غدا.. حفل تخريج دفعات جديدة من طلاب الأكاديمية العسكرية المصرية 2024    انخفاض مفاجئ في أسعار الطماطم اليوم الأربعاء.. شعبة الخضراوات تكشف السبب    الخارجية الأمريكية: لم يقتل أحد من مواطنينا في العملية الإسرائيلية بلبنان    هزة أرضية تضرب جنوب شرق القاهرة (تفاصيل)    صدمة جديدة ل كولر .. فرمان عاجل من لجنة تخطيط الكرة في الأهلي    «نفحات من الشتاء».. بيان مهم بشأن حالة الطقس غدًا الخميس (تفاصيل)    ظفار الدولي للمسرح يفتتح فعالياته بتكريم 5 مسرحيين على رأسهم النجمة إلهام شاهين    تفاصيل الحلقة 14 من مسلسل "برغم القانون".. موعد العرض والقنوات الناقلة    الأحد.. حفل غنائي للمركز القومي للمسرح احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر    الكشف على 1025 حالة ضمن قافلة طبية في الفيوم    الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب كمية من المواد المخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة    أحمد موسى: الإخواني زي الإسرائيلي.. عدوك وعمره ما هيكون معاك    في مؤتمر صحفي.. استادات تعلن التوسع في استخدام أحدث التقنيات والذكاء الاصطناعي في قطاع الرياضة    أزمة طولان وانقسام غريب.. مقعد «جلال» يفجر الخلافات داخل إدارة الإسماعيلي    بورسعيد تستقبل «الجميلة» وعلى متنها3600 سائح    النيابة العامة تقرر حبس المتهم الخامس فى واقعة سحر مؤمن زكريا 4 أيام    ظهرت جنوب تشيلي وفي البرازيل.. مشاهد ترصد الكسوف الحلقي للشمس    إصابة شخصين في حادث انقلاب سيارة بوسط سيناء    الحوار الوطني يبحث قضية الدعم ويؤكد التوافق لتحقيق مصلحة المواطنين    «البحوث الإسلامية»: 35 قافلة نفذت 25 ألف لقاء دعويا    واشنطن تدعم دور المغرب في تعزيز السلام والأمن في الشرق الأوسط    إسعاد يونس تكشف موعد اعتزالها التمثيل |فيديو    للمرة الأولى ب«الصحفيين».. العرض العام الأول للفيلم الوثائقي الدرامي «ممر الألم»    أمين الفتوى ب"قناة الناس": لا يجوز للزوجة أخذ مال من الزوج دون أذنه    الإفتاء: الجمعة أول شهر ربيع الآخر لعام 1446ه‍    بيسكوف: قوات كييف تستهدف المراسلين الحربيين الروس    حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 99 مليون و155 ألف خدمة مجانية خلال 62 يوما    فرض سيطرة وبودى جاردات.. الاعتداء على موظف بسبب شقة بالقناطر الخيرية    22 فيلما في ترشيحات جائزة النقاد العرب للأفلام الأوروبية 2024    معارض الحضارة المصرية في الخارج تجذب 625 ألف زائر    كوريا الجنوبية واليابان تتفقان على تنسيق الاستجابة تجاه «استفزازات» كوريا الشمالية    مصطفى الفقي: علاقة مصر مع إيران وإسرائيل وحزب الله تحتاج مراجعة    «وما النصر إلا من عند الله».. موضوع خطبة الجمعة المقبل    بيلد: أديمي الخيار الأول لخلافة محمد صلاح في ليفربول    10 صور ترصد بطولات شيكابالا مع الزمالك    ارتفاع حصيلة القتلى في استهداف إسرائيلي لمبنى سكني بدمشق إلى 3 أشخاص    قافلة تنموية شاملة لجامعة الفيوم توقع الكشف على 1025 مريضا بقرية ترسا    تغيير كبير.. أرباح جوجل بالعملة المصرية فقط    رئيس جامعة الأزهر: الإسلام دعا إلى إعمار الأرض والحفاظ على البيئة    رئيس الوزراء: نعمل على تشجيع القطاع الخاص وزيادة مساهمته    البورصة