سعر الذهب في مصر اليوم الأحد 29-9-2024 مع بداية التعاملات الصباحية    تصعيد مكثف.. تجدد الغارات الإسرائيلية على مدينة صور اللبنانية    طائرات الاحتلال تشن غارة جوية على مدينة الهرمل شرقي لبنان    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأحد 29-9-2024    مصرع شخص صدمته سيارة نقل في سوهاج    "أسفة بعتك بأرخص تمن".. شيرين عبد الوهاب تعتذر لشقيقها    وزير الخارجية يوجه بسرعة إنهاء الإجراءات لاسترداد القطع الآثرية من الخارج    انفجارات عنيفة تهز مدينة ديرالزور شرق سوريا    الجيش الأردني: سقوط صاروخ من نوع غراد في منطقة مفتوحة    «الأهلاوية قاعدين مستنينك دلوقتي».. عمرو أديب يوجه رسالة ل ناصر منسي (فيديو)    شريف عبد الفضيل: «الغرور والاستهتار» وراء خسارة الأهلي السوبر الإفريقي    إصابة ناهد السباعي بكدمات وجروح بالغة بسبب «بنات الباشا» (صور)    أصالة ل ريهام عبدالغور: انتي وفيّه بزمن فيه الوفا وين نلاقيه.. ما القصة؟    ضبط 1100 كرتونة تمر منتهية الصلاحية في حملة تموينية بالبحيرة    الفيفا يعلن عن المدن التي ستستضيف نهائيات كأس العالم للأندية    أمير عزمي: بنتايك مفاجأة الزمالك..والجمهور كلمة السر في التتويج بالسوبر الإفريقي    رئيس موازنة النواب: نسب الفقر لم تنخفض رغم ضخ المليارات!    عاجل| «هاشم صفي الدين» بين الولاء لإيران وتحديات الداخل هل يكون خليفة نصر الله المنتظر؟    المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة تحت شعار «السياحة والسلام»    بعد اغتيال نصر الله.. كيف تكون تحركات يحيى السنوار في غزة؟    أحدث ظهور ل يوسف الشريف في مباراة الأهلي والزمالك (صورة)    لافروف يرفض الدعوات المنادية بوضع بداية جديدة للعلاقات الدولية    نتنياهو: لا يوجد مكان في الشرق الأوسط لن تصل إليه ذراع إسرائيل    سحر مؤمن زكريا يصل إلي النائب العام.. القصة الكاملة من «تُرب البساتين» للأزهر    أول تعليق من محمد عواد على احتفالات رامي ربيعة وعمر كمال (فيديو)    "حط التليفون بالحمام".. ضبط عامل في إحدى الكافيهات بطنطا لتصويره السيدات    حكاية أخر الليل.. ماذا جرى مع "عبده الصعيدي" بعد عقيقة ابنته في كعابيش؟    مصر توجه تحذيرا شديد اللهجة لإثيوبيا بسبب سد النهضة    الصحة اللبنانية: سقوط 1030 شهيدًا و6358 إصابة في العدوان الإسرائيلي منذ 19 سبتمبر    الأوراق المطلوبة لتغيير محل الإقامة في بطاقة الرقم القومي.. احذر 5 غرامات في التأخير    القوى العاملة بالنواب: يوجد 700 حكم يخص ملف قانون الإيجار القديم    حدث في منتصف الليل| السيسي يؤكد دعم مصر الكامل للبنان.. والإسكان تبدأ حجز هذه الشقق ب 6 أكتوبر    أسعار السيارات هل ستنخفض بالفترة المقبلة..