كتب عاطف قمر الدولة برلمان الثورة في مصر أول برلمان منذ فترة بعيدة يأتي بانتخابات شهد بنزاهتها الجميع – وان شابها بعض التجاوزات – شارك فيها اكثر من 25 مليون ناخب ، وبقدر ارتفاع نسبة المشاركة ارتفعت نسبة الأمل في هذا البرلمان ، أمل أن يكون مختلفا في كل شيء ادائه ، انجازاته ، تشريعاته ، لكن علي ما يبدو كان مستوي الأمل اكبر بكثير ، فما زلنا حتي الأن لم نلحظ تغييراً كبيرا ً في اداء المجلس ، مع التأكيد انه لم يمر من عمر المجلس سوي ثلاثة اسابيع فقط لكن المقدمات لا تبشر بالخير الكثير المنتظر ، فحتي الان نري ضجيجا بلا طحن ، كلام منمق جميل أقرب للخطب المنبرية يدغدغ المشاعر دون أن تحل به المشاكل التي يواجهها المواطنين وهي كثير بداية من الانفلات الأمني مرورا بمشاكل البنزين والبوتاجاز ... الخ فسيل المشاكل التي تواجهها مصر لا ينتهي . برلمان سمي ببرلمان الثورة لأنه لولا ثورة يناير ما وجدنا به اغلب هؤلاء النواب بل لا نبالغ ان قلنا لم يكن ان نري كل هؤلاء النواب دفعة واحدة بمجلس الشعب المصري والذي كانت مقاعده توزع حسب هوي مسئولي الحزب الوطني المنحل ، فكانوا يمارسون سياسة المنح والمنع كيفما ارادوا وسقطوا حين تخلوا عن تلك السياسة وارادوا أن يكون البرلمان لهم وحدهم خاليا حتي من بعض الرموز التي كان يسمح النظام بنجاحها لزوم الديكور داخل المجلس ليقال أن بالبرلمان المصري أغلبية ومعارضة ، وجاء البرلمان الجديد بأعضاء جلهم يمارسون الحياة السياسية والبرلمانية للمرة الأولي ، فجاء الاداء البرلماني منهم ضعيفا وبدأ هذا يتضح حين تجاوز بعضهم في صيغة حلف اليمين في الجلسة الأولي ،وبدوا كأنهم يجلسون تحت القبة ولكنهم يخاطبون الشعب خارج البرلمان ، فمنهم من خاطب اتباعه كنواب التيار السلفي حين أضافوا جملة بما لا يخالف شرع الله ، ومنهم من خاطب الميدان وثواره باعتبار انه مازال يعتبر نفسه واحدا منهم قائلا بما لا يخالف اهداف الثورة وحقوق الشهداء ، وما كان يجب أن يفعلوا ذلك التزاما بنص القسم ، كما لم نفهم مبرر قيام احد اعضاء المجلس برفع آذان العصر بعد موعده بنصف ساعة في قاعة المجلس الغير مخصصة للصلاة ، أو أن يلجا نائبا للاعتصام داخل المجلس تعبيرا عن موقف ما وهو يملك من الادوات البرلمانية الكثير بداية من طلب الإحاطة وانتهاء بالاستجواب . ان الديموقراطية الوليدة تحتاج لمزيد من الممارسة ليتحول اداء النواب تحت القبة من الصخب والضجيج الي حوار مثمر وبناء ، فالممارسات حتي الان تنقصها الحنكة والخبرة السياسية والتي لا تأتي الا بالممارسة ، فمازلنا نري النواب – واغلبهم في سنة اولي برلمان – يمارسون نفس الممارسات التي كان يقوم بها نواب الوطني من صخب وضجيج والتفاف وتحولق حول الوزراء وكأنهم قد اكتسبوا خبرتهم البرلمانية مما كانوا يشاهدونه علي شاشة التليفزيون المصري في عهد النظام السابق ، بل اننا نري العجب حين يطالب بعض النواب بطلبات تخرج عن سلطات المجلس نفسه مثل طلبهم بعزل النائب العام وهذا ليس من سلطة المجلس ، وكذا تقديم استجواب ضد المشير طنطاوي – ونحن هنا لا ندافع عن المشير – وهذا يخرج ايضا عن سلطات المجلس لكون المشير يقوم بأعمال رئيس الدولة حاليا ولا يحق للمجلس استجواب رئيس الدولة او من يقوم مقامه . فلو نظرنا بدقة لأداء المجلس في الاسابيع الثلاثة الاول من مدة دورته البرلمانية فإننا لا نلحظ تغييرا كبيراً عن المجلس السابق ، قد تكون وجوه الاعضاء قد تغيرت كثيرا لكن اداء المجلس لم يتغير بمثل تغير الوجوه ، فلم نلمس تغيراً كبيرا ً في الاداء ، بُشرنا بالتصويت الالكتروني مع بداية جلسات البرلمان ، ولو نري ما بُشرنا به للآن فمازال التصويت يتم برفع الايدي ولم تتغير الا مقولة رئيس المجلس فبدلا من كلمة " موافقة " التي كان يرددها الدكتور فتحي سرور ، اصبح الدكتور الكتاتني يردد " وافق المجلس " ، وناقش المجلس ازمة انابيب البوتاجاز ، واحداث وزارة الداخلية وانتهي لاصدار توصيات دون اصدار قرارات ملزمة تحل تلك الازمات ، وكم كانت صدمة الجميع قاسية حين انتظروا تقرير لجنة تقصي الحقائق التي شكلها البرلمان للوقوف علي حقيقة مذبحة بورسعيد ومن يقف ورائها ، الا ان التقرير جاء خاليا من أي تحديد عمن المسئول عن تلك المذبحة ، ووزع التقرير المسئولية علي الاعلام الرياضي ، الالتراس ، النادي المصري ، اتحاد الكرة ، الامن ، لذا صدم الجميع . اننا نرجو برلمانا جديدا في كل شيء ، في ادائه ، وقوانينه ، وتشريعاته ، وفي اداء نوابه ، فنريد نوابا لا يخطبون ود الفضائيات ، ولا يجلسون تحت القبة وحينما يتكلمون يخاطبون ناخبيهم ، فنحن نريد نائبا يخطب ود مصر ويعمل من اجل مصر ومن أجل صالح شعبها ليكون بحق برلمان الثورة وليبتعد نوابه عن الشو الاعلامي كما وصف رئيس المجلس اداء بعض النواب تحت القبة .