المصرية تتحول إلى تحقيق خسائر بعد اتجاهها الصاعد في الجلسات الأخيرة    وزير التعليم العالي يناقش فتح فرعا لجامعة أبردين البريطانية في مصر    تفاصيل زيارة أحمد فتوح لأسرة المجنى عليه.. وعدوه بالعفو عنه دون مقابل    عالم أزهري: 4 أمور تحصنك من «الشيطان والسحر»    قرار قضائي جديد ضد المتهمين في واقعة «سحر مؤمن زكريا»    الحوار الوطني.. ساحة مفتوحة لمناقشة قضايا الدعم النقدي واستيعاب كل المدارس الفكرية    محافظ القاهرة يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة الورش الإنتاجية التابعة للهيئة العامة للنظافة والتجميل    قافلة طبية في قرية الشيخ حسن بالمنيا ضمن مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان    جمال شعبان: نصف مليون طفل مدخن في مصر أعمارهم أقل من 15 عامًا    منح الرخصة الذهبية للشركة المصرية للأملاح والمعادن بالفيوم «أميسال»    بالصور.. 3600 سائح في جولة بشوارع بورسعيد    «بونبوناية السينما المصرية».. ناقد: مديحة سالم تركت الجامعة من أجل الفن    أستاذ جامعي: شمولية «حياة كريمة» سببا في توفير مناخ جاذب للاستثمار    النيابة تطلب تحريات مصرع عامل تكييف سقط من الطابق الثالث في الإسكندرية    عرابى: اختيار رمضان لمنصب المدير الرياضى موفق للغاية.. منح اللاعبين راحة من إختصاص الجهاز الفنى فقط    سقوط 6 تشكيلات عصابية وكشف غموض 45 جريمة سرقة | صور    وزير الري يلتقى السفيرة الأمريكية بالقاهرة لبحث سُبل تعزيز التعاون في مجال الموارد المائية    جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع نطاق دعوته لسكان جنوب لبنان بالإخلاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منصور يدعو الدول العربية لمكافحة الإرهاب
نشر في البوابة يوم 25 - 03 - 2014

صاحبَ السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت..
أصحابَ الجلالة والفخامة والمعالي والسمو..
ملوك وأمراء ورؤساء الدول العربية الشقيقة..
صاحبَ المعالي الدكتور نبيل العربي.. الأمين العام لجامعة الدول العربية..
الوفودُ المشاركة..
السيدات والسادة..
في مُستهلِ كلمتى أودُ أن أعبرَ عن تقديرنا الكبير لصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، أمير دولة الكويت الشقيقة على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال.. فهذا ما عهدناه دائمًا.. وإننا لعلى ثقة تامة في أن رئاسة دولة الكويت لفعاليات تلك القمة سوف تؤتى بمشيئة الله تعالى ثمارها الطيبة.. كما أسجلُ كلَ تقدير للجهد الدؤوب الذي تبذله بحكمة واقتدار جامعة الدول العربية برئاسة الدكتور نبيل العربى الأمين العام، في سبيل تحقيق المصلحة العربية وإنجاح مسيرة العمل العربى المشترك.
أصحابَ الجلالةِ والفخامةِ والمعالى والسمو..
أنقلُ إليكم رسالة من الشعب المصرى الذي يفخر بانتمائه للأمة العربية العريقة... أنقلُ لكم امتنان أهلكم في مصر لما قدمتموه من دعم ومساندة إبان مرحلة من أخطر مراحل التطور المجتمعى التي خاضتها مصر في تاريخها الحديث.
إن جموعَ الشعبِ المصرى قاطبةً لن تنسى من اختار المؤازرة والمساندة، قلبًا وقالبًا، لثورة الثلاثين من يونيو، والتي جاءت لكى تُصحح المسار الذي فرضه البعضُ على ثورة الخامس والعشرين من يناير وتستكمل أهدافها.
