يلتقي أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية، واللواء عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات، عددا من المسئولين الأمريكيين في واشنطن، اليوم ، لبحث أوضاع المنطقة وعملية السلام التي تعاني الجمود منذ استئناف إسرائيل اعمال البناء في القدس والمستوطنات المقامة علي الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، في ظل توقعات من جانب البعض بمزيد من الجمود بعد الهزيمة القاسية التي تلقاها الرئيس الأمريكي باراك اوباما، في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس لصالح الجمهوريين الذين يعرفون بتعاطفهم مع إسرائيل. ويجري الحديث عن أن مصر تعكف علي إعداد مبادرة جديدة تكون جاهزة للطرح عندما تفشل الادارة الأمريكية في الخروج من الطريق المسدود، الذي وصلت اليه المفاوضات المباشرة بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية. وذكرت صحيفة معاريف الإسرائيلية أن المبادرة التي، تحمل اسم "خطة الموجة الثانية" بشكل غير رسمي، من المتوقع عرضها خلال لقاء يجمع مسئولين مصريين بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون في واشنطن، قبل يومين من لقائها برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وذكرت معاريف أن المبادرة الجديدة تتضمن التنازل عن موضوع تجميد الاستيطان، مقابل تنازلات إسرائيلية بعيدة المدي في المجالات الأمنية، ويشمل ذلك إعادة انتشار قوات إسرائيلية جديدة في الضفة الغربية، ومنح صلاحيات أمنية إضافية للسلطة الفلسطينية. ولفتت معاريف إلي أن الجامعة العربية مددت المهلة، التي أعطتها للإدارة الأمريكية من أجل تجديد المفاوضات المباشرة بأسبوعين إضافيين. في المقابل، ذكرت مصادر في واشنطن وإسرائيل أن مصر والسعودية والولايات المتحدةالأمريكية وإسرائيل توصلوا مؤخرا إلي اتفاق سري يقضي باستئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل مطلع يناير 2011، عقب انتهاء احتفالات رأس السنة الجديدة. واشارت المصادر إلي أن 5 تطورات وقفت وراء الاتفاق علي استئناف المفاوضات، هي: اولا: وافق نتنياهو علي بعض التنازلات، بشأن تجميد البناء في المستوطنات والقدس، لكن المصادر رفضت الكشف عن الصياغة الدقيقة التي تم الاتفاق عليها وحظيت بموافقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، لكن المصادر اوضحت أن تجميد البناء "لن يكون تاما، وسيكون به استثناءات محددة تتيح البناء علي نطاق محدود في مستوطنات الضفة والقدس، الامر الذي يجعل من السهل علي نتنياهو الحصول علي موافقة مجلس الوزراء الأمني السياسي الإسرائيلي علي خطوة كهذه". ويبدو الامر غريبا لان هذا الامر سبق أن اعلنه نتنياهو بنفسه ورفضه ابو مازن رفضا تاما، وبالتالي لا يعتبر الامر انجازا يمكن البناء عليه. ثانيا: تدعي المصادر أن مصر والسعودية طالبتا الرئيس الفلسطيني بوقف كل خطوات الاستعداد وتصريحات المسئولين الفلسطينيين عن التوجه إلي الاممالمتحدة للمطالبة بالاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة علي حدود 1967، واخبرتاه أن عليه أن يعود إلي مائدة المفاوضات. وادعت المصادر أن ابو مازن رد قائلا انه الغي بالفعل كل هذه الاستعدادات، ولن يكون هناك توجه فلسطيني إلي الأممالمتحدة، وانه سيعود إلي المفاوضات المباشرة. وهو امر غريب طبعا، إلا إذا كان مرتبطا بحصول القاهرة والرياض علي تعهدات أمريكية تغني عن التوجه إلي الاممالمتحدة، او يكون الامر نتاج ضغوط أمريكية شديدة علي الجانب العربي. ثالثا: وافق ابو مازن علي انه خلال الشهرين المتبقيين علي استئناف المفاوضات في يناير 2011، تعمل مصر والسعودية والسلطة الفلسطينية علي استغلال هذا الوقت في اتمام المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح وحماس، بهدف التوصل إلي توقيع اتفاق مطلع يناير، بحيث يشارك في مفاوضات يناير 2011 مع الإسرائيليين فريق من المفاوضين الفلسطينيين يمثل الضفة الغربية وغزة. ولم تبين المصادر ما اذا كان المقصود هو تقوية موقف ابو مازن في المفاوضات عبر توحيد الصف الفلسطيني