رئيس الثروة السمكية الأسبق: البردويل خط أحمر.. وتعميقها وفقا للمقترح الهولندي يدمرها    «مياه المنيا» تشارك بندوات توعية في المبادرة الرئاسية «بداية»    ويكيبيديا تثير الجدل فى تركيا لوصفها سكان قرية تافشان تيبي بعديمي الأخلاق والقتلة    زيزو يقود هجوم الزمالك أمام الشرطة الكيني في الكونفدرالية    نائب وزير الصحة يزور مستشفى دراو المركزى وقريتى بنبان والرقبة (صور)    وفاة منصور عبد الغني صاحب المشهد الشهير في فيلم عسكر في المعسكر    إعلام فلسطيني: 13 شهيدا فى غارة إسرائيلية على منزلين برفح الفلسطينية    قصائد دينية.. احتفالات «ثقافة الأقصر» بالمولد النبوي    آية الكرسي: درع الحماية الروحية والنفسية    أذكار المساء والنوم.. تحفظ المسلم وتقيه من الشرور    حملة «100 يوم صحة» تقدم أكثر من 80 مليونا و48 ألف خدمة طبية خلال 50 يوما    «مالوش علاج».. كيف تساعد القهوة في الوقاية من هذا المرض الخطير؟    تفاصيل التحقيق مع صلاح الدين التيجاني حول اتهامه بالتحرش    إقبال ضخم على البرامج المتميزة والجديدة بجامعة القاهرة    الجيزة تحتفل بعيدها القومي    غدًا.. انطلاق الدراسة في 214 مدرسة ببني سويف    على رأسهم صلاح.. أفضل 11 لاعبا للجولة الخامسة من فانتازي الدوري الإنجليزي    "اعتذار عن اجتماع وغضب هؤلاء".. القصة الكاملة لانقسام مجلس الإسماعيلي بسبب طولان    مصر للطيران تكشف حقيقة وجود حالات اختناق بين الركاب على رحلة القاهرة - نيوجيرسي    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    تشييع جثامين ثلاثة شهداء فلسطينيين ارتقوا خلال عدوان الاحتلال على قباطية بالضفة الغربية    واقف قلقان.. نجل الشيخ التيجاني يساند والده أمام النيابة خلال التحقيق معه (صور)    وزير المالية: معدل الدين الداخلي للموازنة انخفض 4.7% بنهاية العام المالي الماضي    وزير الأوقاف يشهد احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي.. والشريف يهديه درع النقابة    جمعية الخبراء: نؤيد وزير الاستثمار في إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة    بالصور- 500 سائح يستعدون لمغامرة ليلية على قمة جبل موسى من دير سانت كاترين    إطلاق الإعلان التشويقي الرسمي لفيلم بنسيون دلال    نجم ليفربول يرغب في شراء نادي نانت الفرنسي    روسيا: تفجير أجهزة ال"بيجر" في لبنان نوع جديد من الهجمات الإرهابية    فاينانشيال تايمز: الاتحاد الأوروبي يعتزم تمويل قرض بقيمة 35 مليار يورو لأوكرانيا    أجندة ساخنة ل«بلينكن» في الأمم المتحدة.. حرب غزة ليست على جدول أعماله    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    بعد الموجة الحارة.. موعد انخفاض الحرارة وتحسن الأحوال الجوية    ضوابط شطب المقاول ومهندس التصميم بسبب البناء المخالف    طريقة عمل بيتزا صحية بمكونات بسيطة واقتصادية    "بداية".. قافلة طبية تفحص 526 مواطنًا بالمجان في الإسكندرية- صور    بتكلفة 7.5 مليون جنيه: افتتاح 3 مساجد بناصر وسمسطا وبني سويف بعد إحلالها وتجديدها    مفتي الجمهورية يشارك في أعمال المنتدى الإسلامي العالمي بموسكو    سهر الصايغ تشارك في مهرجان الإسكندرية بدورته ال 40 بفيلم "لعل الله يراني"    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد سير أعمال تعديل الحركة المرورية بميدان الزراعيين    الزراعة: جمع وتدوير مليون طن قش أرز بالدقهلية    لجنة "كوبرا" بالحكومة البريطانية تبحث تطورات الوضع فى لبنان    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    رئيس جهاز العبور الجديدة يتفقد مشروعات المرافق والطرق والكهرباء بمنطقة ال2600 فدان بالمدينة    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    «الداخلية» تنفي قيام عدد من الأشخاص بحمل عصي لترويع المواطنين في قنا    سوء معاملة والدته السبب.. طالب ينهي حياته شنقًا في بولاق الدكرور    مستشفى قنا العام تستضيف يوما علميا لجراحة المناظير المتقدمة    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام ضمك.. توني يقود الهجوم    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    بلغاريا تنفي بيع إحدى شركاتها لأجهزة بيجر المستخدمة في انفجارات لبنان    تراجع طفيف في أسعار الحديد اليوم الجمعة 20-9-2024 بالأسواق    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    نجم الزمالك السابق يتعجب من عدم وجود بديل ل أحمد فتوح في المنتخب    حبس سائق ميكروباص تسبب في مصرع طالبة بعد دهسها في أبو النمرس    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاتهامات المتبادلة بين المالكي والهاشمي.. نموذج مصغر لطائفية المجلس الرئاسي في العراق
نشر في القاهرة يوم 22 - 12 - 2009

غير أن الهاشمي رفض تبريرات المالكي قائلاً إن "عدم الاستقرار الأمني في العراق هو نتاج عدد من السياسات الخاطئة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية وان اختزال المشهد اليوم بإلقاء اللوم علي القوات المسلحة والأجهزة الأمنية هو اختزال مخل للمشكلة التي يعاني منها العراق في الوقت الحاضر".
وجاءت مطالبة طارق الهاشمي للمالكي بتقديم استقالته في الوقت الذي خضع فيه الأخير لاستجواب في البرلمان العراقي وكل من وزير الداخلية جواد البولاني والدفاع عبدالقادر جاسم العبيدي ومسئولين أمنيين آخرين حول التفجيرات التي حدثت في بغداد في اليوم التالي لإقرار قانون الانتخابات العراقية وهو ما فسره الهاشمي علي أنه استهداف لتعديل مشروع القانون الذي تبناه بل و استهداف للعملية الديمقراطية في العراق ككل ليبقي خيار الطائفية هو الحل الأقرب والمتاح بدلاً من السعي حثيثاً لتحقيق توافق وطني حول الخيارات الديمقراطية التي تحفظ حقوق كل الفئات والكتل السياسية و الطائفية.
بل وذهب الهاشمي إلي قراءة تفجير الثامن من ديسمبر علي أنه ليس فقط اختراقاً طائفياً للتحول الديمقراطي في العراق بل علي أنه أيضاً اختراق خارجي لأمن العراق ووحدته لحسابات سياسية إقليمية. وفي ذلك إشارة منه إلي دور إيراني بعد أن رفض تبني اتهام المالكي لسوريا بالوقوف حول أعمال العنف في العراق، و أضاف " نحن حريصون علي الوصول إلي نتائج التحقيق الدولية بهذا الشأن ودفع اللبس وفضح الجهات التي تقف وراء العنف والاقتتال في العراق أيا كانت. نحن لسنا ضد اتهام اي طرف ولكننا ضد الطريقة التي اتبعتها الحكومة للوصول إلي نتائج اتهام هذا الطرف او ذاك وسوريا احتضنت المهجرين العراقيين وهذه وقفة تسجل لها، فكيف لنا أن نخاطر بحياة هؤلاء بالتسرع باتهام سوريا".