لقد نادى المصريون بالعيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية... واندلعت ثورة يونيو للحيلولة دون اختطاف الوطن وتغيير هويته وجره بعيدًا عن الإرادة الجامعة والضمير الوطنى لجميع المصريين.. وسط ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد.. ومن أجل ذلك.. وفى ضوء تلك المعطيات.. نؤكد لكم أيها الأخوة الكرام – ولشعوبكم العربية الأبية.. إن مصرَ تُثمنُ غاليًا التأييد والدعم اللذين تلقتهما من الدول العربية الشقيقة.. وسوف يسجلُ التاريخ لتلك الدول وقفتَها.. وقد دعونا من قبل ولازلنا نأملُ أن يبادرَ البعضُ ممن لا يزالُ يقفُ على الجانب الخطأ من مسار التاريخ أن يراجعَ موقفَه ويصحح اختياراته.. لينضوىَ الجميع تحت مظلة الأخوة والتآزر العربى.
إننا في مصرَ قد أوشكْنا على الوفاء بكافة التعهدات التي قطعناها على أنفسنا خلال إدارة المرحلة الانتقالية.. وها نحن نقتربُ من إتمام ثاني استحقاقات خارطة الطريق.
بعد إقرار الدستور في يناير الفائت، عبر إجراء الانتخابات الرئاسية، كى تليها بعون الله وتوفيقه الانتخاباتُ البرلمانية.. لنكونَ بذلك قد استكملنا بناءَ مؤسساتِ الدولة الحديثةِ المبتغاة.. دولةٍ تسعى للتقدم والحداثة والتضامن مع أشقائها العرب.. وتناضلُ من أجلِ التنميةِ والتحديثِ في إقليمها بأسره.
السيدات والسادة..
تواجهُ أمتنا العربية تحدياتٍ جسامًا على مستويات مختلفة.. سياسيةٍ واقتصاديةٍ واجتماعيةٍ وغيرِها، تستوجبُ كلُها أن يعضدَ بعضُنا بعضًا، وأن تتضافرَ الجهودُ المشتركة المخلصة من أجل بلوغ الغاياتِ التي تتوقُ إليها شعوبُنا منذ زمن طويل.
في مقدمة التحديات كانت ولا تزال القضية الفلسطينية، والتي هي قضيتُنا المحورية والمركزية.. هذا، وقد تابعت مصرُ ولا تزال المفاوضات الجارية برعاية أمريكية.. وقد دعمنا ولا نزال السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس في مواقفها وفى كل ما يصبُ إيجابًا في خانة المصلحة الفلسطينية.. وإننا لنتطلع أن تسفر قمتُنا الحالية عن التأكيد على موقفنا العربى الجماعى الراسخ الداعمِ لإنهاءِ مأساة الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية.. والذي بات يشكلُ لامتداده لعقود طوال وصمة عار في جبين الإنسانية جمعاء.. إن إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وتمكين الشعب الفلسطينى من إقامة دولته المستقلة القابلة للحياة والنماء في حدود ما قبل الخامس من يونيو 1967 وعاصمتُها القدس الشرقية اتساقًا مع قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة ومرجعيات عملية السلام، لاسيما مؤتمر مدريد ومبادرة السلام العربية.. أمورٌ لا تقبل التنازل أو التفريط وإلا باتت الشرعية ذاتها محل تشكيك وصار السلام نفسه غير قائم على العدل وغير قابل للاستدامة.. وإننا نطالب المجتمع الدولى بالعمل على إيقاف أية محاولاتٍ إسرائيلية للنيل من حرم المسجد الأقصى الشريف ومقدساتنا في القدس.. فهذا خطٌ أحمرُ لو تم تجاوزُه فلن يستطيعَ أحدٌ التنبؤ بنتائجه الكارثية على الجميع..
إن حرمَ المسجد الأقصى يخصُ الأمة الإسلامية بأسرها.. وتتحمل إسرائيل المسئولية كاملة بوصفها قوة احتلال إزاءَ النتائج الوخيمة التي ستنتجُ عن التهاون أو التخاذل بشأن حمايته من جماعات التطرف اليهودية. ونرجو أن رسل قمتُنا هذه رسالة قوية وواضحة إلى المجتمع الدولي في هذا الخصوص.
