لم يتم تقديم أيا من تقنيات الحرية النفسية في هذا الموقع على أنها بديل للعلاج الطبي من حيث التشخيص أو المعالجة و إنما عامل مساعد لتعزيز النتائج الإيجابية . في بادئ الأمر لابد من تصحيح بعض المفاهيم الخاطئة عند التعامل مع الحالات المرضية المستعصية : أولا : أن النتائج الإيجابية السريعة في حالات معينة لا يمكن تعميمها على كل حالة مرضية يتم التعامل معها . ثانيا : تحقيق نتائج إيجابية سريعة مع بعض أعراض المرض لا يعني أن تقنيات الحرية النفسية يمكنها استئصال أسباب المرض بصورة سريعة و إنما لابد من استمرارية استخدام التقنيات بأقصى درجات البراعة و المهارة من المعالج وهذا ما سيتم نقاشه في هذا المقال . لمحة عامة : تتعدد اليوم طرائق العلاج و مدارسه وتحتل تقنيات الحرية النفسية مركز الصدارة ذلك للنتائج السريرية المذهلة التي يمكن أن يلاحظها أي مراقب لتقنيات الحرية النفسية إضافة لعدم استخدامها أي عقاقير أو جراحة أو أشعة . فيما يلي نستعرض أهم المدارس العلاجية : الطب الحديث : ينظر إلى الطب الحديث على انه المصدر الأول لتقديم الحلول الطبية للأمراض و ما عداه من المدارس الأخرى ليست سوى بدائل . و بدأت تكاليف الرعاية الصحية تزداد الآونة الأخيرة إلى حد أنها أصبحت خارج نطاق مقدرة المواطن العادي إلا في حال تكفل الحكومة بالنفقات وهذا يضيف أعباء آخري للاقتصاد الأمريكي . و بالرغم من الإنجازات الكبيرة للطب الحديث فيما يتعلق بالأمراض المعدية و الجروح و الإصابات الحركية تبقى مظاهر القصور التي تعتري الطب الحديث جلية من ناحية تعامله مع الجسم البشري على انه أجزاء منفصلة عن بعضها البعض تماما كما تنفصل تخصصات الطب البشري في الجامعة ويتجاهل كون الجسم البشري و العقل نظاما واحدا لا ينفصل وبسبب هذا المنهج في التعامل مع الجسم البشري يختلف منظور طبيب الأطفال عن طبيب المسالك البولية عن الطبيب الجراح , وهذا المنهج يتعارض مع نتائج الأبحاث التي تؤكد على أن أسباب الأمراض المزمنة في الغالب هي المشاعر المكبوتة الناتجة عن المواقف الصادمة . ويضاف إلى هذا القصور في منهج الطب الحديث تجاهله لطرائق العلاج الأخرى كالتغذية و مسارات الطاقة و المشاعر المكبوتة كمسبب للمرض و التأمل و الصلوات و الطرائق الروحية . التغذية : وهي أهم ركائز الصحة ومقوماتها لكن طبيعة النظام الغذائي السائد الذي تشكل السكريات و المواد الحافظة و المبيدات الحشرية و الكحول قدر كبيرا من مكوناته يحول الغذاء إلى عامل محفز للمرض . وتظل تقنيات الحرية النفسية بعيدة عن هذا المجال إلا أنه تتوفر مصادر جيدة حول هذا المبحث . مسارات الطاقة في الجسم : هو منهج تقوم عليه تقاليد طبية عريقة عمرها آلاف السنين يسمى "تشاي" , يفترض وجود الطاقة في الجسم عبر مسارات محددة وأن الجسم البشري كينونة تنبض بالطاقة وهذا يتناقض تماما مع رؤية الطب الحديث للجسم على أنه " مجموعة من المواد الكيميائية و الأعضاء " . المشاعر المكبوتة كمسبب