سعر الدولار أمام الجنيه في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    أسعار الدولار اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    لنقل المحولات.. انقطاع التيار الكهربائي عن مدينة الطور بجنوب سيناء    أسعار الحديد والأسمنت في مصر اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024: ارتفاعات جديدة في السوق المحلية    أوكرانيا تتهم روسيا باستهداف سفينتين في البحر الأسود    كوريا الشمالية تطلق بالونات قمامة تجاه جارتها الجنوبية لليوم الثاني على التوالي    مظاهرات تجوب مدنا أمريكية تنديدا بالعدوان على غزة    رغم اقتراب الإعصار ميلتون.. بايدن لا يزال يخطط لزيارة ألمانيا    مشيرة خطاب: مصر تدعم الشعب الفلسطيني بكل السُبُل    السفير أمجد العضايلة: تنسيق مصرى - أردنى تجاه القضايا العربية    أمير توفيق يكشف كواليس التحقيق معه في أزمة قندوسي    أمير توفيق يكشف أسباب فشل الأهلي في ضم 8 صفقات..وقصة بن شرقي    مدرب بلاك بولز: الأهلي ملك إفريقيا.. وهذا رأيي في مواجهة الزمالك    موقف أحمد القندوسي من الانتقال إلى الزمالك    اليوم.. نظر أولى جلسات محاكمة المتهمين بواقعة سحر مؤمن زكريا    إيمان العاصي تتصدر تريند "جوجل".. فما القصة؟    الأفلام الفلسطينية حاضرة بقوة في قاعات وفعاليات ومهرجانات السينما المصرية    لماذا توصي الولايات المتحدة مواطنيها بعدم السفر إلى رواندا؟    وزير الخارجية يبحث هاتفيا مع نظيره المكسيكى حادثة إطلاق النار التي أسفرت عن مقتل 3 مصريين    اليوم.. أولى جلسات محاكمة المتهم بقتل السائحة السويسرية في الفيوم    عاجل:- ترامب يتعهد بتحويل غزة إلى وجهة عالمية أفضل من موناكو    تعرف على الأوراق المطلوبة لتسليم التابلت لطلاب الصف الأول الثانوي    المشرحة والإجهاض.. إيمان العاصي تكشف عن أصعب مشاهدها في «برغم القانون»    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 8-10-2024-تفاصيل    قفزة جديدة.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    30 دقيقة تأخير لخط «القاهرة - الإسكندرية».. الثلاثاء 8 أكتوبر 2024    ابنة علاء مرسي تتحدث عن والدها....ماذا قالت؟ (فيديو)    رئيس "دينية الشيوخ": مبادرة "بداية" محطة مضيئة على طريق وطننا العزيز    «متاح التسجيل الآن» رابط التقديم على وظائف بنك مصر 2024    تامر عاشور وحماقي في حفل واحد، اعرف الميعاد والمكان    أبو الوفا رئيسا لبعثة منتخب مصر في موريتانيا    ريحة من الشيخ زايد إلى الحدائق، أسباب انتشار الدخان الخانق في 6 أكتوبر    اكتشفي أهم فوائد واستخدامات، البيكنج بودر في البيت    تغطية إخبارية لليوم السابع حول حقيقة انفجارات أصفهان وسيناريوهات الرد الإسرائيلى    خلال ساعات.. محاكمة المتهمين في واقعة سحر مؤمن زكريا    خطة النواب: مصر مطالبة بدفع 1.3 مليار دولار لصندوق النقد الدولي لهذا السبب    مفتي الجمهورية الأسبق يكشف عن فضل الصلاة على النبي    هل يوجد إثم فى تبادل الذهب بالذهب؟ أمين الفتوى يجيب    6 سيارات إطفاء لسيطرة على حريق محطة صرف صحي ب أبو رواش    جريمة هزت أسيوط| قتل شقيقه ووضعه في حفرة وصب عليه أسمنت    رياضة ½ الليل| 76 ركلة جزاء بين سموحة والزمالك.. الأبرز    منير مكرم يكشف آخر التطورات الصحية لنشوى مصطفى: عملت دعامات وخرجت من المستشفى    لماذا كان يصوم الرسول يوم الاثنين والخميس؟.. «الإفتاء» تجيب    بلاغة القرآن| تعرف على تفسير سورة الناس    معلومات عن إلهام عبد البديع بعد طلاقها.. انفصلت في نفس شهر زواجها    أمن مطار القاهرة يحبط محاولة تهريب كمية من النقد الأجنبي بحوزة مسافرة عربية    «أحمد» يحول بدلة تحفيز العضلات إلى علاج لزيادة قدرة التحمل: تغني عن المنشطات    خمسة لطفلك| تعرف على أهمية الوجبات المدرسية للأطفال    صحة المنوفية تنظم دورات تدريبية للأطقم الطبية    حسام حسن يحدد موعد انضمام صلاح ومرموش لمنتخب مصر    بالصور.. محافظ المنيا يشهد حفل الجامعة بالذكرى ال51 لانتصارات أكتوبر المجيدة    «إسقاط عضوية إسرائيل».. ننشر بيان مؤتمر التحالف التقدمي العالمي    حدث منتصف الليل| تفاصيل عودة خط قطارات السكة الحديد لسيناء.. والمهن الطبية تعلن زيادة مساهمات الأمرا    رئيس مجلس أمناء حياة كريمة: تجار أعلنوا رغبتهم المشاركة فى حملة توفير اللحوم بأسعار مخفضة    القس منذر إسحق: نريد الحياة للجميع ولا سلام دون عدل    أبناء الجالية المصرية بالسعودية يحتفلون بذكرى نصر أكتوبر المجيد    بعد الموافقة على عدد من الاتفاقيات.. النواب يرفع جلساته العامة للغد    رابط الاستعلام عن نتيجة مسابقة شغل وظائف معلم مساعد 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البابا والسادات ..سنوات من التشابك والتآخي
نشر في القاهرة يوم 20 - 03 - 2012

بعد استباب الأمر للرئيس السادات بعام واحد جلس البابا شنودة الثالث علي كرسي البابوية القبطية. لا يمكننا أن ندعي أن كلاهما كان متربصا بالآخر ولكن الأقدار وضعتهما في بوتقة المواجهة الحتمية التي أفرزت غليانا لا يزال نكتوي بآثاره حتي اليوم. كما لم يوضح لنا التاريخ أي تعاملات بين الرئيس السادات والبابا شنودة قبل أن يرتقي كل منهما سدة الرئاسة علي شعبه. وربما كان كل منهما لم يلتق بالآخر وجها لوجه. فلم تكن لدي السادات أي فكرة مسبقة عن الجالس الجديد علي الكرسي البابوي رئيسا للكنيسة القبطية، إلا تلك المعلومات التي قدمتها له أجهزة المعلومات أو جهاز مباحث أمن الدولة عن الرجل فور ترشحه لدخول القرعة الهيكلية التي يجريها المجمع المقدس، أو المجلس الإكليريكي لاختيار البابا القادم. شأنه باقي زملائه الذين تقدموا معه، وقدمت عنهم معلومات مقتضبة. ولكننا نعتقد أن كلا الرجلين كان عليه أن يواجه مصاعب هائلة تتعلق بشعبه في تلك الفترة. كان الرئيس السادات مهموما بمشكلات الشعب المصري كله، وكان البابا شنودة مهموما بمشكلات شعبه القبطي. ومما لاشك فيه أن الرئيس السادات، بمجرد وصوله الي رئاسة الدولة، كان عليه أن يواجه عددا هائلا من التحديات، كما كانت أمامه العديد من المهام الصعبة. كان أخطر تلك التحديات هي تثبيت مركزه الرئاسي، وهو المركز الذي تطلع إليه بعض رجال الثورة السابقين، او علي الأقل تطلعوا للاشتراك معه في الحكم، أو حتي مجرد الاستفادة. وكان البابا شنودة الثالث أيضا يحمل معه رؤية محددة، طالما طرحها