تتكون الخلية العصبية ( وحدة بناء الجهاز العصبي) من جسم الخلية (cell body ) وطرف محوري(axon), تغطيه وتغلفه طبقة من صفائح الميلين (myelin sheath) ويمكن تشبيهها بالمادة التي تغطي الأسلاك الكهربائية . وعند تحطم أو تلف طبقة الميلين فان الإشارات العصبية التي تمر من خلال محور الخلية تكون بطيئة أو معطلة وخاصة عندما يشمل التلف هذا الغلاف والمحور الذي يغلفه. والتصلب العصبي المتعدد هو بقع من تحطم أو تلف بغشاء الميلين(scared myelin ) وكذلك قد ينال التحطم المحاور العصبية (axon) التي يغلفها هذا الغشاء وتكون هذه البقع موجودة في العصب البصري للعين والمخ والنخاع الشوكي. إن سبب هذا المرض غير معروف ولكن تتوفر أدلة لدى الأطباء والباحثين تشير إلى أن السبب المرجح هو مهاجمة الجهاز المناعي لأنسجة الجسم (autoimmune reactions) ويتميز المرض بوجود فترات يتمتع بها المريض بصحة جيدة نسبيا وفترات يشكو فيها من أعراض المرض أي فترات سكون وفترات نشاط . ويشكو المريض من مشاكل في النظر واضطراب حسي وحركي إذ تكون الحركة بطيئة وثقيلة . وفي اغلب الأحيان يعتمد الأطباء في التشخيص على شكوى المريض ونتائج الفحص ألسريري ونتائج الفحص بأشعة الرنين المغناطيسي. ويشمل العلاج إعطاء مركبات الكورتكوستيرويد التي تساعد في التقليل من مهاجمة الجهاز المناعي لأنسجة الجسم لنفس الشخص وعلاجات أخرى لتخفيف شكوى المريض . وفي اغلب الحالات يكون تقدم المرض بطيئا ومسببا بعض العجز أو الإعاقة لبعض الحالات ولكن يكون غير مسببا لوفيات إلا في الحالات الشديدة جدا . وفي العادة فان المرض ينشأ في عمر ما بين 20 إلى 40 سنة وتكون اغلب الحالات عند السيدات إذ تصل النسبة إلى 2 وفي اغلب الحالات تكون فترات السماح متبادلة مع فترات نشاط المرض ونشاط المرض قد يكون بسيطا أو مسببا لحالة من الوهن أو الضعف وأن فترات السماح يعقبها تحسن وشفاء ولكنه غير تام وهكذا يتقدم المرض مع الوقت ببطء . أسباب المرض : سببه غير معروف ولكن العلماء يميلون إلى تفسير المرض على انه تفاعل مناعي ويذكرون أن الأشخاص في مقتبل العمر يتعرضون للإصابة الفيروسية ويتعرضون لمواد غير معروفة ويقولون أن هذا التعرض يكون بمثابة الزناد والذي يبدأ بعد تحريكه بداية مهاجمة الجهاز المناعي لأنسجة الجسم وهذا التفاعل المناعي يحدث التهابا أو تلفاً وتحطماً بغشاء الميلين والألياف العصبية التي يغلفها. ويبدو إن العوامل الوراثية لها دور ففي قرابة 5 % من الإصابات يكون للمصاب أخ أو أخت يعانون من نفس المرض وفي 15 % من الحالات يكون هناك أقارب يشكون من نفس المرض وقد يوجد الباحثون عوامل وراثية معينة تكون على سطح خلايا الجسم في المصابين بهذا المرض وهذه العوامل هي التي تحدد موقف الجهاز المناعي من أنسجة الجسم بمعنى هل يعدها غريبة فيهاجمها أو أنها منه فلا يهاجمها. وأن البيئة أو المحيط له دور في نشأة المرض إذ أن البيئة المحيطة بالشخص في الخمسة عشر سنة الأولى من العمر لوحظ أن لها تأثير في تسببه الحالات فهي تصل إلى 1 لكل 2000 في الأشخاص الذين يقضون هذه السنوات في مناخ معتدل بينما تصل 1 لكل 10000 في الأشخاص الذين يقضون هذه الأعوام في مناخ مداري وأيضا فانه يكاد لا يحدث في الأشخاص الذين يعيشون قريبا من خط الاستواء. ويربط العلماء بين هذه النسب وتأثير الشمس على مستوى فيتامين d والذي يتأثر مستواه بتأثير التعرض للشمس ويقول العلماء: إن الأشخاص الذين يعيشون بعيدا عن الشمس يكون مستوى فيتامين د اقل في أجسامهم وبالتالي فان نسبة حدوث هذا المرض عندهم أكثر, ولكن كيف يحمي فيتامين d الجسم من حدوث هذا المرض, وأيضا من الجدير بالذكر إن المناخ الذي تقضي به الأعوام المتأخرة من العمر ليس له اثر في نسبة حدوث المرض. وان التدخين له اثر في زيادة نسبة حدوث المرض. الأعراض : تختلف الأعراض اختلافا كبيرا من شخص لآخر ومن وقت لأخر في نفس الشخص ويعتمد ذلك على نوع الألياف العصابة المصابة . عندما تصاب الأعصاب الحسية (sensory ) التي تنقل الإشارات الحسية تكون الأعراض لخلل في الأعصاب (sensory symptoms ) وعندما تصاب الألياف العصبية التي تنقل الإشارات للعضلات تكون الأعراض لخلل حركي (motor symptoms ) وفي اغلب الحالات تظهر الأعراض وتذهب ويكون تذبذب الأعراض وتقلبها نتيجة تحطم وتلف الغشاء حول الألياف العصبية والذي يعقبه ترميم لهذا الغشاء ثم يتبعه تلف اكبر. وتكون الأعراض اكبر في شدتها عند تعرض الأشخاص لارتفاع بالحرارة سواء أكان ذلك ممثلا بالجو الحار أو استعمال حمام دافئ أو ارتفاع درجة حرارة الجسم نتيجة لالتهاب ميكروبي وقد تزيد الأعراض أو تقل بطريقة لا يمكن التنبؤ بها ومع ذلك يوجد أنواع ونماذج للأعراض وهي: 1.