الشعبة تعلن المفاجأة    ورود وهتافات لزيزو وعمر جابر ومنسي فى استقبال لاعبى الزمالك بالمطار بعد حسم السوبر الأفريقي    «التنمية المحلية»: انطلاق الأسبوع التاسع من الخطة التدريبية الجديدة    راعي أبرشية صيدا للموارنة يطمئن على رعيته    برج السرطان.. حظك اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024: عبر عن مشاعرك بصدق    يوسف الشريف يبدأ تصوير فيلم ديربى الموت من داخل مباراة كأس السوبر.. صورة    نشرة التوك شو| أصداء اغتيال حسن نصر الله.. وعودة العمل بقانون أحكام البناء لعام 2008    "100 يوم صحة" تقدم أكثر من 91 مليون خدمة طبية خلال 58 يومًا    في عطلة الصاغة.. تعرف على أسعار الذهب الآن وعيار 21 اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    قفزة كبيرة في سعر طن الحديد الاستثمارى وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الأحد 29 سبتمبر 2024    «شمال سيناء الأزهرية» تدعو طلابها للمشاركة في مبادرة «تحدي علوم المستقبل» لتعزيز الابتكار التكنولوجي    وزير التعليم العالى يتابع أول يوم دراسي بالجامعات    اتحاد العمال المصريين بإيطاليا يوقع اتفاقية مع الكونفدرالية الإيطالية لتأهيل الشباب المصري    تعرف على سعر السمك والكابوريا بالأسواق اليوم الأحد 29 سبتمبر 2027    «الداخلية» تطلق وحدات متنقلة لاستخراج جوازات السفر وشهادات التحركات    تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. تعرف على برجك اليوم 2024/9/29.. «الحمل»: لديك استعداد لسماع الرأى الآخر.. و«الدلو»: لا تركز في سلبيات الأمور المالية    سيدة فى دعوى خلع: «غشاش وفقد معايير الاحترام والتقاليد التى تربينا عليها»    ضبط 27 عنصرًا إجراميًا بحوزتهم مخدرات ب12 مليون جنيه    باحثة تحذر من تناول أدوية التنحيف    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    كيف تصلي المرأة في الأماكن العامَّة؟.. 6 ضوابط شرعية يجب أن تعرفها    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد القافلة الطبية الأولى لقرية النصر    دعاء لأهل لبنان.. «اللهم إنا نستودعك رجالها ونساءها وشبابها»    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فولتير.. أديب فرنسا الخالد
نشر في القاهرة يوم 08 - 05 - 2012


تحتفل فرنسا في كل مناسبة بذكري ميلاد ووفاة كاتبها الخالد فولتير (1694-1778) الذي كانت مؤلفاته من البذور الممهدة للثورة الفرنسية (1789) مع كتيبة الكتاب والفلاسفة الذين دعوا في أوساط المثقفين والعامة للحرية والعدالة والمساواة، وكان أبرزهم وأقواهم تأثيرا في هذه الثورة، بعد فولتير، جان جاك روسو (1712-1778) الذي كان مع غيره من الفلاسفة مشاركا فولتير في وضع الانسلكوبيديا الفرنسية التي بدأ تحريرها في 1754. واسم فولتير الذي لا يغيب عن الذكر في بلاده، من الأسماء المألوفة في الثقافة العربية مثل موليير وديكارت وغيرهما. عاش القراء العرب معهم منذ القرن التاسع عشر، عصر النهضة والتنوير عبر الكتابة عنهم وترجمة آثارهم، ودراسة صلات الثقافة العربية بالآداب الأجنبية فيما يعرف بالأدب المقارن أو النقد المقارن الذي يتناول عناصر التأثير والتأثر والتشابه والاختلاف في كل أدب. ولعل أول من التفت إلي فولتير في الثقافة العربية رفاعة رافع الطهطاوي، بما كتبه عنه من نبذ في كتابه الشهير «تخليص الأبريز في تلخيص باريز» في سياق حديثه عن التمدن، وسماه ولتير بالواولا