للمرض : وهو المنهج المحوري للحرية النفسية في التعامل مع الحالات المرضية وهذا ما أثبتته كثير من الحالات التي تخلصت من الآلام الجسدية بالتحرر من مشاعر الخوف أو الذنب أو الغضب التي سببت المرض ابتداء . الصلاة و التأمل و الطرائق الروحية : تتوارد العديد من التقارير التي تؤكد نجاح صلوات معينة في تحقيق الشفاء وهي بذلك تماثل النتائج التي تحققها الحرية النفسية . إلا أن العديد لا ينظرون للحرية النفسية على أنها طريقة روحية لاسيما الممارسون الجدد الذين تبدو لهم أنها عملية آلية بحتة . لكن أهم أهداف الحرية النفسية هو الوصول إلى أعلى مستويات الوعي الروحي عن طريق التخلص من مشاعر الخوف و الغضب وبذلك يصل الإنسان إلى الطمأنينة و السلام و التسامح . ما يجب مراعاته عند التعامل مع الحالات المرضية المستعصية : 1. التعامل مع النتائج الإيجابية بعقلية باحثة متسائلة بعيدا عن إصدار أحكام مطلقة تنظر لهذه النتائج على أنها حلول نهائية ذلك أن تقنيات الحرية النفسية ما تزال مبحث ناشئ يحتاج لمزيد من الوقت لكي تتجلى جميع ملامحه . 2. ضرورة الاستمرار في تطبيق التقنيات حتى مع ظهور نتائج إيجابية سريعة لأن العديد من الأمراض لها أسباب عدة متداخلة وهذا يتطلب استمرارية الجلسات العلاجية و انتهاج أساليب مختلفة تستهدف كل مسببات المرض . 3. لابد أن يكون المعالج واعي لاختلاف طبيعة الأمراض المستعصية , فإذا كانت بعض الأمراض ناشئة عن الاضطرابات الشعورية و المشاعر المكبوتة فإن بعضها الآخر له أيضا مسببات جسدية كمرض القلب مثلا الذي تعتبر قلة الحركة و طبيعة النظام الغذائي عوامل مسببه له بالرغم من التحسن الذي يطرأ على المريض مع تطبيق تقنيات الحرية النفسية . الحرية النفسية بوابات الاستكشاف على مدار سنوات عدة طورنا العديد من التقنيات التي مثلت بوابات استكشاف بمعنى أن كل تقنية تتيح احتمالات متعددة فالنتائج الإيجابية التي تقدمها تقنية بذاتها عند التعامل مع حالة مرضية معينة قد لا تقدمه في حالات أخرى , وهذا يفتح المجال واسعا للمعالج ليطرق كل بوابات الحرية النفسية وطرائقها و يكتشفها واحدة تلو الأخرى حتى يصل إلى النجاح في مهمته . فيما يلي استعراض لبوابات الحرية النفسية مع التنبيه على أنها لم تعرض حسب ترتيب مقترح في استخدامها و إنما يمكن المعالج استخدام أي تقنية بحسب ما تقتضيه الحالة . الربت اليومي : وهو أهم عامل في الأمراض المستعصية إذ لابد من ممارسة عشر إلى عشرين جولة يوميا لإعادة طاقة الجسم للمسار الصحيح و يستحسن أن ترتبط هذه الجولات بالأنشطة اليومية كالاستيقاظ من النوم أو الذهاب إلى الفراش أو دورة المياه أو تناول الطعام و مشاهدة التلفزيون و ما شابه ذلك . الربت مباشرة على أعراض المرض :فعلى سبيل المثال ابدأ باستخدام التقنية بعبارة " بالرغم من الخدر في يدي اليسرى ......" و هذا سيؤدي إلى شعور سريع بالارتياح , أما إذا تعذر ذلك يجدر بالمعالج افتراض وجود بواعث شعورية خلف الألم وطرح السؤال التالي " إن كان هناك شعور ما يولد الألم فماذا عساه يكون ؟ تطبيق تقنيات الحرية النفسية على أعراض المرض من خلال الاستعارات المجازية : أسئل المتعالج " كيف يبدو المرض داخل جسدك ؟ " أو " ماذا يخبرك طبيبك عن مجريات المرض ؟ " و من ثم طبق تقنية الحرية النفسية على تلك الاستعارة التي تصورها المتعالج , مثال ذلك " بالرغم من شعوري بأن مفاصلي ملتصقة بالصمغ .........................." . التغلغل إلى أعماق المشكلة : تطبق هذه التقنية عندما يتوقع المعالج وجود أسباب شعورية قوية منشئة للمشكلة الظاهرة . في البداية تستخدم عبارات ذات صيغة عامة مثل " بالرغم من كل هذه المشاكل ........................." ثم تحلل المشكلة تدريجيا حتى يتم تحديد موقف محدد لتتحول العبارة العامة إلى أخرى أكثر تحديدا " بالرغم من أن والدي ضربني في حفلة عيد ميلادي الثامن ................................." تقنية المواقف الصادمة بلا دموع : تعتبر هذه التقنية أحدى الوسائل لمعالجة المشاكل الشعورية بطريقة لطيفة . تعتمد هذه التقنية على جعل المتعالج يخمن ماهية المشاعر الحادة المسببة للاضطرابات دون أن يعايش الألم ذهنيا . يتوافر شرح مفصل على الرابط التالي تقنية السينما : تعتمد هذه التقنية على صياغة المتعالج مشهد ذهني لموقف محدد يثير الشعور بالضيق و عندما تزداد المشاعر حدة يتوقف المتعالج ويطبق تمارين الربت حتى تخبو حدة هذه المشاعر ثم يعاود المشاهد و يكرر العملية إلى أن يصبح المشهد الذهني غير مثير لأي شعور سلبي , وتعد هذه التقنية من أكثر تقنيات الحرية النفسية شيوعا . التحديد : إن تأطير المشكلة و صياغتها بشكل محدد هو أهم العوامل الحاسمة في حل المشكلة . ينزع معظم الناس إلى صياغة مشكلتهم في عبارة عامة , مثال ذلك " أنا أعاني من داء السكري " أو " أشعر بأني منبوذ " ومع أن التحديد أساس مهم لتحقيق النجاح إلا أنه يظل الوصول للنجاح ممكن حتى مع بقاء المشكلة في صياغتها العامة في بعض الحالات. أما النجاح الجوهري في غالبية الحالات فهو مقترن بتحديد المواقف المعينة المنشئة للمشكلة . مثال ذلك "بالرغم من أن مستوى السكر في دمي يصل إلى 400 ................." أو " بالرغم من أن والدتي تركتني ثلاثة أيام وحيدا و أنا في سن الثامنة ......................" الطمأنينة الذاتية : تعتمد هذه التقنية على المتعالج بشكل محوري إذ يطلب منه عمل قائمة بجميع المواقف المثيرة للمشاعر السلبية و تطبيق تقنيات الحرية النفسية بشكل يومي حتى تتلاشى جميع هذه المواقف , وكلما زاد كم المشاعر السلبية المتخلص منها زادت الطمأنينة التي تغمر المتعالج . التأكيد أو الصوت المرتفع : في بعض الأحيان يصبح من الضروري أن يكون المتعالج منخرط في العملية العلاجية بأكبر قدر ممكن لتحقيق أعلى مستويات النجاح , ويتأتى هذا بجعله يؤكد بشدة و بصوت مرتفع على عبارات الحرية النفسية الابتدائية و التذكيرية وهذا ما يحيل جلسة علاجية مبهمة و عقيمة إلى جلسة تثمر نتائج إيجابية . طرح الأسئلة : هذه بعض الأسئلة التي تساعد للوصول إلى القضية الجوهرية : 1. لو كان هناك عامل شعوري لهذا المرض فماذا عساه أن يكون ؟ 