النوع الذي تتعاقب فيه فترات النشاط والتي تسوء الأعراض خلالها مع فترات السماح والتي يكون فيها تحسن نسبي واستقرار لحالة المريض. وتكون فترات السماح لشهور أو أعوام, أما ألانتكاسه وعودة أعراض المرض فقد تحدث تلقائيا أو بعد التعرض لعدوى مثل الأنفلونزا. 2.النوع الذي تزداد فيه تقدم المرض والأعراض تدريجيا مع عدم وجود فترات سماح أو انتكاسات ملحوظة هذا مع وجود فترات استقرار مؤقتة يكون فيها ثبات وعدم تقدم المرض أو زيادة بالأعراض. 3.النوع الذي يبدأ بانتكاسات تتبادل مع فترات سماح ويعقب ذلك ازدياد المرض وزيادة بالأعراض. 4.النوع الذي يزداد فيه المرض تدريجيا ولكن يقطع تقدم المرض فترات تحسن فجائية وهذا النمط نادر. وقد تظهر أعراض فقدان الميلين غامضة وغير واضحة أو مبهمة (vague symptoms of demyelination ) تسبق تشخيص المرض بمدة طويلة مثل الشعور بوخز (tingling) أو خدر أو تنميل (numbness ) أو الم أو حرقان (burning) أو حكة (itching) في احد الإطراف أو الجذع أو الوجه وقد يقل الإحساس باللمس وقد يفقد الشخص قوة ومهارة الحركة في إحدى اليدين أو الأقدام . وتصبح الرؤيا معتمة أو باهتة وقد لا يرى الشخص عندما ينظر باستقامة للأمام (central vision ) ولكن النظر للجوانب (side vision ) يكون تأثره اقل وفي بعض الأشخاص يكون الرؤيا بإحدى العينين اضعف من الأخرى مما يسبب رؤيا مزدوجة (double vision) عند الانتقال بالبصر من جهة إلى أخرى وقد يحدث عمى جزئي (partial blindness) بأحد العينين وقد يحدث الم عند تحريك العين وتحدث هذه الأعراض نتيجة لالتهاب العصب البصري ( optic neuritis) وقد يعاني المريض بالتصلب العصبي المتعدد من أعراض التهاب العصب البصري فقط دون الشكوى من أي أعراض أخرى .
خطورة المرض: بالنسبة لتأثير المرض وكذلك سرعة تقدم المرض توجد اختلافات كبيرة من شخص لأخر. ففترات السماح قد تمتد إلى شهور وسنوات وقد تصل إلى أكثر من 10 سنوات ومع ذلك فان بعض الأشخاص وبخاصة من الرجال الذين يصابون في منتصف العمرفانهم يصابون بنوبات متكررة تعجل من إصابتهم بالإعاقات وفي كل الحالات فان قرابة 75 % من الحالات لا تحتاج إلى كرسي متحرك وكذلك فان 40 % من الوظائف الطبيعية في الجسم لا ينالها المرض أما بالنسبة لعمر المريض فالمرض ليس له تأثير فيما عدا الحالات الشديدة جدا. التشخيص: نظرا للمدى الواسع لاختلاف الأعراض فان الأطباء قد لا يتعرفون على المرض في مراحله المبكرة ويتوقع الأطباء حدوث المرض في النساء والرجال صغار السن عندما تظهر عليهم فجأة اضطراب في الرؤيا أو رؤية مزدوجة أو أعراض حركية أو حسية في أماكن مختلفة ومتفرقة أو متعددة وغير مترابطة في الجسم ويكون تذبذب الأعراض ووجود فترات نشاط للأعراض داعما لتشخيص المرض وعندما يشتبه الأطباء في وجود التصلب العصبي المتعدد فأنهم يتجهون إلى فحص قاع العين ومنطقة اتصال العصب البصري بشبكية العين (opic disk) والتي تبدو باهتة وملتهبة مشيرة إلى التهاب العصب البصري . ويتجه الأطباء لعمل فحص بأشعة الرنين المغناطيسي mri وهي مختصر(magnetic resonance imaging ) والذي تظهر به أماكن نزع الميلين(demyelination) وقد تحقن مادة الجادولينوم (gadolinium) قبل هذا الفحص والذي يساعد في التمييز بين البقع الملتهبة والمنزوعة الميلين حديثا والبقع التي حدثت منذ فترة طويلة وسابقة عند فحص صور أشعة الرنين المغناطيسي المأخوذة للمريض وقد يصبح التشخيص واضحا من خلال الأعراض والفحص الطبي ألسريري وفحص قاع العين وأشعة الرنين المغناطيسي.
