بالصور.. محافظ أسوان: إيفاد قوافل طبية مجانية لقرى أبو الريش    عاجل.. إصابة بشار أشرف لاعب شباب الإسماعيلي بقطع في الرباط الصليبي    رانيا محمود ياسين تعلن عضويتها في لجنة تحكيم مهرجان الإسكندرية السينمائي    وظائف محطة الضبعة.. رواتب تصل 25 ألف جنيهًا تعلن تفاصيلها وزارة العمل    ضوابط سداد ثمن أرض الدولة وتقنين أوضاعها في القانون    تعرف على تشكيل مجلس إدارة بنك مصر    السعودية تحقق ارتفاعا ب73% في عدد السياح الدوليين    لماذا ارتفعت أسعار الطماطم إلى 40 جنيها؟    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    جيش الاحتلال يزعم: دمرنا نحو 180 هدفا وآلاف فوهات إطلاق القذائف في لبنان    كريستيان برجر: زيارة الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي لمصر ركزت على وضع غزة    الاستخبارات الهنغارية تؤكد أنها لم تنتج أجهزة "البيجر" التي تم تفجيرها في لبنان    العاهل السعودي وولي العهد يعزيان ملك البحرين بوفاة الشيخ خالد بن محمد بن إبراهيم آل خليفة    الهلال الأحمر العراقي يرسل شحنة مساعدات طبية وأدوية إلى لبنان    بالصور.. وكيل تعليم أسوان وسط طلاب أولى ابتدائي فى أول يوم دراسة    العبور يستعد لدوري القسم الثاني ب «15صفقة» جديدة    بلد الوليد يتعادل مع سوسيداد في الدوري الإسباني    اندلاع حريق بمزارع نخيل بقرية القصر في الوادي الجديد    الأرصاد: غدًا أول أيام فصل الخريف فلكيًا.. والعظمى بالقاهرة 32 درجة    استدعاء الفنان محمد رمضان وابنه لتحقيق عاجل بتهمة التعدي على طفل بأكتوبر    إصابة 3 أشخاص في حادث تصادم «توك توك» بدراجة نارية بالدقهلية    بالصور.. إصلاح كسر ماسورة مياه بكورنيش النيل أمام أبراج نايل سيتي    رئيس جامعة المنصورة الأهلية يتفقد إجراءات الكشف الطبي على الطلاب الجدد    حميد الشاعري: منحت لشركة حق استغلال بصمة صوتي بالذكاء الاصطناعي بعد وفاتي    أزمة صحية في قرية أبو الريش بمحافظة أسوان.. هل هو فيروس مجهول؟ (تفاصيل)    صحة مطروح: تقديم 67 ألف خدمة طبية منذ انطلاق مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    المنتج هشام عبدالخالق: يجب رفع إنتاج الأفلام المصرية إلى 60 فيلما سنويا    أخبار الأهلي: تأجيل أول مباراة ل الأهلي في دوري الموسم الجديد بسبب قرار فيفا    رئيس الوزراء يتفقد مجمع مصانع شركة إيفا فارما للصناعات الدوائية    قصور الثقافة تختتم أسبوع «أهل مصر» لأطفال المحافظات الحدودية في مطروح    رابط الحصول على نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 بالدرجات فور إعلانها عبر الموقع الرسمي    مبادرات منتدى شباب العالم.. دعم شامل لتمكين الشباب وريادة الأعمال    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    محافظ المنوفية يتابع الموقف النهائي لملف تقنين أراضي أملاك الدولة    «جنايات الإسكندرية» تقضي بالسجن 5 سنوات لقاتل جاره بسبب «ركنة سيارة»    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    ضبط شركة إنتاج فني بدون ترخيص بالجيزة    مباشر مباراة ليفربول وبورنموث (0-0) في الدوري الإنجليزي لحظة بلحظة    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    استشهاد 5 عاملين بوزارة الصحة الفلسطينية وإصابة آخرين في قطاع غزة    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    بسمة بوسيل تنشر إطلالة جريئة لها.. وتغلق التعليقات (صور)    في يوم السلام العالمي| رسالة مهمة من مصر بشأن قطاع غزة    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    فيديو|بعد خسارة نهائي القرن.. هل يثأر الزمالك من الأهلي بالسوبر الأفريقي؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قاهر خط بارليف في حوار ل"البوابة نيوز": احتفال "المعزول" بنصر أكتوبر "مهزلة"
نشر في البوابة يوم 03 - 10 - 2014


مع السيسي شعرت أن رأسي مرفوعة للسماء
كنت أتأمل الساتر الترابي وأقول "لو كان في أسوان لدمرناه"
استخدام المياه في تجريف الساتر آخر فكره تخطر على البال ولم يتوقعها العدو أبدًا
تمت تجربه الفكرة 300 مرة آخرها في جزيره البلاح بجوار العدو ولم يشعر بها
مبارك كان قائدًا للقوات الجوية ودوره كبير وخطير
بعد ثورتين مرتا على الشعب المصري، ظهرت لنا نجوم كثيرة لم نكن نسمع عنها من قبل أشعلت سماء العدو في "عز الضهر"، نجوم أعادت لنا العزة والكرامة ورفعت رؤوس جميع المصريين إلى يوم القيامة، ما حتم علينا ومع ذكرى أكتوبر المجيدة أن نلتقي أحدهم، ليحدثنا ويحكي لنا عن دوره في أهم حدث في تاريخ مصر.