علي صفحات مجلة مدارس الأحد التي كان يرأس تحريرها في مقتبل شبابه، وخرج منها قاصدًا الرهبنة باعتبارها المدخل الوحيد للدخول في دائرة القيادة الكنسية، وكان له ما أراد. وقد تمكن البطريرك الجديد وبمثابرة من إعادة هيكلة مجمع الأساقفة يعاونه عدد من الشباب الذين استشرفوا فكره وتتلمذوا علي يديه منذ أن كان أسقفًا للتعليم في سبتمبر 1962. وسرعان ما أصبحوا أغلبية في مجمع الأساقفة، المنوط به رسم وتنفيذ رؤية الكنيسة وسياساتها؛ وبحكم العلاقة الأبوية والتلمذة صار البابا البطريرك هو من يضع السياسات الكنسية وبتابع الالتزام بها. وبدأ البابا الجديد يلتفت إلي شعبه القبطي للوقوف علي مشكلاته والتعرف عليها من منظور بابوي. وفي سبيل ذلك بدأ يجوب المحافظات وكان الأقباط يستقبلون أباهم بكل ابتهاج وفرح وحب وكانت مظاهرات الحب تنتظر البابا في الطريق والشوارع التي سيسلكها موكبه. كان فرح الأقباط في الأقاليم بأبيهم فرحا لا يعادله فرح كانوا يرونه رمزا لاستمرارهم عبر التاريخ. الملف القبطي في تلك الأثناء كانت أجهزة المعلومات القوية التي أسسها عبد الناصر، سواء كانت جهاز امن الدولة، أم الشعبة الداخلية لنشاط المخابرات العامة، تتابعان الموقف، ولم تتمكنا من كبح جماح الرغبة في نقل الترحيب والود الذي يلقاه البطريرك الجديد من شعبه ورعاياه أثناء تجواله اليومي في محافظات مصر ومدنها وقراها ونجوعها. وتم إبلاغه إلي الرئيس السادات بتقارير مفصلة ومسهبة عن شعبية البابا بطريقة مبالغ فيها. في ذلك الوقت كانت الاتصالات مع الأقباط، او ما يعرف بالملف القبطي، من اختصاص الوزير أحمد طعيمة، الذي كان وزيرا للأوقاف في عهد الرئيس جمال عبد الناصر، وعندما تولي الرئيس السادات لم يسحب منه هذا الملف. غير أن الرئيس السادات لم يشأ أن يترك الملف القبطي كله في يد رجل واحد، ولكنه أضاف قناة جديدة للاتصال بالبطريرك الي ممدوح سالم وزير الداخلية القوي الذي سبق له وتعاون مع الرئيس السادات في إقصاء مراكز القوي في مايو 1971. وقد ذكر أحمد طعيمة أن الرئيس السادات استدعاه، وأخبره أنه غاضب جدا من تصرفات بعض الأقباط، وأنه وصلته برقيات من الإسكندرية، يهدد فيها بعض المتحمسين من الأقباط، بأنهم سيحيلون شوارع الإسكندرية إلي بحر من الدماء، وان البابا جعل من نفسه زعيما سياسيا، له شعب خاص به، وأنه يزور المحافظات، وتقام له أقواس النصر والاحتفالات والزينات,خصوصا وأن البلاد في مرحلة الهزيمة. وعلي الفور بدأ طعيمة اتصالاته بالأنبا صموئيل الذي اغتيل فيما بعد في حادث المنصة عام 1981. وكان صموئيل مرشحا لمنصب البطريك أمام البابا شنودة، وكان طعيمة علي اتصال وثيق به منذ أن كان سفيرا لمصر في الأرجنتين. وفي لقائه مع البابا عرض طعيمة ما قاله له الرئيس السادات، والمعلومات التي وصلته بشأن زيارات البابا شنودة للمحافظات، وكتاباته في جريدة الجمهورية، وأخبره طعيمة أن الرئيس السادات يريد أن يهيئ البلاد لاسترداد الأرض، وفضلا عن هذا فإن مظاهر الفرح والاستقبالات لا تتناسب مع الجو العام للنكسة التي تمر بها البلاد. استجاب البابا، وقرر أنه سيؤجل زياراته للمحافظات، وانه سيتوقف عن كتابة مقالاته بجريدة الجمهورية. كما انه - أي البابا - سيسعي إلي تهدئة النفوس وتجاوز الأزمة. وقال طعيمة إن الرئيس السادات وافق علي تشكيل لجنة من كبار رجال الدين المسلمين وشخصيات معروفة من الأقباط تتولي دراسة كل ما يقع من أحداث طائفية وأسبابها وعلاجها. ولكن يبدو أن الرئيس السادات لم يكن يثق في أحمد طعيمة وقرر متابعة الملف القبطي من خلال وزارة الداخلية، وعلي الفور قام ممدوح سالم وزير الداخلية بزيارة إلي المقر البابوي، وأخبر البابا أنه ليس هناك ما يمنعه من إكمال زياراته إلي المحافظات وكتابة مقالاته في جريدة الجمهورية. ومع أن المواجهة بين الكنيسة والدولة بلغت في عهد الرئيس أنوار السادات أوجها، فاننا لا يمكن أن نغفل أن السادات في أيامه الأخيرة كان يري أن الشيوعيين وأصحاب الفكر التقدمي والليبراليين يتآمرون عليه، وأضاف إليهم بطريرك الأقباط البابا شنودة الثالث، والذي تزامن اختياره لاعتلاء الكرسي البابوي مع بداية تولي الرئيس السادات الحكم. كنيسة دون ترخيص بعد ستة أشهر من انتخاب البابا شنودة. في 6 نوفمبر 1972 بدأ أول احتكاك بين المسلمين والأقباط في عهد السادات. كان سبب الاحتكاك هو السبب التقليدي القديم، كنيسة قامت بغير ترخيص في الخانكة. طبقت وزارة الداخلية أحكام الخط الهمايوني القديم. وقامت قوات البوليس بإزالة المنشآت. كما قام عدد من الأهالي من سكان الخانكة بحرق مقر جمعية الكتاب المقدس ، الذي قيل إنه كانت تقام فيه الصلوات ككنيسة. وتداعت الأحداث علي النحو الذي بينته كتب التاريخ والتي لن نخوض في تفاصيلها الدموية. نستطيع أن نقرر أن تلك الحادثة وبطريقة وقوعها وبإصرار القساوسة علي اقتحام المكان بزيهم الكهنوتي وبطريقة منظمة ومرتبة ومعدة سلفا، كانت علامة فارقة في تاريخ المصادمات الطائفية بين المسلمين والأقباط في العصر الحديث، وكانت عبارة عن تحد سافر لسلطة الدولة. وذلك لعدة أسباب منها: - أنها كانت في بداية حكم السادات، وكان لا يزال منتشيا من انتصاراته علي مراكز القوي، وكان خروج رجال الدين الأقباط علي النحو الذي وضحناه، عبارة عن مواجهة مع الدولة، بل وفي مواجهة السادات شخصيا. - كما أن هذا الحادث أكد الهواجس التي انتابت الرئيس من ناحية البطريرك الجديد، والتي خلقتها أجهزة المعلومات عن البابا شنودة ودوره المحتمل. إذا وضعنا في الاعتبار تذمر السادات من رحلات البابا إلي المحافظات والتفاف جموع الأقباط حوله. - وفي نفس الوقت كان توقيت الحادث، في نفس الوقت الذي كان الرئيس السادات يضع فيه الدولة كلها في مرحلة الإعداد والتجهيز لحرب أكتوبر، لأجل هذا سارعت الدولة باتخاذ الإجراءات اللازمة لامتصاص التوتر قبل تبدأ الحرب. وقد أزعج هذا الحادث الرئيس السادات. واعتبره حادث جلل، لذا فإن تعامله مع تداعيات الحادث خرج عن نطاق المألوف، ولأول مرة يشرك الرئيس السلطة التشريعية في التعامل مع الأمر. وأمر الرئيس بإحالة الموضوع إلي مجلس الشعب، لدراسته بشكل مفصل وإصدار تقرير واف عنه، وبالفعل أصدر مجلس الشعب قرارا بتشكيل لجنة برلمانية برئاسة الدكتور جمال العطيفي الذي كان يشغل أيضاً منصب المستشار القانوني لجريدة الأهرام وأعضاء من المسلمين والأقباط وهم محمد فؤاد أبو هميلة، وألبرت برسوم