وزير الداخلية يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة المولد النبوي الشريف    أسعار البقوليات اليوم الخميس 12-9-2024 في أسواق ومحال محافظة قنا    وزير الإسكان: نسعى للاستفادة من خبرات بيلاروسيا في دعم مشروعات مياه الشرب    «السياحة» تكشف ضوابط العمرة الجديدة.. عودة للرحلات البرية والبحرية    «الضرائب»: إتاحة إمكانية للممولين بتقديم إقرارات معدلة عن عام 2020 حتى 2023    تراجع إقبال العملاء على السيارات الكهربائية: تويوتا وفولفو وأثره على صناعة السيارات    «خارجية الأردن» تدين قصف الاحتلال الإسرائيلي لمدرسة لأونروا في مخيم النصيرات    «إكسترا نيوز» تبرز عدد الوطن اليوم.. مصر تعرضت لأزمات ضخمة لا دخل لها بها    الخارجية الفلسطينية: اقتحام نتنياهو الاستفزازي للأغوار تعميق ممنهج لضم الضفة    الأهلي يستأنف تدريباته اليوم استعدادا لمواجهة جورماهيا    عاجل.. «استبعاد الصفقة الجديدة».. مفاجآت نارية في قائمة الأهلي أمام الزمالك بالسوبر    محافظ المنوفية: ضبط 2 طن ونصف دقيق بلدي مدعم محظور بيعه خلال حملات تموينية    رغم الموجة الحارة.. سقوط أمطار على عدد من المدن والمحافظات اليوم    القصة الكاملة لوفاة طالب داخل مصحة علاج إدمان أبوالنمرس    بدء تلقي تظلمات الثانوية العامة الدور الثاني 2024    لمواليد برج العذراء.. اعرف حظك اليوم الخميس 12 سبتمبر 2024    في ذكرى وفاته.. قصة حب أسطورية بين وردة وبليغ حمدي «قلبان التقيا رغم المسافات»    بعد نجاحها بمهرجان العلمين.. مسرحية «عريس البحر» تُعرض في وسط البلد    علي الطيب يوضح موقفه بعد حذف بوست أثار جدلًا حول "عمر أفندي"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 12-9-2024 في محافظة قنا    تقديم خدمات طبية ل 1415 مواطناً خلال قافلة طبية بالمنيا    صحة بني سويف توجه بإرسال فريق طبي للكشف على طفل اشتبه في إصابته بمتلازمة ستيفنز جونسون    رئيس جامعة الأزهر يبحث التعاون العلمي مع سفير أذربيجان بالقاهرة    وكيل تموين بني سويف القبطي يوزع حلوى المولد النبوي على العاملين بالمديرية.. صور    تشييع جثمان إيهاب جلال من مسجد حسن الشربتلى بالتجمع الخامس    النصر والأهلي أبرزها، مواجهات مرتقبة في الدوري السعودي بعد التوقف الدولي    أرتيتا يوافق على تمديد عقده مع آرسنال    وزير التربية والتعليم يبحث مع «حياة كريمة» تعزيز أوجه التعاون    وزير الدفاع يشهد تنفيذ مشروع مراكز القيادة الاستراتيجى التعبوي التخصصي للهيئة الهندسية    حاضنة أعمال جامعة القاهرة تشارك فى أولمبياد الشركات الناشئة لدعم ريادة الأعمال    مباحثات بين وزير البترول والسفير الإيطالي بالقاهرة لزيادة فرص التعاون بقطاعات الطاقة والتعدين    دفن جثة فتاة صدمها قطار في الشرابية    المرور تضبط 33123 مخالفة مرورية متنوعة    ضبط 1514 من المخالفين لتركيب الملصق الإلكتروني    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج دفعة جديدة من المعهد العالي للهندسة بأكاديمية الشروق    ماذا يستفيد الشعب من الحوار الوطني؟.. طرح ملفات ترتبط بتعميق حقوق الإنسان وحمايتها    وزير الدفاع يشهد تنفيذ مشروع مراكز القيادة الإستراتيجي للهيئة الهندسية    نادي الأسير الفلسطيني: الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة في الضفة    ب 7 جوائز، تايلور سويفت الأكثر فوزا في حفل VMAs لعام 2024    هيئة الأسرى: الاحتلال شن حملة اعتقالات واسعة طالت 40 فلسطينيا    عمرو مصطفى يجدد دعوته لتقديم "مشربتش من نيلها" بصوت جديد بدلا من شيرين عبد الوهاب    تقرير: تخفيف الحظر على استخدام أوكرانيا للأسلحة الغربية يعكس تحولًا في استراتيجية أمريكا    الصين تطالب مجلس الأمن ببذل مزيد من الجهود للتوصل لحل سياسي في السودان    كوريا الجنوبية توافق على بناء مفاعلين نوويين جديدين على الساحل الشرقي للبلاد    هؤلاء ممنوعون من تطعيم الإنفلونزا    عقبة: تكامل المبادرات الصحية هدفه تقديم خدمات شاملة للمواطن    كيفية الاستعداد النفسي لبداية عام دراسي جديد    بكام سعر البيضاء؟.. أسعار الفراخ والبيض في الشرقية اليوم الخميس 12 سبتمبر 2024    قرار جديد من النيابة ضد الطالبين المتهمين بقتل نجل سفير سابق بالشيخ زايد    أُحد السعودي: كونراد انتقل للزمالك.. سيصل القاهرة الخميس.. ولن نتحمل راتبه    7 أدعية نبوية لتبديل الحال للأفضل    الإمارات تجلي 97 مصابا ومريضا من قطاع غزة للعلاج في أبوظبي    القنوات الناقلة لمباراة الزمالك والشرطة الكيني في ذهاب دور 32 من كأس الكونفدرالية الإفريقية    بشير التابعي: توقعت عدم عودة بن شرقي للزمالك    يوم إجازة المولد النبوي 2024 رسميًا.. «72 ساعة راحة» بعد قرار الحكومة    ابنة الموسيقار علي إسماعيل في وثائقي «سيرة الفن»: علاقة والدي بالسادات كانت مميزة    تعرف على دعاء الأرق وقلة النوم    حامد عز الدين يكتب: «فبأي آلاء ربكما تكذبان»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"البوابة" على أطراف المجاعة في "أبوالنمرس"
نشر في البوابة يوم 18 - 07 - 2016

أهالي «عرب سراب» و«عرب حنيس» و«عزبة حماد» يعيشون في الظلام ويشربون من مياه الصرف الصحى 1000 أسرة تسكن منازل بلا أسقف ومحرومة من الصحة والتعليم 2000 مريض بالفشل الكلوى.. والصغار يلهون في القمامة
أطفال تملأ أعينهم البراءة، رغم ملابسهم البالية التي تُظهر من أجسادهم أكثر مما تخفى، ملامحهم تستحق الرثاء، تجمعوا حولنا كأننا قادمون إليهم من كوكب آخر، في الحقيقة هم الذين يعيشون في كوكب آخر، فما رأيناه في قرى عرب سراب وعرب حنيس وعزبة 84 التابعة لمركز أبوالنمرس بالجيزة، يفوق الخيال، هذه قرى خارج حسابات الحكومة، تعيش كما لو كانت في القرن السابع عشر، بلا مياه أو كهرباء أو صرف صحى، أو وحدة صحية أو مدارس.. قرى بدت على أطراف المجاعة، وفى قلب الإهمال، إهمال المسئولين الذين اعتبرها أحدهم قرى عشوائية، لا تحتاج إلى النظر في حالها، أو الترؤف بأحوال أهلها، هكذا بجملة بسيطة أصدر المسئول حكم الإعدام على الرجال والنساء والأطفال، وبلغت بالمسئولين القسوة أنهم أوقفوا المشروعات الخيرية، التي تبرع بها أهل الخير من أجل إيصال مياه الشرب النظيفة، بحجة واهية «ما فيش تصريح»، في عرف هؤلاء المسئولين أن الخير يحتاج إلى «تصريح» بينما المرض والمعاناة والموت بالمجان.