في لقائنا بالمقاتل المصري اللواء مهندس باقي زكي يوسف، لمسنا مدى حبه وإيمانه ببلده ورأينا الدموع في عينيه كما لو كان عبور القناة بالأمس، وحكى لنا كيف أتته فكرة الطلمبات التي تضخ المياه، لتهدم الساتر الترابي، وعن إحساسه وهو يرى نتيجة فكرته تتحقق أمام عينيه، الأمر الذي طالما شكر ربه عليه واعتبره أكبر مكافأه قد ينالها مقاتل، وإلى نص الحوار:
**في البداية.. حدثنا عن أحوال الجيش المصري في الفتره قبل حرب 6 أكتوبر؟
_بعد حرب 1967، أخذنا درسًا قاسيًا جدًا لم يكن أمامنا إلا إعادة بناء القوات المسلحة، فكانت حياتنا بالجيش كلها تدريب في تدريب، على ضوء المهمة التي سنكلف بها فيما بعد وهى تحرير سيناء.
**كيف أتتك فكرة هدم الساتر الترابى رغم كل ما قيل عنه كونه لا يقهر ومجرد التفكير في عبوره شيء من الجنون؟
_ في إبريل 1964 كان مشروع السد العالى بحاجة لمهندسين من الجيش، ليعملوا مع المهندسين المدنيين وخبراء الري والخبراء الروس هناك، وأنا كنت واحدًا من هؤلاء العسكريين الذين انتدبوا للعمل هناك، وكنت ضابط مهندس مركبات برتبة رائد، وتمت ترقيتى بعد ذلك، وأثناء مشروع السد إلى مقدم، إلى أن وقعت نكسة 1967 صدرت الأوامر برجوع كل الضباط المنتدبين في مهمات مدنية إلى مواقعهم.
كان اليهود يقومون بأعمال تطوير وتحصيين للساتر، وعند عودتي كانت المشيئة الإلهية أن أعود قائدًا لفرقة مركبات موقعها الدفاعي غرب القنال في نطاق الجيش الثاني، وكنت طوال تلك المدة أرى الساتر الترابي وأتأمل أعمال التطوير، وأقول في نفسى (لو كان هذا الساتر في أسوان لكنا دمرناه)، ولم تكن فكرة جاهزة بل مجرد خواطر في عقلي.
**ما هو وصف الساتر الترابي ومما يتكون؟
الساتر الترابي ما هو إلا كثبان رملية طبيعية وبواقى حفر القنال التي أخرجها ديليسبس وألقاها في الصحراء شرق القنال، إضافة إلى ما تخلف ونتج عن عمليات توسيع وتطهير القناة كان بيلقى في شرق القناة، واستغل اليهود كل ذلك وقاموا بتوصيل كل هؤلاء معا وتم تعليته ليصل لعشرين مترًا وعمقه يترواح بين 8 إلى 12 مترًا، كذلك تم تقريبه من شاطئ القنال، بحيث لا يوجد شط فتحميه القناة ويصعب تسلقه، لأنه كان بزاوية ميل 80 درجة وهي نفس ميل القناة بعدما حفرها ديليسبس وتم تحصينه بكافة التجهيزات من حقول ألغام وكهرباء، إضافة إلى وجود نقاط قوية مهمتها القيام بالهجمة المضادة بالمدفعية والطيران في حاله عبور أي دبابة، وبالتالى ونظريًا أصبح من الصعب التفكير في عبوره بسهولة.