سلامة، وكمال الشاذلي، ورشدي سعيد، وعبد المنصف حزين، ومحب إستينو. أدت مهمتها، بعد الاستماع إلي كل الأطراف وقدمت تقريرها، وشمل تقريرها عدة حوادث، وأسباب الصدامات بين الأقباط والمسلمين مثل اعتناق شابين بالإسكندرية للمسيحية عام 1970 ، وأصدرت توصيات، ولكنها للأسف لم تنفذ حتي الآن. مؤتمر سري وفي 17 يناير 1977 عقد أخطر اجتماع مسيحي قبطي في تاريخ مصر منذ ستة وستين عاماً وأصدر المؤتمر بياناً ولم ينشر جاء فيه: - دعت الضرورة لعقد هذا الاجتماع علي هيئة مؤتمر ممثلي الشعب القبطي بالإسكندرية مع الآباء الكهنة الرعاة، وذلك لبحث المسائل القبطية العامة، حضر قداسة البابا الأنبا شنودة جلسة الاجتماع في الكاتدرائية المرقسية الكبري. حيث بحث المجتمعون الموضوعات المعروضة، كما استعرضوا ما سبق تقريره في اجتماعات للجنة التحضيرية لكهنة الكنائس القبطية في مصر الحاصل في يوليو 1976 , ووضع الجميع نصب أعينهم - رعاة ورعية - اعتبارين لا ينفصل أحدهما عن الآخر: أولهما: الإيمان الراسخ بالكنيسة القبطية الخالدة في مصر والتي كرستها كرازة مرقس الرسول وتضحيات شهدائنا الأبرار علي مر الأجيال. والثاني: الأمانة الكاملة للوطن المفدي الذي يمثل الأقباط فيه أقدم وأعرق سلالاته حتي أنه قد لا يوجد شعب في العالم له ارتباط بتراب أرضه وقوميته مثل ارتباط قبط مصر، وكانت المسائل المطروحة للبحث في المؤتمر هي: حرية العقيدة، حرية ممارسة الشعائر الدينية، حماية الأسرة والزواج المسيحي، المساواة وتكافؤ الفرص.تمثيل المسيحيين في الهيئات النيابية.التحذير من الاتجاهات الدينية المتطرفة. وقد طالب المؤتمر في بيانه بالآتي: إلغاء مشروع قانون الردة.استبعاد التفكير في تطبيق الشريعة الإسلامية علي غير المسلمين. إلغاء القوانين العثمانية التي تقيد بناء الكنائس.استبعاد الطائفية من الوظائف العامة علي مختلف المستويات. حرية النشر والأهم من هذا كله كانت التوصيات التنفيذية وهي: - صوم انقطاعي لثلاثة أيام من 31 يناير إلي2 فبراير. - اعتبار المؤتمر في حالة انعقاد مستمر لمتابعة ما يتم في مجال تنفيذ فقراته وتوصياته بالنسبة لجميع المسائل القبطية العامة. وأعلن البابا شنودة علي الفور الصوم والصلاة في جميع الكنائس.. حتي يتحنن الرب علي المسيحيين ويرفع هذه الضيقة عنهم وقام ملايين الأقباط بالصلاة والصوم الانقطاعي لإحساسهم بالاضطهاد الشديد والتعصب الديني. قانون الردة وفي عام 1978بدأ السادات في الإعداد لقانون الردة. وهو القانون الذي يبيح قتل المسلم المرتد عن الشريعة الإسلامية وبمقتضاه لا يمكن للمسيحي الذي اعتنق الدين الإسلامي العودة إلي دينه الأصلي. وهو ما أثار حفيظة البابا! لأجل ذلك اجتمع المجمع المقدس للكنيسة الأرثوذكسية علي عقد اجتماع برئاسة البابا شنودة يوم 26مارس1980 وأصدر قرارا جاء فيه: - إننا أمام ضمائرنا، لن نستطيع أن نقبل مشروع قانون الردة، ولن نخضع له إذا نفذ، وبحكم ضمائرنا سنسعي وراء كل ما يسعي إلي ترك مسيحيته لكي نرده إليها، مهما حكمت مواد هذا القانون بالقتل علي الشخص، ونحن مستعدون لأن ندخل في عصر استشهاد جديد من أجل ديننا، والثبات فيه، ولا تلومنا ضمائرنا إن تركنا إنسانا يرتد عن مسيحيته دون