الاحترام ليس شعارًا ، إنما هو سلوك قويم، هو منتهى العفة في اللسان، والترفع عن الدنايا، والوفاء بالعهود والوعود والمواثيق، والإسراع في رد الجميل، ومقابلة الإحسان بمثله بل بأفضل منه ، حيث يقول الحق سبحانه: "وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا" (النساء: 86)، ويقول (عز وجل): "وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ " (فصلت : 34-35) . الاحترام يقتضي اجتناب كل ما يخل بالمروءة والكرامة، سواء في مطعم ، أم في ملبس، أم في مجلس، أم في ولوج مواطن الشبهات . إنه الصدق في القول، والرحمة في غير ضعف، والتواضع في غير ذل ، والقوة في الحق, بلا تردد وبلا تجاوز ولا عنف، والصفح والحلم عند المقدرة ، والتجاوز عن المعسر، وإنظار الموسر. إنه التحلي بالإيثار لا الاتصاف بالأثرة أو الأنانية، إنه البعد عن كل ما يشين من الحمق والطيش والنزق، والاستغلال، والاحتكار، والغش، والتدليس، والظلم، والإفك، والافتراء، والبهتان. إنه الاعتراف بحق الآخرين، وحب الخير لهم، وحسن الانصات إليهم، وعدم الاستهانة بهم، أو التقليل من شأنهم. إنه وضع الشيء في موضعه من احترام الكبير، ورحمة الصغير، وإنزال العلماء والعظماء منازلهم، حيث يقول سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) :" لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا" (سنن الترمذي) . إنه احترام الذات في السر والعلن ، في الواقع الحياتي أم العالم الافتراضي ، فللحرِّ المحترم وجه واحد ظاهرة كباطنه، وللجبناء وجهان أحدهما في الواقع والآخر على صفحات التواصل.