** أين كانت الحكومة المصرية طوال مدة بناء وتجهيز السد ليصبح بهذه القوة والمتانة؟
لا تنسوا أن الأوضاع بعد حرب 1967 كانت سيئة في الجيش وعودة قواتنا من اليمن بخسائر كبيرة، كل ذلك كان له أثر سلبي، وكان كل هم الحكومة إعادة روح الثقة في القوات المسلحة ثم تم بناء حائط الصواريخ والاستعداد للمعركة الفاصلة في تاريخ مصر، إضافة إلى أن فترة السنوات الست تلك تعتبر أقل فترة عرفها التاريخ لإعادة بناء قوات مسلحة من الصفر.
** متى أتتك فكره اختراق الساتر وكيف تبلورت الخطة في مخيلتك؟
_ كنت في تلك الفترة في موقعي غرب القنال، أشاهد الساتر الترابي، أحدث نفسي بأنه لو كان في أسوان لكنا دمرناه بسهوله لأننا استطعنا إزاله ربع السد العالى بنظرية التجريف بمضخات المياه، إلى أن صدرت الأوامر في مايو 1969 بالاستعداد للحرب، وأن يتم كل قائد استعداده في أكتوبر من نفس العام، وكان كل قائد يضع أمامه كل المشاكل المتوقع أن يقابلها أثناء العبور، وكانت أهم مشكله هي التغلب على الساتر الترابي وفتح الثغرات فيه.
**لماذا كانت الصعوبة فقط في عبور الساتر الترابي وخط بارليف؟
_لأن في المدارس العسكرية كلها عندما يجتمع مانع مائي وخلفه ساتر ترابي، يكون التعامل التقليدي معه بالمتفجرات أو المدفعية أو الطوربيد البنجلوط وما إلى ذلك من طرق متعارف عليها في الحروب، وبتجربة كل هذه الوسائل في فتره الاستعداد، وجدنا أن أقل وقت نستطيع فيه العبور هو من 12 إلى 15 ساعة، الأمر الذي يشكل صعوبة على عسكري المشاة في عبوره، كونه يحمل معه معدات ثقيلة ومدفعية، كما أننا وجدنا أن الخسائر في الأرواح قد تقترب من ال20000 شهيد.
**كيف عرضت فكرتك في هدم الساتر باستخدام مضخات المياه على قاداتك وكيف قابلوها؟
_ في أكتوبر 1969 كان اجتماعنا مع القادة ليعرض كل قائد فرقة خطته في العبور بأقل خسائر، وكان دوري في العبور بصفتي قائد مركبات هو أن أنقل المركبات والمعدات بعد فتح الثغرات في الساتر أي في آخر المهام ولا تتعلق بعملية اختراقه، وكنت جالسًا أستمع إلى اقتراحات باقى زملائى إلى أن يحين دوري في شرح مخططى إلا أن قام قائد فرقه العبور بشرح خطته وشرح الساتر الترابى وفوجئت بطبيعته الرميلية البسيطة التي تتشابه مع السد العالى، والتجهيزات العسكرية والقتالية التي وضعها اليهود فيه بما شكل حائطًا من التحصينات تصعب اختراقه إلى أن هالنى حجم الخسائر التي سنخسرها والزمن الذي ستستغرقه المهمة، كل ذلك تجمع في مخيلتى إضافة إلى المكونات الأساسية للساتر البسيطة، فرفعت يدي طالبًا الفرصة للتحدث فرد على قائد الفرقة اللواء سعد زغلول عبد الكريم متعجب ا(إيه يا باقي أنت دورك في الآخر لأن أنت اللى هتشيل كل ده) فكان ردى (أنا عاوز أتكلم في الساتر الترابى ده) وقلت له أن الساتر ده أساسه كله رمال ومبنى عليه كل التجهيزات وربنا جعل المشكلة وجعل حلها تحتها، الحل في طلمبات مياه ماصة كابسة تحملها الزوارق الخفيفة تمتص الماء من القنال وتكبسها وتضغطها بعزم كبير وتصوب على الساتر في نقاط معينه تسمى عسكريًا (بالسوادة) وميل الساتر سيسمح بانهمار الرمال في قاع القنال ومع استمرار تدفق المياه ستفتح ثغرات في الساتر بعمقه وبالعرض الذي نريده.
