أخيرًا أدركت الحكومة المصرية أهمية التوجه لتعميق وزيادة المكونات المحلية في الصناعة، ومدى تأثير هذه الزيادة في الوصول لمعدلات النمو الصناعي الذي حددته الحكومة ضمن استراتيجية التنمية المسدامة 2030 بواقع 10%، تجلى ذلك عقب الاجتماع الذي عقده الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، منذ أيام وإعلانه أن ملف زيادة المكون المحلي في الصناعة بات يمثل مسألة حياة أو موت بالنسبة للحكومة، خاصة أن زيادة الاعتماد على المكونات المحلية في الصناعة من شأنه تقليل استيراد مدخلات الإنتاج، عن طريق إنتاج تلك المدخلات محليًا، بما يؤدي لتوفير العملة الصعبة، ومعالجة الاختلال في الميزان التجاري، وكذا توفير فرص العمل. الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء لقاء رئيس الوزراء بمسئولي ملف الصناعة وحثهم العمل على زيادة المكون المحلي والاستغناء عن استيراد مدخلات الإنتاج التي لها مثيل محلي الصنع، جاء بمثابة الشرارة الأولى لتبدأ هذه الجهات في عمل الدراسات اللازمة لتحقيق أعلى نسب مدخلات إنتاج محلية الصنع في الصناعات، وهو ما قام به مركز تحديث الصناعة التابع لوزارة التجارة والصناعة، والذي قام بإعداد تقرير حول مؤشرات أداء البرنامج القومي لتعميق التصنيع المحلي، خلال ال6 أشهر الماضية، منذ بداية إطلاق البرنامج في أكتوبر 2018 وحتى نهاية أبريل الماضي، ويستهدف البرنامج زيادة تنافسية المنتجات المحلية لتحل محل مثيلاتها المستوردة بالصناعة الوطنية. الدكتور عمرو طه، المدير التنفيذى لمركز تحديث الصناعة وقال الدكتور عمرو طه، المدير التنفيذي لمركز تحديث الصناعة، إن التقرير تضمن بيانات عن مدخلات الإنتاج المستوردة من 105 منشآت صناعية تعمل في قطاعات الصناعات "الهندسية والكيماوية والغذائية والنسيجية والملابس الجاهزة والتعبئة والتغليف ومستحضرات التجميل". وأشار إلى أنه تم حصر 248 مدخل إنتاج يتم استيرادها من الخارج، وجارٍ دراسة إمكانية تصنيعها محليًا. وأوضح "طه"، أن مركز تحديث الصناعة واصل عمليات التفاوض والتشبيك بين 17 منشأة في عدد من القطاعات الصناعية و13 موردًا محليًا، لافتًا إلى أن عمليات التشبيك التى يجريها المركز تهدف إلى إحلال 29 مدخل إنتاج مستورد لتوفير 175 مليون جنيه من قيمة الاستيراد. وأضاف، أن البرنامج سعى خلال المرحلة الماضية لاقتراح جذب عدد من الشركات الأجنبية للاستثمار في عدد من القطاعات المستهدفة تشمل 88 منتجًا تامًا و160 مدخل إنتاج بقيمة استيرادية تقدر بحوالي 130 مليون جنيه للمنتجات تامة الصنع و220 مليون جنيه لمدخلات الإنتاج. وأوضح، أن المركز يسعى إلى تعزيز الشراكات بين المنشآت الصناعية والموردين المحليين، من خلال تطوير نموذج لمنصة إلكترونية، خاصة بالبرنامج تهدف إلى توفير معلومات متكاملة عن القطاع الصناعي المصري تشمل احتياجاته وقدراته التصنيعية الحالية وفرص الاستثمار الصناعي، ما يسهم فى التشبيك بين المصنعين والموردين على المستويين المحلي والدولي. يذكر أن مركز تحديث الصناعة قد أطلق البرنامج القومي لتعميق التصنيع المحلي لتطوير قاعدة صناعية متنوعة من الموردين المحليين، ورفع معدلات الاستفادة من الاستثمارات الصناعية، وتحقيق الاستغلال الأمثل للطاقات الإنتاجية المتاحة، بما يسهم في زيادة القيمة المضافة للمنتج المحلي، وتوفير فرص عمل، وغيرها من الأهداف التي تتكامل مع رؤية وزارة التجارة والصناعة بتحويل الصناعة المصرية إلى قاطرة التنمية الاقتصادية المستدامة. محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات وأكد محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، أن الغرفة لديها خطة لزيادة المكون المحلي في عدد من الصناعات الهندسية، وتحديدا في صناعات "الأجهزة الكهربائية، والأدوات المنزلية، والمعدات والآلات، وتشكيل المعادن"، بنسب تتراوح بين 75% و80%بنهاية العام الجاري، من خلال عملية التشبيك بين الصناعات الكبيرة، والصناعات الصغيرة المتوسطة للمكونات محلية الصنع، وهو ما يحقق تعميقًا للصناعة المحلية وتوفير العملة الصعبة المستخدمة في الاستيراد من الخارج وتشغيل أيدي عاملة. وأضاف: أن رفع نسبة المكون المحلي بالمنتجات المصرية، يساهم في الحفاظ على أسعار تلك المنتجات وعدم زيادتها الفترة المقبلة، خاصة مع الارتفاع المتوقع في تكلفة الإنتاج، خاصة في ظل رفع الدعم الجزئي المرتقب على أسعار الوقود، الأمر الذي يتبعه زيادة في المراحل المختلفة للتصنيع. وأشار رئيس غرفة الصناعات الهندسية إلى أن استخدام مكونات إنتاج محلية الصنع بدلًا من المستوردة يساهم في خفض تكلفة الإنتاج، نظرًا لخفض تكلفة استيراد مكونات التصنيع مع الخارج، كما أن التوجه لمكونات التصنيع المحلية يعني تشغيل مصانع جديدة وتشجيع الصناعة المحلية. الدكتور كمال الدسوقى، رئيس شعبة المواد العازلة من جانبه، قال الدكتور كمال الدسوقي، رئيس شعبة المواد العازلة، ونائب رئيس غرفة مواد البناء، إن الشعبة تعمل على زيادة نسبة تعميق المكون المحلي بالقطاع، لتصل إلى 90% بحلول عام 2020، مقارنة بنحو 70% خلال العام الجاري، ضمن استراتيجية تنمية وتطوير القطاع، خاصة أن هذه الصناعات تمثل 55% من واردات مصر. وأشار الدسوقي إلى أن استراتيجية قطاع صناعة مواد البناء تعمل على تحقيق المستهدف لصادرات القطاع خلال العام الحالي من المواد العازلة، ليصل إلى حوالي 50 مليون دولار، ومضاعفة الصادرات بنسبة 300% خلال 5 سنوات المقبلة، مؤكدًا أنه كلما زادت نسبة المكون المحلي في الصناعة قلت التكلفة وقل الاعتماد على العملات الأجنبية، بالإضافة إلى توفير فرص عمل جديدة والحد من البطالة.