قبل انطلاق العام الدراسي.. وزير التعليم ومحافظ أسيوط يتفقدان 9 مدارس بالمحافظة    الطرق الصوفية توضح موقفها من واقعة اتهام الشيخ التيجاني بالتحرش    عيار 21 الآن بعد ارتفاع كبير.. سعر الذهب اليوم الجمعة 20-9-2024 (تحديث جديد بالصاغة)    النقد العربي: البورصة المصرية الأكثر ارتفاعًا بين أسواق المال العربية خلال أغسطس    ماكرون يتهم إسرائيل بدفع المنطقة إلى الحرب    بقيادة بيرسي تاو.. يلا كورة يكشف قائمة الأهلي لمواجهة جورما هيا    مالك نانت ردًا على شائعات بيع النادي: لا أعرف أرنولد.. وكفاكم هراء    تراجع الحرارة وشبورة مائية.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس السبت    بفستان مكشوف.. الجمهور يعلق على أحدث ظهور ل أسماء جلال    محافظ القاهرة ووزير الثقافة يشهدان الملتقى الدولى لفنون ذوى القدرات الخاصة    ما هو حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم؟.. فيديو    ما العضو المسئول عن خروج الصفراء من الدم؟.. حسام موافي يوضح    فيفا يعلن تفاصيل كأس العالم للأندية 2024 بمشاركة الأهلى والنهائى فى قطر    صبري فواز: الرقابة تتربى داخل كل إنسان ونتماشى مع ما يناسبنا    4 أبراج أقل حظا في شهر أكتوبر.. «الفلوس هتقصر معاهم»    مسؤول أممي: 16 مليونا في سوريا بحاجة للمساعدة.. ومعاناة الأطفال تتفاقم    وزير التعليم العالي يكرم رئيس جامعة طيبة التكنولوجية بالأقصر    الصحية النفسية والذهنية فى خريف العمر    الجناح المصري في معرض Leisure السياحي بموسكو يحصل على جائزة «الأفضل»    إعلام فلسطيني: 13 شهيدا فى غارة إسرائيلية على منزلين برفح الفلسطينية    قصائد دينية.. احتفالات «ثقافة الأقصر» بالمولد النبوي    خالد عبد الغفار: 100 يوم صحة قدمت 80 مليون خدمة مجانية خلال 50 يوما    آية الكرسي: درع الحماية اليومي وفضل قراءتها في الصباح والمساء    الجيزة تحتفل بعيدها القومي    على رأسهم صلاح.. أفضل 11 لاعبا للجولة الخامسة من فانتازي الدوري الإنجليزي    طرح الإعلان التشويقي لفيلم "دراكو رع" تمهيدا لعرضه تجاريا    زيدانسك تضرب موعدا مع سرامكوفا في نصف نهائي تايلاند    "اعتذار عن اجتماع وغضب هؤلاء".. القصة الكاملة لانقسام مجلس الإسماعيلي بسبب طولان    واقف قلقان.. نجل الشيخ التيجاني يساند والده أمام النيابة خلال التحقيق معه (صور)    مصر للطيران تكشف حقيقة وجود حالات اختناق بين الركاب على رحلة القاهرة - نيوجيرسي    دعاء يوم الجمعة: نافذة الأمل والإيمان    جمعية الخبراء: نؤيد وزير الاستثمار في إلغاء ضريبة الأرباح الرأسمالية في البورصة    بعد الموجة الحارة.. موعد انخفاض الحرارة وتحسن الأحوال الجوية    محافظ قنا ونائبه يتابعان تنفيذ أنشطة بداية جديدة بقرية هو    وزير الأوقاف يشهد احتفال "الأشراف" بالمولد النبوي.. والشريف يهديه درع النقابة    وزير الزراعة يبحث مع المديرة الإقليمية للوكالة الفرنسية للتنمية التعاون في مجال ترشيد المياه والاستثمار الزراعي    الإفتاء تُحذِّر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن المصحوبةً بالموسيقى أو الترويج لها    خلال ساعات.. قطع المياه عن مناطق بالجيزة    روسيا: تفجير أجهزة ال"بيجر" في لبنان نوع جديد من الهجمات الإرهابية    خبير يكشف تفاصيل جديدة في تفجير أجهزة الاتصالات اللاسلكية بلبنان    "بداية".. قافلة طبية تفحص 526 مواطنًا بالمجان في الإسكندرية- صور    طريقة عمل بيتزا صحية بمكونات بسيطة واقتصادية    نشوب حريق هائل في مخزن للبلاستيك بالمنوفية    البيت الأبيض: الجهود الأمريكية مستمرة للتوصل لاتفاق وقف إطلاق النار    بتكلفة 7.5 مليون جنيه: افتتاح 3 مساجد بناصر وسمسطا وبني سويف بعد إحلالها وتجديدها    لجنة "كوبرا" بالحكومة البريطانية تبحث تطورات الوضع فى لبنان    ضبط