سعر الدولار أمام الجنيه في تعاملات الجمعة 25-10-2024    بوتين: إنشاء منصة استثمارية جديدة ضمن بريكس سيساعد أفريقيا على التطور    استشهاد 3 صحفيين في الغارة الإسرائيلية على بلدة حاصبيا جنوبي لبنان    تحذير عاجل من أمريكا لرعاياها في الخارج، ماذا يحدث اليوم    150 شهيدا وجريحا في غارة إسرائيلية على مربع سكني بجباليا شمالي غزة    الأردن يدعو المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات رادعة تلجم العدوانية الإسرائيلية    اعتقاد خاطئ حول إدراك ثواب الجمعة مع الإمام في التشهد الأخير    طريقة عمل الكيكة السريعة، لفطار مميز وبأقل التكاليف    اليوم، إطلاق 5 قوافل طبية قافلة طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية    مائل للحرارة والعظمى في القاهرة 27.. حالة الطقس اليوم    أحمد درويش: هناك معوقات للاستثمار الأجنبي وهذه روشتة العلاج    "وقولوا للناس حُسنًا".. موضوع خطبة الجمعة اليوم    فارس عوض: «وشي حلو على الأهلي والزمالك والجمهور بيورطني أحيانًا» (فيديو)    ترتيب هدافي الدوري الفرنسي قبل مباراة اليوم    اليوم، تعامد القمر على الكعبة المشرفة، وهذه طريقة تحديد القبلة أثناء الظاهرة    حملات تفتيشية مكثفة على الأنشطة التجارية بالشرقية    لو مسافر.. الأسعار المحدثة لتذاكر قطارات السكك الحديدية    بدون الالتزام بمحل الاقامة.. أين توجد وحدات المرور المميزة؟    قبل انطلاقها الليلة، كل ما تريد معرفته عن احتفالية "ليلة عيد الوهاب" بالسعودية    إقبال كبير من المواطنين على معرض دمياط للأثاث بالزقازيق    الأوقاف تفتتح 23 مسجدًا بالمحافظات اليوم الجمعة    الدكتور محمد صلاح، السيرة الذاتية لوكيل تعليم المنوفية الجديد    توزيع الطعام وزيارة المقام في الليلة الختامية لمولد الدسوقي بكفر الشيخ    فريق طبي بالمستشفى الجامعي بطنطا ينجح في استئصال ورم سرطاني بالمريء    مستشار وزير الصحة ينصح الآباء: الختان جريمة ولا علاقة له بالدين والشرف    «مستواه لا يليق».. إبراهيم سعيد يشن هجومًا لاذعًا على نجم الزمالك    رسالة صلاح عبدالله للاعبي الزمالك بعد خسارة كأس السوبر المصري.. ماذا قال؟    قائد الحرس الثوري الإيراني: إسرائيل تحفر قبرها تدريجيًّا وتهيئ نفسها للانتحار    السولية يفاجئ كهربا بعد تتويج الأهلي بالسوبر المصري    محمد صلاح: الزمالك قدم مباراة قوية رغم الظروف.. وجوميز أخطأ في التشكيل منذ البداية    كولر أم محمد رمضان ؟.. رضا عبد العال يكشف سر فوز الأهلي بالسوبر المصري    محافظ البحيرة تتفقد محطة الزهراء لإنتاج البيض والمزرعة السمكية    حبس موظف لقيامة بقتل زوجته بالمطرية    أمطار غزيرة لمدة 96 ساعة.. موعد أول نوة شتوية 2024 تضرب البلاد (استعدوا للتقلبات الجوية)    وكيل الصحة يزور قسم الأطفال بحميات العباسية لتطبيق النموذج الناجح داخل سوهاج    إم جي 2024.. مزيج من الأناقة والتكنولوجيا بأسعار تنافسية في السوق