**كيف كان رد فعل الحضور من اقتراحك البسيط بعد ما كانت المقترحات كلها متفجرات وألغام وطوربيدات؟
_فى البداية ساد الصمت القاعة لدرجة أنى اعتقدت أن اقتراحي اقتراح تافه، وإننى أخطأت بطلب الكلمة فقطعت الصمت قائلا، إننا فعلنا ذلك من قبل في السد العالي، حيث كان 50 مليون متر مكعب وأزحنا ربعه بمعدل 10 ملايين متر مكعب بمضخات المياه، تلك وأن هذه الفكرة تتفق مع كل نظريات الهندسة، لأن هناك نظرية اسمها نظرية المقذوف وقانون نيوتن التاني الذي يقول إن القوة = وزن المياه ×(سرعة المياه عند خروجها من المضخة _سرعة المياه عند الساتر الترابي) وبايجاد القوة سنوجد معامل الانهيار من معادلة معامل الانهيار= القوة÷ المنطقة التي سترتطم بها المياه من الساتر).
وبالتالي سينهار لا محالة وبثقل الرمال ستهبط إلى قاع القناة نفس الفكرة التي كنا ننفذها في السد العالى مع اختلافات بسيطة.
حينها بدء الحضور يستوعبون الفكرة، وسأل قائد الفرقة المتخصصين وفتح باب المناقشة حولها ولم تقابل بأي اعتراض، مع وجود تخوف واحد عن تربة الثغرة بعد الفتح، وهل ستسمح بالعبور فرد قائد الفرقة، إننا في هذه المرحلة الأولى لسنا بحاجة إلا إلى المجنزرات والدبابات لتلحق بالمشاة وأثناء عبور هذه المجنزرات التي لا تؤثر فيها التربة سيتم تمهيد الطريق إلى أن يحين دخول باقي المركبات.
**ماذا عن الطلمبات التي ستسخدم في عملية هدم الساتر هلى هي ذاتها المستخدمة في السد العالى؟
سؤلت هذا السؤال في الاجتماع وكانت إجابتي في السد العالى كانت أعمال التجريف مختلفة معقدة أكثر، ونحن هنا لسنا بجاحة لها كل ما نحتاجه طلمبات ماصة كابسة تمتص المياه وتضخها تجاه الساتر باستخدام خراطيم تسمى بالبشبوري، مع مراعاة أن تكون هذه الطلمبات صغيرة الحجم، لنتمكن من المناورة بها مع الأخذ في الاعتبار أننا سنحدث فجوات على طول الساتر الترابى من السويس إلى بورسعيد.
**كيف تم تصعيد عرض الفكره على القادة تباعًا إلى أن نالت موافقه الرئاسة حينها؟
_بمقارنة فكرتي بالأفكار السابقة وما لها من تكاليف وحجم خسائر مهول شعر قائد الفرقة أنها يجب أن تدرس وتوضع في الحسبان فاتصل بقائد الجيش الثاني الميداني اللواء طلعت حسنين على، وأخبره أن هناك فكرة جديرة بالدراسة، وعلى إثر ذلك طلب منى التوجه إلى القيادة صباح اليوم التالي، وهناك عرضت فكرتى في وجود رئيس الفرع الهندسى وتم عرض الأمر على رئيس هيئة العمليات ورد علينا نائبه اللواء ممدوح جاد تهامى وكنت قد خدمت تحت قيادته ويعرفنى جيدًا قطلب التوجه إليه سريعا، ذهبت إليه وعرضت عليه الفكرة، فما كان منه إلا أن طرق الطاولة أمامه بقيضته بشدة، لدرجة ظننتها انكسرت وقال لى (مالهاش إلا كدة......هي متجيش إلا كدة) وصعد الأمر لرئيس الهيئة الذي أمر بإرسالى لمدير المهندسين لأعرض عليه الأمر، ورجعت للواء ممدوح تهامى أخبرته بما حدث وانصرفت من عنده وتوجهت إلى وزارة السد العالى لأطلع على الخرائط والنشرات التي كانت تستخدم في تجريف السد، وتوجهت إلى قيادة الفرقة وقصصت عليه الأمر كله باستخدام الخرائط والمنشورات وطلب منى كتابه تقرير عن الفكره بشكل ملخص بشكل هندسى وعرضته عليه في اليوم التالى ليفاجئنى أن الرئيس جمال عبدالناصر بعرض الفكرة عليه بشكل مبدئى قرر عقد اجتماع طارئ لمناقشة الفكرة بشكل أوضح وطلب منى تقرير نهائى ومبسط للفكرة.
