التطبيع ليس جريمة يعاقب عليها مرتكبها ربما تكون هذه الجملة صادمة لكل السادة رافضي التطبيع مع إسرائيل.. وحتي لا اتهم بالخروج علي الإجماع فإنني أؤكد أنني أرفض التطبيع ولكن تعالوا نبتعد عن العواطف وننظر للأمور بموضوعية وعقلانية ليس في قانون نقابة المهن التمثيلية ولا في لائحتها. ولا في لوائح الاتحاد العام للنقابات الفنية ما يفيد منع الأعضاء من التطبيع مع إسرائيل.. كما أنه بالطبع ليس ضمن قوانين الدولة ما يمنع من هذا التطبيع وليس هناك ما يجرمه. تعالوا نعود ثلاثين عامًا إلي الوراء وبالتحديد في 19 يناير 1981 اجتمع مجلس إدارة الاتحاد العام للنقابات الفنية في جلسة عادية برئاسة الكاتب الكبير سعد الدين وهبة رئيس الاتحاد.. كان ذلك بعد عامين من توقيع معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وفي هذه الجلسة التاريخية بحكم ما ترتب عليها من قرارات خلال الثلاثين عامًا الماضية وفي سطرين فقط اتخذ مجلس الاتحاد قراره التالي «ممنوع منعًا باتًا التعامل بأي شكل من الأشكال مع إسرائيل» ويعلن عن ذلك في جميع النقابات وسيعاقب كل من يتعامل معها من أعضاء النقابات الثلاث بالفصل من النقابة. هذه الأسطر هي النص الكامل لقرار اتحاد النقابات الفنية برفض التطبيع الفني مع إسرائيل. الطريف أن هذا القرار جاء بمبادرة فردية من رئيس الاتحاد وفقًا لما جاء في محضر الجلسة حيث قال وهبة: تم الاتصال بي أمس لتكوين لجنة فنية من النقابات الثلاث لزيارة إسرائيل والبدء في دراسة مجموعة من الأنشطة الفنية هناك. ورفضت واتخذت قرارًا باسم الاتحاد بأنه لا تعامل مع إسرائيل وأعرض الأمر عليكم لاتخاذ القرار.. وقد وافق المجلس بالإجماع علي القرار.. وقد وقع علي محضر الاجتماع رئيس الاتحاد والغريب في الأمر أن صورة المحضر موقعة أيضًا بالاعتماد من وزير الدولة للثقافة والإعلام ورئيس المجلس الأعلي للثقافة السيد منصور حسن ومنذ ذلك التاريخ وحتي الآن- بعد مرور 30 عامًا علي معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية، مازالت هذه الأسطر القليلة تتحكم في مسار الحركة الفنية في مصر وتخضع لأهواء وتفسيرات شخصية كلما حدث حادث. الغريب أن النص واضح وصريح ولا يحتاج تأويلاً واسمحوا لي أن أعيده مرة أخري «ممنوع منعًا باتًا التعامل بأي شكل من الأشكال الفنية مع إسرائيل». وبالنظر إلي مشاركة الفنان خالد النبوي في الفيلم الأمريكي «اللعبة العادلة» نجد أنه قد مارس حقه الدستوري في قبول عمل عرض عليه ووجد فيه مصلحته الشخصية حتي لو شاركت في الفيلم ممثلة إسرائيلية «ليزار شارهي» أو أكثر فإن هذا لا يعتبر تطبيعًا مع إسرائيل لأن الفيلم إنتاج أمريكي وليس هناك ما يمنع من التعامل مع الولاياتالمتحدةالأمريكية. ونفي خالد النبوي كل ما تردد عن فتح نقابة المهن التمثيلية تحقيقًا معه بتهمة التطبيع لاشتراكه مع ممثلة إسرائيلية في الفيلم العالمي «اللعبة العادلة»، مشددًا علي أنه لن يسمح لأحد بالمزايدة علي وطنيته كفنان عربي. وشدد