وأدينُ في هذا السياق، وبكل قوة، العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة وأطالبُ المهتمين بحقوق الإنسان والمدافعين عنها بالقيام بدورهم في رفع المعاناة عن الشعب الفلسطينى العزيز في غزة وغيرها بشكل فورى ومطالبة إسرائيل باعتبارها قوة الاحتلال بالوفاء بمسئولياتها تجاه سكان غزة.
من ناحية أخرى، لا يزال الدم السورى الغالى يُراقُ كلَ يومٍ على الأرض السورية.. وقد دعمنا بقوة كل الجهود الدولية التي أسفرت عن انعقاد مفاوضات جنيف2.. رغم تعثر هذه العملية السياسية. كما نبذلُ جهودًا في محاولة تقريب مختلف قوى المعارضة الوطنية حول رؤية موحدة تدفع بالحل السياسي، فلا يزالُ الأمل قائمًا نحو حلحلة الأزمة الراهنة عبر خطوات انتقالية لتستعيدَ معها الدولة السورية عافيتَها ولحمتَها إذا أبدت دمشق استعدادًا لتحقيق التقدم المطلوب نحو تشكيل هيئة حكم انتقالية تأخذ سوريا الشقيقة إلى آفاق جديدة وتسمح بإنهاء الصراع المسلح الذي حصد حياة ما يزيد عن مائة ألف سورى وسورية حتى الآن.
إن الحلَ السياسىَ هو المخرجُ الوحيدُ من هذه المأساة التي يعيشُها أشقاؤنا في سوريا.. وعلينا أن نحرصَ كلَ الحرص على الحفاظِ على وحدة الدولة السورية واستقلالِها وسلامة أراضيها.. وأن نواصلَ هذا الجهد بعزمٍ لا يلينُ وإرادة لا ينالُها الفتور.. فكلُ يوم يمرُ يعنى مزيدًا من القتل والتدمير لأهلنا في سوريا.
على صعيد آخر، بات خطرُ الإرهاب يتهددُ أوطانَنا جميعًا ودون استثناء..
في محاولات يائسة للافتئات على حقِ الشعوب في إنفاذ إرادتها، ولتقويض استقرارها وتعطيل مسيرتها التنموية.. لقد سالت دماءُ أبناء لنا في عملياتٍ إرهابية غادرة خلال الفترةِ الأخيرة من جماعاتٍ لم تراعِ حرمةَ الوطن ولا قدسية الدين.. إن تلك الدماءَ الذكية سواءٌ كانت لمن لقي ربَه أو أصيب، لسوف تشدُ من عزمنا الأكيد وتصميمِنا الذي لا يفتر على اجتثاث هذا الخطر كلية من منطقتنا.. فلا هوادة مع أولئك القتلة الغادرين ممن أساءوا للدين والوطن في آن واحد.. ومن ثم، فإن مصر تدعو كل الدول العربية الشقيقة إلى الوقوف صفًا واحدًا في مواجهة الإرهاب، بما يستوجبه ذلك من سرعة تفعيل الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وأن تتعاون فيما بينها على تسليم المطلوبين قضائيًا، وعلى رفض توفير المأوى والدعم.. بأى شكل من الأشكال قد يصب في صالح من حمل السلاح ضد أبناء وطنه. ويقينًا، فإننا قادرون معا – بعزم أكيد ونية صادقة – على مواجهة هذا الخطر واستئصاله من مُجتمعاتنا.. كى يعيش المواطنُ العربىُ حيثما وُجد آمنا في بيته... آمنا في تنقله.. آمنا في سعيه إلى لقمة عيشه.. بكرامة وعزة وإباء.. فلن يُرَوَعَ أبناؤنا بعون الله وقوته طالما اتحدت إراداتُنا على مكافحة هذه الآفة.