**ماذا حدث بعد ذلك وماذا كان رأى عبد الناصر بالفكرة؟
_بعد نحو 5 أيام دعانى القائد إلى مكتبه وطلب منى مسوده التقرير وأحرقها في حضورى وقال لى إنه بعرض الأمر على الرئيس عبد الناصر ومناقشته لها بشكل موسع صدرت الاوامر بعدم البوح لأى شخص كان بالفكرة لأنها أصبحت أسرار عليا كما صدرت الأوامر بدراسة الفكرة بشكل فعلى تقوم به إدارة المهندسين وقامت الإدارة بعمل 300 تجربة أولها كانت في سبتمبر 1969فى حلوان واستغرقت 4 ساعات باستخدام طلمبات السد العالى الكبيره الحجم بعد ذلك وفى تجارب تالية استخدمت طلمبات تربينية أصغر حجمًا وقوتها أكبر فتحت السد في ساعتين ونصف إلى أن أصبحنا في يناير 1972 في جزيرة البلاح داخل القنال في الإسماعيلية وهى الأقرب بشكل كبير للساتر الترابى الحقيقى واستغرقت 3 ساعات حينها صدرت الأوامر بوقف التجارب والاستقرار على الشكل النهائى للعملية واستخدام أسلوب التجريف في فتح الثغرات في الساتر، وبعد ذلك تم العمل على تجهيز المعدات التي ستستخدم من طلمبات وجلبها من ألمانيا وإنجلترا وتجهيز الزوارق التي ستحملها، بالإضافة إلى تدريب الأفراد في استخدامها.
**ماذا عن النتائج المباشرة والملموسة نتيجة تطبيق العملية؟
_بدء العبور بالضربة الجوية الأولى في الثانية ظهرا وفى تمام السادسة كان الدور على عبور القناة واختراق الساتر الترابى أول ثغرة فتحت في الثامنه والنصف من معبر القرش شمال الإسماعيلية عبر لواء مدرع بالكامل وفى تمام العاشرة كان الساتر مثل الغربال وبه 60 ثغرة على امتداد القناه وانهار منه 90 ألف متر مكعب رمال في قاع القناة وهو إنجاز هائل لم نتوقعه نحن قبل العدو، فتسبب ذلك في إرباك العدو هذه الفكرة كانت مناسبة تماما لطموحاتنا وأقل في الخسائر وفى نفس الوقت صادمة للعدو.
**حدثنا قليلا عن إحساسك وأنت ترى فكرتك حقيقة وسبب لنصر الأمة كلها؟
_ الحمد لله في حرب أكتوبر كنت رئيس فرع المركبات للجيش الثالت الميدانى كله بعد أن كنت رئيس الفرقه 19 فقط وهى جزء من الجيش الثالث كله، وتقلدت هذا المنصب منذ 1972الى 1974 وكانت مكافأة الله لى بأن أتحمل مسؤولية التأمين الفنى للجيش في الحرب بما يحتويه من المعابر والمحاور ووسائل النقل والانتقال في الجيش التانى كله وكان من مهمتى تأمين المعابر شرق وغرب القناه وفى يوم 7 أكتوبر في السابعة صباحا عبرت بسيارة النجدة من معبر الفرقة السابعة ومنحنى الله الفرصة لأرى فكرتى حقيقه وعلى أرض الواقع وأن أعبر من هذه الثغرات أنا وكل القوات نعبر من خلالها وأنا أعتبر هذا تكريم من الله لى على الأرض أن أرى السد ينهار أمامى في ثغرات كما لو كانت سكين تشق قطعه من الجبن، ولو قلت لك أننى عندما رأيت الثغرات في الساتر كشرايين تضخ الدم في سيناء كان إحساسى عظيم بحجم المكافأة وتكريم الله لى، أيام الحرب مكنش في حد بيفكر في نفسه مدنيين أو عسكريين.
