في البداية يجب أن نشيد بإعداد وإخراج حفلي الافتتاح والختام رؤية عصام الشماع وتصميم عادل عبده والاستعانة بالشرائط المصورة عن رموز ومبدعي الإسكندرية في الافتتاح، ورموز رائدات ومبدعات السينما المصرية في الختام، واستمعنا بالحركات الرشيقة لراقصي وراقصات فرقة الإسكندرية للفنون الشعبية، ولابد من الإشادة بالتوفيق في اختيار الأفلام.. المسابقة وخارجها رغم عدم وجود نجوم إلي جانب خمسة أفلام فرنسية كانت هناك أربعة أفلام إيطالية وأربعة أفلام إسبانية من بينها فيلم للمخرج الكبير كارلوس ساورا carlos saara وهو أنا دون جوفاني وثلاثة أفلام يونانية، وثلاثة تركية، وحضر من المخرجين العرب المخرج المغربي حسن بن جلون مع فيلمه «المنسيون» نتمني أن يكون لجمهور القاهرة فرصة مشاهدة بعض هذه الأفلام في مركز الإبداع. كان اختيار فيلم «المسافر» للافتتاح في عرضه الأول بمصر ضربة معلم، وخاصة بحضور وبريق النجم عمر الشريف، وتجربة لمناقشة دور وزارة الثقافة في الإنتاج، واختلف الرأي حوله بين النقد الشديد مثل خيرية البشلاوي بالمساء وغيرها، والإعجاب والتقدير مثل مقال خالد شوكات رئيس مهرجان الفيلم العربي في روتردام بالنشرة. وفي انتظار رأي الجمهور مع عرضه الجماهيري . الجمهور! دار عرض رقم 4 علي بعد أقل من خمس دقائق من مقر إقامة الضيوف والصحفيين والإعلاميين.. مختارات من أفلام المسابقة تعقبها مناقشة مع صناع الفيلم مخرجا أو ممثلا.. إلي جانب لجنة التحكيم لا يحضر إلا قلة قليلة من الصحفيين أو النقاد المدعوين أو حتي السكندريين! ولكن كان يحضر المخرج محمد خان وزوجته السيناريست وسام سليمان كما كان يحضر أحيانا بعض الشبان العابرين. إذا كان الحضور في القاعة القريبة من الفندق ضئيلا فإن المشكلة نفسها في دور العرض بوسط المدينة.. كانت شبه خالية، فضل الجمهور أن يشاهد أفلام العيد التجارية. ولكن.. كان مهما أن تنتقل الأفلام إلي مراكز التجمعات الثقافية.. امتلأت حالة المركز الثقافي الفرنسي بالجمهور الذي استمتع بالأفلام الفرنسية والأفلام المصرية القصيرة والديجيتال.. حيث أقيمت ندوة أدارها الناقد نادر عدلي وشارك فيها بعض المخرجين الشبان. وحدثنا المخرج الكبير محمد خان عن تجربته الخاصة في الديجيتال وأن الفيلم عرض في الفضائيات واستقطب مشاهدين أكثر بكثير من دور العرض. كذلك عرضت أفلام في مكتبة الإسكندرية في قاعة متوسطة.. وفي نادي الأتيليه وفي مركز الإبداع، رغم الدعاية التليفزيونية الواسعة لابد من سعي أكثر لجذب الجمهور السكندري وآلاف طلاب الجامعات والمعاهد. فيلم «علي الطريق» من البوسنة للمخرجة ياسميلا زبانيتش lasmila zbanisch التي فاز فيلمها «الطريق الأول» جرابافيتشا qrabavica فاز بالدب الذهبي في مهرجان برلين 2006، حضرت بطلته الطريف أنها من كرواتيا وليس البوسنة زرينكا سيفتسيش zrinkc cvitesic، وكما قالت لنا كان عليها أن تتعلم وتتقن اللغة البوسنية، وعلي مدي ثمانية أشهر أقامت المخرجة وهي نفسها كاتبة عمل السيناريو ورشة عمل لدراسة ومناقشة كل التفاصيل مع كل المشاركين.. حينما نضجت الصورة بدأ التصوير. بداية خلفية من أثار الحرب التي دمرت البلاد، وقتلت وخربت، تدور أحداث الفيلم البطلة لونا تعمل مضيفة جوية تعيش مع زوجها عمر كزوجين مسلمين حياة عصرية يشربان الخمر ويرقصان في الديسكو، لكن تنغص حياتهما أن عمر فقد وظيفته، أصبح بلا عمل، كما أن لونا تتردد علي الطبيب علي أمل بوادر الحمل، مفاجأة جميلة يحتفلان بها عندما يجد عمر عملا كمدرس كمبيوتر، كان عليه أن يرحل إلي معسكر للأصوليين، حيث نساء منتقبات ورجال ملتحين.. تصدم لونا عند زيارتها له.. كان قد تحول تحولا كاملا.. حتي يصر علي أن زواجهما غير شرعي، وأن جنينها حرام.. وتصر لونا علي الاحتفاظ بالجنين.. وبالسير في حياتهما كما تريد.. فازت البطلة بجائزة أحسن ممثلة. الطريف أن يوغسلافيا السابقة التي انقسمت إلي عدة دول شارك في مهرجان الإسكندرية إلي جانب البوسنة أفلام من كرواتيا ومرسلوفينيا وفي ظل النظام الاشتراكي وحكم تيتو كان يقام مهرجان بولا لأفلام كل جمهوريات الاتحاد اليوغسلافي. الواجهة إسكندرية 26 نشرة المهرجان اليومية - برئاسة