زيادة أسعار البنزين والسولار ورفع تعريفة الركوب بالمحافظات - تغطية خاصة    ارتفاع البلطي.. أسعار السمك اليوم الجمعة في سوق العبور    وزير الإسكان: إتاحة أراض ب20 مدينة جديدة لذوي الهمم    وزير الدفاع الأمريكي: اغتيال يحيى السنوار فرصة "استثنائية" لإنهاء الحرب    وزير خارجية إسرائيل: جوتيريش لم يرحب باغتيال السنوار    الاتحاد الأوروبي يصدر بيانا موجها إلى إسرائيل بشأن هجماتها على قوات اليونيفيل    زيادة أسعار المحروقات.. تحرك عاجل للتموين بشأن محطات بيع الوقود    نقيب الزراعيين: أسبوع القاهرة للمياه نجح في تأكيد موقف مصر بشأن سد النهضة    الاحتلال يعلن إصابة 3 جنود بمواجهات فى لبنان ونقلهم لتلقى العلاج    7 مباريات فى الجولة الثالثة من دوري الكرة النسائية اليوم والزمالك راحة    المنيا يلاقي التليفونات والأسمنت يواجه الواسطى بجولة نارية بدوري القسم الثاني    ارتفاع حديد عز والاستثماري.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 18 أكتوبر 2024    تكاثر للسحب المنخفضة على سواحل الإسكندرية وتوقعات بسقوط أمطار    النشرة المرورية.. سيولة وانتظام فى حركة السيارات بشوارع القاهرة والجيزة    المعمل الجنائي: لا إصابات في حريق شقة سكنية بفيصل    التحفظ على سائقي سيارة تسببا في إصابة 9 أشخاص بالجيزة    حبس لصوص المنازل والمدارس في القاهرة 4 أيام    واشنطن بوست: السنوار لم يكن العائق الوحيد أمام وقف إطلاق النار ونتنياهو أعاقه مرارا    مدير «ثقافة أسوان» تكشف تفاصيل مهرجان تعامد الشمس على قدس الأقداس بمعبد أبوسمبل    «عبد الغفار» يؤكد أهمية تقييم التكنولوجيا الطبية بإصلاح السياسات واتخاذ القرارات الصحية    أخبار الأهلي : تفاصيل قرعة الدوري المصري موسم 2024-2025    تجهيزات خاصة لحفلات "الأندرجراوند" بساقية الصاوي    "مال أبونا لا يذهب للغريب".. دار الإفتاء تكشف حكم الشرع في هذه المقولة    جوميز يصدم ثنائي الزمالك بقرار جديد قبل لقاء بيراميدز في السوبر المحلي    كورقة للتفاوض.. جيش الاحتلال قد يحتفظ بجثة السنوار    غارتان على منطقة المواصي غرب رفح الفلسطينية    سر حمل يحيى السنوار «علبة حلوى صغيرة» معه قبل مقتله.. تفاصيل جديدة    شولتس: ألمانيا يجب أن تضمن عدم اتساع الحرب في أوكرانيا إلى الناتو    وزير التموين: لا مساس بسعر الخبز البلدي المدعم بعد تحريك أسعار السولار    بعد قرار «التنظيم والإدارة»| تفاصيل جديدة بشأن ترقيات 2024 للموظفين وزيادة الأجور    بعد تحريك أسعار الوقود.. ننشر تعريفة الركوب الجديدة لسيارات الأجرة بالقليوبية| تفاصيل    أسعار الذهب اليوم 18-10-2024 في مصر.. كم يسجل عيار 21؟    وفاة الشاعر أحمد علي موسى    اليوم.. تامر عاشور يحيي حفل غنائي بمهرجان الموسيقى العربية    بعد مفاوضات بيراميدز والزمالك.. إبراهيم سعيد يوجه نصيحة لمحمد شريف    لا يسخر قوم من قوم.. تعرف على موضوع خطبة الجمعة اليوم مكتوبة    ورشة عمل عن إعادة تدوير المخلفات البلاستيكية والورقية لطالبات الأقصر    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 18 أكتوبر    أسماء تشكيل هيئة مكتب أمانة حزب مستقبل وطن بكفرالشيخ    شيرين عبدالوهاب ترد على معجب طلب يدها للزواج .. ماذا قالت؟    طالب يصيب نجل عمومته بخرطوش في سوهاج    محمد فاروق: الاستعانة بخبير أجنبي لإدارة لجنة الحكام بشروط.. وجاهزين لإدارة السوبر المصري    اليوم، إطلاق 6 قوافل طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية    اليوم.. وزارة الأوقاف تفتتح 32 مسجدًا بالمحافظات    اخترق موبايله على الهواء.. مستشار الأمن السيبراني يصدم حمدي رزق| شاهد    عبدالجليل: الزمالك سيواجه صعوبات أمام بيراميدز.. واتمنى أن يكون نهائي السوبر بين القطبين    أزهري: الزواج الشفهي بدون ورقة أو مأذون حلال    الوحدة المحلية بدمنهور تنظم قافلة سكانية وتثقيفية لدعم الصحة النفسية والمجتمعية    الصيادلة: أزمة نواقص الأدوية تنتهي تماما مطلع نوفمبر.. ولا زيادات جديدة بالأسعار    لطفي بوشناق: مصر وتد الأمة العربية.. عشت بها وأكلت من خيرها    محافظ الإسماعيلية يشهد احتفالية العيد القومي ال 73    إنهاء كافة الاستعدادات للاحتفال بمولد العارف بالله إبراهيم الدسوقي    لولو بتحب مها.. محمود شاهين يكشف سبب بكاء إلهام صفي الدين بحفل زفافه    سنن النبي يوم الجمعة .. 7 أمور اغتنمها قبل الصلاة وبعدها    أستاذ باطنة: ارتجاع المريء يتحول لمرض مزمن فى هذه الحالة    نشرة التوك شو| تصفية السنوار وأصداء الافتتاح التجريبي للمتحف المصري الكبير    وزارة الرياضة: وجدنا مخالفات في بعض الاتحادات تم تحويلها إلى النيابة    بطريرك الروم الأرثوذكس يختتم زيارته الرسمية بقبرص.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأديب الكبير نعيم صبري: لا تحزن!