أن نحاول إرجاعه. كان قرار المجمع هذا، يمثل بداية مرحلة جديدة في المواجهة مع السادات، بالإضافة إلي قرارات أخري اتخذها البابا شنودة، وهي عدم إقامة احتفالات أو مراسيم في العيد، وكان هذا أمر يخص الكنيسة، وبدأ رد الفعل القبطي يظهر. في أغسطس 1981 زار الرئيس السادات الولايات المتحدة الأمريكية، وفي لقائه برجال الأعمال والصحافة الأمريكيين، أعلن أمامهم أنه أول من قام بطرد الخبراء السوفيت من الشرق الأوسط، وانه لديه الكثير من الخطط للقضاء علي الشيوعية في المنطقة. لم يستمع رجال الصحافة الأمريكيين الذين يتابعون اللقاء، الي ما قاله لهم السادات عن مكافحة الشيوعية، وسألوه عن حالة الأقباط في مصر ! فوجئ الرئيس السادات بالسؤال. ومما لا شك فيه أن عنصر المفاجأة في السؤال، يشكل خطأ مهنيا جسيما للأجهزة الأمنية التي دبرت لقاء الرئيس بالصحافة العالمية، دون أن تدري أو تتكهن بحقيقة ما سيواجهه
الرئيس من انتقادات حادة في هذا اللقاء، ودون أن تتمكن من متابعة ما يحدث في الشأن القبطي في الصحف الأمريكية، أو انتماءات وتفكير الأشخاص الحاضرين للقاء السادات، والموضوعات التي سيطرحونها علي الرئيس ! ولكن الرئيس أجاب إجابة، مرتجلة، بأن الأقباط في مصر، شأنهم شأن المسلمين، يتمتعون بجميع الحقوق المكفولة للمواطنين المصريين، وأنهم يأخذون حقوقهم كاملة، ويؤدون ما عليهم من واجبات، ويتم إلزامهم بالتجنيد الإجباري، شأنهم في هذا شان إخوانهم المسلمين، وأنهم يعيشون في وطنهم الأم مصر في وئام وسلام، مع إخوانهم المصريين من المسلمين. وعند تلك الإجابة وقف المحامي شوقي كراس، وهو قبطي من أسيوط وهاجر في بداية السبعينات ويعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، ويرأس جمعية قبطية هناك، وأعلن أمام رئيس الجمهورية أن حقوق الأقباط في مصر مهضومة، وأنهم يعانون من الاضطهاد الديني، واستغاث شوقي كراس أمام رئيس الجمهورية، بالمنظمة العالمية لحقوق الإنسان، لتتأكد من قيام الحكومة المصرية هناك بمعاملة الأقباط المعاملة التي تكلم عنها الرئيس السادات منذ قليل، وأعلن أمام الرئيس السادات أنه قام بتسجيل كلمة الرئيس التي ألقاها منذ قليل. كان كلام شوقي كراس اتهاما للسادات بالكذب والتحايل. وفي اليوم التالي قام سليم نجيب وهو أيضا قبطي مصري أيضا، ويعمل قاضيا في مونتريال بكندا بتوزيع منشورات تندد بمعاملة الأقباط في مصر معاملة سيئة، ورفع لافتات أثناء مظاهرة نظمها بعض الأقباط أمام البيت الأبيض وفندق بلير هاوس، حيث يقيم السادات ومرافقوه. كما قام منير بشاي ويعمل رئيسا لهيئة أقباط كاليفورنيا، وطالب الصحافة الأمريكية اتخاذ موقف حازم لإنقاذ أقباط مصر. توزيع الاتهامات قبل زيارة السادات كان البابا شنودة قد أرسل الأنبا صموئيل أسقف البحث العلمي بالكنيسة المرقصية الي الولايات المتحدة الأمريكية، حيث توجد تجمعات للأقباط من أجل الاتفاق مع الجالية القبطية هناك علي عدم إحراج الرئيس السادات أثناء زيارته للولايات الأمريكية، وعدم إثارة الموضوعات الداخلية، وذلك من اجل تجنب استفزازه. وبدأ الرئيس السادات يظهر الغضب ويوزع الاتهامات بطريقة عشوائية. في 14 مايو 1981 ألقي الرئيس أنور السادات خطابا