إن منطقتنا العربية مرت في غضون السنوات السالفة بمنعطفات تاريخية هائلة ومؤثرة على مستقبل أجيالنا القادمة.. فثمة رؤى تتوهمُ بأن هذه الأمة فاترةُ العزم.. خائرةُ الهمة.. وأنه من الممكنِ إشعالُ الفتن وحرائق النزعات الطائفية هنا وهناك.. ولأصحاب تلك الترهات.. نقول إن هذه أمة عربية عريقة.. قديمة قدمَ التاريخ.. تضربُ بجذورها في أطنابه.. تلك الدول خاضت كفاحَها المُضنى من أجل نيل استقلالِها.. والحفاظِ على مقدراتِها وسلامتها الإقليمية.. وإننا لقادرون على عبور كل الأزمات استلهامًا لكفاح الآباء وحرصًا على مستقبل الأبناء.. ولتكنْ رسالتُنا واضحة في هذا المجال وغيره.. وأود من هذا المنبر أن أؤكد أهمية معنى العروبة كقاطرة لشحذ الهمم وإطار لتحريك الشعوب العربية نحو تحقيق مصالحها، فعروبتُنا ليست مُجردَ شعار نستخدمه بلا مضمون، بل هي هويتنا ومصدرُ قوة كبيرة لنا إذا قدرنا ما توفره من إمكانات لا تتوفر لشعوب أخرى، فإذا كان بعضُ التجمعات الإقليمية يتقدم على درب تحقيق الوحدة الاقتصادية والسياسية رغم اختلاف الثقافة واللغة.. فإن عاملًا واحدًا من عوامل قوتنا، ألا وهو اللغة العربية يُمَكِنُ المواطن من أن يقرأ الصحف ويتابع الأنباء والتطورات، وينخرط في جميع أنواع التبادل التجارى والشراكات مع أشقائه العرب أينما وُجد، وأظنُ الكثيرين سيحسدوننا عليه إذا أحسنَّا توظيفه.. فضلًا عن عناصر قوة متعددة نملكها كعرب لا مجال للحديث عنها تفصيلًا هنا إلا أن علينا العمل والاجتهاد لتعظيم قوتنا المشتركة وحتى نرقى بمجتمعنا العربي ونلحق بركب التقدم.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو.....
لقد اختارت دولة الكويت الشقيقة التضامن العربي عنوانا لدورتنا هذه، وهو ما تثمنه وتدعمه مصر اقتناعا منها أن السبيل الوحيد لتحقيق رفعة هذه الأمة هو إعلاء المصلحة القومية العربية والتصدي لأية محاولة للوقيعة بين شعوبنا وبلداننا، وهو ما يستلزم بدايةً عدم التدخل في الشئون الداخلية، ودعم الخيارات الوطنية لكل دولة ودعم مسيرتها لبناء غد أفضل لأبنائها، وعدم الانجرار للتدخل بحثا عن نفوذ أو دور لن يؤدي إلا لشق الصف العربي.
وأثقُ تمامَ الثقة أن عروبتَنا ستعودُ لتُصبح تلك القاطرة التي توحد العرب من المُحيط إلى الخليج وتجعل لهم من أسباب القوة ما يحفظ لهم موقعهم على الساحة الدولية عبر مشروع قومى يواجهُ التحدياتِ الكبرى، ويستفيدُ من دروس وأخطاء الماضى، ويُثَبِتُ مفهومَ الدولة الحديثة العصرية التي توفر الظروف لتفجُر الطاقات الإيجابية وإطلاق العنان لقدرات مواطنينا لتحقيق تطلعاتهم المشروعة في التقدم والرفاهية..
وفى هذا السياق.. تقترح مصر أن تنظر تلك القمةُ المباركةُ في ثلاثة مقترحات،
وفى تكليفِ الوزراءِ المختصين أن يقوموا عبر جامعتنا العربية بوضع الخطط والآليات اللازمة للوفاء بها بحيث يكمل العمل العربى المشترك الجهود الوطنية لكل دولة على حدة.
أولًا: إعلانُ العقد الحالى 2014 2024 عقدًا للقضاءِ على الأميةِ في جميع أنحاءِ الوطن العربى.. وأدعو هنا، وبشكلٍ عاجل، لاعتمادِ برنامج عملٍ يكون هدفُه التخلص من ظاهرة الأمية في مُختلف أنحاء المنطقة العربية خلال السنوات العشر القادمة، وأقترح أن تكون أولى خطواتِنا في هذا السياق عقدُ اجتماع في غضون الشهرين المقبلين لوزراء التعليم في الدول العربية يتمُ الإعدادُ الجيدُ له ويُقرُ برنامجَ العمل الذي دعوتُ لاعتمادِه، وحتى نُعالجَ قضية هي الأساسُ والمسببُ للكثير من مشكلاتنا المستعصية في العالم العربى. ولا شكَ أن طموحَنا لا يتوقف عند حدِ محو الأمية بل يمتدُ إلى تمكين مواطنينا من الإلمام بكافة أساليب وأدوات التعامل مع العصر الحديث عبر تعليم متطور يسمحُ لأبناءِ أمتِنا بمنافسة أقرانِهم في العالم كلِه.
