بعد طول انتظار..وفاصل طويل من مظاهرات واعتصامات واحتجاجات من أعضاء من هيئة التدريس والعاملين وطلاب كلية الآثار جامعة القاهرة للمطالبة بإقالة الدكتورة عزة فاروق عميدة الكلية ومع نهاية شهر أكتوبر الماضي حلت النهاية المنشودة ليعود الهدوء لهذا الصرح العتيد.حيث تقدمت العميدة باستقالتها تحت ضغط المظاهرات والتيار القوي الرافض لاستمرارها خاصة أن مجلس جامعة القاهرة بالكامل قد تقدم باستقالته قبلها بفترة وتمت الانتخابات في جميع الكليات وكذلك رئاسة الجامعة إلا كلية الآثار وذلك بسبب رفض العميدة التقدم بالاستقالة. وأخيراً وبعد مفاوضات مع رئيس الجامعة "الجديد القديم" الدكتور حسام كامل تقدمت الدكتورة عزة فاروق باستقالتها علي أن تتولي منصب نائب مدير مركز الجودة بالجامعة وذلك تقديرا لدورها -حسب العاملين بالكلية- في مساندة الدكتور حسام كامل في انتخابات رئاسة الجامعة. في بداية شهر نوفمبرقامت اللجنة المشرفة علي الانتخابات بكلية الآثار والمكونة من الاساتذة الدكاترة علا العجيزي وصلاح الخولي ومحمود إبراهيم بالاضافة إلي العضو القانوني من كلية الحقوق بفتح باب الترشح.وقد تقدم سبعة اساتذة للتنافس علي منصب العمادة وهم أ.د.هبة مصطفي نوح و أ.د.أحمد عيسي (من قسم الآثار المصرية) وأ.د.محمد حمزة و أ.د.أبو الحمد فرغلي (من قسم الآثار الاسلامية) وأ.د.مني فؤاد و أ.د.أحمد شعيب و أ.د.مصطفي عطية (من قسم ترميم الآثار). وينتمي ثلاثة من المترشحين إلي التيار الثوري المعارض الذي كان يقود المظاهرات والاعتراضات لإقالة العميدة وهم د.هبة مصطفي و د.محمد حمزة ود.مصطفي عطية.ورغم محاولات البعض التوفيق بين هؤلاء الثلاثة لاختيار واحد فقط ليكون ممثلاً لتيار الثورة ولكن باءت هذه المحاولات بالفشل وتمسك الثلاثة بالترشح والتنافس علي المنصب...وكانت كل المؤشرات تظهر تفوق هذا التيار الثوري وفي مقدمتهم الدكتورة هبة ود.حمزة وتوقع البعض أن يفوز أحدهما من الجولة الأولي. وبعد يوم صاخب وحضور كثيف من أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة لدرجة أن بعض الاساتذة كبار السن حضروا خصيصا إلي الكلية لأول مرة منذ فترة طويلة جداً رغم ظروفهم الصحية ولكنهم أصروا علي الحضور للمشاركة في اختيار العميد الجديد.حتي أشيع أن أحد المرشحين قد استأجر سيارات خاصة لإحضار هؤلاء الاساتذة للتصويت له. وكانت المواجهة الحقيقية بين مرشحي التيار الثوري ويتزعمه كل من الاساتذة هبة مصطفي و محمد حمزة ومصطفي عطية في مقابل التيار القديم المتمثل في الاساتذة أحمد عيسي وأبوالحمد فرغلي ومني فؤاد.وقد اعتبر الناخبون الدكتور مصطفي عطية ممثلاً للتيار الاسلامي والشباب بالكلية بينما اعتبر الدكتور أحمد عيسي ممثلاً لجيل الاساتذة الكبار. وفي نهاية ذلك اليوم العاصف وبحضور (85) من أعضاء هيئة التدريس بالاضافة إلي (45) من الهيئة المعاونةمع العلم بأن الهيئة المعاونة لهم 10% فقط من الاصوات..كانت النتائج كالتالي: 1- محمد حمزة (24) صوتاً. 2- مصطفي عطية (22) صوتاً. 3- هبة مصطفي نوح (19) صوتاً. 4- أبو الحمد فرغلي (9) أصوات. 5- مني فؤاد (7) أصوات. 6- أحمد عيسي (6) أصوات. 7- أحمد شعيب (صفر) من الاصوات. ومن الملاحظات الأولية علي النتائج السابقة: أولاً: الثلاثة الأوائل في الترتيب ينتمون إلي تيار الثورة المعارض وهذا يوكد أن معظم أعضاء هيئة التدريس بالكلية كانت لديهم رغبة قوية في التغيير وأنهم بالفعل دعموا هذا التيار. ثانياً: عدم حصول الدكتور أحمد شعيب علي أي أصوات لدرجة أنه لم يحضر أصلاً إلي الانتخابات. ثالثاً: حصول الدكتور أحمد عيسي علي ست أصوات فقط وهو من الاساتذة الكبار المشهود لهم بالكفاءة العلمية والادارية وأرجع البعض ذلك إلي أنه اعتبر من النظام القديم بالكلية. رابعاً: عدم حصول الدكتورة هبة مصطفي علي أعلي الاصوات كما كان متوقعا في البداية بل وحصول الدكتور مصطفي عطية علي أصوات أكثر منها.وأرجع البعض ذلك إلي وقوف مجموعة من شباب أعضاء هيئة التدريس بقسم الآثار المصرية والمحسوبين علي التيار الاسلامي بالكلية بجانب الدكتور مصطفي عطية وأنهم لا يريدون أن تتولي امرأة منصب العميد مرة أخري خاصة بعد ما عانوه في فترة العميدة السابقة. وفي اليوم التالي مباشرة والموافق الثاني من نوفمبر تمت الجولة الثانية من الانتخابات حيث جرت الاعادة وكانت نتيجتها كالتالي: الدكتور محمد حمزة وحصل علي (51) صوتاً. والدكتور مصطفي عطية وحصل علي (32) صوتاً. ويرجع فارق الاصوات الكبير بين الاثنين في الاعادة بسب مساندة الدكتورة هبة مصطفي وتحالفها مع الدكتور محمد حمزة. وبهذا يصبح الدكتور محمد حمزة أول عميد منتخب لآثار القاهرة في تاريخها منذ إنشائها في السبعينات. والأمر اللافت للنظر هنا أن كبار مسئولي الآثار في مصر حاليا ينتمون إلي تخصص الآثار الاسلامية: فالدكتور مصطفي أمين (الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار) والدكتور عاطف منصور (عميد كلية الآثار جامعة الفيوم) والدكتور محمد حمزة (عميد كلية الآثار جامعة القاهرة) كلهم متخصصون في الآثار الاسلامية..بعد أن كانت كل هذه المناصب منذ سنوات شبه احتكار لأساتذة الآثار المصرية.