المصري    جوتيريش: الوضع الإنساني في شمال غزة هو "الأسوأ منذ بدء الكابوس"    ارقصوا على قبري.. سعاد صالح توجه رسالة نارية لفنان شهير    نشرة التوك شو| تكليفات رئاسية بتوطين علاجات الأورام وأصداء تصريحات مديرة صندوق النقد    أشرف داري: فخور باللعب للأهلي.. وأتمنى وضع بصمتي في البطولات القادمة    أصل الحكاية| «جامع القائد إبراهيم» أيقونة إسلامية في قلب الإسكندرية    أحمد الغندور «الدحيح» يفتتح الدورة السابعة من مهرجان الجونة السينمائي    يسرا اللوزي من مهرجان الجونة: "فرصة الناس تتقابل ونشوف مشاريع جديدة"    نسرين طافش: "كفايا عليا أحضر مهرجان الجونة عشان أشوف أحلى الأفلام"    بهاء سلطان يطرح أغنية «أنا من غيرك» من فيلم «الهوى سلطان» (فيديو)    ارتفاع مفاجئ بجميع الأعيرة.. سعر الذهب اليوم الجمعة بالصاغة وعيار 21 يسجل رقمًا جديدًا    مصرع سائق وإصابة شقيقه فى حادث إنقلاب سيارة بالمراغة شمال سوهاج    تأخير الساعة 60 دقيقة.. موعد تفعيل التوقيت الشتوي 2024    مصدر مسؤول: مصر أكدت للوفد الاسرائيلي رفضها للعملية العسكرية الجارية بشمال غزة    بالصور.. الاتحاد العام لشباب العمال بالأقصر ينظم ندوة تثقيفية حول "الشمول المالي"    تجديد الثقة فى المهندس ناصر حسن وكيلًا لتعليم الغربية    أكرم توفيق: طلع عينينا لنفوز بالسوبر أمام الزمالك    مي فاورق تختتم ليالى مهرجان الموسيقى العربية بروائع الأغانى التراثية    عمرو الفقي يعلن التعاقد مع متسابقي برنامج "كاستنج" للمشاركة في أعمال درامية    أخبار × 24 ساعة.. وزير الصحة: عدد سكان مصر يصل 107 ملايين نسمة خلال أيام    أمين الفتوى: "حط إيدك على المصحف واحلف" تعتبر يمين منعقدة    ضخ دماء جديدة.. ننشر حركة التغييرات الموسعة لوكلاء وزارة التعليم بالمحافظات    رئيس جامعة الأزهر: نحرص على تذليل الصعاب لاستكمال بناء فرع دمياط الجديدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأطفال بمستشفيات الحكومة.. "من قضى نحبه ومن ينتظر"
نشر في البوابة يوم 17 - 11 - 2016

إعداد: حسام الحارونى وأمنية بكرة وأمانى عيسى وعمرو عابد ومصطفى عبدالله وحسنى دويدار وأحمد عبدالخالق وأيمن بدر وأحمد الشافعى وطارق صلاح
قمامة وبقع دماء فى أروقة «الدمرداش».. والجيزة تشكو نقص «حضانات حديثى الولادة»
هدر 24 مليون جنيه فى مستشفى القصير بالبحر الأحمر.. والمرضى يسافرون بفلذات أكبادهم للتداوى بالغردقة
إغلاق أقسام ب«النصر» فى بورسعيد جراء إهمال أعمال الصيانة وتهالك المبنى.. و7% معدل وفاة المواليد بكفر الشيخ
ليس بالتبرعات وحدها تُحل المشكلات، فللدولة مسئوليات عليها أن تؤديها، وعلى رأسها الرعاية الصحية.
ورغم الزخم الذى حققته مبادرة المستشار عدلى منصور رئيس الجمهورية فى الفترة الانتقالية، بالتبرع لمستشفى «أبوالريش» للأطفال، فإن الواقع فى المؤسسة العلاجية المهمة، يؤشر إلى أن الأمور تتجه إلى كارثة، إن لم تكن قد بلغت الكارثة بالفعل.