بالفاء، كما سمي هوميروس أوميروس بالألف والهمزة في مرحلة كانت الكتابة الأدبية فيها مجرد حكايات خفيفة مسلية لا تمت للكتب ذات القيمة، وبعد رفاعة كان طه حسين من أكثر من اهتم بالتعريف به وترجمة روايته «زاريج أو القدر». شخصيات تاريخية وكذلك كتب عن فولتير المؤرخ علي أدهم في كتابه «شخصيات تاريخية»، وكتب عنه أيضا بفهم ملحوظ صلاح عبدالصبور في «كتابة علي وجه الريح»، بمناسبة احتفال فرنسا سنة 1978 بالذكري المائتين علي وفاته. ويلفت نظر صلاح عبدالصبور في فولتير ذهنه النفاذ وهذا يرجع كا يري إلي أنه كان ابن الحياة المتقلية بالصعود والهبوط، أو علي حد تعبيره بالعلو والدنو يعيش آنا في أعلي المستويات في قصور الملوك وآنا آخر معتديا عليه أو مقيدا في السجن، أو منفيا إلي انجلترا وفي الحالتين لا تشتبه عليه السبل في خضم الأحداث والخطوب، أو تختلط عليه الحقيقة بالوهم، يتحرك في كل الاتجاهات بعلاقات إنسانية ناجحة. وقبل صلاح عبدالصبور كتب لويس عوض مقالا مطولا عن فولتير في كتابه «دراسات في النظم والمذاهب»، ومقالا آخر عن إحدي مسرحياته في كتاب «أقنعة أوروبية». وفي مقدمة كتاب - الأقنعة الأوروبية - يعد لويس عوض فولتير وغيره من فلاسفة القرن الثامن عشر من أصحاب الفكر البرجوازي اليساري، وهو فكر تقدمي - ثوري منفتح علي مشاكل الإنسان، وعلي ثقة بالغة به. ولأنور لوقا مقال في جريدة «أخبار الأدب» نشر في عدد 6/11/1994 بعنوان «ماذا تبقي من فولتير» ومع الذكري المئوية الثالثة لميلاد فولتير صدر لأحمد عبدالمعطي حجازي كتابه «نعم لفولتير» لا لبونابرت، ويتألف من مجموعة مقالات عن كل من المفكر المتأمل فولتير، والقائد العسكري أو الطاغية نابليون، الذي يعتبر النقيض الحربي للمفكر العظيم. وعلي الرغم من أن فولتير ينتمي إلي طبقة بسيطة جدا، يعمل والده موثق عقود، فقد أتاحت له حياته في المجتمعات الأرستقراطية التي اتصل بها أن يثري ثراء فاحشا. وبذلك جمع في حياته الخاصة بين حقه في الحياة والمتعة، وبين حقه في الفكر والإبداع الذي حفظ اسمه في تاريخ فرنسا، في الصف الأول. وكان لمسرح الكوميدي فرانسيز دوره في ذيوع اسم فولتير، بتقديم مسرحياته وعرض سيرته علي منصته. ولا شك أن تجربة فولتير مع المرأة في هذه الطبقات الثرية، هي التي أدت به إلي هذا الفهم الدقيق لنفسيتها في اقبالها وصدودها وفي دعتها ونفرتها، وفي وفائها وجحودها وفي هذه القدرة الفائقة علي اتقان فنون الحب، وسعة الحيلة، وشدة الغيرة، وهي نظرة متشائمة تسيء الظن بالمرأة الغربية، من خلال هذه الخبرة بالمرأة الفرنسية. ولأن الخيانة خيانة والخطيئة خطيئة، فإن المرأة التي تفقد عفتها في تقييم فولتير لا يحق لها أن تصفح عن نفسها، ولا أن تلتمس لروحها الاعذار. وفولتير كاتب وشاعر وروائي ومسرحي ومؤرخ من أرفع طراز استوعب زمنه بمثل ما استوعب التاريخ، وجعله حاضرًا يثري عقل الإنسان، ويعمل علي تحقيق سعادته، بتحسين شكل الحياة، وبالدفاع عن الحقائق العلمية المكتشفة التي يغدو فيها العلماء والمفكرون لا القيادات والأبطال علي رأس الجنس البشري، الذين يقدمون الخير للبشرية ويغدو