لا يعرف الكثيرون عنه غير انه السراي الصفراء .. فلا يعلم أحد متي تم بناؤه؟ ولماذا اطلق عليه السراي الصفراء؟ وهل هو مبني آثري ذو أهمية تاريخية يستحق المحافظة عليه أم انه مجرد مبني حديث بُني ليكون مستشفي؟ كلها أسئلة ظهرت علي الساحة بعد أن شهدت الفترة الماضية جدلاً واسعاً حول مشروع لنقله إلي خارج القاهرة لاستغلال المكان . لكن قبل التفكير في استغلال هذا المكان لابد من لفت الانظار إلي أن هذا المكان" سراي العباسية " مستشفي الامراض النفسية والعصبية بالعباسية مكان أثري يرجع إلي عهد الخديو اسماعيل أي مر عليه أكثر من 100 عام وهذا وفقا لما جاء بقرار اللجنة العلمية للمجلس الأعلي للآثار بعد معاينتها للمكان والذي توافرت له كل الشروط المناسبة لاعتباره أثراً فسيتم ضمه لقائمة الاثار الاسلامية والقبطية، وهذا ليس له علاقة بنقل المستشفي أو ابقائه بل هو مجرد خطوة للمحافظة علي هذا المكان الأثري من الهدم أو التشويه، فقد اعلن د.زاهي حواس قراراً بتشكيل لجنة علمية مكونة من متخصصين في الاثار الاسلامية واثار العصر الحديث لضم مباني هذه السراي لقائمة الاثار الاسلامية والقبطية واعتبارها آثارا يجعلها خاضعة لقانون الاثار واحكامه والتي تمنع هدمه أو تعرضه للخطر ويوضح د. زاهي أن اللجنة العلمية وافقت علي اجراءات التسجيل وأنها أعدت تقريرا سوف يعرض علي اللجنة الدائمة للاثار الاسلامية والقبطية لاتخاذ الاجراءات الخاصة بتسجيل المنشآت والمباني ضمن قائمة الآثار الاسلامية. تاريخ السراي عن تاريخ السراي يقول فرج فضة رئيس قطاع الاثار الاسلامية والقبطية بالمجلس الأعلي للآثار: كان يشغل مكان هذا المستشفي سراي انشأها الخديو اسماعيل أثناء فترة حكمه الممتدة من 1864 م ، حتي عام 1879 م وكان يطلق عليها " سراي الجبل" وكانت مساحتها كبيرة جداً تزيد علي المائة فدان قد استغل منها اجزاء كثيرة حاليا فقد كان جزء منها أرض المعارض والاستثمار وحديقة العروبة ، لذلك تقلصت مساحتها حتي وصلت الآن 68 فدانا فقط، ويضيف فرج فضه أن الجز الأكبر من مباني السراي كان يتكون من الخشب وكانت السراي حافلة بالزخارف والرسوم والاثاث والتي كانت في غاية من الروعة والجمال ، حيث وصلت تكلفة هذه السراي انذاك مليون جنيه ووصل عدد الخدم بها من كبر مساحتها ل250 خادما للمحافظة عليها، ولكن تعرضت هذه السراي لحريق كبير قضي علي كثير من اجزائها وخصوصاً أنها كانت مكونة في الغالب من اخشاب وزخارف واثاث سهل الاشتعال فيها لذلك كان من السهل تدميرها بهذا الحريق ، وفي عام 1880 م تم نقل مرضي مستشفي المجازيب كما كان يطلق عليه في ذلك الوقت إلي الاجزاء الباقية من هذه السراي ثم تم بناء عدة أجنحة مكان السراي في الفترة من 1880 حتي عام 1883 م أي في عهد الخديو توفيق. أحد عشر مبني يستحق التسجيل الأثري ويوضح فرج فضة انه بناء علي قرار الأمين العام للمجلس الاعلي للآثار د. زاهي حواس تم تشكيل لجنة علمية برئاسة د.محمد الششتاوي مدير عام مركز التوثيق الأثري من أجل معاينة المكان ومعرفة هل مبانيه تستحق التسجيل الأثري ضمن عداد الاثار الاسلامية والقبطية للمجلس أم لا؟ ويضيف فضة انه في اطار الحفاظ علي المنشآت ذات الطابع الأثري والتاريخي التي تتفرد عمارتها الانشائية بالتميز قامت اللجنة بالفعل بمعاينة السراي وتسجيل مبانيها وتحديد ما لها من مبان تستحق التسجيل في عداد الاثار حيث قررت أن المستشفي به عدد من المباني لابد من تسجيله لما له من اهمية تاريخية فقررت اللجنة أن العنبر رقم 23 بالمستشفي وهو المستخدم حاليا كمخزن لها ويقع في الطرف الجنوبي الشرقي للمستشفي وهو العنبر الوحيد الأصلي الذي يرجع تاريخ انشائه إلي عام 1880م إلي عام 1883 م ، حيث لم يحدث له أي تغيير أو تعديل في شكله الاصلي أو تغيير لأي شيء فيه من ارضيات وحوائط ، وهو يتكون من طابق واحد مبني من الأحجار المغشاة بالمحارة ومطلي باللون الأصفر وكانت كل عنابر المستشفي قديما مطلية باللون الأصفر لذلك عرف ومازال يعرف بين العامية حتي الآن بالسراي الصفراء ، والمخزن علي شكل زاوية قائمة أي جناحين متعامدين يتوسط كل منهما ممر وتمتد علي جانبي الممر غرف متلاصقة اشبه بالزنازين لكل منها باب خشبي قديم ذو قفل كبير ، وكل غرفة تطل علي الخارج بشباك خشبي يحيط به اسياخ حديدية لمنع هروب المرضي ، أما بالنسبة لسقف العنبر فهو من المسلح وتوجد فتحات تهوية بالممر والارضيات من البلاطات الاسمنتية ، ويضيف فرج ووجدت اللجنة أيضا ضرورة تسجيل عنبر رقم 26 وهو عنبر قديم من دور واحد له سقف جمالوني يستخدم حاليا كمخزن ، كما انها قررت ضم وحدة السيدات المطورة وهي تتكون من عدد من الأقسام مقسمة داخل المستشفي كما يلي " قسم 14 وقسم 16 وقسم 29 وقسم 30 مودعات وقسم 18 كبير وقسم 18 ملحق وقسم خامس كبير وقسم خامس ملحق ومسرح الحريم " ، بالاضافة إلي وحدة الرجال المطورة وهي ايضا تتكون من عدد من الأقسام مقسمة داخل المستشفي إلي " قسم 24 وقسم أول ملحق وقسم أول سفلي وقسم 12 وقسم 8 شرق وقسم 8 غرب وقسم 10 وقسم 30 وقسم 28 وقسم العسكريين ومسرح الرجال " ويوضح رئيس قطاع الاثار الاسلامية والقبطية أن اللجنة وجدت ضرورة تسجيل فيللا من دورين تبدو انها مبنية أول القرن العشرين وتم تجديدها حديثا مخصصة للمجلس القومي للصحة النفسية بالاضافة إلي فيللا أخري من دورين مجددة ايضا حديثا لها سقف جمالوني تبدو انها مبنية ايضا اوائل القرن العشرين مخصصة لاستقبال الطوارئ، وكذلك مطبخ للرجال قديم جدا ولكن يبدو انه تم ترميمه قريبا ومطبخ آخر للسيدات ، بالاضافة لوجود اسطبل صغير في المكان تم تسجيله ايضا ومكانين مستغلين حاليا كعيادة للأطفال وأخري للمراهقين وأكدت اللجنة أن كل هذه المباني في حالة جيدة بصفة عامة مبان حديثة غير أثرية ولكن رأت اللجنة ان هناك مجموعة من المباني لا يستحق تسجيلها أي انها لا تمثل قيمة تاريخية أو أثرية وهما مبنيان حديثان كل منهما مكون من أربعة طوابق تم بناؤها عام 2001 أحدها للمرضي الرجال والآخر للمرضي النساء ، بالاضافة إلي مبني آخر حديث من دور واحد بني في أوائل التسعينات خصص للآمانة العامة للصحة النفسية ، كما وجد مدرستان حديثتان للتمريض إحداهما للبنين والآخري للبنات ، ومبني حديث جدا مخصص لشئون الأفراد ، ومبني آخر مخصص لشئون الأفراد ، ومبني مخصص للعيادات الخارجية وبعض الغرف المخصصة للخدمات العامة كالكهرباء والماء والمخازن وغيرها، وجدت اللجنة ضرورة الحفاظ علي المباني التي تم تسجيلها لانها ذات قيمة تاريخية وأثرية أما المباني الاخري فلا توجد ضرورة للحفاظ عليها وللجهات المالكة لها حرية التصرف فيها حسب ما تشاء دون أي قيود.