يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلى التفنن فى إبادة الحياة فى غزة بكل أشكالها؛ فمنذ عدوان السابع من أكتوبر المنصرم طالت آلة الحرب كل مفاصل الدولة الفلسطينية صحيا واقتصاديا واجتماعيا؛ حتى تحولت غزة ل«جحيم»؛ يعيش فيها الآلاف بين النزوح والدمار ويلاحقهم الموت من كل ناحية. وتزامنا مع استمرار العدوان الممنهج الذى يشنه الجيش الإسرائيلى وسط حصار خانق يمتد ل أكثر من 17 عاما؛ انهارت العديد من القطاعات الحيوية والأساسية فى غزة بما فيها الصحة والزراعة؛ فمن نجا من القصف والمتفجرات قتله المرض والجوع فى ظل انهيار منظومة الصحة وتفشى المجاعة وانتهاء استراحة الموت بعد انهيار الهدنة. «البوابة نيوز» حاورت محمد قلالوة مدير عام الإحصاءات الاقتصادية بالجهاز المركزى للإحصاء الفلسطينى للوقوف على آخر الإحصاءات بشأن خسائر الدولة الفلسطينية جراء العدوان الإسرائيلى الغاشم المستمر لما يقرب من شهرين. بداية، قال «قلالوة»، إن قطاع غزة يسكنه أكثر من 2 مليون و250 ألف نسمة فى مساحة يبلغ إجمالها 365 كيلومترا مربعا؛ مشيرا إلى أن قطاع غزة هو أعلى المناطق تكتلا بالسكان فى العالم؛ فنحو 6 آلاف نسمة يقيمون فى كل 1 كيلو متر مربع. وأضاف، أن الجهاز المركزى للإحصاء الفلسطينى رصد الآثار المترتبة على العدوان الإسرائيلى على غزة، فتجاوز عدد الشهداء 15 ألف شهيد 70٪ من بينهم من النساء والأطفال؛ فيما تجاوز عدد الجرحى لأكثر من 38 ألف جريح، وما يزيد على 7 آلاف مفقود تحت الأنقاض؛ إضافة إلى تواجد 121 ألف مواطن داخل المستشفيات والكنائس؛ ونزوح أكثر من مليون و65 ألفا لأماكن متفرقة فى قطاع غزة بينهم 70٪ لجأوا إلى 149 مركز إيواء يتبع للأونروا؛ إلى جانب نزوح ما يقرب من 99 ألفا للمؤسسات الحكومة؛ وإقامة أكثر من 600 ألف مواطن مع عائلات أخرى. وعن الدمار الذى شهدته مبانى قطاع غزة، يؤكد المسئول بالإحصاء الفلسطينى ل «البوابة» أن حسب آخر إحصائية فى 2019 فإن قطاع غزة كان يضم 186 ألف مبنى وحوالى 3400 وحدة سكنية؛ ولكن العدوان الإسرائيلى فى شهرين فقط هدم ما يقرب من 25 ألف مبنى بالكامل وما يقارب 46 ألف شقة سكنية، إضافة إلى تضرر ما يقارب 234 ألف وحدة سكنية، وهدم 88 مسجدا ودمر 3 كنائس. أما عن أضرار القطاع الصحى فى غزة جراء العدوان الإسرائيلى، أوضح «قلالوة» أن إجمالى عدد المستشفيات فى قطاع غزة قبل العدوان كان يبلغ 35 مستشفى؛ وتسبب العدوان فى خروج أكثر من 26 مستشفى وتوقفها عن الخدمة؛ إلى جانب تدمير 56 سيارة إسعاف واستشهاد ما يقارب 280 من الطواقم الطبية؛ لافتا إلى أن نسبة الاشغال فى المستشفيات قبل العدوان كانت تبلغ نحو 74٪ أما الآن فتجاوزت أكثر من 200٪. وحول قطاع التعليم؛ يؤكد «قلالوة» أنه لم يكن ببعيد عن العدوان