في الثاني من مايو الجاري، تمكنت الولاياتالمتحدةالأمريكية من قتل زعيم القاعدة "أسامة بن لادن"، عن طريق الخيانة بين رجاله، كما يتم اغتيال كل أبطال الملاحم والسير الشعبية، مثل خيانة "بدران"، لصديقه"أدهم الشرقاوي"(1898 1921م)، بعدما قال له "ادهم":" آه يا خوفي يا بدران ليكون ده آخر عشا"، خاصة بعدما تم الكشف عن أن"بن لادن" كان يختبئ علي طريقة "ريا"، و"سكينة" بمنزل بجوار قسم اللبان، فكان "بن لادن" مختبئاً بجوار اكبر قاعدة عسكرية في باكستان، ببلدة"أبوت آباد"، وقرب العاصمة الباكستانية" إسلام آباد"، وبمقتل"بن لادن" تدور عليه دوائر أبطال السير الشعبية، فكما تم البحث عن: هل" ادهم الشرقاوي"، بطل أم لص؟ تتحول شخصية"بن لادن" إلي مثيرة للتساؤل؟ هل"بن لادن" ارهابي"؟ أم زعيم ديني؟ ومصلح وقف في مواجهة اكبر قوي استعمارية في العالم في العصر الحديث؟ لماذا القتل طالما تم الوصول إلي مكان"بن لادن" علي هذا النحو من الدقة المعلوماتية؟ لماذا لم يكن الخيار المطروح أمام الاستخبارات الأمريكية هو إلقاء القبض عليه، بدلاً من تصفيته جسدياً؟ خاصة انه لم تقم الإدارة الأمريكية بتقديم اي صورة لجثمان"بن لادن"، إلا صورة أعلن التليفزيون الباكستاني أنها صورة ملفقة، ومصنوعة بأحد برامج الحاسب الآلي، اعتماداً علي صورة أخري نشرت إلي جوارها، فتبين حقيقة زعم التليفزيون الباكستاني بصورة واضحة، فلاشك أن القتل علي هذا النحو ل"بن لادن" يجعل موضوع دفنه في البحر حسب طقوس الشريعة الإسلامية محل الشك، والريبة، فمن يضمن انه أصيب فقط، وانه حالياً يتلقي علاجه من الإصابة، وانه علي قيد الحياة فعلاً، وانه مات إعلاميا فقط، ولهذا الاحتمال مبررات جديرة بالوضع موضع الاعتبار. مخاطر الموقف تعلم الإدارة الأمريكية انه بموت "أسامة بن لادن" علي هذا النحو ستكون المصالح الأمريكية في جميع أنحاء العالم مهددة، مهددة من قبل ردة فعل أعضاء تنظيم القاعدة المنتشرين في كل دول العالم، ولذا فقتل "بن لادن"، لا يحل الإشكالية الأمنية الأمريكية، وإنما يصعد من حدة المواجهةخاصة أن موعد قتل"بن لادن" لم يكن تعقيباً من الإدارة الأمريكية علي صدور تهديدات عن تنظيم القاعدة مؤخراً، اي انه كانت هناك حالة هدوء في التحرك من جانب تنظيم القاعدة، وعليه فإن الضمانة الوحيدة التي تؤمن الولاياتالمتحدةالأمريكية، هي الإبقاء علي "بن لادن" حياً، ليخضع لأعلي عمليات الاستجوابات بمعرفة الاستخبارات الأمريكية، والتي عن طريقها تتمكن الإدارة الأمريكية من رصد، وتحسب كل تشكيلات تنظيم القاعدة علي مستوي العالم، من فم زعيمه الأول، والأوحد" أسامة بن لادن"، مباشرة، تلك هي حسابات التوازنات الوحيدة في المخاطر التي تحسب اليوم، من اجل تمكين الولاياتالمتحدةالأمريكية من مواجهة تبعات غير محسوبة لرد فعل تنظيم القاعدة كتنظيم عالمي مسلح منظم، لمقتل زعيمه. أين الجثة؟ لقد جاء السيناريو الامريكي لدفن جثمان"بن لادن"، بطريقة أعدت صياغتها بما يحول دون السؤال عن مكانه، فمن أراد العثور علي جثمانه، عليه أن يذهب إلي قاع المحيط، ويحضرها، فالإعلان عن انه تم إلقاء جثمانه في البحر، جاء كسيناريو سابق الإعداد، يحتوي علي خبر فرعي ليشغل الرأي العام الاسلامي، وهو انه تم دفنه حسب تقاليد الشريعة الإسلامية، وهل الإلقاء في البحر من طقوس الدفن علي الشريعة الإسلامية؟ أم أن دفنه في اي مكان علي اليابسة يتيح الفرصة لتمحيص حقيقة موت"بن لادن"؟ بينما الهدف من الخبر الرئيسي هو ألا يسأل احد عن جثة، ولا عن صورتها، إلا تلك الصورة المزيفة، التي طعن فيها التليفزيون الباكستاني، ومن خلال الصور التي بثها التليفزيون الباكستاني، واللقاءات التي تمت مع شهود عيان، نعرف انه تم إسقاط مروحية أمريكية من المروحيتين اللتين اشتركتا في عملية اقتحام مقر إقامة"بن لادن"، اي انه كان هناك تعامل عنيف، ونيران غزيرة من الطرفين، فهل تكون نتيجتها، قتل "بن لادن" بمفرده؟ الم يكن هناك احد مقيم معه في مكمنه السري؟ وأين جثث هؤلاء القتلي؟ لقد حملوا علي ظهر السفينة الحربية الأمريكية، والقوا في الماء، عقب الصلاة عليهم؟ أم أنهم مازالوا أحياء؟ شانهم شأن "بن لادن"، أو أن القتلي منهم تم سحبهم من موقع العمليات، لتصبح عملية الاستخبارات الأمريكية، هدفها إخفاء معالم الجريمة، بإخفاء جثث القتلي؟ شأنها شان العشيقة التي تتخلص من جثة زوجها بتقطيعها بمساعدة عشيقها بعد قتله. الجزء الثاني من السيناريو لكي نختبر صحة فرضيتنا السابقة، فإن متابعة الأحداث هي التي ستؤكدها، أو تنفيها، فإن شهدت الأيام القادمة عمليات مداهمة، وقبض، تتم علي رؤوس جماعات فرعية في تنظيم القاعدة علي مستوي العالم، فهذا دليل علي أن "بن لادن"، مازال علي قيد الحياة، وانه هو الذي يرشد الاستخبارات الأمريكية عن أعضاء تنظيمه، بالاسم، والعنوان، فهو يدير تنظيم عنقودي الهيكل، لا يمكن لاي أفراده أن يحيط بعناصره إلا زعيمه شخصياً، فمن تتبع شكل العمليات القادمة التي سيشترك فيها عناصر من مختلف الدول المتحالفة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية، هو الذي سيكشف لنا حقيقة ما حدث يوم إعلان الرئيس الامريكي"أوباما" عن مقتل زعيم تنظيم القاعدة، ليصبح ما أعلنته الإدارة الأمريكية بمثابة الجزء الأول من السيناريو، والذي سيكشفه الجزء الثاني من نفس السيناريو. خطاب أوباما علي الرغم من انه لو كانت الأمور كما أعلنها البيت الأبيض هي الصدق، لكان إعلان موت"بن لادن" مدعاة للقلق الامريكي، أكثر من الاطمئنان، والشعور بالارتياح، إلا أن الرئيس الامريكي"أوباما"، وقف ليعلن عن عودة الوحدة للوطن الامريكي؟! فهذا الإعلان الدعائي الحزبي الانتخابي، لا يقبل كإعلان عن حالة منطقية من القلق الناتج عن الخطر المرتقب لموت زعيم التنظيم الذي تسبب في اكبر عملية إرهابية شهدتها الولاياتالمتحدة في تاريخها عموماً، حتي انه لم يستنفر قوات الأمن، ولا الجيش الامريكي