سياسيا بمناسبة الذكري العاشرة لثورة التصحيح والانتصار علي مراكز القوي أعلن فيه أن المعلومات المؤكدة لديه تبين أن البابا شنودة الثالث يعمل من أجل إنشاء دولة في الصعيد ابتداء من أسيوط وحتي آخر الصعيد، وكان الانفعال واضحا علي الرئيس وهو يتحدث إلي ملايين المصريين الذين يستمعون إليه. ثم أطلق كلمته الشهيرة: - "ليعلم البابا أنني رئيس مسلم لدولة إسلامية ". وقرر في نفس الخطاب أنه كان ينوي اتخاذ قرار بشأن البابا، لولا خطاب وصله من فتاة قبطية صغيرة السن تلتمس فيه عطفه وتناشده الصبر، وأخرج الرئيس السادات الخطاب من جيبه ولوح به علي شاشة التليفزيون. هل كان السادات يخطط لخلع البابا من قبل؟ ربما. لأنه في الأسبوع الأول من سبتمبر 1977 بطريقة لم يحددها أبلغ الرئيس السادات موسي صبري الصحفي المقرب منه رسالة شفوية، وقرر توصيلها الي البابا، وقال له: - أبلغه ( يقصد البابا) بأي طريق تشاء أنه إذا لم يعدل عن مثل هذه التصرفات فإنني سأصدر قرارا من سطرين بإلغاء القرار الجمهوري بتعيينه. لم يستطع موسي صبري أن يواجه البابا شنودة، كي يبلغه بقرار السادات، خاصة وأن البابا شنودة الثالث يري أن موسي صبري لا يخلص له النصيحة، وأنه - أي موسي صبري - يدافع دائما عن السادات أمام البابا. وقرر موسي أن يبلغ الأنبا غريغوريوس وبالفعل قام الأخير بإبلاغ إنذار السادات كتابياً، وكان الإنذار يتكون من أربعة بنود. وفي نفس الوقت قام موسي صبري بتقديم أحد الأقباط هو طلعت يونان إلي الرئيس السادات، وكلفه الرئيس بإعداد تقرير عن تاريخ الكنيسة القبطية. قدم طلعت يونان تقريره للرئيس السادات، وهو يتكون من خمسين صفحة يحتوي علي تاريخ الكنيسة القبطية والخلافات التي حدثت بين البابا والكهنة، وكيفية إلغاء قرار تعيين البابا في حالة الرغبة في ذلك، واختيار لجنة خماسية تخلفه عند عزله ، وهو ما يعد دليلا مرشدا للرئيس السادات في تعامله مع البابا شنودة الثالث. ولا نعلم علي وجه اليقين، من الذي أوحي للرئيس السادات بأن البابا يزمع إقامة دولة في الصعيد، وكيف وهو يجلس علي قمة أجهزة الحكم رئيسا للجمهورية ولديه أجهزة مخابرات، وأجهزة أمنية ,عالية الكفاءة قد صدق مثل هذا الكلام؟ وإذا كان الأمر صحيحا، فلماذا لم يأمر بمحاكمته، وهو رئيس الجمهورية، مادامت لديه معلومات مؤكدة بهذا الأمر. ولا شك أن تصريح الرئيس هذا أشعل النيران في نفوس المسلمين والأقباط علي السواء. فمن ناحية المسلمين فقد شعروا أن الرئيس يتكلم بعصبية شديدة تنم علي ما تحمله من الأقباط ومعاناته معهم فضلا عن غيظه الشديد منهم وما جعلهم يتعاطفون معه، وشعروا في نفس الوقت أن الرئيس يستنجد بهم. بدا هذا في كمية التصفيق والاستحسان التي قوبل بها هذا المقطع من أعضاء مجلسي الشعب والشوري الذين كانوا يشهدون اللقاء. ومن ناحية الأقباط. فقد أحسوا أن غضب الرئيس من أبيهم الروحي قد بلغ حدا مخيفا، وهو ما جعلهم يصابون بالخوف مما هو آت. في أعقاب هذا الخطاب نشطت المظاهرات الطائفية في القاهرة والمنيا وأسيوط. وصدرت عن احد أمراء الجماعات الإسلامية فتوي يبيح بموجبها الاستيلاء علي أموال الأقباط والمسيحيين. وعلي الفور بدأت عمليات الاستيلاء علي الذهب بمحلات