والتأكيد علي انه يمثل الفلسطينيين كلهم، ام أن المقصود هو تشكيل فريق تفاوضي يتكون من مسئولين من حركة فتح وحماس في المفاوضات، من اجل ضمان تأييد حماس والتزامها باي اتفاق يتم ابرامه مع إسرائيل، وهل يكون ذلك تدشينا لمفاوضات رسمية ومباشرة بين حماس وإسرائيل؟! رابعا: خلال الشهرين المتبقيين علي بداية المفاوضات سيزور تل ابيب ورام الله شخصية أمريكية رفيعة المستوي كي تتأكد من أن الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي ما زالا ملتزمين باستئناف المفاوضات. واعلنت المصادر أن الادارة الأمريكية لم تحدد بعد من ستكون هذه الشخصية الأمريكية الرفيعة، ولكن ربما تكون وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. خامسا: عند استئناف المفاوضات لن يكون جورج ميتشل، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي، حاضرا، بعد أن قدم استقالته سرا منذ نحو شهر تقريبا، وتقرر عدم الاعلان عن استقالته حتي يجري تحديد بديل له. ويتزامن ذلك مع ما نقلته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية عن مصادر أمريكية تقديراتها بأنه سيتم استبدال المبعوث الأمريكي الخاص إلي الشرق الأوسط، جورج ميتشيل، إضافة إلي عدد آخر من كبار المسئولين في واشنطن. وارجعت المصادر السبب إلي فشل ميتشيل وطاقمه في تجديد المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ورغبة الإدارة الأمريكية في ضخ دماء جديدة تمهيدا ل"تجديد الضغوط وتحريك العملية السياسية في المنطقة". وأضافت الصحيفة أنه من بين الأسماء التي اقترحت لاستبدال ميتشيل السفير الأمريكي السابق في إسرائيل، مارتن إنديك، المعروف بانه يهودي صهيوني متحيز إلي كل مطالب إسرائيل. وأضافت "معاريف" أن ثمة اقتراحات بتقسيم منصب ميتشيل إلي منصبين، الأول يتولاه مارتن إنديك لمتابعة السلطة الفلسطينية، والثاني يتولاه مستشار الرئيس الأمريكي دينيس روس لمتابعة إسرائيل، علما بأن روس هو الآخر يهودي صهيوني معروف بانحيازه لإسرائيل، وسبق أن شغل في السابق نفس المنصب الذي يشغله ميتشيل، وكان رئيسا لمركز أبحاث إسرائيلي يسمي "معهد تخطيط سياسات الشعب اليهودي"، ويعتبر ممن يعارضون ممارسة ضغوط شديدة علي إسرائيل من قبل الإدارة الأمريكية، بادعاء أن الضغط لن يحقق المطلوب. ونقلت الصحيفة عن مصادر إسرائيلية قولها إن تقارير وصلت إسرائيل، في الشهور الأخيرة، تشير إلي تفاقم التوتر بين ميتشل وطاقمه من جانب، ودينيس روس من جانب آخر، بشأن طريقة التأثير علي نتنياهو لتجديد المفاوضات المباشرة. فيما يمكن الربط بين هذه التغييرات وفوز الجمهوريين بالانتخابات الاخيرة، إذ ربما يأتي طاقم مفاوضات يفضل الضغط علي العرب، باعتباره اسهل من الضغط علي إسرائيل! إلا أن "الون بنكاس"، يطمئن العرب قليلا في مقال له بصحيفة معاريف، حين يقول إن الناخبين الأمريكيين لم يهتموا بالسياسة الخارجية، ولم يشغلوا بالهم بتجميد المستوطنات او الحروب في العراق وافغانستان. ويؤكد أن مجلس النواب بعد فوز الجمهوريين لن يعمل علي الصدام مع الرئيس باراك اوباما بسبب الشرق الاوسط، لافتا إلي أن مجلس النواب لا يملك التفويض او الصلاحيات الدستورية للانشغال في بلورة وتصميم السياسة الخارجية، إلا من جانب الميزانية، محذرا المسئولين الإسرائيليين من أن من يعتقد انه يمكن اللعب علي الخلافات بين الديمقراطيين والجمهوريين سوف يجد نفسه "مفروما" بسرعة. في حين بدا المحلل السياسي الإسرائيلي "ألوف بن"، متفائلا بشأن الأوضاع السياسية، وكتب في صحيفة هآرتس الإسرائيلية، تحت عنوان "ألا يزال يستطيع؟"، أن السياسة الخارجية كانت منذ البداية ملجأ الرؤساء الأمريكيين الذين تعرضوا للضربات في انتخابات التجديد النصفي. ونقل "الوف" عن وزير الدفاع الإسرائيلي ومستشار نتنياهو المقرب، ايهود باراك، تقديره بان اوباما سيعمل بكل قوته علي اقامة دولة فلسطينية في الصيف القريب القادم، تنفيذا لوعده، ولان هذا ما يتوقعه العالم منه، ويناسب ايمانه الداخلي واحساسه بالعدل، وبالتالي، سيسعي اوباما إلي اقامة فلسطين وسيتجاهل الثمن السياسي الداخلي.