فيها القيادات الذين يغزون الغير ويسفكون الدماء، حمقي لا غفران لهم إلا إذا كان هذا السفك دفاعا عن النفس كما حدث لزاديج علي الحدود المصرية الذي قتل خصمه مختطف حبيبته، عندما استغاثت به ومع هذا لم يحكم علي بالموت. المخربون العظام ولم يكن فولتير يجد حرجا في وصف هؤلاء القيادات والأبطال الذين يحملون السلاح، بالمخربين في مقابل البناة العظام من المبدعين في كل المجالات المادية والفنية. كما لم يكن يجد حرجا في هجاء رجال الدين الذين تبوأ بعضهم منتصب الوزراء والتنديد بفساد السلطة، وفساد الحياة الاجتماعية برمتها. أما التاريخ الإنساني في نظر فولتير فعبارة عن صراع لا يتوقف بين قوي الخير وقوي الشر، وإن كان علي ثقة بأن الانتصار في النهاية يكون لقوي الخير. وأدب فولتير ينبع من رؤية مبدع كانت حقيقته أكبر من ظاهرة عرف كيف ينظر إلي الحياة والإنسان نظرة كلية تميز جيدا بين الحق والباطل، بحس ساخر فيه ما فيه من المجون وبلاغة التعبير والخيال الذي يجاري ما يريد طرحه من المعاني والدلالات المضمرة بدرجة أو مهارة فنية لا تضارع. غير أن أهم مكوناته التي حفظت اسمه وتأثيره هو فكرة الأخلاقي العميق، الناشئ من الواقع ومخالطة الناس دون أن يفقد القدرة علي التحليق من هذا الموقع في الأزمنة الغابرة والأمكنة المختلفة والملتزم بقيم العقل، أو قيم الاستدلال والبرهنة، التي لا تنساق وراء المألوف بلا تمحيص، أو وراء منطق الأشياء، مؤمنا بأن النظم الاجتماعية يجب أن تقوم علي مبدأ المصلحة العامة، وليس علي العقيدة الدينية، أو العواطف الجامحة وما أشبه. وهذا لا يتأتي إلا بالقانون الوضعي أي بالدستور الذي تنظم به المصالح المشتركة. ولابد من التنويه بثقافة فولتير العريضة وتجربته في التاريخ والآداب القديمة والحديثة بما فيه التراث الشرقي الذي تلمع فيه درة «ألف ليلة وليلة» التي شغفت الغرب. وتشمل هذه الثقافة في المقدمة تراث اليونان واللاتين الذي لم يكتشف في الغرب كشفا حقيقيا إلا في القرن السادس عشر. ومع هجاء فولتير لرجال الدين وحاشية الملوك ووصف سلطتهم بالكارثة فإنه لا غني في نظره أبداً عن الإيمان بالله، لأنه يعصم صاحبه من الشر إذا تخلي عنه، ولم يعد يتورع عن ارتكاب المعاصي. المفهوم الفلسفي ويؤكد فولتير في أقواله إن الله قديم بالمفهوم الفلسفي للكلمة وأنه ليس ملحدا، ولكنه في الوقت نفسه لا يعتقد في الخرافات والمعجزات، وإنما يعتقد في النظام الكوني المضطرد، أي بالجبر التاريخي في غير تعارض مع الإرادة الحرة. في هذا الإطار الذي قبل فيه فولتير الحكم الملكي المقيد، طالما أنه يحقق العدل فإنه يعد مصلحا لا ثوريا، يرمي إلي تقييد السلطة وتقويم ما اعوج منها لا إلي تقويضها أو نسفها. وغاية ما يحرص عليه حتي تستقيم الأمور التسامح، حفظا لحرية الفرد في كل المجالات وعلي رأسها حرية الرأي والتعبير، أنه صاحب المقولة الشهيرة التي تستحق أن تعلق في كل مكان، حتي ينتفي عن عالمنا التعصب المرادف للوحشية، ونصها: «أنت خصمي في الرأي، ولكني أبذل حياتي لكي تستطيع أن تقول رأيك».

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.