بداية الرحلة كانت باتجاه منطقة عرب سراب وعرب حنيس، عبرنا الطريق الرئيسى لسقارة بالهرم، حيث تقع قصور وفيلات، محاطة بأسوار عالية، بعضها لعدد من المشاهير، من بينهم الفنان يوسف الشريف، وحسن حمدى رئيس النادي الأهلي السابق، أنت لا تستطيع أن ترى ما بداخل هذه القصور، فهى محاطة بأكثر من سور، وعلى قدر كبير من التأمين.
بعد انتهاء الطريق الرئيسية تلفحك رائحة القمامة التي تملأ المكان وفى كل اتجاه، رائحة الدخان المتصاعد من حرائق القمامة تزكم الأنوف، على الجانب الأيمن من الطريق يقع الرشاح المليء بقمامة تعوق حركة المياه، الراكدة أصلا.
في القرية الأولى، عرب سراب، التي لها حظ من اسمها، فهى بحق سراب، لا وجود لأى معالم حضارية، مبانيها مقامة من دور واحد بلا أسقف، وإذا وجدت في بعض المنازل فإنها مصنوعة من جريد النخيل أو المشمع، أي لا تغنى ولا تسمن من جوع، لا تحمى من مطر أو شمس قاسية.. الأطفال، بملابسهم المتسخة، يلعبون بجوار القمامة المحترقة، وتبدو عليهم علامات البراءة.. سيدات يجلسن أمام المنازل يقمن بغسيل الأوانى والملابس في أطباق بلاستيكية، اقتربنا للحديث معهن، لكن قوبلت محاولتنا بالرفض، كما أخفت بعضهن وجوههن بأغطية الرأس السوداء.
قلن لهن إننا جئنا للتعرف على مشكلات القرية وعرضها على المسئولين من خلال الصحافة والإعلام، ضحكن بسخرية من حديثنا، نطقت إحداهن: هو فين الإعلام ولا فين المسئولين؟ احنا بقالنا سنين طويلة محدش بيسأل فينا، ده حتى مية الشرب بنشتريها، ومفيش مدرسة للعيال ولا حتى صيدلية، إحنا هنا معزولين عن الناس والعيشة. اقتربت من السيدة وقلت لها إننا صحفيون نود إيصال مشكلاتكم للمسئولين، وبدأت السيدة في جمع السكان ليتحدثوا إلينا.
«عمو عمو إحنا عايزين نروح مدرسة ونلعب» كلمات خرجت بعفوية من أفواه الأطفال، وحين سألناهم عن أحلامهم قالت «سيدة»، طفلة عمرها 6 سنوات «عايزة أبقى دكتورة عشان أعالج الناس في قريتى عشان مفيش وحدة صحية»، أما على عمره 5 سنوات فيحلم بأن يرتدى «كوتش» ويصبح لاعب كرة مثل أبوتريكة، فيما تحلم «سهر» بأن تكون مطربة.. هي أحلام البسطاء والمهمشين في تلك القرى المنسية بمحافظة الجيزة، مواطنون يعيشون على الهامش، أو خارج نطاق الزمن، لا يجدون قوت يومهم، لا يجدون أي نوع من الخدمات، صحة أو تعليم، ليس بها صرف صحى، باختصار فإن المسئولين لا يشعرون بهؤلاء البشر الذين يقعون خارج أجندة أعمالهم.
فيما قالت «أم نورا»: «لنا أكتر من 3 سنين كنا بنشرب مية المجارى، لولا ولاد الحلال اللى في الجمعية الخيرية، جابولنا محطة علشان تنضف المية، احنا عايزين ولادنا يتعلموا ويخشوا مدارس، ومش عارفين نروح لمين، ونوديهم فين، ده حتى يا ابنى بيوتنا سقفها خوص ومشمع، ولما الشتاء يجى والسما تمطر على السقف البيوت بتقع علينا، ولولا ولاد الحلال اللى بيساعدونا كنا صبحنا أسوأ من كده.. ربنا موجود ومبينساش حد».