شخصين قاما بغسل 80 مليون جنيه من تجارتهما في النقد الاجنبى    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    سوء معاملة والدته السبب.. طالب ينهي حياته شنقًا في بولاق الدكرور    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    غرق موظف بترعة الإبراهيمية بالمنيا في ظروف غامضة    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    تراجع طفيف في أسعار الحديد اليوم الجمعة 20-9-2024 بالأسواق    معلق مباراة النصر والاتفاق في الدوري السعودي اليوم.. والقنوات الناقلة    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    ليس كأس مصر فقط.. قرار محتمل من الأهلي بالاعتذار عن بطولة أخرى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قانون الأحزاب السياسية في مصر (2 - 8)
نشر في البوابة يوم 19 - 08 - 2014


التطور التاريخي والتجارب الأخرى:
في إطار حديثنا عن قانون الأحزاب في مصر، أوضحنا في المقال السابق، أننا سنعتمد منهجية تاريخية اجتماعية إلى جوار الاهتمام بمقارنة القانون المصري بنظيره في بلدان متنوعة من حيث درجة التطور الديمقراطي، وذلك تأكيدًا على أن مصر لا تستطيع أن تحيا بمعزل عن العصر، وبدأنا بالفعل الحديث في المقال السابق عن نشأة الأحزاب في مصر بداية بالثورة العرابية والحزب الوطني القديم ثم بظهور عدد كبير من الأحزاب مع موجة التحديث التي شهدها القرن العشرين، وسنحاول في هذا المقال أن نبدأ حديثنا في إطار استكمال الاستعراض التاريخي الاجتماعي بثورة 1919 التي كانت السبب في ظهور أهم موجة حزبية في مصر.
كانت ثورة 1919 من زاوية التحليل الاقتصادي - الاجتماعي هي ثمرة التطورات الاقتصادية - الاجتماعية التي عرفتها مصر نتيجة العزلة التي فرضت عليها أثناء الحرب العالمية الأولى حيث دفعتها هذه العزلة إلى الاعتماد على إمكاناتها الذاتية وتطوير قدراتها الاقتصادية، ومن ثم تطور بناها الاجتماعية بعد ذلك، ويمكننا القول أن ثورة 1919 هى التى مهدت الأجواء إلى ظهور موجة جديدة من الأحزاب السياسية، وبعد ثورة 1919 شكل دستور 1923 إطارًا دستوريًا وقانونيًا للحياة السياسية فى هذه المرحلة بشكل عام، وللحياة الحزبية والنيابية بشكل خاص، حيث ساد البلاد مناخ شبه ليبرالى اتسم باحترام الحقوق والحريات المدنية والسياسية، وفى مقدمتها حرية التعبير، وتكوين الأحزاب والجمعيات.
ورغم تزايد عدد الأحزاب التى تم تأسيسها، وتباينها من حيث التوجهات والأهداف وتشعب انتماءاتها، فإن الممارسة العملية أظهرت أن النظام الحزبى آنذاك غلب عليه وجود مجموعة من الأحزاب الموالية للسراي وسلطات الاحتلال، أو بتعبيرات أخرى القصر والإمبراطورية، وأخرى تسعى لتمثيل الطبقات الوسطى، وأحيانًا "الشعبية" وهى بالتحديد تنظيمات اليسار والإخوان ومصر الفتاة وغيرها من التنظيمات الشعبوية، وأخيرًا حزب الأعيان، أو البرجوازية الصاعدة، الذى تمتع طوال الفترة من 1919 وحتى 1952 بشعبية جارفة، ونعنى بذلك حزب الوفد، ورغم هذه الشعبية الجارفة فإنه لم يصل إلى السلطة إلا لمدة 7 سنوات لثلاث مرات متقطعة فى ظل قيام القصر (أو) الإمبراطورية بتزوير الانتخابات لصالح أحزاب الأقلية، مما أدى إلى عدم الاستقرار السياسى وفقدان الثقة فى العملية الديمقراطية.
انتهت هذه المرحلة شبه الليبرالية بوصول الضباط الأحرار إلى السلطة عام 1952، وحل الأحزاب السياسية فى سبتمبر 1953، وحظر تكوين أحزاب سياسية جديدة، وبذلك انتهت مرحلة التعددية الحزبية، وبدأت مرحلة جديدة اتسمت بالاعتماد بصفة رئيسية على التنظيم السياسى الواحد، حيث تم تأسيس تنظيم "هيئة التحرير"، وتم إلغاؤه، وتأسس بعد ذلك تنظيم "الاتحاد القومى"، وتم إلغاؤه، ثم "الاتحاد الاشتراكى العربى" الذى تأسس كتنظيم سياسى شعبى جديد يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة.