2. لو قدر أن تعيش ما مضى من حياتك مرة أخرى فمنهم الأشخاص و الأحداث الذين تود إبعادهم من حياتك ؟ 3. كيف ستبدو حياتك لو تخلصت من المرض ؟ 4. ما الذي تجنيه من هذا المرض ؟ 5. ما الذي ستتخلى عنه لو شفيت من هذا المرض ؟ 6. من هو الشخص أو ما هو الشيء الذي يجعلك تستشيط غضبا ؟ 7. لماذا تستحق هذا المرض ؟ ملاحقة الألم : يحدث في بعض الحالات أن ينتقل الألم بعد تطبيق تقنيات الحرية النفسية من المنطقة المعالجة إلى منطقة أخرى من الجسم مع تغير في حدة الألم . فمثلا قد ينتقل الصداع الحاد في منطقة ما وراء العينين إلى خلف الرأس و تتغير كذلك درجة حدته إلى 7 أو 8 أو 9 , لذا لابد من ملاحقة الألم بتطبيق التقنيات حتى يتلاشى الألم أو تنخفض حدته وفي أثناء ذلك تبدأ المشاكل الشعورية المنشئة للألم بالتلاشي و الانهيار . الاختبار : تعد هذه الخطوة ضرورية للتأكد من نجاح العلاج , ويتم التحقق باستدعاء المتعالج ذكريات مزعجة أو القيام بنشاط جسدي معين ( ينبغي أن يكون هذا النشاط غير مؤذي للمتعالج ), إذا تمت هذه الخطوة دون الشعور بالألم أو تأجج مشاعر حادة مزعجة فهو مؤشر على نجاح الجلسات العلاجية أما عدا ذلك فلا بد أن يركز المعالج على القضايا و المواقف المرتبطة بالمشكلة محور العلاج . الدعابة : تعتمد هذه التقنية على الضحك كرابط شعوري مع أشد القضايا الشعورية حدة وإثارة للألم . وهي أيضا أسلوب لاختبار مدى التقدم في علاج المشكلة فاستطاعة المتعالج الضحك أو الابتسام عند تذكر موقف صادم أو عند الشعور بالخوف مثلا دليل على التحسن أما مقابلة الدعابة بالعبوس وردات الفعل المتشنجة مؤشر على ضرورة استمرارية العلاج . تخيل صحة مثالية ومراقبة حديث النفس : إن هذه التقنية تساعد على اكتشاف المشاكل الشعورية التي تحفز استمرارية المرض . تتلخص التقنية فيما يلي يطلب من المتعالج تخيل نفسه في صحة مثالية ثم يبدأ يستمع ل" نعم أن هذا ممكن ولكن " وهو حديث النفس الذي يقود إلى اكتشاف العوائق الحقيقية أمام استعادة الصحة . وهذه التقنية يصطلح على تسميتها في مجال الحرية النفسية " نهاية الذيل " أي تتبع حديث النفس والحوارات الداخلية إلى نهايتها حتى يتبين البواعث الحقيقية لها . إعادة التأطير : إعادة التأطير هي عملية تسعى لتحقيق العلاج من خلال المتعالج نفسه بمعنى مساعدة المتعالج من خلال جلسات الحوار العلاجية على رؤية الأمور بمنظور أكثر إيجابية . ويمكن لإعادة التأطير أن يؤثر بعمق أكبر إذا ما طبق بالتزامن مع تمارين الربت . ويمكن لجلسة الحرية النفسية الابتدائية ان تنشئ أطر جديدة في غاية الإيجابية . إن عملية إعادة عملية التأطير تسمح للمتعالج بأن يعتمد على حدسه و يحقق الشفاء من خلال ذاته ويكون النجاح مضمون في هذه الحالة متى ما زادت الثقة في الحدس .