مساندة البعثيين
في الوقت نفسه، أعلنت دولة العراق الإسلامية مسئوليتها عن تفجيرات بغداد، و قام المالكي بعزل قائد عمليات العاصمة الفريق عبود قنبر هاشم خيون من منصبه، وسط اتهامات للأجهزة الأمنية بالتقصير، وأمر بنقل الفريق الركن أحمد هاشم عودة سلطان من منصب معاون رئيس أركان الجيش للعمليات إلي منصب قائد عمليات بغداد. تبني تنظيم القاعدة للتفجيرات واستباق المالكي لمحاسبة مسئوليه ألقي بظلال تشكيك في نوايا الهاشمي وفي الأسباب الحقيقية لاتهاماته للمالكي والتي فسرها البعض علي أنها تصفية حسابات شخصية و تحقيق أجندة سياسية طموح بعد أن خسر الهاشمي تأييد الحزب الإسلامي وسعي لمساندة البعثيين خارج العراق عن طريق نقض قانون الانتخابات ورفع عدد المقاعد المخصصة للمهجرين.
ووصف منتقدو الهاشمي أن دفاعه المفاجيء عن الأقليات وعن العملية الديمقراطية إنما هو لتحقيق أجندة سياسية. وكان الهاشمي قد أصدر بياناً أدان فيه الأعمال الوحشية التي تستهدف المسيحيين العراقيين وأماكن عباداتهم وطالب القوي الأمنية باتخاذ التدابير العاجلة لحماية المسيحيين خاصة بعد أن تعرض حي الشفاء بالقرب من كنيسة الطاهرة في الخامس عشر من ديسمبر الجاري لانفجار سيارتين مفخختين أسفرعن مقتل أربعة مدنيين وإصابة 40 آخرين وإلحاق أضرار بالجدار الخارجي للكنيسة.
ووصف عماد العتابي في صحيفة صوت العراق موقف الهاشمي علي أنه من قبيل الخيانة، وأضاف "هذا هو ما قام به هاشيمهم تجاه مالكينا، متبعاً أسلوباً قديماً جداً وفق قاعدة أضرب الحديد وهو ساخن. هاشميهم هذا يمثل كل من يريد بنا العودة إلي المربع الأول وبغض النظر عن انتمائه. من الطبيعي أن يطالب البعض من الكتاب أو القراء باستقالة المالكي فهذا حق لهم لأنهم لم يكونوا شركاء بالحكم و لأنهم حريصون علي بلدهم ويتخوفون من التفرد بالحكم ومن المنطق أن نستمع لهم ونتفهم مخاوفهم، ولكن أن يطالب من يعتبر نفسه شريكا بالحكم وبالعراق الجديد فهذه قمة الخيانة للنفس". وبعد تفنيد العديد من المواقف المثيرة للتساؤلات و للشكوك للهاشمي بدءاً من تصريحاته حول الطائفية المالكية، إلي اتهاماته لإيران إلي نقضه لأكثر من 50 قراراً لمجلس النواب إلي دعوته للتوافق، يطالب العتابي "سيادة النائب إما أنك متوافق سياسياً بالفعل وعليه أنك تتحمل جزءاً من المسئولية وعليك الاستقاله أيضاً".
عنتريات السلطة
أما الشيخ الدكتورخالد عبد الوهاب الملا، رئيس جماعة علماء العراق، فقد كتب بعنوان "الهاشمي و عنتريات السلطة" مذكراً الهاشمي بأنه جزء من الحكومة التي يتهمها بالفشل ويطالبها بالاستقالة، و أضاف "وحين ندعو الحكومة إلي ترك مكانها معني ذلك أننا أعطينا الإرهابيين والتكفيريين وأعداء العراق مجالا وطريقا لكي يعبثوا بمقدرات الشعب وكأنها دعوة مبطنة لدخول جهات معادية للشعب العراقي والوضع الجديد لكي يأخذوا مكاناً لهم". وتحت عنوان " يسألونك عن الشجاعة.. قل علمها عند طارق الهاشمي "، كتب جمال الخرسان عن الدهشة التي أصابت الجميع أن يطالب رجل مثل الهاشمي باستقالة المالكي لما عرف عن خلفيته السياسية حين أقيل من الحزب الإسلامي بسبب دعمه للجماعات المسلحة.