ولا يقتصر الأمر على مستشفى «أبوالريش» فالعلاج الحكومى إجمالًا يعانى أمراضًا مستعصية، وهى أمراض تتفاقم خطورتها فى المنشآت الصحية التى تقدم خدماتها للأطفال، حيث نقص الدواء ونقص الكوادر الطبية ونقص الأجهزة ونقص الاهتمام.. كل شىء ناقص، وما من زيادة إلا فى أعداد «عصافير الجنة» الذين يتألمون تحت ضربات المرض، فى مستشفيات شعارها: «ومنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر».
فى شرق القاهرة يقع مستشفى «الدمرداش» ممثلًا قمة هرم المستشفيات التى تستقبل فى أقسامها الأطفال من كل المحافظات، والذهاب إليه يتطلب منك النزول من محطة المترو لطريق يضيق كلما دخلت فيه تشعر كأنك فى سوق للباعة الجائلين، تجد البوابة الأولى للمستشفى فى النهاية وعندها عشرات المواطنين يحاولون الدخول والهرب من دفع قيمة تذكرة الزيارة 5 جنيهات لذويهم أو للكشف على أبنائهم.
داخل المستشفى تجد فى الغرف قمامة ومخلفات طبية ودماء، ناهيك عن وجود قطط تسير وكأنك لا تزال فى الشارع، ولا تتعجب حين تجد القطط استطاعت الوصول لغرفة العناية المركزة «الإنعاش» فى قسم القلب والقسطرة، الحمامات أيضًا بالإضافة إلى اتساخها فتجد بها قمامة ومخلفات متنوعة.
الدمرداش الذى يأتى إليه الآلاف من المرضى، لا تجد فى الغرفة سوى طفل مريض بجانبه أحد أقاربه، وتجد أكثر من سرير عليها مخلفات طبية مستخدمة وبقع الدماء وروائح كريهة كأنك داخل غرفة القمامة، طبعًا هذا يختلف كثيرًا عن القسم الاقتصادى، فتجد النظافة والهدوء هناك، وذلك بسبب خلوه من المرضى إلا قليل جدًا، أضف إلى ذلك الدور الأرضى وتحديدًا مكتب مدير عام المستشفى، تجد الرائحة الجميلة والحمامات النظيفة، التي تشعرك وكأنك فى مستشفى آخر.
وأمام غرفة العمليات تجد حالة من الفوضى، بين مواطنين يدخنون السجائر فى انتظار أطفالهم، مما يصعب المرور فى الممرات بسبب تكدس الأهالى الجالسين على الأرض خارج الغرف، فالممرات لا توجد بها إلا كراسى متهالكة، وتجد المريض فى الممر إما نائمًا أو مغشيًا عليه، على سرير وبجواره أحد أقاربه فى انتظار دوره للدخول لغرفة العمليات.
أما الأزمة الأهم والتى تعتبر عائقًا يهدد حياة الأطفال، هى أزمة مرضى التمثيل الغذائى وعدم وجود الألبان التى تعتبر المكون الغذائى الوحيد الذى يبقيهم على قيد الحياة، فيضطر الأهالى الوافدون من كل مكان لقطع مسافة كبيرة للقاهرة أسبوعيًا للحصول على علبة اللبن «يوناثان»، للطفل الذى لا يتجاوز العامين، وغالبًا ما يعود لمحافظته دون الحصول عليها، بسبب عدم توافره فى المستشفى، إلى جانب عدم قدرته على شرائه من الصيدليات، حيث يصل سعره الخارجى ل«97» جنيهًا للعلبة الواحدة. ولعل الحالة الأحدث فى طوارى الدمرداش هى للطفل «أحمد أشرف» والتى لم يستطع أى من الأطباء اكتشافها ليأتى رد الأطباء «روحوا عند دكتور خاص أحسن من هنا بكتير»، القصة بدأت منذ الساعة الثامنة صباحًا لسيدة تصرخ على مدخل الطوارئ، وتتوسل الأطباء لمعاينة حالة طفلها الذى فقد جميع حواسه ماعدا النظر، مما جعل الطبيب يطرد أمه من حجرة الكشف بسبب بكائها وصراخها، وبعد 5 ساعات يسألها أحد المواطنين أنت منين يا حاج؟ من شلشلمون بالشرقية، وموجودين من أمتي؟ من 8 الصبح يا بنى، أنت عارف الساعة كام؟ واحدة ونص ربنا يخرجنا منها على خير، الطفل بيشتكى من إيه؟ بيقولوا كهربا زيادة وهياخد حقنة ونمشى، بس الكلام ده من 8 الصبح، ومتأخرين ليه؟ كل ما ندخل الدكتورة تخرجنا عشان بنتى بتصرخ على ابنها.