نشر في البوابة يوم 23 - 06 - 2024

أكتب هذا المقال من وحي تدوينة كتبها الأديب الكبير والشاعر نعيم صبري. قال: "سأسبب ورطة لمن سيريد رثائي في يوم ما، فلن يجد ما يقوله، فلم أحصل على أي جوائز يفتخرون بها، ولم أُترجم إلى أي لغة، وقرائي محدودون". وقد حرّكَت هذه الكلمات الحزينة مخزونًا من العواطف الصادقة بداخلي تجاه هذا الأديب الكبير وغيره من كتاب ورموز كبار لم يحظوا بالتكريم والجوائز، بينما يستحقونها عن جدارة، بل إن مفهوم التكريم الحقيقي يعود علينا لأننا نحن كقراء ومتلقين من استمتعوا بإنتاجهم؛ ونعيم صبري من الأدباء الذين تُعتبرُ أعمالهم من مصادر التاريخ حيث جعلنا نقرأ تاريخ مصر عبر رواياته وتعرفنا على الثورات وما صاحبها من آمال وإحباطات، وعشنا من خلاله ثنائية الانتصار والهزيمة في جيل ثورة يوليو من خلال روايته "صافيني مرة"، وكيف اختزل في أغنية عبد الحليم حافظ تاريخ مصر المعاصر كله ومأساة جيل، بداية من اتفاقية الجلاء التي كانت محور الكفاح المصري خلال 70 عاما، من أحمد عرابي مرورا بثورة 1919 ومصطفى النحاس، وصولًا إلى الانتصار المعنوي في 1956 والوحدة بين مصر وسوريا ثم هزيمة 1967؛ هذا الجيل عاش انتصارات الثورة وعظمتها ثم عانى من ويلات النكسة التي أنهت حياته معنويًا.
كما جعلنا الكاتب نمرُّ على أحداث تاريخية أخرى مهمة مثل زيارة الفيلسوف الفرنسي جون بول سارتر إلى مصر بدعوة من مؤسسة الأهرام له وحليفته سيمون دي بوفوار في مارس 1967 وأشرف عليها الكاتب الكبير لطفي الخولي رئيس تحرير مجلة الطليعة. وتعرفنا أيضا على واقعة اغتيال الرئيس الأمريكي الخامس والثلاثين جون كينيدي في 22 نوفمبر1963. كما تعرفنا على البيانات العسكرية لحرب 1973 وكيف تمكنت القوات المسلحة من اقتحام مانع قناة السويس واجتياز خط برليف المنيع وعبور الضفة الشرقية من القناة.
كما عشنا مع أديبنا نعيم صبري مشاعر منتصف العمر في "أمواج الخريف"، وتعرفنا على الصراع بين الطبقات في رواية "الابنة فاتن"، ثم عانقنا أحلام البطل في "أوبرا الأستاذ تحتمس"-وهو تحتمس الثالث أكثر ملوك مصر القديمة تحققًا وإنجازًا- واحتمينا في "شبرا " من كافة التشوهات التي أصابت المجتمع المصري نتيجة التعصب الديني والعمليات الإرهابية، فشبرا ذلك الحي الذي يرمز للتعايش بين الأديان والأعراق أصبح واحة الاستقرار والتنوع الثقافي والديني التي نلوذ بها من خيباتنا حتى لا ننسى في خضم الحروب الجديدة قيم التسامح التي شيدها المجتمع المصري عبر قرون طويلة ودفع فيها أثمانًا غالية. وقد رأينا ما طرأ على حي شبرا من هزات وفساد في رواية "الحب السابع".