عم محمد الكيلانى، مزارع من أبناء القرية قال «محدش هنا بيسأل علينا، عمرنا ما شوفنا مسئول بص في وشنا،.. وزى ما انت شايف الزبالة في كل حتة، واحنا عشان نتخلص منها بنقوم بحرقها، والبيوت مفيهاش أسقف ولا عندنا صرف صحى ولا مية ولا كهرباء لأن المسئولين بيعتبرونا مش مواطنين أصلا ومحدش بيسأل عننا غير أهل الخير».
وأضاف الكيلانى أن القرية لا توجد بها وحدة صحية، وأقرب مستشفى يقع على بعد 21 كيلومترا، هو مستشفى أبوالنمرس وحين تأتى الساعة الخامسة، مساء، لا تجد به أي طبيب «يعنى لو واحد مننا تعب وحصله حاجة أو أزمة أو حالة ولادة بعد الساعة 5، يموت من غير ما حد يعرف عنه حاجة».
وفق كلام «الكيلانى»، فإنه يوجد بالقرية أكثر من ألفى مريض بالفشل الكلوى، بسبب شرب المياه الملوثة، مشيرا إلى أنهم يضطرون إلى شراء المياه من أجل الشرب، لكن ليس الجميع لديه القدرة على الشراء فيلجئون إلى إلى المياه غير الصالحة، وأكثر من تعرض للأمراض هم الأطفال، بسبب المياه والحشرات والقمامة، ولولا وجود فاعلى الخير، لكان «مات الجميع بالحيا»، وفق تعبيره، وأضاف «نعانى من الإهمال في كل شيء وعيالنا بتموت كل يوم قدام عنينا، والمسئولين في المركز والمحافظة مش حاسين بينا كأننا مش بشر».
مشاهد المنازل لا تتغير في تلك القرية، بيوت هزيلة، جرداء من وسائل الحياة الضرورية، معظمها بلا أسقف، وإن وجدت فليس أكثر من خوص أو مشمع، تجتمع النسوة أمام الأبواب لغسيل الأوانى فيما الأطفال يلهون من حولهن في سعادة، المشهد المختلف كان لمبنى غير مكتمل البناء، يقع عند مدخل القرية، مكتوب عليه «دار تحفيظ قرآن ودار تعليمى ومحطة تحلية مياه» تبرعت به جمعية «بوابة الخير».
سألنا عن المبنى فقال طارق عواد، عامل بناء، 40 عاما، «المبنى تبرع به أهل الخير لخدمة الناس، وهذه الجمعية تمنح الأكل والمساعدات للأهالي، وعملت أسقف خشبية لمنازل، ومسئولو هذه الجمعية هم فقط الذين يهتمون بأهل القرية، ومتكفلون بمعظم الأسر، خاصة أن الكثيرين هنا لا يعملون، لأنهم لم يتعلموا في مدارس، وليس لديهم أي صنعة».
أضاف عواد «طالبنا مسئولى المركز في أبوالنمرس بتطهير الرشاح، ورفع الزبالة، وبقالنا سنين محدش جه علشان يرفعها أو يطهر المصرف، وأنت شايف الزبالة عليها حشرات بتنقل الأمراض للأطفال، وفى الآخر بتتحرق بالليل، وده يسبب لنا اختناق كل يوم».
أشار عواد إلى واقعة حدثت لابنته التي كانت في حاجة لعلبة لبن صناعى، ونظرا لعدم وجود صيدلية ظل 3 أيام يجوب الأماكن البعيدة من أجل شراء علبة لبن، بسعر معقول، لكنه فشل لولا أن بعض فاعلى الخير تمكنوا من إحضار علبتين له.
الوضع لا يختلف كثيرا في قرية عرب حنيس المجاورة، إذ قالت سيدة حنفى، 33 عاما، «نفسنا في مدرسة يتعلم فيها العيال، مش عايزين ولادنا يطلعوا زينا، لكن نعمل إيه معظم الأطفال ما دخلوش المدرسة، فأقرب واحدة لنا تبعد 10 كيلو، كمان مفيش فيها فصول كافية، وزى ما أنت شايف الأطفال بيلعبوا في الرشاح والزبالة، وده بيجيبلهم أمراض، ومفيش وحدة صحية أو مستشفى، وما نقدرش نروح مستشفى أبوالنمرس بالليل علشان ما فيش مواصلات، ولو روحت في الليل مش حتلاقى أي دكتور فيها، كمان ما فيش صيدلية نشترى منها العلاج، واللى محتاج علاج لازم يروح البلد، أو ينزل الجيزة، وده ممكن ياخد وقت كبير ويكون المريض لا قدر الله تدهورت حالته وممكن يموت».