وبعد الشد والجذب لم تفلح محاولات الطبيبة لتخرج وترد بعد ساعة «هيبقى كويس والحالة دى هتفضل عنده هتروح وتيجى، روحوا عند دكتور خاص أحسن من هنا بكتير».
تأتى محافظة الجيزة فى المرتبة الثانية بعد القاهرة مباشرة من حيث عدد المستشفيات والأقسام الخاصة بالأطفال، حيث أكد مصدر مسئول بمديرية الشئون الصحية بمحافظة الجيزة، أنه نظرًا لقلة مستشفيات علاج الأطفال بالمحافظة، نضطر لترحيلهم لمستشفيات أخرى بالمحافظات مما يسبب ضغطًا على المحافظات الأخرى، لافتًا إلى أن جميع أقسام الأطفال بالمستشفيات توجد بها مشاكل عديدة، مما يجعلها عاجزة عن استقبال الأطفال وعلاجهم.
وأضاف المصدر، ل«البوابة»، أن جميع الأقسام بالمستشفيات العامة والخاصة بمحافظة الجيزة تعانى خلال الفترة الحالية من نقص الأدوية والإمكانيات اللازمة لعلاج الأطفال، منها عدم توافر أدوية الأورام بل وتوقف إنتاجها، لذا فالعلاج الموجود لن يكفى، أيضًا عدم وجود مراكز غسيل كلى للأطفال بشكل كافٍ يغطى الأطفال الموجودين بنطاق المحافظة، بل وزاد الأمر سوءًا، أن النقص أيضًا وصل لكبسولات الصوديوم الخاصة بعلاج الأطفال، إضافة لعدم وجود علاج لأمراض الدم وضمور العضلات.
أما عن توافر الحضانات، فقد أكد المصدر، أنه ليست الجيزة فقط بل محافظات مصر جميعها لا توجد بها حضانات كافية لاستقبال الأطفال خاصة أن تكلفة الحضانة الواحدة تبدأ من سعر «300» إلى «600» ألف جنيه، ولا توجد بمستشفيات الجيزة حضانات تكفى أطفالها، والنقص فى مصر يبلغ 52٪، مشيرًا إلى أن الحضانة الواحدة فى المستشفيات الخاصة تصل ل«1000» جنيه فى اليوم، فإذا كان هناك مواطن يريد أن يبقى طفله لمدة 15 يومًا فقط، فسيدفع «15» ألف جنيه.
وفى الإسكندرية توجد مستشفيات للأطفال كثيرة كمستشفى «الشاطبى، الماترنتيه، أبوقير العام، وينجت، مركز متخصص لطب الأطفال فى سموحة، الملكة نازلى، العامرية العام، مستشفى شرق المدينة جيهان سابقًا، الأنفوشى، أطفال الرمل»، وعلى الرغم من ذلك فإن رحلة البحث عن حضانات تواجه مئات الأسر بشكل كبير، بسبب كثرة عدد المواليد ووجود أطفال مبتسرين بينهم، الأمر الذى يدفع الأهالى أن يجوبوا المحافظة بالكامل بحثًا عن حضانة داخل أى مستشفى.
تقول بسنت السيد 45 عامًا، ربة منزل: أزمة الأطفال بالفعل هى الحضانات والألبان المدعمة، خاصة أن الحضانات فى الخارج ثمن اليوم الواحد لا يقل عن «1000» جنيه، وهو ما لا يقدر عليه أى شخص، وأكثر المستشفيات التى نعانى منها بسبب عدم وجود حضانات كافية بشكل مستمر مستشفى الشاطبى وأبوقير العام، وكانا بلا حضانات حتى وقت قريب.