ما استعرضته بعضًا قليلًا من أعمال كثيرة وسيرة غنية بالإنتاج بدأها نعيم صبري بكتابة الشعر وأصدر ديوانين، يوميات طابع بريد وتأملات في الأحوال، ثم اتجه بعد ذلك اٍلى المسرح وكتب مسرحية شعرية موسيقية هي بئر التوتة، تلتها مسرحيته الشعرية "الزعيم". ثم عاد فأصدر ديوانه "حديث الكائنات". ومع كل هذه الدواوين يقول صبري في حواراته بكل تواضع "إنه لا يعتبر نفسه شاعرًا "!
وقائمة رواياته طويلة هي أيضا طويلة حيث كتب سيرته الذاتية في "يوميات طفل قديم"، ثم روايات أخرى كثيرة مثل "وتظل تحلم اٍيزيس" و"المهرج" و"أمواج الخريف" و"حافظ بتاع الروبابيكيا"، و"بين الإغفاءة والصحو"، و"المغني القديم"، و"دوامات الحنين" و"جنون العطش"، و"أنشودة الحنين" و"2020"، وغيرها الكثير.
بعد كل هذا الإنتاج الغزير، هل يحق لك يا أستاذ أن تحزن؟! وكيف لا يجد من يريد أن يرثيك -بعد عمر طويل-شيئًا يذكره عنك ؟! إن الحزن الحقيقي يا سيدي ليس لأننا لن نجد ما نقوله، فلدينا الكثير والكثير، ولكنْ لأن "جمهورية" القراء بدون سلطة، لذلك غالبًا لا تصل كلمتهم إلى مسؤول هنا ومؤسسة هناك لترشيح زعماء ورموز هذه الجمهورية، رغم كونهم من يستحقون أن نكرمهم؛ بل نستحق أن يتم تكريمهم من أجلنا نحن ومن أجل كل ما قدموه لنا من إبداع يبعث الطمأنينة في نفوسنا الجزعة.
أنت يا أستاذ نعيم من يثري شخصياتنا ويصنع ذكرياتنا وأحلامنا. نعم إنه الاطمئنان بكم وبفضلكم، فكلما أشاهد احتفالًا بشخصيات سياسية وفكرية وأدبية ذات قيمة تشعرني المناسبة بالاطمئنان، ربما قبل الفرح والابتهاج؛ ليس لأن الشخصية تنال ما تستحقه من احتفاء وتكريم وتقدير -هو في الحقيقة لا يضاهي تعبها واجتهادها في سنوات العمر -ولكن لأن الاحتفاء من أجلنا؛ من أجل قيمنا وأجيالنا المتعاقبة والشابة في لحظات ملتبسة أو ربما هي كذلك لأنَّ مشاركتنا في صنعها يكاد يكون منعدمًا أو ربما لأن التغيير والإصلاح والحريات لا تعانق أحلامنا التائهة والمتناثرة.
إن الاحتضان بالقلوب والسواعد أصبح قيمة نادرة، وإن توفّرَ من الأصدقاء والمقربين من صاحب العطاء فإنه يشعرُ مع ذلك بنقص في مسيرته ويظل ينتظر تكريمًا مؤسسيًا من جهات بعينها. إن تكريمك يا سيدي ليس فقط تكريمًا لاستعادة التاريخ والمسيرة في تألق العطاء وإنما هو اشتياق للاقتداء بخطواتك ولقيم التواضع التي تتراكم وتعلو بها وبنا مع سنوات العطاء لطرد ثقافة رديئة سائدة هي ثقافة لا تشبهنا ولا تغرف من عمق تاريخنا وتهمّش الرموز "الحقيقيين" وتشوه القيم التي تنبع منا وتنكر الجميل لمن نسجوها وغزلوا كل خيوطها الخالدة.
لا تقلق يا أستاذ نعيم فأنت شخصية تستحق أن نضعها داخل عيوننا وبين رموشنا وداخل أضلعنا حتى نطمئن بك ونُطمْئِنك بأنك جدير بالفرح والحياة وأننا سنكون بخير بجدارتنا بك وليس مجرد احتفال بك واستعراض لمشوارك. ولعل البعض يقول إن هناك اختلاطا بين الحابل والنابل يجعل التمييز صعب بين من يستحق التكريم وبين المُدَّعين المندسين في موكب المبدعين، وعادة لا يظهر إلا صاحب الصوت العالي، كثير الصخب، أما العصافير التي تغني على أغصان الشجرة وتصنع عالمًا من الفن والرقة فلا يلمحها إلا الفنان المُقدّر للجمال.
وهنا الإجابة سهلة: إذا شعرت باشتباك لعدم القدرة على التمييز بين من هم المبدعون العظماء ومن هم المُدَّعون المزيّفون، هناك نصيحة اتبعها وستعرف حينئذ من يستحق التكريم ومن افتكه بحملات العلاقات العامة. لا تقلق ستختفي الحيرة والالتباس لأن أرواحهم ستنادي عليك؛ ستجدهم بسطاء متواضعين معجونين بكنز اسمه القناعة ينعمون بهدوء النفس ويمتلكون حضورًا براقًا وأرواحًا نقية نادرة جدًا. تلك علامات لا تخطئها لمن يستحقون التكريم من العظماء وأنت منهم وفي مقدمتهم يا أستاذ نعيم؛ دام إبداعك!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.