«إّننا نحب الحياة لأننا نحب الحريّة.. ونحب الموت متى اعتقدنا أنه الطريق إلى الحياة»، فكلما «حُرم المجتمع من ممارسة الحياة، كلّما زاد تعطشه لممارسة الموت»، ومع كتاب الزميل سامح قاسم «ميل إلى السعادة»، لن يكون أمامك إلا أن ترسم مجسمًا هندسيًّا من نوع خاص، وجسرين من الأمل، فوق بحر من اليأس والإحباط، في عالم تتلاطم أمواجه بين صراعات لا علاقة لها بإنسانيتك المفقودة، على أرضٍ تعج بالحمقى والبلهاء. صديقي القارئ: أُصدّقك القول، أني رأيت في كتاب «ميل إلى السعادة»، كل جميل، وطَردت من داخلي كل قبيح، دخلتُ مثقلًا بالهموم، وخرجتُ منه أحب حياتي، أعشق صمتي حيال الحمقى والسُفهاء، أَيقنت جيدًا، أني أملك ما هو أفضل، فلم يعد في الحياة غُبار يُعرقل طريقي للاستمتاع بها. الحق أقول: عندما تسلّمت نسختي من «ميل إلى السعادة»، لم يكن في نيتي قراءته في الحال، فأمتلك جدولًا منظمًا للقراءة، لكن في بعض الأحيان، أجمل شيء يأتيك دون أن تتوقعه، وفي لحظة فارقة، بمشهد داخلي، تحت الضوء الخافت قليلًا، وجدتُ نفسي التقطه، فيفجر بداخلي كل الشجون، وكأن خلية من النحل، تُسابق الزمن، لتحمل من فوق ظهري كل ما يثقل خطواتي، وبدأت أتساءل، هل أنا فعلًا على قيد الحياة؟ أم أنا صريع فوضى الإحباط والكراهية. أصدقائي الأعزاء: أدعوكم لقراءة من نوع خاص، لكتاب سيطوّف بداخلكم، سيجعلكم قادرين على الاستمتاع بحياة لا تعرف سوى المغامرين. صديقي القارئ: بدون أي مقدمات أو تمهيدات، سيخترقك «سامح قاسم»، ويطوف بك بين حِكايات ومواقف، يُقلّبك يمينًا ويسارًا، وتنفجر بداخلك مشاعر الشجن، والفرح، والغرور، والحب، والعشق، والتدين، والطموح، والتواضع.. ستجد نفسك مثل المَجرّة، يطوف حولك البشر، فتتذكر كل ما هو عظيم فعلته، وكل ما هو قبيح أيضًا، سيجعلك أمام نفسك، سيُشجعك على مواجهة تلك الحياة، ليس كشمعةٍ تحترق من أجل الآخرين، بل كمصباحٍ يضيء طريقك أنت. أصدقائي الأعزاء: هل تتذكرون فيلم الرسوم المتحركة الأمريكي «Ratatouille»، عندما دخل الناقد الصحفي «إيجو»، وطلب من «لينجويني»، ذلك الشاب الذي لا يعرف فنون الطهي، وأراد إحراجه، وطلب منه تناول «وجهة نظر»، فإذا بالفأر الطبّاخ، يقدم له «خلطة بيطة بالصلصة»، وعندما يتناولها «إيجو»، تطوف به الدنيا، وتقذفه لذكريات الطفولة، هكذا سيكون حالك، عندما تتراقص بك كلمات «ميل إلى السعادة». «سامح قاسم»، قدم دليلًا للسعادة، بمنتهى السلاسة دون أن يتحدث معك بِفوقيّة، يتلاعب على مشاعرك، يُخاطب روحك، سيُقنعك أن الدنيا لا تعطيك ظهرها، بل أنت من يجلس بالعكس، سيُعلمك أن العلاقات الإنسانية هي رئة الحياة، وسرّ الوجود، فالعالم لا يفسح الطريق إلا للمرء الذي يعرف طريقه فقط. وأخيرًا.. لن أقول أكثر من أن «ميل إلى السعادة»، أنهى «حرب الفراولة»، لكن للأسف، بعد أن رحل عنا قائدها صديقنا الفنان سامي العدل، قبل أن يصل إلى مبتغاه. ولنا لقاء آخر، مع «ميل إلى السعادة»، بعد أن تحصلوا على نسختكم من دار روافد للنشر.