أما مدن البحر الأحمر فتعانى مستشفياتها من تدنى الخدمة الطبية، ما بين نقص عدد كبير من التخصصات الطبية، وتعطل جهاز الأشعة المقطعية، ففى مدينة القصير التى تقع جنوب المحافظة، سجل المستشفى المركزى عجزًا فى عدد الأطباء والأجهزة وطاقم التمريض وعدد الأسرّة، ما يضطر المرضى للسفر مسافة 150 كيلومترا لتلقى العلاج بالغردقة.
بالإضافة لإهدار «24» مليون جنيه بعد تأخر إنهاء مستشفى القصير، حيث بدأت الأعمال بها منذ عام 2002، إلا أن الإنشاءات لم يتم تسليمها، بالرغم من الانتهاء من هيكل المبانى بتكلفة 24 مليون جنيه، تم رصدها لأعمال التشطيبات والأجهزة الطبية، وتم تحديد أكثر من موعد لافتتاحها، فتحولت المنشأة إلى مبنى يسكنه الأشباح لمدة زادت على 13 عامًا.
أهالى رأس غارب أيضًا يعانون من نقص الأجهزة الطبية والأطباء، حيث تمثل أهمية بالغة فى المحافظة فهى تخدم مدينة رأس غارب والحوادث التى تقع على طريق القاهرة رأس غارب وطريق الشيخ فضل، وطريق الكريمات، حيث تصب كل هذه الحوادث فى المستشفى وبسبب قلة إمكانياته يتم تحويل حالات كثيرة إلى مستشفيات أخرى مثل الغردقة وأسيوط.
كما اشتكى أهالى الغردقة، من قلة الحضانات بالمستشفى العام، مؤكدين أن قوائم الانتظار تجعل الأمراض تنتشر بين الأطفال، وأن هناك تقصيرا من المسئولين بالمحافظة ومديرية الصحة فى توفير حضانات كافية نظرًا للتزايد المستمر فى التعداد السكانى بمحافظة البحر الأحمر، لأنها من المحافظات الجاذبة، وأن هناك عددا كبيرا من الأطفال يموتون بسبب العجز فى المستشفيات الحكومية وأسعار الحضانات الخاصة.
وفى بورسعيد كان مستشفى النصر الذى افتتحه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر عام 1964، وضم عند افتتاحه 280 سريرًا، ونخبة من أفضل الأطباء وأطقم التمريض بجميع التخصصات الطبية، ويعد من أفضل المستشفيات على مستوى الجمهورية قبل أن تصيبه يد الإهمال أواخر عام 2004 ليتوقف العمل به تدريجيًا، وسط صرخات المواطنين السنوية المتكررة بإدراجه بميزانيات المنشآت الصحية الجديدة دون جدوى طوال أكثر من 10 سنوات.
وكشف مصدر طبى بالمستشفى ل«البوابة»: أنه نتيجة غياب أعمال الصيانة والترميم تراجعت حالة المبانى الرئيسية، وتدريجيًا توالت قرارات إغلاق بعض الأجزاء لخطورتها على حياة المتواجدين بها، سواء مرضى أو أطباء، حتى أغلقت عام 2004 فى ظل محاولات متتالية لإعادة إحيائها، تمثلت فى إنشاء مستشفى للطوارئ والحوادث بالجهة البحرية للأرض تضم 90 سريرًا، وتوقفت الأعمال الإنشائية للبناء فجأة، ثم جاءت خطوة إنشاء مبنى العيادة الخارجية ورعاية الأطفال الذى أقيم غرب الأرض المهجورة، ويقدم خدمات خاصة لرعاية أطفال الحضانات، والجراحات الصغرى، ليتحول إلى ما يشبه مستشفى الأطفال الحكومى الوحيد بالمدينة الساحلية.
