رفض أعضاء من حزب النور السلفي في مجلس الشعب، الوقوف دقيقة حداد على روح البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية، خلال جلسة الأمس، وانسحب بعضهم من الجلسة. وتوفي البابا السبت الماضي عن عمر ناهز 89 عامًا، وتم وضعه يومي الأحد والاثنين بكامل هيئته الباباوية على كرسي القديس "مار مرقس" بالكنيسة الكاتدرائية بالعباسية، ومن المقرر أن يشيع اليوم إلى مثواه الأخير في دير الأنبا بيشوي في منطقة وادي النطرون الصحراوية في محافظة البحيرة، تنفيذًا لوصيته. وقدم رئيس البرلمان الدكتور محمد سعد الكتاتني، القيادي الإخواني، العزاء "لأهل مصر أقباطاً ومسلمين في الداخل والخارج" في وفاة البابا. وقال "الكتاتني" في نعيه البابا :"مصر فقدت رمزاً كبيراً من رموزها الوطنية رجلاً ترك فراغاً في الساحة السياسية في لحظة فارقة نعيد فيها ترتيب أركان البيت المصري". وأضاف أن "البابا كرس حياته للدعوة للمحبة وللتسامح وكان داعياً من دعاة الوحدة الوطنية وله مواقفه المشهودة، كما كان صمام أمان لهذا الوطن ورمزاً من رموز الوحدة الوطنية وأكد مرات كثيرة أنه لا توجد في مصر فتنة طائفية وإنما محاولات فاشلة لتفريق نسيج الوطن الواحد". وقدم الكتاتني وتحدث عدد من النواب المسيحيين عن مناقب البابا شنودة وأكدوا أنهم لا يعزون الأقباط في وفاة البابا شنودة وإنما شعب مصر كله لأنه"لم يمثل دينه فقط وإنما الوطنية المصرية كلها". وطالبوا البرلمان بإرجاء جلساته اليوم وحضور جنازة البابا. وأجهشت النائبة ماريان ملاك بالبكاء وهي تنعى البابا. وقالت:"أدعو المجلس إلى المشاركة في الجنازة، فهذا الراجل يستحق أن تسير مصر كلها في جنازته". وطالبت البرلمان بالوقوف دقيقة حداداً على روحه، فوقف الكتاتني ومن بعده غالبية النواب، لكن السلفيين بعضهم لم يقم وآخرون انسحبوا من الجلسة. ومنذ إنضمام التيار السلفي إلى الحركة السياسية في مصر عقب الإطاحة بالرئيس المخلوع حسني مبارك، إثر إنتفاضه شعبية فبراير 2011 اشتهر بعض قياداته بتصريحاتهم الصادمة، التي اعتبرت أن الديمقراطية كفرًا، وطالبت بإلغاء السياحة الشاطئية. وقال النائب عن حزب "العدل" مصطفى النجار في صفحته على موقع "فايس بوك" إن "النواب المنتمين للتيار السلفي قاطعوا الجلسة ومن حضر منهم غادروا الجلسة قبل الوقوف دقيقة حداداً على روح البابا شنودة الثالث... شكراً لكم، أحزنتمونا جميعاً". ولم يعلق أحد من قيادات الحزب على موقف أعضاءه. وانتقدت مواقع سلفية عدة على الإنترنت وبعض رموز الحركة السلفية رئيس "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين" الشيخ يوسف القرضاوي لنعيه البابا. وقال القرضاوي في برقية عزاء أرسلها للكنيسة إن "مواقف البابا شنودة الثالث المؤيدة للشريعة الإسلامية لا تنسى، ومواقف مشكورة في نصرة القضية الفلسطينية والوقوف ضد زيارة القدس في ظل الاحتلال". وأضاف أن "البابا كان رجل الكنيسة الجاد، ورجل مصر الوطني، الكاتب، الشاعر، الواعظ... نشاطر إخواننا الأقباط في مصابهم الكبير ونتمنى لهم التوفيق في حياتهم الجديدة واختيار بابا جديد، متعاونين مع إخوانهم المسلمين المصريين ليبنوا معاً مصر الحرة الديموقراطية المؤمنة". ونعى الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي البابا شنودة. وقال: "كان رمزاً دينياً كبيراً وقامة مصرية ووطنية عظيمة حملت هموم المصريين والعرب جميعاً». وقرر العربي تنكيس أعلام الجامعة العربية حداداً على البابا. وبعث الرئيس السوري بشار الأسد أمس ببرقية تعزية إلى المشير طنطاوي في وفاة البابا شنودة قال فيها إن البابا "ترك بصمة راسخة في الحياة الإنسانية والوطنية في مصر والعالم وكان مثالاً لرجال الدين الذين تميزوا بالانفتاح والحكمة والتفاني في حب الوطن والدفاع عن الحق والعدالة وقضايا الأمة العربية ونشر المحبة وقيم الحوار والتسامح". وبعث السفير السعودي لدى القاهرة أحمد قطان برقيتي تعزية إلى كل من المشير طنطاوى ورئيس الوزراء الدكتور كمال الجنزورى في وفاة البابا. وذكر بيان صادر عن السفارة السعودية أن السفير قطان "أعرب عن عميق حزنه لهذا المصاب الجلل، داعياً الله أن يلهم الجميع الصبر والسلوان".