، وصلابة غير عادية ضد الكثير من الأخطار والمحن التي تعرضت لها عبر التاريخ، وهي الخاصية التي أكسبت المصري صفات الجلد والتحمل والصبر، وغيرها من الصفات الضاربة بجذورها في أعماق الحياة المصرية . - التسامح الديني: وهو النتيجة المنطقية للتدين، والتي جعلت مصر تقبل علي كل الأديان دون انفلاق أو تحجر، لأنها وجدت فيها جميعاً انعكاساً صادقاً لأعماقها الدفينة وتجاوباً مع طبيعتها الروحية، ومن ثم تأصل في وجدان المصري خاصة التسامح الديني الذي يعتبر المفسر الأساسي لتحول مصر تباعاً من وإلي الأديان الثلاث، ومن ثم وعلي حد تعبير جمال حمدان لم تكن مسيحية مصر تمسحاً ولا إسلامها استسلاماً، وإنما هي روح التسامح في الحالتين، هذه الروح التي جنبت المصري الويلات والأخطار، حيث لم تعرف مصر يوماً التعصب، أو الحروب الدينية أو المذابح الطائفية، أو محاكم التفتيش، أو محاربة الأفكار . - الاعتدال الذي يعتبر من ألصق الخصائص بالإنسان المصري بل هي جماع خصائصه وسماته كلها، بعقليته وروحه وأخلاقه وعقيدته وأحكامه، بمعدنه وجوهره، بكل الأبعاد غير المرئية في الإنسان المصري، وإذا كانت خاصية الوسطية يقول جمال حمدان هي الكاشفة لعبقرية المكان، فخاصية الاعتدال هي الكاشفة لعبقرية الإنسان المصري. وغيرها من المقومات والخصائص التي بها تختص وتتميز مصر الهوية المصرية بمكوناتها ومقوماتها وثوابتها والتي لا يجوز لأي فرد أو أي جهة أو جماعة مهما كانت قوتها التعديل فيها أو الانحراف بها لأنها من صنع الجميع وبهم ولهم، وهي حقيقة قائمة قبل وبعد الأديان، وهذا ما ينبغي أن يكون مترسخاً في الأذهان، وعلي مستوي السلوك والممارسة، الفهم والثقافة، حفاظاً علي مصر التاريخ والحضارة من دعاة الجهالة، الردة والفتنة، الجمود والتخلف.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.