وتعرضت المستشفى لأزمة مالية طاحنة بداية العام الماضى بعدما فشلت الإدارة فى مواجهة مديونيات شركة الغاز الموردة للأكسجين، والشركات الموردة للأدوية ومستلزمات قسم الحضانات المهمة والبالغة «502» ألف جنيه، من بينها 247 ألف جنيه لشركة الغاز، مما هدد بتوقف 32 حضانة، بالإضافة إلى التوقف التام للعديد من الأجهزة كأجهزة التنفس الصناعى وغيرها، مما جعل الإدارة تعلن عن حملة للتبرعات واستطاعت جمع «150» ألف جنيه، وأكملت إحدى الجمعيات الخيرية بالمحافظة المبلغ المطلوب، لإنقاذ الموقف والحيلولة دون موت الأطفال حديثى الولادة بسبب توقف الحضانات.
وفى عهد المحافظ الحالى اللواء عادل الغضبان، شهد قسم رعاية الأطفال تحسنًا ملحوظًا، وقال الدكتور أسامة حسين، مدير المستشفى: المستشفى بها عدة أقسام للأطفال، منها قسم الحضانات الذى تأسس عام 1978 على يد الدكتور محمود الشيمى، وتوسعت حتى وصل عددها 32 حضانة و16 جهاز تنفس صناعى، وقسم العناية المركزة للأطفال.
وفى محافظة الشرقية، صرح الدكتور عصام فرحات، مدير الرعاية الحرجة والعاجلة بمديرية الشئون الصحية بمحافظة الشرقية، أن هناك 25 مستشفى عامة على مستوى المدن والمراكز توجد بها أقسام أطفال، وتقدم خدماتها حصرًا إليهم، وتشتمل على كل التخصصات الطبية، وجاهزة للتعامل مع كل الحالات الحرجة على يد نخبة من الأطباء المتخصصين والاستشاريين لتوفير أقصى سبل الراحة لهم.
وفى تصريحات خاصة ل«البوابة»، أشار فرحات إلى أنه يجرى دائمًا زيارات تفقدية للاطمئنان على سير العمل بها وتلبية كل احتياجات الأهالى، تنفيذا لتعليمات وزارة الصحة، وخصوصًا التعرف على مدى جاهزية الحضانات المخصصة للأطفال المبسترين وتلقين الأطباء وأطقم التمريض التعليمات اللازمة لعلاج الحالات التى تتردد عليهم، وفى يوليو الماضى عقدت مديرية الصحة بالمحافظة دورة تدريبية لأطباء مستشفى منيا القمح على تشغيل حضانات التنفس الصناعى بعد اكتشاف توقفها عن الخدمة، لعدم وجود مدربين للتعامل معها، بالإضافة إلى وجود جهازى تنفس صناعيين بالحضانات لا يعملان أيضَا، لعدم تدريب الأطباء والتمريض عليهما، فأمر بإرسال عدد من الأطباء والتمريض بنظام مجموعات لمستشفى الزقازيق العام لتدريبهم على استخدام الجهاز، والتعاقد مع استشارى من جامعة الزقازيق لتدريب الفريق الطبى على أجهزة التنفس الصناعى وأعمال الحضانات.
إلا أنه رغم هذه المجهودات الضخمة، فقد تقدم عدد من أهالى مركز فاقوس فى أكتوبر الماضى بشكاوى لكل من المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، والدكتور أشرف الشيحى، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، متهمين فيها رئيس قسم الحضانات بمستشفى صيدناوى بمدينة الزقازيق، بعدم استقبال مولودة بحجة عدم توافر مكان بالحضانات، وذلك بعدما تم تحويل طفل مبتسر اسمه «أحمد محمد» من عيادة أحد الأطباء إلى حضّانة مستشفى صيدناوى، وعندما توجه والده بالطفل لم يجد أى طبيب للتحدث معه، فقام بالتوجه إلى الدكتور محمد عصام، رئيس القسم الذى رفض استقباله، وقال له: «مفيش مكان فاضى عندنا»، وقام بإخفاء أوراق تحويل الطفل.
