الفنان حمادة هلال هو نموذج «ابن البلد المصري الأصيل» صاحب صوت مميز جعله شديد القرب من الجمهور بالشكل الذي ساعده علي تمثيلهم والتعبير عنهم في كل أغنياته سواء العاطفية أو الوطنية أو الأغاني الخفيفة، وقد تجلي دور حمادة بوضوح في ثورة 25 يناير المجيدة حيث قدم مجموعة من الأغنيات بالرغم من حجم الانتقادات التي تم توجيهها له في بعض الأغنيات وبالأخص أغنية «شهداء 25 يناير» إلا أن ذلك لا يمنع أن الأغنيات نجحت نجاحا مدويا في كل أرجاء مصر ونحن مع حمادة في هذا الحوار نترك له المساحة الحرة ليجيب لنا عن كل التساؤلات التي تدور في أذهان الجماهير. في البداية كلمنا عن حماسك في تقديم عدة أغاني وطنية للثورة؟ - أنا كمواطن مصري كنت متأثر جدا مثل أي شخص بالأحداث التي تدور منذ بداية الثورة ودوري كفنان هو التعبير عن كل ما أشعر به من خلال الأغاني لأنها السلاح الذي أحمله وأستطيع أن أقدم من خلاله دورا لدي الشعب المصري ، فأنا لا أملك القدرة لأن أرفع فوق الاكتاف لأهتف بين الناس، لذلك فقد كنت أملك العديد من الأحاسيس بداخلي والتي شعرت بها أثناء الثورة وكنت أعمل علي توصيلها للناس من خلال كلمات الأغاني، وهذا ما حدث في بداية الثورة بعد الانفلات الأمني ووقوف الشباب في اللجان الشعبية لحماية منازلهم وأسرهم، حيث قدمت لذلك أغنية «الله أكبر علي رجالة شوارعنا» وهي مقصود بها كل شخص شارك في المظاهرات سواء لحماية بيته أو من قام بالبقاء في ميدان التحرير من أجل تحقيق نجاح الثورة، وبعدها قدمت أغنية «شهداء يناير» وكانت إهداء لشهداء الثورة الذين ضحوا بحياتهم من أجل الوطن ، ثم تفاعلت بشدة مع أهالي الشهداء وأمهاتهم وتأثرت بشدة بأحزانهم مثلي في ذلك مثل كل مواطن مصري لذلك قدمت أغنية «أم الشهيد». لكن ما الفرق بين الأغاني التي ظهرت أثناء حرب أكتوبر والأغاني التي ظهرت في الوقت الحالي؟ - هناك فرق شاسع فأثناء حرب أكتوبر كانت البلد في فترة احتلال، وكانت الأغاني ملائمة لهذا الوقت حيث كانت تحمس الشعب لمواجهة الطغيان والظلم إلي جانب أنه كان هناك تنظيم من جانب المطربين والملحنين وأيضا الشعراء في التحضير الجيد للأغنية، وكانوا يأخذون وقتا كافيا لتقديم عملا يتناسب مع الأحداث التي تجري حولهم، لذلك عاشت الأغاني حتي وقتنا الحالي، أما الآن فإن الأغنية تتم صناعتها ما بين الغناء والتلحين والكتابة في يوم واحد أو عدة ساعات. ما أكثر الأغاني التي طرحت أثناء ثورة التحرير وقد أثارت إعجابك؟ - كل الأعمال المطروحة كانت ممتازة جدا، ولكن أكثر الأغنيات التي حركت مشاعري بمنتهي الصدق هي أغنية «بلادي» التي قام بغنائها رامي جمال وعزيز الشافعي. ولكن ما تعليقك علي الانتقادات الكثيرة التي تم توجيهها إلي اغنيتك «شهداء 25 يناير» بسبب تكرار المعني نفسه في جملة واحدة؟ - أنا سعيد جدا بنجاح الأغنية ولعلمك فإن كمية «الإفيهات» الكثيرة التي اطلقت علي تلك الأغنية أسعدتني بشدة لأنها أكدت نجاح الأغنية بالفعل وتعلق الناس بكلماتها، لذلك فإنني أتوجه بالشكر لكل من انتقد تلك الأغنية لدرجة أن هناك بعض الشركات عرضت علي إمكانية إعادة تقديمها وعمل ألبوم كامل لصالح الشهداء ولكنني رفضت تماما حتي لا يخرج أحد ليقول إنني استغل الثورة، لذلك فضلت أن أقدم فقط حفلات خيرية لصالح الشهداء ولصالح حملات إعمار مصر. لكن ألا تجد أن الإفيهات الساخرة الي تم إطلاقها وكانت علي نفس تيمة الأغنية عملت علي تشويه كلمات الأغنية بالفعل؟ - لا بالعكس ولكن الشعب المصري يحب الفكاهة والنكت، وتعلق الأغنية بأذهانهم اعطاهم فرصة لإضحاك أنفسهم من خلال إطلاق جمل طريفة عليها ولقد قمت بمداعبة الجمهور بمناسبة ذلك من خلال أنني قلت لهم إنني أقوم بتحضير أغنيتين عن كارثة اليابان ويقول مطلعها «زلزال اليابان الذي حدث في اليابان» والثانية عن كذبة أبريل ويقول مطلعها «كذبة إبريل والتي تحدث في شهر إبريل»، لذلك فأنا لم أشعر بالضيق أبدا من الجمهور وأنا لم أر في ذلك أي سخرية من قبلهم تجاهي، لذلك فإنني اشترك أيضا معهم في الدعابة والفكاهة. البعض ردد أنك كنت تسعي لأن تكون مطرب الثورة؟ - أنا لم أسعي وأجتهد للحصول علي أي ألقاب فأنا أقدم تلك الأعمال من أجل وطني فقط، ولكنني بالفعل سمعت الكلام نفسه أثناء مشاركتي في إحدي الحلقات الخاصة عن ذكري الراحل عبدالحليم حافظ، وقد قالوا لي «إن حليم كان مطرب ثورة 23 يوليو» أما أنت «فمطرب ثورة 25 يناير» وكان ردي عليهم أنني قلت إنني سعيد جدا بهذا اللقب، لكنني لم أسع إليه أبدا، فأنا واحد من أبناء هذه الثورة، وفي النهاية فإنه وبمنتهي الصراحة أكثر الأغاني التي تلائم ثورة 25 يناير هي أغاني الراحل عبدالحليم حافظ وليست الأغاني الخاصة بي. ما تعليقك علي القائمة السوداء التي وضع الثوار فيها عددا من الفنانين؟ - أنا مع فكرة وجود القائمة السوداء، ولكن علي أن تحتوي علي أسماء الأشخاص الذين نهبوا وسرقوا البلد سواء من وزراء ومحافظين ورجال أعمال فاسدين ولكنني ضد فكرة القائمة السوداء التي تضم عددا من الفنانين لأنهم في النهاية مصريون وهم مواطنون من بلدنا ومثلنا، وكانوا مخدوعين من خلال حالة التعتيم الإعلامي التي حدثت أثناء الثورة، بالإضافة إلي أنني وجدت أن هناك اشخاصا كثيرين منهم لم يكونوا يعرفون ما هو الصواب وما هو الخطأ في الموضوع وأيضا يجب علينا ألا نحكم بالإعدام علي من لم يشارك في الثورة ونتهمه أنه مع النظام السابق، فالواجب علينا أن نترك فرصة جديدة لهم بيننا حتي نستطيع النهوض بمصر مرة أخري. ما رأيك في الهجوم الذي تعرض إليه «تامر حسني» أثناء الثورة؟ - أنا أري أن «تامر» في الأول والآخر مواطن مصري ودائما ما نشاهده في الحفلات الخيرية والحملات من أجل أبناء مصر، لذلك يجب أن نسمع وجهات النظر، وأن نعذر كل من خانه جهله بالأحداث التي حدثت لأننا في المقام الأول كنا خائفين جميعا علي بلدنا، لذلك فأنا أشعر بالضيق من الفنانين الذين ظهروا علي الساحة وقالوا إن من نزل لميدان التحرير فهو مع الثورة، ومن لم ينزل الميدان فهو ضد الثورة، لذلك فأنا أري أن الفنان عموما ليس واحدا من المسئولين حتي تنصب له «المشانق» فهو لم ينهب البلد مثل كثيرين من الفاسدين ويجب ألا تحكم عليهم بالإعدام، ولكن علينا أن نحكم عليهم في الفترة المقبلة، ويجب علي كل فنان أن يقوم بتغيير نفسه ويسعي لتقدم أغان هادفة للمجتمع، وأنا عن نفسي قمت بمسح أربع أغاني من ألبومي القادم لأنهم لا يتناسبون مع العصر الجديد الذي نمر به الآن، ويجب أن تكون كل أعمالنا الفنية القادمة من أجل بناء البلد. ولكن بعض الفنانين يشعرون أن الثورة جعلتهم يجلسون في بيوتهم؟ - أن أقول لكل من يحزن من قيام الثورة أو ما زال يفكر في مصلحته الشخصية إنه لا يستحق أن يكون مصريا لأن الثورة هي أجمل حدث في مصر وكان الشعب المصري هو بطله الحقيقي ويجب أن نشارك كلنا فيه. ألم تشعر بالضيق بسبب إيقاف مسلسل «ابن أمه» الذي كنت ستقدمه في رمضان القادم؟ - إطلاقا لأنني قلت إن الثورة أهم من الفن ومن النظر إلي المصالح الشخصية ، بالإضافة إلي أن مسلسل «ابن أمه» تم إيقافه قبل الثورة بأيام وذلك لعدم تناسب السيناريو مع الفكرة التي أفضل الظهور بها في المسلسل. ماذا عن فيلم «ضابط في مارينا» والذي تم إيقافه أيضا؟ توقف الفيلم كان شيئا طبيعىًا جدا لأن صورة الضابط يجب تغييرها بشكل عام في الفترة القادمة. ما أكثر شيء ممكن أن يجعلك تشعر بالأمان؟ - وأنا واقف بين يدي الله سبحانه وتعالي، لأن أكثر شيء ممكن أن يشعر أي إنسان بالأمان والاطمئنان هو حرصه علي بناء عمار بينه وبين المولي عز وجل وأنا منذ صغري وأنا حريص علي تلك الجزئية، فالتواصل مع الله وزيادة الإيمان تعطي الإنسان راحة بال وتوافق في حياته سواء الاجتماعية أو الشخصية أو المهنية بالإضافة إلي أنه يكسب آخرته والتي يجب ألا ينساها أبدا.