ليكون متأهباً لمواجهة ردة الفعل، وكأنه يتلاعب بالعقل الامريكي، بأنه فعل ما لم يفعله الأوائل، وبموت"بن لادن" قد انتهت مشكلة الأمن الاستراتيجي الامريكي المهددة بسبب تنظيم القاعدة إلي الأبد، ولكن بتحليل محور خطاب"أوباما" نجده خطاباً استباقيا للأحداث، فهو لا يخاطب الشعب الامريكي عبر لحظته الزمنية الراهنة التي أعلنها مخادعاً، وإنما يخطب من منطلق حقيقة ما حدث فعلاً، من أن الولاياتالمتحدةالأمريكية سيطرت علي تنظيم القاعدة بإلقاء القبض علي زعيمه، والذي ننتظر منه المعلومات الكثيرة، التي ستؤدي إلي قيام الولاياتالمتحدة بالقضاء نهائياً علي تنظيم القاعدة، أينما وجد. لماذا لم يعلن إذن لماذا لم يعلن البيت الأبيض عن حقيقة الحدث كما تم؟ لأنه في حالة الإعلان عن إلقاء القبض علي"بن لادن" هنا سوف تكمن الخطورة الحقيقية لردة فعل أعضاء التنظيم، من الانتقام، إلي النكاية في كل المصالح الأمريكية، من اجل الضغط عليها للإفراج عنه، أو تسليمه للإيداع بأحد السجون التي يتبعها بالجنسية، ولذا فإن الإعلان بموته، وإخفاء جثته، يعد تعجيلاً بنهاية أسطورة بطل شعبي قبل موعدها، كما يمثل انسب الحلول التي كانت مطروحة بين العديد من الخيارات التي تم الاختيار من بينها، قبل اتخاذ قرار مهاجمة مقر إقامة"أسامة بن لادن"، وهو الذي بلا شك معروف علي سبيل اليقين منذ فترة، فلا يتصور أن قرار الاقتحام اتخذ فور معرفة مخبأه، ولكن توقيت العملية هنا كان رهن القرار السياسي، المرتبط بالبدء للإعداد للحملة الانتخابية التالية للرئيس"أوباما"، كما يتضح من ثنايا خطابه، الذي أشار فيه إلي المستقبل أكثر من التعليق علي الحدث الراهن نفسه، فجاءت كلمته علي سبيل الكلمة الافتتاحية لحملته الدعائية القادمة، والتي حققت هدفها الفوري، بإعلان الواشنطن بوست عن استطلاعها السريع للرأي العام الذي يطالب"أوباما" بالترشيح لفترة رئاسة ثانية علي غرار ما يحدث في دول العالم الثالث. فلاش باك ثم بعد أن تنتهي الاستخبارات الأمريكية من البحث، والتنقيب داخل عقل"بن لادن"، وتصل إلي كل ما يعرفه هو شخصياً عن تنظيم القاعدة، وتتأكد المخابرات انه لم يعد يمتلك اي معلومات يمكن الاعتماد عليها في تصفية خلايا التنظيم، فما المانع لديها من أن تقتله، وتصوره، وتدفنه حسب الشريعة الإسلامية في بحر العرب، ولكن بتاريخ لاحق علي يوم إعلان موته الأول، وعندئذ يعرض الإعلام الأمريكي مشاهد حقيقية، غير ملفقة، لموت"بن لادن"، بالصوت والصورة، تنسخ الكذبة الأولي، كما لو كانت المخابرات الأمريكية تقوم بإخراج مشاهد"فلاش باك" لأحد أفلام هوليوود البوليسية. إن واقعة مقتل زعيم القاعدة" أسامة بن لادن" كما أعلنتها الإدارة الأمريكية علي لسان الرئيس الامريكي" باراك أوباما" تجعل الشبهات تحوم حول حقيقة ما حدث، وتفتقر إلي الشفافية، وتتجلي فيها صناعة الإعلام الأمريكية المتلاعبة بالعقول إلي أقصي درجة، قد تصل إلي حد السذاجة المفرطة.