بتعمل ليه أفلام سخيفة، أما إنت تقدر تعمل أفلام لطيفة؟ جملة كنت أتمني أن اقولها من فترة للمخرج أحمد البدري! والحمد لله جاءت الفرصة كي اقولها أخيرا واشيل من علي صدري حملا ثقيلا، والغريب ان دور العرض تستقبل في اسبوعين متتاليين فليمين لمخرج واحد، الاول وهو" جيم اوفر"، كان ثقيلا رديئا متهرئا، مبتذلا، رغم الدعاية المكثفة ووجود اسم نجمة كبيرة، اما فيلمه الثاني "غش الزوجية" فهو افضل حالا بنسبة ملحوظة، رغم أنه لم يحظ بالدعاية الكافية بل تم عرضه في هدوء شديد، بالإضافة لان ابطاله ليس بينهم اي من نجوم الشباك، ورغم ذلك فأنت تمضي الوقت في متعة واضحة، وتتسرب اليك حالة من البهجة تفتقدها في كثير من الافلام الكوميدية! لكن قبل ان تأخذك التوقعات بعيدا، وتعتقد أننا نتحدث عن فيلم كوميدي عظيم، فسوف اقول لك تمهل قليلا، فالافلام اللطيفة او المبهجة ليست بالضرورة تلك التي تحمل افكارا جديدة، ولاحتي افكارا عظيمة وقضايا معقدة، لكن يكفي صدق النوايا والابتعاد بقدر معقول عن الابتذال والتهريج، وهي أمور تجدها في فيلم غش الزوجية مضافا لها حالة من الوهج والتوهج قد حدثت لرامز جلال، الذي كنت أعتبره مهرجًا صغيراً دخل مجال التمثيل صدفة، لكن مصر بتتغير، وحاجات كتير بتتغير، ومش معقول يكون رامز جلال مش حايتغير! وإحقاقاً للحق أننا أمام "رامز" جديد، غير اللي بيضرب بمب ويفرقع حاجات، عشان يخض زمايله في البرامج، وليس هو نفسه اللي بيسوق الهبل علي الشيطنة في معظم أعماله فيثير الغيظ والحنق أكثر من قدرته علي إثارة الضحك!المهم الحمد لله أنه قرر أخيرا ان يغير من اسلوب أدائه، مع احتفاظه بقدرته علي الاداء الكوميدي كلما احتاج الامر، فالكوميديا ليست شقلبظات أو تحريك الوجه وعضلات الجسم بشكل عشوائي، لكنها فن يحتاج لدرجة اعلي من التحكم في ملامح الوجه، ولغة الجسد! لا جديد حكاية الفيلم لاتحمل جديدا، وهذه ليست مفاجأة علي ما أعتقد، والسيناريو الذي كتبه" لؤي السيد" يكاد يكون معالجة عصرية لفيلم مصري قديم، نحبه جميعا ولايختلف عليه اثنان هو"انت حبيبي" الذي أخرجه " يوسف شاهين" في الخمسينات من القرن الماضي، ولعبت بطولته شادية وفريد الاطرش وهند رستم، والفكرة باختصار تدور حول شاب عابث "رامز جلال"، يعمل في مجال الدعاية، يمتلك شركة استيراد بعض منتجات التجميل، وحتي يفوز بصفقه ما، تضطره الظروف لعمل قرض ضخم، فيلجأ الي صديق قديم يعمل مديرا لاحد البنوك، وحتي تتم صفقة القرض، يقوم الاب "حسن حسني"بعمل صفقة ثانية مع مدير البنك، مفادها أن يتزوج ابن الاول، ابنة الثاني، ولكن عقدة الفيلم هنا، أن العروس "إيمي سمير غانم"، هي فتاة رياضية مسترجلة، ومعقدة ايضا، وطبعا تحت إلحاح الآباء ومؤامراتهم المتكررة يضطر حازم للزواج بسلمي رغم أنه لايجد فيها ما يحفزه علي الزواج، لكن طبعا لابد ان يتوقع المشاهد ان الحال سوف ينقلب ويتدخل كيوبيد ليرمي سهامه في قلب الزوجين الشابين، فيقع بينهما الحب الذي لايفسده الا شعور كل منهما أنه تزوج الآخر من أجل مصلحة ما. ظرفاء بحق ولأن الافلام ليست الحكايات فقط، ولكن تفاصيل تلك الحكايات، أو كيف تروي تلك الحكايات في صور متحركة علي الشاشة، وقد زخر فيلم غش الزوجية ببعض المشاهد والتفاصيل التي يمكن أن نصفها بإنها ظريفة فعلا، وإذا كان حسن حسني لم يعد لديه أي جديد ليقدمه، ولا إدوارد، الذي مللنا مشاهدته في دور الصديق الذي لايقدم ولايؤخر، يجب ان نذكر ان يوسف فوزي ومها ابوعوف لايزال لديهما الكثير ليقدمانه، أما إيمي سمير غانم فهي تكسب مع كل دور تقدمه أرضا جديدة، بفهم لطبيعة الدور، والمعايشة واقتصاد في ردود الفعل، مع الالتزام بالملابس المناسبة للشخصية، ويكاد يكون دور حازم هو افضل ما قدمه رامز جلال في حياته الفنية كلها، وربما يكون بداية لمرحلة جديدة.