علي أنه يخدم العروبة باشتراكه في الفيلم الذي يفند حقيقة الأسلحة النووية العراقية التي كانت أهم مبررات احتلال أمريكيا للعراق. وقال النبوي: «لم يحدث نهائيا أن قامت النقابة بتحويلي للتحقيق بدعوي التطبيع»، مشيرًا إلي أنه سيقابل نقيب الممثلين الدكتور أشرف زكي ليناقش معه تفاصيل تلك الأزمة. تعرض النبوي لهجوم حاد بعدما نشرت بعض الصحف صورته برفقة الفنانة الإسرائيلية ليزار شارهي في مايو الماضي في أثناء عرض الفيلم «بمهرجان كان السينمائي الدولي، حيث اتهمته بالتطبيع مع الإسرائيليين، وطالبت بشطبه من نقابة المهن التمثيلية لمخالفته شروط النقابة بعدم التطبيع أو التعامل مع الإسرائيليين. وبشأن رده علي هذه الاتهامات أضاف النبوي «أنا مستاء جدًا مما نشر بعد مشاركتي في فيلم «اللعبة العادلة»، حيث تناست تلك الصحف كل مواقفي تجاه القضية الفلسطينية». وأكد النبوي علي أنه لم يتقاعس أبدًا عن المشاركة في أي مظاهرة أو تجمع فني للاحتجاج علي الاعتداءات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني، والتي كان آخرها منذ شهور قليلة عندما نظم الدكتور زكي وقفة احتجاجية بنقابة المهن التمثيلية كنوع من الاعتراض علي ما يتعرض له الشعب الفلسطيني». وقال النبوي «لن أسمح لأحد بأن يزايد علي وطنيتي أو علي انتمائي لعروبتي كفنان عربي.. يتوجع بهموم مجتمعه»، معتبرًا أن ما نشرته تلك الصحف «كارثة»، لأنه ينال من فنان عربي، ويهدف لمحاولة تشويه صورته هو وغيره من النجوم الذين سبقوه ووجهت لهم تهمة التطبيع مثل الفنان عمرو واكد. وأخذ النبوي علي الذين انتقدوه ووجهوا الاتهام له دون أن يشاهدوا الفيلم الذي وصفه بأنه لوحة حية لما تعرض له العراق وقائده صدام حسين من خيانة ومؤامرات، ويكشف من خلاله الحجج المضللة التي اقتحمت بها القوات الأمريكية العراق، علي اعتبار أنه يمتلك أسلحة دمار شامل وقنابل نووية. ولفت في هذا السياق إلي أنه يكشف من خلال تجسيده شخصية عالم عراقي في الكيمياء النووية «الافتراءات اللاأخلاقية»، التي تجنت بها أمريكا علي العراق وعرضت علي أثرها الشعب العراقي للكثير من الظلم والقهر والحصار. وعن مدي معرفته باشتراك ممثلة إسرائيلية في الفيلم أكد النبوي بأنه لم ينظر لمشاركته في هذا العمل من هذا المنطلق، لأن «مواقفه وانتماءاته معروفة للجميع، وأن كل ما شغله عند قراءته للسيناريو هو جرأة الفيلم والقصة، التي قليلاً ما يناقشها فيلم سينمائي عربي». ومن جانبه، أكد الدكتور أشرف زكي أنه لم يصدر قرارًا بإحالة النبوي للتحقيق بتهمة التطبيع، مشيرًا إلي أنه من المقرر أن يلتقي الفنان خلال الأيام القليلة المقبلة لكي يناقش معه ملابسات الموضوع، ليحدد بعد ذلك موقف النقابة النهائي من هذه القضية. ولفت زكي إلي أنه ليس من المنطقي إدانة النبوي أو اتهامه بالتطبيع قبل التحقق منه شخصيًا عن مصداقية ما نشر، ومعرفة إذا كان يعلم قبل بدء التصوير أو التعاقد مع منتجي الفيلم بجنسية الممثلة الإسرائيلية ليزار شارهي.