الإسرائيلى فدمر القصف ما يقارب من 67 مدرسة بشكل كلى و200 مدرسة بشكل جزئى؛ إضافة إلى استشهاد أكثر من 167 فردا من الكوادر التعليمية فى قطاع غزة. وعن قطاع الزراعة آخر شريان لإنقاذ حياة الملايين بعد الحصار الإسرائيلى، أوضح أن 25٪ من المناطق الزراعية فى قطاع غزة تم تدميرها جراء العدوان الإسرائيلى. وفند المسئول بالإحصاء الفلسطينى ل «البوابة» انعكاسات العدوان الإسرائيلى على اقتصاد غزةوفلسطين والتى وصفها ب«الكارثة»؛ فاستمرار العدوان خلال الربع الأخير من 2023 أدى إلى انخفاض الناتج المحلى الإجمالى بنسبة تزيد على 6٪ ما أدى إلى انخفاض نصيب الفرد ومعدلات الاستهلاك؛ بالإضافة إلى تزايد معدلات البطالة فى قطاع غزة والتى كانت تتجاوز ال 45٪ قبل العدوان؛ ولكن الآن تشير التقديرات إلى أنها تجاوزت ال 70٪ بالإضافة إلى تزايد معدلات الفقر ل 85 ٪ نتيجة سوء التغذية. اقرأ أيضًا: وزير العدل الفلسطيني فى حواره ل «البوابة نيوز»: إسرائيل تنفذ إبادة جماعية وتطهيرًا عرقيًا ضد المدنيين وليس حركات المقاومة.. ومجلس الأمن والأمم المتحدة أخفقوا وعجزوا عن حل قضية غزة وبلغة الأرقام المالية، أكد «قلالوة» أن تكلفة الخسائر الناتجة عن توقف عجلة الإنتاج بلغت ما يقارب من 700 مليون دولار خلال الشهر الأول من العدوان على غزة؛ فيما بلغ معدل الخسائر اليومى ما يقارب من 24 مليون دولار نتيجة توقف عجلة الإنتاج، ومن المرشد أن تتزايد يوما بعد يوم جراء استمرار العدوان. أما واقع العمال بعد شهرين من العدوان؛ فأوضح أن 170 ألف عامل فى قطاع غزة فقدوا أعمالهم؛ ما يزيد من ارتفاع معدلات البطالة لأكثر من 70٪، مؤكدا أن تداعيات العدوان شملت كل المناطق فى فلسطين، فالآلاف الذين كانوا يعملون داخل الخط الأخضر باتوا محرومين من العمل فأكثر من 160 ألف عامل كان يعملون فى إسرائيل وداخل المستوطنات الآن توقفوا عن العمل؛ ويقدر دخلهم ما يقارب ال 3 مليارات سنويا ما يؤثر أيضا عن القاعدة الإنتاجية للعاملين فى الداخل المحتل وكل مفاصل الدولة الفلسطينية. اقرأ أيضًا: خاص| طبيب فلسطيني: العمليات تُجرى في الممرات بواسطة أسطوانات الأكسجين.. والإندونيسي المستشفى الوحيد لمحافظتي غزة والشمال وأكد مدير عام الإحصاءات الاقتصادية أن تداعيات العدوان الإسرائيلى انعكست سلبا على الأسعار والسلع الأساسية فى الأسواق فى شتى بقاع الدولة الفلسطينية؛يأتى ذلك تزامنا مع تضييق الحصار وتزايد معدلات البطالة؛ إذ شهدت الأسعار ارتفاعا غير مسبوق متجاوزا ال 26 ٪ بعد الشهر الثانى من العدوان ما أدى لانخفاض القدرة الشرائية لأكثر من 12٪ وزيادة معدلات الفقر فى الضفة وغزة. وحول مقارنة الأوضاع ونسب البطالة والفقر قبل وبعد عدوان أكتوبر؛ قال «قلالوة»: قبل العدوان كانت تبلغ معدلات