**ما هي الخطة الأساسية للعبور بالترتيب؟
كانت الأوامر بالبدء أولا بالطلعة الجوية التي كان لها أثر كبير في تشتيت انتباه العدو عن ما يحدث في على شط القنال وبعدها كانت المدفعية التي سهلت الأمر لعبور المشاة وزوراق الطلمبات ثم الفرق الهندسية ولا يجب الخوض في الأمور العسكرية أكثر من ذلك ولكن كل ما أستطيع قوله هو أن كل الأمور كانت مدروسة ومخطط لها بشكل علمى كانت وتدريباتنا شامله والخطأ غير وارد ولا مكان له في الخطة.
**متى تلقيت الأوامر بساعة الصفر ؟
_ يوم 5 أكتوبر الساعه 5 عصرا عقد قائد الجيش اللواء عبدالمنعم واصل اجتماع فيه كل قاده الفرق ورؤساء الافرع وكنت انا احدهم بصفتى رئيس هيئه فرع المركبات في الجيش وقرأوا الفاتحه حتى أن اللواء واصل داعبنى قائلا أنه لم يجد انجيلا لى لكى اقرا منه واقسمنا وتلقينا أمر القتال والحلف بتمام السريه حتى مع القائد الثانى الذي يعتبر النائب لنا الا في الساعه ال11 من صباح 6 أكتوبر وتوجه كل منا لوضع اللمسات النهائيه في خطته
**لننتقل لمرحلة ما بعد الحرب كيف كرمت الحكومة المقاتلين امثالك بعد النصر المجيد في أكتوبر؟
_ أكبر تكريم لنا انا وزملائى هو النصر الذي اهديناه إلى مصر ولكن انا عن نفسى تلقيت نوط الجمهوريه لأعمال القتال الاسثنائيه وليس فكره تدمير بارليف كما أن رؤيتى لمنظر انهيار الساتر الترابى يعتبر اعظم تكريم قد يراه مقاتل.
**ترددت الكثير من الأقاويل عن إهمال جسيم يتعرض له المحاربون القدامى وإن عبد العاطى صائد الدبابات مثلا توفى ولم يجد ثمن حقنه في ظل النظام السابق؟ وقس على ذلك العديد من المقاتلين ؟
أنا أحد المحاربيين القدامى وعضو في الجمعية واستطيع القول لك اننا نعامل افضل معامله وتتم مراعاتنا الصحيه وكل تقدير على أكمل وجه حتى انهم يرسلون لى بتورته عيد ميلادى كل عام، وكل ذلك اقاوييل فقط ولا أساس لها من الصحه لأن القوات المسلحه لم تضن ابدا على أي من أفرادها، كما أن الجيش كمنظمه يختلف عن أي منظمه أخرى لأن المقاتل يهب عمره لوطنه وبالتالى يجب أن لا تتاخر عنه قيادته وذلك من ابسط حقوقه التي ننالها كمقاتلين من الدوله على اكمل وجه
**بما أنك عايشت نصر، كيف نستلهم روح أكتوبر للعبور مصر إلى بر الأمان خاصة بعد الفترات العصيبة التي شهدتها مؤخرا ؟
انا عشت الكثير قبل أكتوبر فقد عشت فتره التعمير واعاده البناء بعد النكسه والنصر في أكتوبر ورأيت وعرفت المصرى في كل المواقف ثورة 30 يونيو تشبه بالظبط فتره نصر أكتوبر بعد سنوات من الاحساس بالهزيمه فقد كان الجيش في نفس عمر الثوار، ففى 30 يونيو لجأ الشباب إلى الجيش ليعلن استيائه وتمت الثوره وازيح النظام الفاسد واتت مرحله البناء والتعمير من جديد والله وحده قادر على أن يتم المرحله على خير لأن أي زلزال له توابع وماحدث في العام الماضي يمثل زلزال وان شاء الله من المشكله سنجد الحل ،لأن السيسي هو الوجه الاخر والامتداد الطبيعي لصانعي أكتوبر الحقيقيين، ولا يستطيع أحد أن يعيب على الشعب رغبته في التغير والديموقراطيه فالشعب المصرى معدنه اصيل وسريع الاستيعاب وتميز ماهو في صالحه وما قد يحمل له الضرر.