بدءًا من "ثورة التصحيح" فى 15 مايو 1971، بدأ فى مصر نظام جديد ومرحلة جديدة، وصدر قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 بتعديلاتهما المتتالية، وهذا القانون هو ما شكل النظام التشريعى والقانونى لهذه المرحلة التى بدأت إرهاصاتها الأولى مع قرار الرئيس السادات فى مارس عام 1976 بقيام ثلاثة منابر حزبية فى إطار الاتحاد الاشتراكى تمثل اليمين والوسط واليسار، وتم تحويل هذه المنابر فى 22 نوفمبر من نفس العام إلى أحزاب سياسية، وكانت هذه الأحزاب هي النواة الأولى للتعددية الحزبية، وهى التعددية التى أطلق عليها العديد من الباحثين فيما بعد التعددية الحزبية المقيدة.
بدأت هذه المرحلة، والتى سنتعرض لها بشيء من التفصيل، عندما أعلن السادات فى 11 نوفمبر 1976 فى مجلس الشعب بمناسبة افتتاح دور انعقاده الأول: "لقد اتخذت قرارًا سيظل تاريخيًا يرتبط بكم وبافتتاح مجلسكم الموقر وهو أن تتحول المنابر الثلاثة ابتداءً من اليوم إلى أحزاب.. إن هذا القرار ينطوى على تحول أعمق مما يبدو منه وعلى مستويات أكثر مما ترى العين من النظرة الأولى.. فالدستور الدائم فى تقديرى يتسع لهذا التطور الجذرى فى البناء السياسى العام لبلدنا، ولكن هناك نصوصًا أخرى لابد من أن تراجع على ضوء هذا القرار وخصوصًا النظام الأساسى للاتحاد الاشتراكى العربى، وفى تصورى أنه أصبح من المحتم أن يكون هذا النظام الأساسى منظمًا للأحزاب بعد أن قفز الشعب بالتجربة الديمقراطية وبكم هذه القفزة الرائعة خلال المعركة الأخيرة بين الأحزاب الثلاثة، ولا أريد أن أسبقكم إلى التفاصيل ولكن هناك نتائج لابد أن تترتب منطقيًا على هذا القرار، أن يد الاتحاد الاشتراكى بالضرورة سترتفع نهائيًا عن الأحزاب وسوف يصبح كل حزب حر تمامًا فى إدارة نشاطه فى حدود القوانين والدستور...".
كانت المنابر الثلاثة قد خاضت معركة الانتخابات البرلمانية فى أكتوبر 1976، وهى المعركة التى اعتبرها الكثيرون معركة سياسية تعددية من ناحية، ونزيهة من ناحية أخرى.
اللافت أن التحول من التنظيم السياسى الواحد: الاتحاد الاشتراكى العربى المبنى على صيغة تحالف قوى الشعب العامل، إلى المنابر ثم الأحزاب، قد واجه مقاومة من بعض دوائر المثقفين والساسة، وبالذات القوميين منهم، حتى أن عصمت سيف الدولة، مثلاً، المفكر القومى الكبير، أصدر فى هذا الوقت كتابًا مهمًا تحت عنوان: "الأحزاب ومشكلة الديمقراطية فى مصر"، انتقد فيه هذه التحولات على اعتبار أنها محاولة للعودة إلى الليبرالية التى فشلت قبل 1952 فى تحقيق ديمقراطية الشعب التى ينبغى أن تستند على "التحرر والممارسة"؛ وشرح كيف أن المقصود ب"التحرر" هو التحرر من القهر الاقتصادى، أما عن "الممارسة" فشرح كيف أنها تبدأ من عزل أو استبعاد أعداء التحرر أى أعداء الشعب، وتبقى الحرية، كل الحرية للشعب، وعلى الرغم من أن هذه الأفكار قد تبدو بالنسبة لنا الآن غريبة إلى حد كبير فإنها لم تكن كذلك فى 1976، ونحن نود التنبيه لذلك حتى نستطيع تفهم طبيعة النقلة الكبيرة التى حدثت بإعلان المنابر ثم إقرار حق تشكيل الأحزاب بعد ذلك بمقتضى القانون 40 لسنة 1977، ولا يمكننا تفسير هذه النقلة بالتحولات الاقتصادية - الاجتماعية التى أعادت إحياء الليبرالية الاقتصادية فحسب، كما يحلو للبعض أن يفسر، ولا يعود ذلك أيضًا لادعاءات النظام الديمقراطية ورغبته فى خطب ود الغرب فحسب أيضًا، ولكن لابد من إدراك الدور الذى لعبته النضالات السياسية، وبالذات دور الحركات الطلابية والعمالية التى ظهرت واشتد عودها فى الفترة من 1968 وحتى 1977، حيث نجحت هذه الحركات والقوى السياسية الجديدة الصاعدة بالفعل فى الدفع بدماء جديدة وأفكار جديدة داخل النخب المصرية، وهى الدماء التى رفعت رايات الديمقراطية رغم تعدد منطلقاتها الفكرية والسياسية وانتماء بعضها إلى التيارات القومية والناصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.