وناشدت سيدة حنفى المسئولين في مركز أبوالنمرس ومحافظة الجيزة أن يهتموا بها ويتحركوا لمعرفة كيف يعيش أهل هذه القرى.
روى ياسر محمد، مزارع من عرب سراب، قصة معاناته مع مستشفى أبوالنمرس، قائلا إن ابنته الصغرى، 4 سنوات تعرضت لحادث، ما أدى لإصابتها في وجهها، وتوجه على الفور لمستشفى أبوالنمرس لإسعافها، وحين وصل لم يجد طبيبا، برغم أن الساعة لم تتجاوز الرابعة عصرا!، وعندما عرض ابنته على ممرضة قالت إنها تحتاج لخياطة، ولا توجد خيوط تجميل في المستشفى، لذا اضطر إلى الذهاب بابنته إلى مستشفى أم المصريين بالجيزة، وأضاف «تخيل لو واحد حصلت له أزمة قلبية مثلا ممكن يعمل إيه في الظروف دى».
أهالي هذه القرى هم من الوافدين الجدد، أنشأوا مجتمعا جديدا، بعد أن هجروا قرى وعزبا أخرى، لأسباب كثيرة، تدور كلها حول الفقر والاحتياج، عمرهم في المجتمع الجديد، لا يتجاوز 5 سنوات، وتشكل من 100 أسرة، من هنا فإن تلك القرى لا تقع على خريطة المسئولين، بوصفها منطقة عشوائية جديدة، تضاف إلى سجل العشوائيات، لكن هذا لا يمكن أن يكون سببا لحرمان الأهالي من أبسط الخدمات، أحلامهم بسيطة مثلما يقول المزارع ناصر عبدالجواد، من عرب حنيس، الذي أضاف «كلنا غلابة على الله، أرزقية بنكسب اليوم بيومه، إحنا يا مزارعين عند حد أو بنشتغل في المعمار، لا فينا حد موظف ولا بنشتغل في القطاع الخاص، واللى بنكسبه مبيكفيناش أكل، حتى الميه بنشتريها من العربيات، كل اللى عايزينه أن ولادنا يطلعوا أحسن منا، يتعلموا ويشتغلوا ويتعالجوا، وأن المسئولين يهتموا بينا طوال السنة مش بس في وقت الانتخابات».
من جهته، قال شريف عصام مسئول العلاقات العامة بجمعية «بوابة الخير»، إن أهالي قرى العرب يحتاجون إلى خدمات كثيرة، فهذه القرى ليس بها صرف صحى أو تعليم أو وحدة صحية، ولا حتى صيدلية، ومعظم الأسر جاءت من أماكن مختلفة من منطقة الجيزة، سواء من خلف الطريق الدائرى أو من العزب، وتوطنوا هنا منذ أكثر من خمس سنوات.
وأضاف أنه منذ هذه الفترة والأهالي في عرب سراب وعرب حنيس وعزبة 48 وعزبة حماد، لا يجدون من يهتم بهم من المسئولين، فليست لديهم شبكة صرف صحى، والطرق غير ممهدة، والقمامة تملأ المكان، حتى الرشاح الموصل للقرى مملوء بالقمامة، ما أدى إلى انتشار الأمراض بين الأهالي، كما لا يوجد مستشفى بالقرية أو العزب، أو حتى وحدة صحية، وللأسف فإنه لا يوجد في مستشفى أبوالنمرس أي إمكانيات والأطباء غير موجودين بالمستشفى بعد الساعة 3 عصرا، ومن ثم فإنه في الحالات الحرجة يضطر الأهالي إلى الذهاب إلى مستشفى أم المصريين بالجيزة وهو يبعد ما لا يقل عن 30 كيلو عن أبوالنمرس.
