الهوس الطفيف نوع من اضطراب المزاج المتصّف بالعلو ( المرح ، والنشوة )، والشعور بالحرية الاجتماعية و سهولة الاستثارة والاستفزاز ، وتمتاز هذه الحالة المرضية واسعة الانتشار بكثرة توارد الأفكار ، والإسهاب في الحديث ، والشعور بالعظمة وارتفاع الثقة بالنفس، وقلة الحاجة للنوم ، وزيادة النشاط ، وسرعة الانفعال عند الاستفزاز البسيط ، والانغماس الشديد في النشاطات الممتعة (علاقات اجتماعية ، صداقات ، زواج ، شراء ، عمل ، سفر، كحول ، تدخين ، غناء ، موسيقى ، رياضة ،.... الخ ). ويشعر الشخص المصاب بعدم القدرة على السيطرة أو تثبيط أفكاره ، وكثرة توارد الخطط مع ضيق الوقت ، والطاقة العالية النفسية والجسدية ، وسرعة الانخراط مع الآخرين ، ولا يفقد الشخص بصيرته أو صوابه ، ولكن العلّة تكمن في الإسراف وسوء تقدير القدرات الشخصية ( الشعور بعظم الإمكانيات الذهنية والجسدية ) مما قد يؤدي للوقوع في بعض المخاطر ، كأن يقرر فجأة توسيع مشروع عمله بشكل يجلب له خسارات ، أو يقيم علاقات بسهولة مع أشخاص غرباء ذوي سلوك مضطرب فيقع ضحية لهذه العلاقة ، أو الإقدام على الزواج والطلاق المتعدد المتكرر، أو قيادة المركبة بشكل خطر ومتهور ، اوالمقامرة ، والإسراف الشديد في الاتصالات عبر الانترنت او الهواتف الخلوية ، أو الانغماس في الكحول أو المخدرات ، أو إقامة علاقات غير شرعية وغير أخلاقية..... . إنهم أصحاب المغامرات المتكررة ، يريدون عمل أشياء متعددة في آن واحد ، ذوي الحساسية المفرطة ، يشعرون بأنهم ذوي مسؤوليات ، وينخرطون في أعمال هادفة لهم وممتعة . وينظر المحيطين للمصاب بأنه ذو طاقة عالية ، ومرح ، وذو قدرة على طرح أفكار جديدة وبنّاءه ، وذو ثقة عالية بالذات بحيث يستطيع الدخول في علاقات اجتماعية مع الغرباء بكل سهولة وينغمس في نشاطات اجتماعية متعددة وكثيرة ، إنهم قليلو الخوف والشك ، والحياء الاجتماعي ، ويعرضون الحلول لمشاكل الآخرين ، ويجدون الاستمتاع في أقل الأمور المثيرة . وتمتاز هذه الفئة بقلة سعيها لارتياد المعالجة إلا في حالة الإصابة بالكآبة، أو القلق، نتيجة لطبيعة هذا المزاج أو لسلوكياتهم الاندفاعية كنوع من الندم أو عقدة الذنب. إن المصاب أكثر عرضة للوقوع في ملابسات قانونية وذلك بسبب تهوره السلوكي، وسهولة الاستثارة، وأكثر عرضة للإسراف المادي، والتخبّط العملي، وكثرة الزواج، وسهولة الطلاق. وما لم تكن الإصابة شديدة أو مصحوبة بالكآبة فإن المصاب في أغلب الأحيان لا يعاني ، وقد تكون هذه الحالة وفي كثير من الأحيان مقدمة للإصابة ( بداء الهوس الاكتئابي ) ( manic depressive psychosis) المتصف باضطراب المزاج الشديد وفقدان البصيرة ، و اختلال الترجيح العقلاني ، والهلاوس، والأوهام ، والاضطرابات السلوكية الشديدة المتنوعة . وهناك فئة قليلة النسبة من هذا الاضطراب المزاجي تعرف بالهوس الطفيف النقي (pure hypomania ) تتميز بزيادة النشاط الذهني والجسدي ، وعلو المزاج المرحي ، والانفتاح العالي على المجتمع وعلى أمور الحياة وغلو الاستمتاع بها ، والقدرة على الإبداع ، و إقامة مشاريع اقتصادية وعملية ناجحة وكثرة الزواج حينما تكون شخصية وذكاء الفرد طبيعية ، ولا تعاني هذه الفئة من ضغوطات نفسية نتيجة لهذا المزاج الذي يعيشون ، ولا يختلفون عن الآخرين في نسبة التعرض للإصابة بالقلق أو الكآبة . والسؤال يبقى حول هذه الفئة من الهوس الطفيف ( النقي ) هل هي أكثر سعادة من الطبيعي ؟ إن بعض الدراسات تشير أن هذه الفئة تشعر بالسعادة أكثر. إلا انه وفي أحسن وآخر الأحوال هم في الطريق ما بين الحالة الطبيعية والحالة المرضية ( داء الهوس الاكتئابي ) . وبغض النظر عن حالة الهوس الطفيف سواء كانت ( نقية )، أو يشوبها الكآبة والقلق فإن الفرد لا يشعر بالحاجة إلى التدخل الطبي. وان الاستياء عادة يكون من الأشخاص الذين يشكلون تماساً معهم كالعائلة أو الشركاء أو لدى مقابلة الطبيب النفسي. .... إنها أقل اكتشافا من حالة ( الهوس الاكتئابي ) وأقل مدة زمنية وأقل ضرراً بالشخص ، وتختلف عن الانبساط أو السعادة الطبيعية باستدامتها الزمنية نسبياً، وتدني علاقتها بالظروف والأحداث سواء كانت مفرحة أو مزعجة . فإذا كنت تعاني من هكذا مزاج ننصحك بأن: تحافظ بالإمكان على نوم هادئ واتصل بالطبيب المختص ، لا تتهور في اتخاذ قرارات انتظر حتى تشعر بالهدوء، أجعل أفكارك في اتجاه واحد ذو هدف ، تذكر إن كل ما تعمله تحت هذا المزاج ناجم عن الحالة المرضية ولذلك تمهل في التفكير والسلوك واستشر طبيبك ، لا تسرف في الأموال ، أشغل ذاتك بجو مريح ( relaxing) وهادئ وابتعد عن الضوضاء كالأصوات الصاخبة ، والاجتماعات الكبيرة ، والأغاني الصاخبة ، والكفائين والكحول ، استشر ما ترى أنك تثق به ، وأبقى على الاتصال مع اختصاصي الأمراض النفسية .