ثانيًا: دعمُ المبادرة التي أطلقتها مصرُ حينما دعت الدولَ العربية الشقيقة خلالَ الدورة العادية لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزارى يوم 9 مارس الجارى في القاهرة إلى عقد اجتماع خاص لوزراء العدل والداخلية العرب في أقرب وقت، وأنتهز هذه الفرصة لأدعو إلى عقد هذا الاجتماع قبل نهاية شهر يونيو القادم.. وذلك في إطار تنفيذ الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب بهدف النظر في مدى الالتزام بتطبيق الاتفاقية.. والبناء على ما تحقق خلال اجتماع وزراء الداخلية العرب منذ أسبوعين في مراكش والذي أعلن رفض الدول العربية الكامل للإرهاب بكافة صوره وأنواعه، وأكد عزم العرب على مكافحته وأيد كل الإجراءات التي تتخذها الدول الأعضاء في هذا السياق، مدينًا جميع الأعمال الإرهابية التي تستهدف الدول الأعضاء، وداعيًا لاتخاذ كل الإجراءات الكفيلة بمكافحة هذه الظاهرة البغيضة.
ثالثًا:وفى ضوء أن مكافحة الإرهاب لا تقتصر على البُعد الأمنى وحده، فإننى أدعو للنظر باهتمام وجدية في إقرار إستراتيجية عربية موحدة بعناصرها الفكرية والثقافية والإعلامية والتعليمية لمواجهة نمو وانتشار الفكر المتطرف. وأطرح عليكم في هذا الإطار أن تستضيف مكتبة الإسكندرية اجتماعًا للمفكرين والمثقفين بمشاركة المسئولين من المؤسسات المعنية بدولنا، والمؤسسات العربية المختصة بهذا المجال، يخلُصُ إلى توصيات محددة وعملية تتعلقُ بالنهوض بالمستوى الفكرى والثقافى لاسيما لأجيال الشباب الذين هم أملُنا في المستقبل وعمادُ الصحوةِ والعمل المُجدِ للِّحاق بركب التقدم العالمى، على أن تُطرحَ تلك التوصياتُ على الاجتماع القادم لوزراء الخارجية العرب لاعتمادِها والتنسيقِ بشأنِها مع مختلف المؤسساتِ العربية المُختصة بتنظيم التعاون في هذا المجال.
وإنى لأدعو الإعلامَ العربىَ في إطار ما يتمتعُ به من حريةٍ ويشهدُه أداؤه من تطور في هذه الفترة، أن يُساهم بقوة وبتأثيره الملحوظ على مجتمعاتنا في حمل راية التنوير والتحديث بما يشملُه ذلك من حفاظٍ على ثوابت الأمة ومصالحها.
أصحابَ الجلالةِ والفخامةِ والمعالى..
نظنُ أن الوقتَ قد حانَ لأن تُتخذ قراراتٌ حاسمة على مستوى القمة فيما يختص بتطوير التعاون الاقتصادى بين دولِنا عبر إصدار توجيهات فورية بتفعيل منطقة التجارة الحرة العربية وتحقيق الانتقال السلس والآمن عبر تنظيم مُحكَم للعمالة ولرءوس الأموال داخل العالم العربى.. والعمل على توحيد التشريعات المُنظمة للأنشطة المختلفة.. وفى كلِ ذلك ما سيُسهمُ بقوةٍ في إيجادِ الحلول للقضايا المرتبطة بالإرهابِ والتطرفِ الفكرى، فتوفيرُ الوظائف وسُبلِ العيش الكريم والتعليم الجيد لأبنائنا لهو أحدُ أهمِ وسائل مواجهة انتشار الأفكار الهدامة ونزعاتِ التشدد في أي مجتمع.. ويُذكر في هذا المقام أن دولة الكويت الشقيقة كانت قد استضافت القمة العربية الاقتصادية في شهر يناير من العام 2009، وهو جهد نعتقد أنه من المهم تطويره في سياق بحثنا الدائم عن تحقيق طموحات شعوبنا.