تحرير الأمير أباظة - كانت متميزة شكلا ومضمونا - تساير أحداث المهرجان اليومية كلمة وصورة، وتحقيقاً وأحداثياً ونقدًا، تتجاور أقلام نقاد كبار مع نقاد شبان في تحليلاتهم للأفلام المخرج الباحث فاروق عبدالخالق، والنقاد مجدي الطيب، ومني المغازي، وناهد صلاح، وأشرف البيومي، وياقوت الديب. بل تقرأ حواراً شاملا يجريه الكاتب والروائي الكبير الدكتور شريف حتاتة، مع ابنه الشاب عاطف حتاتة بمناسبة تكريم الابن واختيار فيلمه «الأبواب المغلقة» كأحد أهم أفلام السنوات العشر الأخيرة الذي عرض عام 2001 - حسب استفتاء النقاد. قلت لعاطف: أين انت.. لماذا هذا الغياب.. اجباني بهدوء أنه يستعد لفيلمه الروائي الطويل الثاني.. مع تفتح النشرة القشيبة.. اتذكر أول نشرة اصدرناها عام 1979.. بمعاونة شباب سكندري.. كانت مطبوعة بالرونيو! المرأة في السينما العربية والعالمية الندوة الرئيسية لمهرجان الإسكندرية السينمائي الدولي - كما أعلن مقدما بعد اختيار المرأة في السينما - موضوعا أساسيا بعنوان «المرأة في السينما العربية والعالمية».. قضايا لم يعد مسكوتا عنها -محاورها: 1 - قضايا المرأة في السينما.. صور إيجابية وصور سلبية، 2- الرجال أفضل من عبروا عن قضايا المرأة في السينما،3- ايهما أكثر جذبا للسينما في المرأة.. العقل أم الجسد، 4- نساء مبدعات في السينما. كان مفروضا أن ترأسها ليلي علوي ثم تأجلت - لتقام بمكتبة الإسكندرية - افتتاح ممدوح الليثي، ومشاركة المخرجة التونسية مفيدة التلاتلي والكاتبة حسن شاه والكاتبة إيريس نظمي والممثلة السورية نادين سلامة والممثلة التركية سوزان جينيش. لم تحضر الممثلة الكرواتية كما لم تحضر الكاتبة مريم نعوم، كاتبة سنياريو واحد- صفر، وكل منهما له تجربته. المحاور كما نري مهمة من الصميم ولكنها تحولت إلي شهادات وانطابعات، تحدثت إيريس نظمي عن دور رائدات السينما المصرية، وحسن شاه عن فليم «أريد حلا» - الذي كتبته واشادت بالمخرجة الألمانية مرجريت فولد تروتا واطالت مفيدة التلاتلي في الحديث عن نشأتها وتكوينها - باللهجة التونسية - مما استدعي تدخل حسن شاه لتسألها عن تأثير دورها كمونتيرة في أفلامها كمخرجة -كما اجابت نادين سلامة عن سؤال لماذا تفوقت الدراما التليفزيونية علي الأفلام السينمائية في سوريا، فأشارت إلي قلة الإنتاج الذي تتولاه الدولة، وقلة دور العرض، وهناك مشروعات لتشييد دور عرض جديدة. كما نري - أن المحاور الأساسية للندوة علي الأقل الثلاثة الأولي لم تناقش كما يجب، كما كان يجب دعوة مخرجات مصريات مثل ايناس الدغيدي وكاملة أبوذكري وهالة خليل وهالة لطفي وكاتبات مثل زينب عزيز ووسام سليمان وغيرهن. تكريمات.. تكريمات! جميل أن يكرم المهرجان بعض الشخصيات المصرية:الممثلة سميرة أحمد، الممثل جميل راتب، المخرج علي بدرخان الكاتب مصطفي محرم، مدير التصوير محمود عبدالسميع، مهندس الصوت جميل عزيز، الكاتبة إيريس نظمي، الكاتبة حسن شاه، ومن العرب المخرجة التونسية مفيدة التلاتلي ووزير الثقافة السوري رياض سمعان أغا.. كما يكرم ثلاثة من المبدعين بالسينما الفرنسية ضيف شرف المهرجان، الكاتب روبير سولينRobr.t، والممثلة كريستين سيتي Christine Citti والممثلة اني كونسينيه Anne Consigny أي ثمانية من مصر، واثنان من العرب وثلاثة فرنسين، بعض التوازن! لكن هذا التوازن يحتل تكريم أسماء كثيرة اختارها نقاد جمعية نقاد السينما في استفتاء حول أحسن أفلام السنوات العشر الأخيرة. ثم يزداد اختلال التوازن مع منح عدد كبير من الفنانين المصريين جوائز التمييز الفني.. وصل إلي 35 إضافة إلي جوائز خاصة بعنوان نجوم ساندوا سينما المستقبل الديجيتال! بدون ذكر أعمالهم لكن الأغرب والأكثر اختلالاً هو هذا العدد الكبير من الفائزين في مسابقة الديجيتال حتي لو كان 3000 جنيه أو 2000 جنيه!. يأتي بعد هذا كله تكريم وزير الثقافة السوري رياض أغا الذي أناب عنه الناقد محمد الأحمد رئيس مؤسسة السينما السورية، كان يجب أن يكرم في البداية وليس في النهاية! هذا الحشد الكبير من الفنانين المصريين كأنما هو مهرجان قومي وليس مهرجانا دوليا، كما في المطبوعات أو لدول البحر المتوسط كما هو في الحقيقة.