البطالة 45٪ فى غزة وحوالى 15٪ فى الضفة الغربية؛ ولكن بعد العدوان تزايدت معدلات البطالة لما يقارب ال 90٪ فى غزة وأكثر من 29٪ فى فلسطين؛ ومن المتوقع أن تكسر ال 30٪ خلال الأيام المقبلة جراء استمرار العدوان. وأضاف أن معدلات الفقر قبل العدوان بلغت 17٪ فى الضفة وأكثر من 50٪ فى قطاع غزة؛ ولكن الآن تجاوزت ال 85٪ فى غزة، مشيرا إلى أنه لم يتم حصر السيدات اللواتى دخلن تحت خط الفقر والبطالة فى غزة بسبب العدوان وسوء وسائل الاتصال خاصة بعد قصف إسرائيل لمكتب الإحصاء الحكومى فى غزة؛ ولكن حسب التقديرات شبه الرسمية؛ فإن أكثر من 70٪ من شهداء العدوان من السيدات. اقرأ أيضًا: 13 شهرًا خلف القضبان.. أسيرة فلسطينية مُحررة: الاحتلال عذب الأسيرات ردًا على طوفان الأقصى.. و«الصمود» كان خيارنا الوحيد وأردف أن تركيبة الاقتصاد الفلسطينى تعتمد بشكل كلى على «الاقتصاد الخدمي» حيث إن أكثر من 50٪ من القطاعات الاقتصادية تتعلق بتجارة الجملة والتجزئة؛ وهو القطاع الأكثر تأثرا بالعدوان على غزة متجاوزا حد ال 90٪ جراء توقف قطاعى الصناعة والإنشاءات، وتوقف شكل كامل لقطاع الزراعة؛ لافتا إلى أن قطاع الصحة والإغاثة فقط لا يزالون يواصلون عملهم بالحد الأدنى وسط تداعيات خطرة بشأن القصف والعدوان وانتشار الأمراض والأوبئة نتيجة انتشار الجثث فى الشوارع وتحت الأنقاض. وأوضح، أن قطاع غزة يعيش منذ أكثر من 17 عاما محاصرا قبل العدوان؛ وقدرت تكلفة هذه الخسائر بما يقارب ال 35 مليار دولار نتيجة الحصار الخانق على قطاع غزة؛ مؤكدا أن هذا الحصار نتج عنه عدم التكامل بين الضفة وغزة وأثر سلبا على تداعيات الوضع الاقتصادى الفلسطينى كليا. اقرأ أيضًا: وزير الاتصالات الفلسطينى فى حواره ل«البوابة نيوز»: الاحتلال لم يتمكن من اختراق أنظمتنا الحكومية.. نحتاج 14 ألف لتر وقود يوميًا.. والمُحتل شرعن كل الأمور المُحرمة دوليًا لنفسه.. شاهد وأضاف، أن الضفة الغربية لم تكن بمنأى عن الأضرار والخسائر الجسيمة التى طالت الدولة الفلسطينية جراء العدوان على غزة؛ فأصبحت المناطق فى الضفة معزولة عن بعضها البعض نتيجة ممارسات الاحتلال فى الضفة الغربية. واختتم المسئول الفلسطينى حديثه قائلا إن الأرقام التى تحدثنا عنها فى السطور السابقة ناجمة عن ضرب القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الفلسطينى بشكل عام وخسائر توقف عجلة الإنتاج فقط، ولكن تكلفة الخسائر بالنسبة للأصول والممتلكات والبنية التحتية لم يتم حصره حتى الآن بسبب استمرار العدوان، مشيرا إلى أن حال توقف العدوان ستقوم المؤسسات الحكومية المنوطة بحصر الخسائر بعد تكشف معالم الآثار التدميرية الكبيرة؛ إلى جانب دراسة جهاز الإحصاء لحصر الآثار المترتبة والتداعيات الاقتصادية والاجتماعية.