**حدثنا قليلا عن روح الوحدة الوطنية في أكتوبر.. أعتقد أننا بعد أحداث الفتنة الطائفية التي تكررت في السنوات الأخيرة بحاجة لاسترجاع روح أكتوبر لنذكر القراء وأنفسنا بأن الشعب المصرى نسيج واحد لا فرق بين مسلم ومسيحى فيه؟
_فى أكتوبر وما قبل أكتوبر وطوال عمرنا لم نعرف مثل هذا الكلام التافهه كنا جميعا نهتف الله أكبر دون أن تحمل أي ايحاء دينى كنا نحارب في رمضان ولم نشعر من فينا صائم ومن آخر مفطر ولم يخطر على بالنا أي من ذلك كلنا واحد هدفنا مصر وقصه مسيحى ومسلم تلك دخيله على بلادنا كنا في الحرب نقتسم رغيف الخبز وشربه المياه دون أن نميز المسلم من المسيحى
اما ما نراه الآن فما هو الا تخريف ولعبه سياسيه يستخدمها ذوى الاغراض الدنيئه ولن تستمر طويلا فالدين لله والوطن للجميع
**بما إنك شاهد على فترة أكتوبر.. ما هو دور مبارك الحقيقى في حرب أكتوبر وهل ما يقال حقيقى عن كونه أقل بكثير مما صور لنا طوال فترة حكمه بأنه قائد الضربة الجوية الأولى وكأنه البطل الوحيد في الحرب؟
_حرب أكتوبر تسمى في لغه العسكريين حرب الأسلحة المشتركة أي كل قوات الجيش من بحرية وجوية وبرية ودفاع جوى متشتركه كلها ومنسق بين ادوارها في الحرب العملية كانت لتحرير ارضنا المغتصبه من عدو غاشم لم تجدى معه الوسائل السلميه وبالتالى كان يجب تسخير كل القوات لتحقيق الهدف وبالطبع منها القوات الجويه وهو قائدها وبالتالى طبعا له دور كبير فهو قائد للقوات الجويه كلها وكان له دور كبير وخطير.
** كيف ترى الخلاف بين الفريق سعد الشاذلى رحمه الله وبين الحكومات السابقة وما حدث في الثغرة وما نتج عن حديثه عنها في كتابه من سجن ونفى لخارج مصر؟
الفريق سعد الشاذلى رحمه الله كانت له وجهة نظر عسكرية تحترم لتجنب الثغرة وطرحها في غرفة العمليات على الرئيس الرئيس السادات إبان حرب أكتوبر ولكن السادات وجد صعوبة في الأخذ بها وارتأى شيئا آخر لا يهم الآن من المصيب والمخطئ فيهما ولكن المحصلة النهائية أننا انتصرنا واسترجعنا الأرض ومهما كانت الخسائر فهى هزيله في مقابل النصر أما عن السجال الذي دار بينه وبين الحكومات السابقه فلا استطيع إلا إن أقول إنها طبيعه البشر.
** بعد حضورك احتفال الأمس بمناسبه ذكرى 6 أكتوبر بصحبه الرئيس عبد الفتاح السيسي بالكلية الحربية كيف ترى الفرق بينه وبين الرئيس المعزول محمد مرسي؟
الرئيس السيسي يحمل جينات صانعى أكتوبر الحقيقيين وامتداده يرجع لعبد ناصر والسادات محرري الأرض من المغتصبين اليهود، وهو مثلهم رد الاعتبار والكرامة للشعب المصري باسترداده لسيناء التي كاد المعزول أن يفرط فيها لبعض الجماعات المتطرفة.
بالأمس في الاحتفاليه شعرت أن رأسي مرفوع ويناطح السحاب لأن الحق رد لأصحابه بعدما رأيت زملائي الأبطال والمصابين ينالون التكريم الذي يستحقوه من حارس مصر وقائدها الرئيس السيسي الوجه، أما احتفالية العام الماضي فلن استطيع التعبير عنها إلا بكلمة واحدة وهى "مهزلة كبيرة".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.