وسرد والد الطفل فى شكواه قائلا: «وضع الأطفال بحضانة مستشفى صيدناوى أصبح بالمحسوبية، وبحاجة إلى واسطة»، مشيرًا إلى أنه بعد رفض رئيس القسم وضع مولوده داخل الحضانة ذهب للبحث عن مدير المستشفى، إلا أنه لم يكن متواجدًا فى ذلك الوقت، لم تكن هذه الحالة الأولى لمستشفى صيدناوى، فقدت شهد عام 2009 وفاة 8 أطفال مبسترين داخل الحضانات بسبب الإهمال، مما جعل الأهالى يطلقون على قسم الأطفال فى مركز فاقوس «الداخل فيه مفقود والخارج منه مولود»، بسبب انعدام الرقابة الصحية عليه وقلة زيارات المسئولين له وغياب ضمير الأطباء وطاقم التمريض العاملين به، حيث أصيب أحد أطفال الحضانات ب«غرغرينا» نتيجة تقاعس الأطباء عن أداء عملهم المنوط بهم، باختصار قسم الأطفال بالمستشفى عبارة عن حالة من الفوضى والتسيب وانتشار القمامة والقاذورات فى أرجائه بسبب عدم إجراء عمليات نظافة بصورة مستمرة.
على الجهة المقابلة، تعانى محافظة البحيرة من عدم وجود حضانات خاصة للأطفال حديثى الولادة، بسبب عدم وجود مستشفى متخصص للأطفال بالمحافظة حتى الآن، رغم تخصيص أحد مستشفيات التكامل القروى لتصبح المستشفى الأول للأطفال بالمحافظة، بجانب وجود 21 مستشفى عامة ومركزية بكل المدن والمراكز بنطاق المحافظة تمثل صروحًا طبيبة تتميز عن غيرها، لما تحتويه من أحدث الأجهزة الطبية فى جميع التخصصات التى تساهم فى أداء خدمة طبية متميزة للمواطنين من أبناء المحافظة.
نأتى إلى محافظة كفر الشيخ التى لا تعانى من نقص الحضانات الموجودة بها، بل تعانى من مشكلة تطويرها، فهى منشأة منذ 25 عاما، وتحتاج لإمكانات أكبر حتى تستطيع علاج الحالات الحرجة والصعبة، كما أن هذه المستشفيات لا تسطيع سد العجز فى الطلب على الحضانات بنسبة تصل لأكثر من 50٪، مما يجعل الأطفال المرضى وذويهم عرضة لاستغلال أصحاب الحضانات الخاصة، التى تفوق الإمكانات المادية.
وكشف مصدر طبى أن نسبة الوفيات داخل أقسام الأطفال ووحدات رعاية الأطفال المبتسرين والعناية المركزة للأطفال بمستشفيات المحافظة، أعلى من المعدل العالمى، بسبب نقص الإمكانات فى الأجهزة الطبية والكوادر المدربة، حيث يصل معدل الوفيات 7٪، داخل هذه الأقسام.
وتقول نوال حمدان، ربة منزل: «نجلى الرضيع أصيب بحمى ودخلت به المستشفى وبعد فترة تجاوزت ال10 أيام لم أعرف سبب الحمى، وتفاقمت حالته حتى أخرجته من المستشفى، وتوجهت به لمستشفى أبو الريش بالقاهرة ولكنى وجدت قائمة انتظار طويلة، ومكثت أسبوعا كاملا أمام الرصيف، حتى تم إدخال نجلى وعلاجه ومعرفة سبب الحمى».
وتضيف رشا: «طفلى يبلغ 7 سنوات، أصيب بفيروس لم نعرف ما هو وأدخلته قسم العناية المركزة بمستشفى كفر الشيخ العام، ومكث به أياما، وسرعان ما دخل فى غيبوبة، ثم فوجئت بالأطباء يغلقون عينيه بقطن وقالوا إنه توفى إكلينيكيا، وبعدها بأيام قليلة أعلنوا وفاته، دون معرفة سبب الوفاة، خاصة أن شقيقته توفت بنفس الفيروس القاتل، وتم إعطاؤنا شهادة الوفاة المدون فيها أن سبب الوفاة هبوط حاد فى الدورة التنفسية والدموية»، مضيفة: «كان نفسى أعرف سبب وفاته هو وشقيقته علشان فاضلى بنت صغيرة، ومش حابة إنها تموت بنفس مرض شقيقيها».