ويأتي موقف طارق الهاشمي الراهن من المالكي كمؤشر واضح علي تدهور الوضع السياسي الداخلي في العراق إلي مستوي غير مسبوق من تبادل الاتهامات و التشكيك في النوايا والانتماءات الطائفية و العرقية و المذهبية. وكان الهاشمي قد فجر مؤخراً قضية نقض مشروع قانون الانتخابات علي أساس أنه لا ينصف المهجرين والأقليات والكتل السياسية الصغيرة ويخدم المشاريع الطائفية التقليدية. وانتقد الهاشمي بالتحديد المادة الأولي والمتعلقة بتخصيص مقاعد المهجرين خارج العراق مطالباً بزيادة عدد المقاعد التعويضية المخصصة للأقليات والمقيمين في الخارج والقوائم الانتخابية الصغيرة من 5 في المائة إلي 15 في المائة في البرلمان المقبل الذي سيضم 323 نائبا.ً
التلويح بنقض ثان
وكان قانون الانتخابات قد أقره البرلمان العراقي مؤخراً بعد أسابيع من العرقلة و الانقسامات، وبات واضحاً أن تمرير القانون عبر عن توافق هش بين أطراف العملية السياسية العراقية وغاب عن جلسة التصويت رئيس مجلس النواب إياد السمرائي بالإضافة إلي 90 عضواً من إجمالي أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 275 نائباً. تمرير القانون جاء بموافقة 141 نائباً فقط من الحاضرين وعددهم 195 نائباً. وأبرز معرقلات تمرير قانون الانتخابات كان معضلة كركوك الغنية بالنفط التي يريد الأكراد ضمها إلي إقليم كردستان وهو ما قابله سكان المحافظة من العرب والتركمان إلي الدعوة لتأجيل إجراء الانتخابات فيها، أو إلي صياغة قانون خاص لانتخاباتها يعتمد توزيع المدينة إلي أربع مناطق انتخابية: عربية وكردية وتركمانية ومسيحية وفق تقسيم عرقي ديني يتلاءم مع تركيبتها السكانية.
استخدام الهاشمي لحقه الدستوري في نقض القانون أدي إلي إعلان المفوضية العليا للانتخابات عن التأجيل إلي السابع من مارس المقبل بعد أن كان من المقرر عقدها في يناير. وتضمن التعديل الجديد الموافقة علي مقترح اضافة 2.8 في المائة كنمو سكاني سنويا لاحتساب مقاعد المحافظات، فضلاً عن أن يصوت العراقيون المهجرون في الخارج والداخل لمرشحيهم حسب محافظاتهم، وفق ضوابط الاقتراع الخاص، ومنح خمسة مقاعد للمسيحيين بحسب نظام الكوتا،ومقعد للايزيديين ومثله للشبك وآخر للصابئة. غير أن الهاشمي لوح بنقض ثان للتعديل الذي أقره مجلس النواب العراقي بناء علي اعتراضاته السابقة، و هو الأمر الذي ربما يجدد أزمة إقرار قانون الانتخابات العراقي الجديد. وبرر الهاشمي معارضته للتعديل علي أساس أنه أدخل قانون الانتخابات في تناقض واضح في طريقة احتساب المقاعد بين مادته الأولي والثانية، بل تضمن تغييراً في عدد المقاعد المخصصة لبعض المحافظات، وهو ما لم يرد في التعديلات المقترحة، ناهيك عن تجاهل مظلمة عراقيي الخارج، ومنهم المهجرون.
الاتهامات المتبادلة بين المالكي و الهاشمي و أتباع كل منهما هي لا شك نموذج مصغر لطائفية المجلس الرئاسي الذي فقد فعاليته بسبب الأزمات المتكررة والمفتعلة تحسباً للانتخابات المقبلة. ففي الوقت الذي يسعي فيه الهاشمي إلي إحراج المالكي قبيل الانتخابات المقبلة باستخدام الملف الأمني، بات من الواضح أنه يسعي لدور سياسي مستقل سبق وأن أعلن عنه في النية لخوض الانتخابات في تكتل جديد تحت شعار العراق الديمقراطي الجديد والحقوق السياسية لجميع أبناء العراق. غير أن التناقضات المحيطة بتصريحاته تشير إلي أجندة سياسية ساعية لتفتيت ثقل المالكي وحزبه ولمحاولة خلق دور سياسي لبعثيي العراق من المقيمين في الخارج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.