مخاوف على استقرار العراق مع رحيل القوات الامريكية افردت الصحافة البريطانية مساحة كبيرة للاخبار المتعلقة باكتمال الانسحاب الامريكي من العراق والاحتفال الذي شهدته بغداد بالاعلان الرسمي عن انتهاء العمليات العسكرية الامريكية بالعراق بعد قرابة تسع سنوات من القتال. في مقالها التحريري الرئيسي تناولت الاندبندنت الكلفة العالية للحرب سواء على صعيد الخسائر البشرية والمادية او على الصعيد الاخلاقي والاختلال في الموازين الاقليمية. تقول الاندبندنت ان العراق والعالم افضل بدون صدام حسين لكن الثمن المدفوع كان غاليا جدا. فالثمن لا يتوقف فقط عند القتلى من الجنود الامريكيين والبالغ عددهم 4500 اضافة الى 32 الف مصاب وكذلك القتلى في صفوف العراقيين وهم مئة الف ويتضاعف هذا العدد وفقا لبعض التقديرات، فقد انفقت امريكا على الاقل تريليون دولار على هذه الحرب غير المخطط لها، اموال ساهمت في زيادة العجز الاقتصادي الامريكي. علاوة على ذلك هناك الخسائر التي يصعب قياسها مثل الاضرار واسعة النطاق التي لحقت بصورة الولاياتالمتحدة في العالم جراء ما حدث في سجن ابو غريب وبسبب سلوكيات بعض شركات الامن التي تعاقد معها الجيش الامريكي، وصعود التاثير الاقليمي لايران. والخلاصة كما تقول الاندبندنت فان الولاياتالمتحدة من البداية الى النهاية لم تفهم على الاطلاق البلد الذي غزته حيث قامت بتفكيك الجيش والمؤسسات الاخرى التي كانت ستجعل الفترة الانتقالية اكثر سلاسة. نبرة تفاؤل وعلى الرغم من ان العراق تلاشى من العناوين الرئيسية في الاخبار فان ما بين 200 الى 300 عراقي يموتون كل شهر نتيجة للعنف السياسي، وهو رقم اقل بكثير مما كانت عليه ذروة العنف الطائفي بالعراق عام 2006 الا انه ايضا ليس علامة على الاستقرار او الاعتماد على الذات. كلفة الحرب على العراق باهظة للغاية وتختتم الاندبندنت مقالها بنبرة تفاؤل حيث تقول ان الصورة ليست قاتمة كلية فثروة العراق النفطية ستمكنه من استعادة بنيته التحتية التي لم يتمكن الامريكيون من بنائها بعد ان هدمتها الحرب. وسياسيا ايضا هناك اسباب تدعو للتفاؤل حيث انه على الرغم من الغالبية في العراق من الشيعة مثل ايران الا ان رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي اعلن ان بلاده لن تكون العوبة في يد طهران كما ان قوات الامن المحلية تحسنت كثيرا. بطريقة او باخرى فان العراقيين لديهم افضل الفرص في ان يحيوا حياة آمنة وطبيعية منذ صعود صدام الى سدة الحكم في السبعينيات. اللاجئون العراقيون كما قدمت الاندبندنت على صفحات اخبار العالم تحقيقا حول اللاجئين العراقيين الذين شردتهم الحرب والاوضاع المعيشية المزرية التي يحيون في ظلها. ليس بعيدا عن موقع الاحتفال بانتهاء وجود القوات الامريكية حيث كانت تلقى الخطب يعيش اكثر من 8 آلاف شخص في ظروف سيئة حيث الطين والمياه القذرة ويقيمون في اكواخ مصنوعة من الخرق وقطع من الخشب، دليل يدمغ الدعاوى القائلة ان الامريكيين يتركون خلفهم ارضا من الاستقرار والرخاء. بالارقام يشير التحقيق الى ان هناك 1.3 مليون لاجيء عراقي داخل العراق فروا من منازلهم بسبب العنف الطائفي و 1.6 مليون لاجيء هربوا من العراق الى البلدان المجاورة خصوصا سوريا والاردن. وهناك مجموعة ثالثة معرضة للمخاطر وهم ممن كانوا يعملون مع الجيش الامريكي وعددهم حوالي 70 الف شخص. وقد وعد هؤلاء باللجوء الى الولاياتالمتحدة الا ان هذه الوعود تبخرت وانتهت الى قبول اعداد قليلة جدا. الرحيل ومخاوف العراقيين وفي الجارديان كتب الصحفي مارتن تشولوف تحقيقا اشار فيه الى انه مع رحيل القوات الامريكية يتخوف العراقيون من مستقبل غير مؤكد في الوقت الذي ينشدون فيه وحدة بلادهم. يقول الكاتب ان الاحتفال بانسحاب القوات الامريكية خلا من الانتصار وبالتأكيد خلا من الصدمة والترويع، في اشارة الى اول ضربة وجهتها القوات الامريكية الى بغداد عام 2003. الاحتفال كان بسيطا بحضور 200 من افراد القوات الامريكية فيما كان يتم انزال علم القوات الامريكية. بحلول الاحد سترحل كل القوات الامريكية الى ارض الوطن من اجل الاحتفال بعيد راس السنة الميلادية حيث تم استدعائهم من قبل ادارة رأت انه لا يوجد معنى للالتزام بالتاريخ المحدد مسبقا للرحيل وهو الحادي والثلاثين من ديسمبر. ويشير الكاتب الى ان الحدث الكبير لم يكن له تاثيرا على العديد من المواطنين العراقيين حيث يقول أسد محمد صاحب محل لبيع قطع الغيار " ليس لدي أي انفعالات تجاه احداث اليوم لست سعيدا ولست حزينا". ويقدم محمد تبريرا مقنعا لمشاعره اللامكترثة يقول محمد" سواء كانوا هنا ام لا فالامر سيان. الاستقرار ليس في ايدي الحكومة الامريكية وانما في ايدي الشعب العراقي. سوريا والتمرد المسلح الجارديان ايضا وفي اهتمامها بشؤون الشرق الاوسط تناولت الانباء التي تحدثت عن مقتل 27 من افراد الجيش والامن النظامي على يد القوات المنشقة عن الجيش في سوريا. تتزايد الانشقاقات في الجيش السوري ايان بلاك محرر شؤون الشرق الاوسط في الصحيفة والذي كتب الموضوع قال ان ما اعلنه المنشقون عن الجيش يقدم مزيد من الدلائل على ان سوريا تنزلق نحو حالة من التمرد المسلح الدائم. تقول الصحيفة ان الاعلان عن هذه العملية كما اذاعه المرصد السوري لحوق الانسان ومقره لندن اشار الى مقتل 27 جنديا وعنصرا من الشرطة السرية في ثلاث هجمات في مدينة درعا القريبة من الحدود الاردنية. وتضيف الصحيفة انه لم يتسن التأكد من هذه الانباء من مصدر مستقل. وكان المنشقون عن الجيش قد قالوا انهم قتلوا 8 جنود الاربعاء و7 الخميس. وتنقل الصحيفة عن فريديك هوف المسؤول الرئيسي عن الملف السوري في الخارجية الامريكية قوله ان القمع قد يمكن الرئيس بشار الاسد من البقاء في السلطة لكن لبعض الوقت. " رؤيتنا ان هذا النظام اشبه برجل ميت يمشي".