الحق أن ما دفعني إلي كتابة هذا المقال، زيارات الدكتور عماد أبو غازي وزير الثقافة المتكررة لمحافظات الصعيد . ولقاءاته بالمثقفين من غير المنتمين للثقافة في أسيوط. الدكتور عماد أبوغازي، يعتبر أول وزير تطأ أقدامه مدينة ديروط، منذ أن أنشئت، أو منذ أن أنشئ بها مركز للشرطة عام 1881 . الغريب أن الوزير أو الذين رتبوا لزيارة الوزير لم يرتبوا له أي لقاء مع مثقفي الصعيد. زيارات الوزير فرصة - من النادر أن تتكرر - خصوصا أن وزراء الثقافة السابقين، كانوا لا يميلون الي زيارة الصعيد، اللهم إلا الأقصروأسوان شتاء، أما أن يزور الصعيد وزير الثقافة في عهد ثورة يناير 2011، وفي شهر يونية، وهو يعد من الشهور الملتهبة عندنا، فهو أمر من الأمور النادرة التي كان يجب أن نحتفي بها. الغريب أن الوزير لم يجلس مع أدباء وكتاب الصعيد، ليستمع منهم إلي ما يريدون أن يطرحوه أمامه من سوء أحوال مقرات الهيئة العامة لقصور الثقافة في القري والمدن، وما تعانيه من سوء الصيانة، وأكثر من ثلاثة أرباعها عبارة عن شقق في مساكن شعبية قديمة، ضاقت بموظفيها وعمالها، ولم تعد تصلح للأنشطة المتنوعة التي تضطلع بها الهيئة العامة لقصور الثقافة .، وسوء حالة موظفيها، وانقراض المكتبات العامة، وتفاهة الأنشطة الثقافية. أنشطة الوزارة تتجاهلنا أمر آخر كان المثقفون يريدون طرحه بين يدي وزير الثقافة، هو تجاهل أنشطة الوزارة لمثقفي الصعيد، وعندما أقول مثقفي وكتاب الصعيد فأنا لا أعني المنتمين منهم الي الصعيد، ووفدوا إلي القاهرة، وبقوا وأقاموا فيها، فهؤلاء قد حلوا مشكلتهم، وأصبحوا جزءا من نسيج مثقفي مصر، أنا أعني وأقصد هؤلاء الذين أثروا الاستقرار في الصعيد والكتابة منه، وعاشوا فيه، ولا يزالون، ومنهم علي سبيل المثال لا الحصر من أسيوط الدكتور نصار عبد الله وزكريا عبدالغني ودرويش الأسيوطي ومصطفي البلكي ومحمد الرازق الزهيري، وأحمد الشافعي ومحمد أبوشناب . ومن سوهاج عبدالحافظ بخيت ويوسف الشريف وجميل عبدالرحمن ومحمد عبدالمطلب والدكتور بهاء الدين رمضان وأحمد المنشاوي وأحمد مختار، ومن قنا فتحي عبدالسميع وعبدالستار سليم وعزت الطيري ومحمود الأزهري وأحمد الحجاجي، ومن الأقصر محمد جاد المولي وحسين القباحي ومأمون الحجاجي، ومن أسوان أحمد أبو خنيجر والدكتورة هيام صالح ونجوي عبد العال وغيرهم من الكتاب الذين يعانون من التجاهل الإعلامي لهم . منهم من حصل علي جوائز الدولة التقديرية والتشجيعية مثل الدكتور نصار عبدالله أستاذ الفلسفة بجامعة جنوبالوادي ودرويش الأسيوطي وزكريا عبد الغني. والبقية في الطريق . كل هؤلاء يا سيدي الوزير لهم مطالب، يريدون منك تحقيقها وهي: - تمثيلهم في عضوية لجان المجلس الأعلي للثقافة، بدلا من الذين اعتبروها حكرا عليهم ولا يتزحزون عنها قيد أنملة، آن الأوان للتغيير، بعد أن كانت القيادات السابقة تطارد أبناء الصعيد ، وتسخر منهم، وتتندر عليهم بعد أن تعدهم بعضوية تلك اللجان، إننا يا سيدي من ننتظر المجلس الأعلي للثقافة، أن يكون مجلسا للثقافة المصرية الخالصة، وأن تضم لجانه المبدعين من الصعيد. - المشاركة في عضوية مجالس إدارات الهيئات والمؤسسات الثقافية التابعة للوزارة، مثل الهيئة العامة للكتاب، والهيئة العامة لقصور الثقافة، وأن يكون لهم وجود فعلي في الأنشطة التي تعقدها تلك المؤسسات، وأن يدعي أبناء الصعيد والمتميزون منهم، الي لجان تلك الهيئات، ومجالس إدارتها، وأنشطتها الثقافية المتنوعة .