الصاغة والذهب المملوكة للأقباط والمسيحيين. وبدأت شرائط الشيوخ المتطرفين تنتشر وهي عبارة عن خطب ألقيت في المساجد، وتم تجميعها في أشرطة، وهي تعبر عن السخط العام ضد الحكومة والأقباط ومظاهر الإسراف، ومهاجمة الفن والفنانين. واحتلت معاهدة كامب ديفيد التي وقعها السادات مع الإسرائيليين معظم موضوعات خطب هؤلاء المشايخ. الزاوية الحمراء وفي يوم 12/6/1981، وقعت أحداث الزاوية الحمراء المعروفة. فيما بعد ادعي النبوي إسماعيل أن الرئيس السادات طلب منه الضرب في "المليان" ، ولكنه رفض خوفا من وقوع قتلي من الطرفين، وأنه - أي وزير الداخلية - طالب الرئيس بمعالجة الموضوع بصورة مختلفة عبر التشاور مع قيادات المسلمين والمسيحيين. كما قرر النبوي أنه واجه السادات بقوله " إذا كنت تريد تنفيذ هذه السياسة فليقم بها وزير داخلية آخر"! وأكد النبوي إسماعيل أن الشيوعيين يشاركون في إشعال الفتنة الطائفية ويشيعون الأكاذيب بين الناس، ويدفعون المسلمين لمهاجمة المسيحيين والعكس، للاستفادة من هذه الفتنة وتهديد استقرار النظام. الغريب أن النبوي إسماعيل كان ينسب أحداث الفتنة الطائفية إلي الشيوعيين. هل كان يتعمد عدم الإشارة إلي التصعيد من جانب الجماعات الدينية الإسلامية؟ أم أنه لم يكن يعلم بما يحدث؟ الوقائع الرسمية لأحداث الزاوية الحمراء، معروفة ومسجلة بطريقة حيادية تماما. وفي 5 سبتمبر 1981 أصدر الرئيس السادات أثناء خطابه الشهير، قرارا بإلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم 2782 لسنة 1971 بتعيين الأنبا شنودة الثالث بابا للإسكندرية وبطريركا للكرازة المرقسية، وتشكيل لجنة من خمسة أعضاء للقيام بالمهام البابوية من الأساقفة :الأنبا مكسيموس أسقف الخدمات العامة والمهجر.الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة والمهجر.الأنبا غرغريوس مدير المعهد العالي للدراسات القبطية. الأنبا يؤانس أسقف الغربية وسكرتير المجمع المقدس.الأنبا اثناسيوس أسقف بني سويف والبهنسا. وقد أدي هذا القرار إلي إضافة ورقة جديدة إلي الملف شكلت عنصرا جديدا ضاغطا علي الدولة. كما ظهرت نتيجة لذلك نقطة ضغط جديدة علي الحكومة المصرية وأعطي كل جمعيات أقباط المهجر المبرر الكافي للحركة خارج الدولة وتصوير عملية الاضطهاد بأنها حكومية. وقد نجح هؤلاء في زيادة الاهتمام الإعلامي بهذا الملف في الصحافة العالمية وأروقة حقوق الإنسان وسياسة حماية الأقليات التي تتبناها حكومة الولايات المتحدة وبعض الحكومات الغربية. الغريب أن الأقباط لم يتحركوا واستمر الشارع القبطي في مصر هادئا. ولم يثوروا علي الاعتداء السافر علي كرامتهم وحقهم الديني وعلي أبيهم الروحي. وباستثناء أفراد معدودين في المهجر وفي 6 أكتوبر 1981 اغتيل الرئيس محمد أنور السادات. حمدي البطران - موريس صادق المحامي. محاكمة البابا شنودة . أحدث الوثائق لأدق قضايا العصر. من الإنترنت. 2- عزت أندراوس. موسوعة. موسوعة تاريخ الأقباط. موقع علي شبكة المعلومات الدولية. 3 - أنور محمد. السادات والبابا. أسرار الصدام بين النظام والكنيسة. 4 - مجلة الأهرام العربي العدد 76 في سبتمبر 1998.

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.