لم يكن ما قاله أحد المنشقين عن تنظيم القاعدة بسوريا من فراغ، بل هو الحقيقة بعينها فوفق ما ورد فى تقارير نقلتها صحف أجنبية، أن قادة من جبهة النصرة ذهبوا من تركيا إلى قطر وجلسوا مع أميرها فى زيارة خاطفة قبل العودة إلى تركيا فحلب، حيث قال لهم تميم اصمدوا فى حلب ولا تنسحبوا، يجب أن تصمدوا حتى نهاية الشهر المقبل، ونحن نضغط على واشنطن كى تضغط على روسيا ويتم لجمها، وهذا ما سيحصل، إياكم والانسحاب من أمام بشار، قاتلوا حتى النهاية والله ينصركم، ولو كلفنا الأمر 30 أو50 مليار دولار سندفعها لأمريكا وندفعها لروسيا، كى يتم تغيير ما يحصل. لن نجعل بشار يحكم، والله يشهد على كلامى. العلاقات القطرية مع القاعدة قديمة، ف«رويترز» قد أفادت من قبل بأن عدة لقاءات جمعت ما بين الجولانى ومسئولين قطريين، حيث عرضت الدوحة تمويل الجبهة، مقابل الانفصال عن القاعدة، والتحالف مع جبهات أخرى، ومحاربة «داعش»، وقد وافق الجولانى. وأفادت معلومات عن وساطة قام بها حزب الأمة الكويتى السلفى بين جبهة النصرة الموالية للقاعدة فى سوريا والمنشقة عن «داعش» وبين أجهزة مخابراتية خليجية، تهدف إلى خلع بيعة النصرة للقاعدة مقابل رفعها عن قوائم الإرهاب واندماجها فى فصائل إسلامية توصف بالمعتدلة فى سوريا. وأكدت مصادر أن أبومحمد الجولانى، زعيم جبهة النصرة، قال لأتباعه إنه يرغب فى إعلان إمارة، وخلع بيعة القاعدة منذ وقت طويل، وأنه صرح لعناصر جبهته بأن بيعته لأيمن الظواهرى، زعيم القاعدة، هى بيعة قتال وليست بيعة عامة، وهو ما يترتب عليه جواز خلع البيعة ما دام استطاع إعلان الإمارة، وهو ما يرفضه «الظواهرى»، بعدها أرسلت الدوحة مندوبًا للنصرة، حيث التقى قادتها ومنهم أبوالفرج المصرى (قتل مؤخرًا) للترتيب لعقد لقاء تلفزيونى مع الجولانى، وتسويق الأخير، كمعتدل، وهذا ما حصل حيث ذهب أحمد منصور للقاء أمير الجبهة، إلا أن الأخير أصر على أن يخفى وجهه، وتم اللقاء، وبدا أمير جبهة النصرة، فى لقائه مع أحمد منصور، مهتزًا بعض الشىء، لكنه عاد للتماسك فى آخر اللقاء. لا بد أن نشير إلى أن المقابلة صورت فى محافظة إدلب فى الداخل السورى، وجلس الجولانى على نفس مقعد المحافظ السابق للمدينة، ورغم أن المكان والزمان معلوم، إلا أن الأمريكان لم يقصفوا الموقع، بتنسيق وضغوط مع الدوحة. بعد تلك الحوارات مع الدوحة تشققت جبهة النصرة، ووقع انقسام داخلى، مع رفض الفصيل الأول الذى يقوده أبوقتادة الفلسطينى، بظهور أبو محمد الجولانى، زعيم الجبهة على شاشة قناة «الجزيرة» القطرية مع الإعلامى أحمد منصور، وهو ما خالفه، ودعمه أصحاب الاتجاه الثانى الذى يقوده أبوماريا القحطانى، المسئول الشرعى المنفصل عن الجبهة. فقيه القاعدة أبوبصير الطرطوسى كان من الفريق الداعم للجولانى، وبعدها بدأت سلسلة اغتيالات لقادة النصرة، وكان آخرهم أحمد سلامة مبروك أبوالفرج المصرى، واتهم «داعش» الجولانى بتسليمه كشوفًا بأسماء وأماكن قادته للدوحة، مقابل مزيد من الدعم، وأموال وإمدادات وخلافه، والجبهة لا حل أمامها سوى الموافقة.