هل يصوم مرضى قرحة المعدة؟ قرحة المعدة من أكثر أمراض الجهاز الهضمي انتشارا بين الرجال والنساء في جميع دول العالم، والسؤال الذي يطرح نفسه هل يصوم مرضى قرحة المعدة ؟ حول المزيد التقينا بالدكتور عبد اللطيف المر استشاري صحة عامة. بداية ما المقصود بكلمة القرحة ؟ - القرحة عبارة عن تآكل أو تجويف صغير ينشأ في الجدار الداخلي المبطن للمعدة أو الاثنا عشر، وقد ينشئ هذا الغشاء مادة مخاطية لحماية المعدة من الحامض المعدي، وعند حدوث تآكل بهذا الغشاء فان المواد الحامضة التي تفرزها المعدة تأكل جدار المعدة وتسبب ما يطلق عليه القرحة، ولا يتعدى قطرها في أغلب الأحوال سنتيمترا واحدا، وتشتد الأعراض كلما زاد حجم القرحة. أسبابها ما أسباب القرحة؟ - أول هذه الأسباب بكتيريا الهليكوباكتر، وهي تعيش بصورة طبيعية داخل الجدار المخاطي المبطن لجدار المعدة، من دون أن تسبب مشاكل طبية في الغالب. ليس من المعروف لماذا تنشط هذه البكتيريا فتعمل على تآكل جدار المعدة وتحدث القرحة، كما أن طرق العدوى وانتقال هذه البكتيريا غير معروف، لكن أكثر النظريات قبولا هي المخالطة اللصيقة مع مريض القرحة، وانتقالها كذلك عن طريق الطعام والشراب. ومن الأسباب الأخرى للقرحة استخدام مسكنات الألم المعروفة والشائعة، مثل الأسبرين والبروفين والأدفيل، وكثرة التدخين وشرب الكحوليات، اضافة الى الضغوط العصبية وتناول بعض الأغذية الحريفة أو الطعام المسبك. هل يصوم مرضى القرحة؟ - تطور الطب في علاج القرحة تطورا كبيرا، وأصبح بالامكان تناول العلاج مرة واحدة يوميا، ومريض القرحة المستقرة الذي تم علاجه بالمضادات الحيوية ضد الهليكوباكتر يمكن شفاؤه بصورة تامة، ويمكنه الصوم بعد تأكد الطبيب من استقرار الحالة. ومن الضروري أن يستشير مريض القرحة الطبيب قبل الصوم حتى في غياب الأعراض الجانبية، لما قد يشكله الصوم من خطورة عليه بسبب زيادة مستويات الحامض المعدي وخاصة عندما تكون المعدة فارغة من الطعام، وكذلك حتى لا يتعرض لحدوث نكسات مرضية مفاجئة. وينصح المريض بالافطار في حالة القرحة الحادة أو عند حدوث مضاعفات مثل النزيف. ويحتاج مريض القرحة غير المستقرة الى ارشادات طبية متعددة لذا ننصحه بضرورة الالتزام برأي الطبيب اذا نصح بالافطار. 6 نصائح مهمة ما النصائح التي تقدمها لمرضى القرحة؟ 1- في حال الصوم يجب تنفيذ تعليمات الطبيب بدقة، وتناول الأدوية بصفة مستمرة وعدم التوقف الا بأمر الطبيب. 2- يجب اتباع الارشادات الغذائية وأهمها الاقلال من المواد الحريفة الحارة والحراقة، والقهوة والشاي والمشروبات الغازية، وتناول كميات كافية من الماء. 3- التوقف عن التدخين أمر حيوي لعلاج القرحة والوقاية منها في آن واحد. 4- ضرورة غسل اليدين جيدا وخاصة بعد الخروج من الحمام وتجنب المخالطة اللصيقة مع مريض القرحة. 5- تعلم طرق الاسترخاء والتعامل مع الضغوط الحياتية. 6- معالجة ارتجاع الحامض بالمريء وكذلك أسباب زيادة افراز الحامض المعدي. هل يصوم مرضى الكلى؟ لعل من أهم فوائد الصيام الجسدية التقليل من الأكل بأنواعه مما يؤدي الى فقدان الوزن لمن هم فوق المعدل الطبيعي، ويريح المرضى المصابين بارتجاع حامض المعدة، ويخفف درجة ارتفاع ضغط الدم وسكر الدم، شرط الغاء اكل الحلويات والاملاح عند الافطار والوجبات الاخرى. هذا ما اكد عليه الدكتور كامل عبدالمحسن الرشيد استاذ الامراض الباطنية والكلى في جامعة الكويت ورئيس مركز المستشفى الاميري لأمراض الكلى، في حديثه عن اهم فوائد الصيام الجسدية، لكنه اضاف ان هناك حالات عديدة لا ينصح فيها بالصيام، خاصة بالنسبة للذين يعانون مرض الكلى. وحول هؤلاء تحديدا كان هذا الحوار: ما الحالات التي يجب الافطار فيها؟ - الدين يسر لا عسر. لهذا لا حرج على المريض من الافطار وقد ورد النص بهذا التصريح في القرآن صراحة وهو غير مرتبط باجتهاد او فقه او زمان، ومن الناحية الصحية لا ينصح بالصيام في الحالات التالية: -1 اي حالة تتطلب اخذ الدواء اكثر من مرتين يوميا وبالذات في الحالات الحادة والحوادث والحالات المستقرة من الامراض المزمنة كأمراض القلب وارتفاع ضغط الدم الشديد والامراض النفسية والعصبية. -2 المرضى المصابون بزيادة حمض المعدة واضطراباتها وبالذات قرحة الاثني عشر. وذلك لأن اعراضهم تزيد وقد تحدث مضاعفات نتيجة لعدم وجود طعام في المعدة وبالذات البروتينات التي تعدل بدرجة كبيرة من حمض المعدة. ولهذه الفئة من المرضى انصح باستخدام الادوية التي تقلل عمل مضخة البروتون في المعدة والمعروفة بمجموعة الاوموبرازول، حيث انها تثبط حمض المعدة لأكثر من 24 ساعة، مما يؤمن سلامة اكبر للمرضى من استعمال الادوية السابقة مثل "اللتاجاميت والزانتاك" التي لا يتعدى تثبيطها لحمض المعدة 12 ساعة، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها حتى لو اخذت عند الفطور والسحور. -3 مرضى ارتفاع سكر الدم غير المستقر وبالذات مرضى النوع الاول المعتمدين على الحقن المتعدد بالانسولين. ان طبيعة هذا النوع تتطلب اخذ اكثر من جرعة يوميا هذا عدا وجوب تناول وجبات صغيرة خمس مرات يوميا للحفاظ على معدل سكر الدم من الارتفاع والهبوط المفاجئ مع توفير الغذاء المتوازن لبناء الجسم الصحيح. وماذا عن مرضى الكلى؟ - بشكل عام نطبق عليهم ما سبق في حالات ارتفاع ضغط الدم او السكر او الاتهابات الكلى المناعية. ونحن لا ننصح المرض المحتاجين لأدوية علاج ضغط الدم او مدرات البول او ادوية تقليل المناعة بالصيام وذلك حتى لا تتأثر السيطرة على امراضهم. وللعلم فإن الدراسات الحديثة اجمعت على ان المرضى السابق ذكرهم لديهم استعداد وراثي للاصابة بمضاعفات هذه الامراض ولهذا فإنه لا يجب التهاون في حماية هذه الفئات. مرضى تكوين الحصى المستمر هل هنالك امراض اخرى في الكلى تتفاقم درجة الاصابة بها مع الصيام؟ - نعم ونخص بالذات المرضى المصابين بمرض تكوين الحصى المستمر المصابين بالتهابات الكلى الصديدية المزمنة. ان الصيام يعني لهذه الفئة الاقلال من السوائل، وبالتالي يتزايد تكوين الحصى والتعرض لانسدادات المسالك البولية مما يعرض المريض الى الآلام المبرحة، ويصبح بحاجة الى التدخل بأجهزة التفتيت او المنظار او الجراحة. اما مرضى الالتهابات الصديدية فإن تراكم البكتيريا يتزايد لديهم مع الجفاف، وبالتالي تتزايد قابلية اجسامهم للالتهابات الحادة بالاضافة الى عدم القدرة على ضبط السوائل والاملاح مما يعني التعرض للجفاف اكثر والى مضاعفات اضطراب املاح الجسم المختلفة. هل يصوم مرضى زراعة الكلى، وبماذا تنصحهم؟ - بشكل عام يحتاج هؤلاء المرضى الى استعمال كميات كبيرة من الادوية لمنع رفض الجسم للكلى والوقاية من الالتهابات وخفض ضغط الدم المرتفع وبالذات في اول ستة اشهر بعد الزراعة هذا عدا ضرورة الالتزام بأخذ الدواء في اوقات محددة ومتعددة يوميا مثل السيكلوسبورين والسلسبت (بالضبط كل 12 ساعة)، ولهذا فإنه لا يعقل السماح لهذه الفئة بالصيام، خصوصا انهم يحتاجون الى الاكثار من السوائل حتى لا يتعرضوا للجفاف، حيث ان الكلية المزروعة لديها بعض القصور في الحفاظ على السوائل وبعض الاملاح. غسل الكلى ماذا عن المرضى الذين يعالجون بغسل الكلى المستمر؟ - لا ينصح لهم ايضا بالصيام لأنهم يحتاجون الى وجبات قليلة ومتعددة في اليوم للحفاظ على كفاءة الجسم. كما ان طبيعة غسل الكلى تتضمن ادخال مواد سكرية في تجويف البطن (البريتوني) مما يبطل الصوم شرعا. وكما نعلم فإن الفقهاء قد افتوا بجواز اخذ عينات الدم او سوائل الجسم للتشخيص (كالبول مثلا) وهذا لا يبطل الصيام لأنه اخذ اما عن اعطاء اي دواء او محاليل طبية (حتى لو لم تتضمن مواد مغذية او سكريات) فإنها تبطل الصيام. وبناء على هذه الفتاوى فإن عمليات تنقية الدم بأنواعها تبطل الصيام شرعا. هل هناك نصيحة اخرى للمرضى؟ - احب ان اذكر ان الجانب النفسي مهم في اتباع تعاليم الباري عز وجل ومشاركة المسلمين افضال الصيام في هذا الشهر الكريم، ولكن ديننا دين يسر لا عسر ولا يجب اتباع العاطفة في هذه الامور والتيقن من الحالة المرضية مع الطبيب المختص واتباع النصيحة حفاظا على سلامة المريض في حاضره ومستقبله.