وأشار عصام إلى أن «معظم أهالي العزب والقرى المهمشة في أبوالنمرس كانوا يقيمون في منازل بلا أسقف، وفى فصل الشتاء يتعرضون للأمطار والعواصف، وبسبب مجهودات أهل الخير أقمنا لهم أسقفا خشبية معزولة ليتمكنوا من السكن داخل المنازل دون مشاكل».
وأكد أن «المياه التي يشرب منها أهل هذه القرى بها نسبة تلوث عالية وتكاد تكون مياه صرف صحى، وقمنا باختبارها وكانت نسبة التلوث عالية جدا، وقمنا بمساعدة أهالي الخير بإنشاء محطة تحلية مياه، في قرية عرب سراب لتنقية المياه من الميكروبات والجراثيم، وباقى القرى المهمشة نشترى لها المياه من محطات قريبة منها وبسبب ذلك هناك أكثر من 2000 مريض فشل كلوى يقومون بعمليات غسيل دورية هذا بخلاف تفشى فيروس سى بين الأهالي».
في هذه القرى يوجد أكثر من 500 طفل وطفلة متسربين من التعليم، وفق كلام عصام الذي أضاف «حاولنا إنشاء فصول تعليمية منفصلة لهم، لكن لم تكتمل حتى الآن، نظرا للتكلفة العالية للمبانى، وعدم وجود مدرسين، يقومون بالعملية التعليمية، وحاولنا التواصل مع المسئولين في محافظة الجيزة ومركز أبوالنمرس، لكن دون جدوى، فالمسئولون يعتبرون أن هذه القرى غير موجودة، ولا يتعاملون مع أهلها على أنهم مواطنون».
من أمثلة تعنت المسئولين مع أهالي القرى يروى عصام: «تبرع فاعل خير لمد خط لمياه الشرب النظيفة، وكانت تكلفته نحو 100 ألف جنيه، وأجرينا المقايسة اللازمة، وبعد اتخاذ كل الإجراءات، رفض المسئولون في مركز أبوالنمرس وشركة المياه توصيل الخط، بحجة أنه لا يوجد أي تصريح بذلك، فيما قال لنا أحد المسئولين بمحافظة الجيزة إن سكان هذه القرى مواطنون عشوائيون وأنصحكم متسلطوش الضوء عليهم».
خرجنا من هذه القرى المهمشة بأبوالنمرس نحمل أحلام البسطاء من أهالينا هناك، لعلنا نضعهم تحت دائرة اهتمام المسئولين، لينظر أحدهم إليهم، وحاولنا التواصل مع المسئولين بمحافظة الجيزة لأكثر من 3 أيام، تحدثنا مع المسئول الإعلامي بمكتب اللواء كمال الدالى محافظ الجيزة، أسامة الخطيب، وتحدث إلينا بود شديد لكنه لم يرد بخصوص مشكلات أهالي العرب بأبوالنمرس، وبعد إلحاح وتكرار الاتصال به أخبرنا أنه يجب التواصل مع شفيق جلال، رئيس مدينة أبوالنمرس، التي تقع هذه القرى المهمشة في نطاقها، واتصلنا برئيس المدينة أكثر من مرة، وراسلناه بخصوص المشكلة المتعلقة بأهالي العرب، لكن يبدو أن رئيس المدينة خارج الخدمة، فتليفونه الشخصى ظل مغلقا لمدة 48 ساعة متواصلة، ولا ندرى كيف لمسئول المفترض فيه أنه يتعامل مع قضايا يومية، أن يغلق هاتفه على هذا النحو، وكيف يمكن أن يتعامل مع مشكلات القرى والمراكز التي تقع في نطاق مسئوليته، لقد أخفقنا في التواصل معه، رغم أن مسئولى الإعلام بالمحافظة أبلغوه بضرورة التواصل معنا، أصابتنا خيبة أمل بعد أن وعدنا أهالي تلك القرى بتوصيل صوتهم للمسئولين، وعرض مشاكلهم، والرد عليها من قبل مسئولى المحافظة وأبوالنمرس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.