إن المواطنَ العربى حيثُما كان من المحيط إلى الخليج.. ليتطلعُ إلى وقت – نأمل أن يكون قريبًا – يستطيع فيه أن ينعم بحياة كريمة آمنة ومستقرة.. ينتقل بحرية.. ويعمل بأمان.. أينما أراد في وطن عربى مستقر.. فمعركةُ البناء لا تقل أهمية لمواطنينا عن معركة التحرر.
أصحابَ الجلالة والفخامة والمعالى والسمو..
على الصعيد السياسي الدولى، لا يزال النظامُ العالمى يُعاني اختلالًا هيكليًا ومعاييرَ مزدوجة لاسيما فيما يختص بقضايا دولنا أو ما اصطُلح على تسميتِه بالعالم الثالث..
ولذا فإننا مطالبون بالعمل الدؤوب من أجل التنسيق بين دولنا أولًا ومع الدول الصديقة الأخرى كى يصلَ صوتُنا الموحدُ المستند إلى الحق والعدل إلى غاياته لاسيما حيالَ القضايا المصيريةِ ذاتِ التأثير بعيدِ المدى مثل إصلاحِ الأممِ المتحدة، وعلاج الاختلال الاقتصادى الدولى، ومجابهةِ أخطار الجريمة المنظمة والتحديات البيئية وغيرها.
أما فيما يتعلق بجهودِنا المتضافرة لتخليص منطقتنا من أسلحة الدمار الشامل، فلا يفوتُنى أن أؤكد أن مصر تُثمنُ وتقدرُ عاليًا قيامَ الدول العربية الشقيقة بدعم المبادرة المصرية لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل التي تم إعلانُها في غضون أعمال الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة.. إن أمننا القومى العربى والحفاظ على حقوق أجيالنا الجديدة لهى أمورٌ بالغةُ الأهمية والخطورة.. لا مجال للتهاون أو الفتور بشأنها. فلابدَ من إخلاء منطقة الشرق الأوسط من كل أسلحة الدمار الشامل وإخضاع منشآت إسرائيل النووية لإشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فلا ينبغي أن تكون هناك دولة فوق القانون.
لقد اضطلعت جامعة الدول العربية بجهود مقدرة في سبيل دفع العمل العربى المشترك، ليس في المجال السياسي فحسب، بل في مناحى العمل الاقتصادى والاجتماعى والثقافى وغيره. ويقينًا، فإن جامعة الدول العربية بمسيرتِها الطويلة منذ منتصف الأربعينيات وحتى الآن.. وبكل ما حققته من إنجازات ورغم ما حاق بها من إخفاقات.. كانت وستظل رمزًا للهوية العربية.. وبيتًا جامعًا لكل العرب من المحيط إلى الخليجِ.. وإننا لنتابعُ بكل تقدير الجهود المبذولة لإصلاح وتطوير آليات عمل الجامعة لتحقيق
قدر أكبر من الفعالية.. وهو ما ندعمه بكل قوة.. ونتطلعُ إلى أن نرى ثمارَها قريبًا.. فمن حق شعوبنا أن تفخرَ وتطمئنَ بأننا صادقون في عزمنا.. واثقون في خطانا،
سائرون على الطريق الصحيح.
تلك القضايا هي ما نصبو إليه.. ونتطلعُ أن تفضىَ قمتُنا المباركة – برئاسة دولة الكويت الشقيقة – إلى نتائجَ إيجابيةٍ بشأنها.. إن التحديات جسامٌ.. وأمالُ شعوبِنا التواقة إلى النماء والكرامة والرفاهية كبيرة.. فلنكنْ قدر هذه التحديات.. ونحن بالتأكيد أهلٌ لها.
وفقنا الله جميعًا..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.