وأن يكون لهم تمثيل في لجان مكتبة الأسرة. - الاهتمام بإبداعاتهم وتخصيص سلسلة تنشر روايات ودواوين الفائزين منهم في المسابقات التي تقيمها الوزارة . وأن تنشر للمتميزين منهم. - تسهيل عملية ترشحهم لجوائز الدولة، وأن يكون لمؤتمر أدباء مصر حق الترشيح لتلك الجوائز بأنواعها، وأن يمتد هذا الحق الي المؤتمرات الإقليمية، بعد أن تلاحظ أحجام الجامعات الإقليمية عن الإحجام عن ترشحيهم والاكتفاء بترشيح أبنائها الذين لا يفوزون في جوائز الدولة. - تنظيم النشر الإقليمي في الهيئة العامة لقصور الثقافة أو إعادة النظر فيه، بدلا من إهدار المال العام فيه هذا المشروع الذي أصبح مجالا للمجاملات، ولا تحميه ضوابط. - إنشاء فروع للهيئة العامة للكتاب بعواصم أقاليم محافظات الصعيد لنشر إصدارات الهيئة المتنوعة. - إنشاء فروع لبيع كتب الهيئة العامة لقصور الثقافة، في مديريات الثقافة، لتمكين الهيئة من توزيع إصداراتها المكدسة في مخازنها، وتمكين أبناء الصعيد من متابعة سلاسل الهيئة التي أصبحت فعلا تستحق أن يقتنيها المثقفون في بيوتهم ومكتباتهم الخاصة. - النظر في سياسة مؤتمرات الأقاليم الثقافية، والتخلص من طريقة تنفيذها لتصبح أكثر فاعلية في تحقيق الاحتكاك بين أدباء الأقاليم والأقاليم المختلفة، كأن يحدث تأخ بين أدباء الإسكندريةوأسيوط أو بورسعيد وسوهاج، ويحدث هذا بالتبادل بين الأقاليم. - تخفيف القيود المفروضة علي الأدباء والكتاب والشعراء، للانضمام الي عضوية نوادي الأدب. - حل مشكلة قيادات الهيئة لقصور الثقافة في الصعيد، وطريقة تعاملهم مع المثقفين، وهي مشكلة أزلية في الهيئة، واختيارهم من بين المثقفين والأدباء، لا من حيث التدرج الوظيفي، ولاشك يا سيدي الوزير أنك لا تعلم ان أحدهم، كان علي علاقة وثيقة بأمن الدولة، وكان يراسلها بتقاريره، وبسببه أدخل أحد الأدباء السجن في الصعيد. كل هذه الأمور تحتاج الي نظرة منك! مرارة ولا يزال موظفو الثقافة في الأقاليم، يتعاملون بمنطق الإشارات التليفونية عند استدعاء الأدباء للاجتماعات، وهي أمور أصبحت لا تليق في عصر الانترنت والتليفونات المحمولة. سيدنا الوزير، في الحلق مرارة من مخلفات عهود سابقة، نريد أن نتحدث معك، لتذوب المرارة ويحل محلها الإبداع، هناك العشرات من الشموع المضيئة، تنتظر منك ان تضيف إليها الهواء والرعاية لتضئ سماء مصر، ولتضيف الي أدباء مصر العشرات والمئات من الكتاب والشعراء الواعدين الذين يزخر بهم الصعيد، من بين كتابه، وأدبائه، والذين عانوا مرارة التجاهل، وأهملتهم الأنظمة السابقة ، حتي أصبح الأمر كما شرحناه . أما عن ميزانية قصور الثقافة، ونوادي الأدب، فليس مجال الحديث عنها. وبهذه المناسبة يتوجه كتاب وأدباء الصعيد إليك بالشكر لتعيين اثنين من كبار قيادات هيئات الوزارة علي رأس أهم هيئتين فيها وهم الشاعر سعد عبدالرحمن، والدكتور شاكر عبدالحميد، وهما من أبناء الصعيد.