ومن جانبه، قال اللواء السيد نصر، محافظ كفر الشيخ: «إنه تم تخصيص 3700 متر مربع بمدينة كفر الشيخ، وذلك لإنشاء مستشفى الأطفال التخصصى، ليكون أول مستشفى أطفال فى الدلتا، يقدم خدمة صحية للطفل من سن يوم وحتى 18 عاما، وسيتكون المبنى من 5 طوابق مجهزة بأحدث التكنولوجيا الطبية، بسعة 200 سرير، وكذلك غرف عناية مركزة وحضانات أطفال وعمليات جراحية»، وبعيدًا عن مشكلات غياب الرعاية الطبية فى أقسام الأطفال بكفر الشيخ، فإن ما يدعو للألم هو تعرض سيدتين بالمستشفى العام لسرقة مولوديهما بعد أيام من الولادة للحالة الأولى، وتقدم الحالة الثانية ببلاغ يفيد بأنها كانت حاملا فى توأم طبقًا للأشعة والسونار، وتمت سرقة الولد وتركوا لها البنت.
يعد مستشفى الأطفال الجامعى بمحافظة أسيوط واحدا من أكبر وأهم مستشفيات الأطفال على مستوى الجمهورية، وهو لا يخدم مرضى أطفال أسيوط فحسب بل يخدم أكثر من 3 ملايين طفل على مستوى الصعيد، هذا بجانب وجود قسم لمرضى الأطفال بغالبية المستشفيات الخاضعة لوزارة الصحة بأسيوط.
بداية، تنوعت الشكاوى بين نقص الأدوية ونقص المحاليل، حتى شكاوى الإهمال فى المتابعة، إضافة لحوادث الأخطاء الطبية الفردية للأطباء حديثى التعيين، ونقص طواقم التمريض بأسيوط كأبرز ما يؤرق المواطنين.
وقد حذر مسئولو مستشفى الأطفال الجامعى بجامعة أسيوط أحمد عماد الدين، وزير الصحة، من نقص طواقم التمريض بالمستشفيات الجامعية، وطالبوه بسرعة تكليف طواقم تمريض بمحافظة أسيوط لمدة لا تقل عن 5 سنوات بسبب النقص الحاد فى التمريض، ليس بمستشفى الأطفال فقط بل فى «8» مستشفيات متخصصة، ويأتى النقص نتيجة سوء توزيع الممرضات على المستشفيات، وعدم تخريج دفعات كبيرة العدد من مدرسة التمريض التابعة للجامعة.
وفى الفيوم يعانى الأهالى من عدم وجود مستشفى حكومى أو حتى خاص متخصص فى طب الأطفال، والاعتماد يكون على الأقسام الداخلية بالمستشفيات الحكومية التى تعتبر مجرد عيادات، كل ما تفعله هو تحويل أغلب الحالات إلى مستشفى أبو الريش بالقاهرة، أما أخطر مستشفى فهو حميات الفيوم الذى تسبب الإهمال به فى إصابة العديد من الأطفال بأزمات وصلت إلى مرض شلل الرعاش نتيجة التشخيص الخاطئ، وكان آخر الضحايا الطفل ممدوح عزت، الذى دخل المستشفى يعانى من ارتفاع درجة الحرارة، ونتيجة التشخيص الخاطئ أصيب الطفل بشلل الرعاش وتم تحويله إلى أبو الريش، بعد أن ساءت حالته، وحررت عائلته محضرا ضد إدارة المستشفى، وأكد تقرير الطب الشرعى أن الخطأ فى التشخيص وجرعات العلاج هما السبب فى الإصابة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.