أما إذا لم يكن واضحا فقد يحتاج الطبيب المعالج لفحوص أخرى لمعرفة المزيد وأهمها: 1.فحص السائل النخاعي وذلك عندما تزداد نسبة البروتينات في السائل النخاعي وكذلك الأجسام المضادة ويساعد التعرف على النموذج المميز للأجسام المضادة في التعرف على تشخيص الحالة فيما يقارب من 90 % من الحالات. 2.عمل اختبار لقياس الاستجابات (evoked responses ) وذلك بتنشيط أماكن معينة في المخ ثم رصد النشاط الكهربائي في هذه الأماكن وذلك من خلال التنبيه الحسي وعلى سبيل المثال يستعمل الوميض الضوئي في التعرف على إصابة العصب البصري والذي يبين أن سرعة توصيل الإشارة تكون بطيئة بسبب نزع الميلين. وتساعد الفحوصات أعلاه في التمييز بين التصلب العصبي المتعدد والحالات المشابهة. علاج مرض التصلب العصبي المتعدد multiple sclerosis لا يوجد علاج موحد لكل الحالات , ندرج هنا أهم الأدوية المستعملة للسيطرة على أعراض هذا المرض : 1.مركبات الكوتريكوستيرويد (corticosteroides ): تستعمل لإيقاف النشاط المتزايد للجهاز المناعي ضد خلايا جسم المريض وهي تعطى لفترة بسيطة للتلطيف من المرض أثناء نشاطه. بالرغم من أن هذه الأدوية تقلل من فترة نشاط المريض وتبطئ تقدمه إلا أنها لا تمنع تطور المريض وتعطى هذه المستحضرات وتوقف حسب الحاجة ولا تعطى لفترات طويلة أو ممتدة لكثرة تأثيراتها الجانبية. 2-أدوية أخرى تقلل من مهاجمة الجهاز المناعي لغشاء الميلين (myelin) وتشمل : أ-بيتا - انترفيرون (interferon -beta) : وتعطى بالحقن وهي تعطى بهدف التقليل من الانتكاسات والإعاقات . ب-لاتيراميراستيت latiramer acetate : وتعطى على شكل حقن وتعطى أيضا للتقليل من الانتكاسات والإعاقات عند المصابين في بداية إصابتهم بحالات خفيفة من المرض. ج-ميتوكسانترون (mitoxantrone) : يعطى للتقليل من تقدم المرض عند الأشخاص الذين لا تجدي معهم العلاجات الأخرى ولا يعطى أكثر من عامين لتأثيره على عضلة القلب. د- نتاليزوماب (natalizumab): عبارة عن أجسام مضادة تعطى في محلول في الوريد مرة واحدة في الشهر وهو ذو فعالية مقارنة مع الأدوية الأخرى في التقليل من عدد الانتكاسات ومنع حدوث تلف أكثر بنسيج المخ ومع ذلك فقد يسبب عدوى نادرة وقاتلة في المخ والحبل ألشوكي progressive multifocal leako encephalopathy ولذلك يجب استعماله بواسطة أطباء مدربين جيداً مع متابعة المرضى الذين يعالجون به للكشف عن علامات هذا المرض. ه- إعطاء بروتينات مناعية (immune globulin ) مرة كل شهر في الوريد يساعد المريض عندما تكون الأدوية الأخرى غير فعالة . و - وتعطى أدوية مساندة لعلاج الاختلاطات مثل مضادات التقلص العضلي (muscle spasm ) ولعدم التحكم في البول(cerinary incontinence) ولتسكين الألم والارتعاش (tremors) والشعور بالتعب faligue ومضادات الاكتئاب (antidepressants ). ز- الإجراءات الأخرى : أ- إيقاف التدخين ب- تجنب الحرارة المرتفعة مثل الحمامات ج-بالنسبة لاحتباس البول فيجب على المرضى أن يتعلموا كيفية عمل القسطرة حتى يستطيعوا التخلص من البول . ه- تعطى الملينات للمرضى الذين يعانون من الإمساك . و- تجنب الإصابة بقرحة الفراش عند الأشخاص الذين يفقدون القدرة على الحركة . عموما فان المصابين بهذا المرض يمكنهم التمتع بحيلة نشطة مع ممارسة الرياضة مثل المشي والسباحة وركوب الدراجات الثابتة فان هذه الإجراءات تساعد في الاحتفاظ بصحة العضلات والقلب والصحة النفسية وكذلك في التقليل من الشعور بالتعب والتقلص العضلي.