قال عدد من خبراء البترول العرب إن تجارة النفط، خاصة الخليجي، تشهد في الوقت الجاري تحولًا في حركتها التقليدية من الدول الغربيةوالولاياتالمتحدةالأمريكية إلى دول آسيا، والتي رفعت حصتها في السوق العالمية للنفط مع رغبتها الجامحة في تحقيق معدلات نمو اقتصادية مرتفعة. وقال الدكتور رمضان أبوالعلا أستاذ هندسة البترول بجامعة فاروس بالإسكندرية، في مكالمة هاتفية مع وكالة “,”الأناضول“,” للأنباء: “,”إن حركة تجارة البترول المتوجهة للدول الآسيوية خلال السنوات الخمس الماضية في تزايد، كما تُظهر الأرقام الصادرة عن وكالات الطاقة المتخصصة“,” . ورأى رمضان، أن استهداف حكومات هذه الدول تحقيق معدلات نمو اقتصادي مرتفعة وراء هذا التحوّل الملحوظ. وأكد رمضان أن تحقيق معدلات نمو في أي منطقة يستلزم زيادة في استهلاك الطاقة سواء كانت منتجة بشكل محلي أو مستوردة من الخارج. وقال إن “,”في المقابل نجد الدول الغربية تكافح بضراوة للخروج من الأزمة الاقتصادية التي تشلها منذ خمس سنوات وتحديدًا منذ أغسطس 2008“,”. تابع “,”إن الدول الآسيوية استغلّت الأزمات المتلاحقة في الدول الغربيةوالولاياتالمتحدة في رفع معدلات التصنيع وصادراتها، ما رفع من استهلاكها للطاقة بمختلف أنواعها“,” . وكشف تقرير حديث صادر عن وكالة الطاقة الأمريكية، أن السعودية أكبر منتج ومصدر للنفط في العالم، صدّرت 54% من نفطها الخام إلى دول شرق آسيا مثل “,”اليابانوالصين وكوريا الجنوبية“,”، فيما بلغت واردات الولاياتالمتحدة من السعودية 1.4 مليون برميل يوميًا خلال عام 2012، بما يعادل 16% من الاستهلاك الأمريكي، و12% من صادرات السعودية النفطية. وتظهر الإحصائيات الصادرة عن وكالة الطاقة الدولية، أن ثلاث دول من أكبر الدول استهلاكًا للبترول في 2011 ترتكز في قارة آسيا، حيث تحتل الصين المرتبة الثانية بعد الولاياتالمتحدة، إذ استهلكت 8.9 مليون برميل يوميًا، تلتها اليابان بواقع 4.5 مليون برميل يوميًا، ثم الهند التي تستهلك 3.4 مليون برميل يوميًا. وقال رمضان أبوالعلا، إنه رغم هذا الطلب المرتفع من دول جنوب شرق آسيا على واردات الخام إلا أن طلب الدول الصناعية والولاياتالمتحدة سيظل مؤثرًا في سوق تجارة البترول والغاز في العالم بسبب ضخامة حجم الاستهلاك في هذه الدول. وأشار أبوالعلا إلى أن بعض الدول الآسيوية استغلت تراجع الدول الغربيةوالولاياتالمتحدة، وأبرمت اتفاقيات طويلة الأجل مع دول خليجية منتجة للنفط لتأمين احتياجاتها المستقبلية. وحسب بيانات منشورة في تقرير عن التطورات البترولية في الأسواق العالمية والأقطار العربية “,”أوابك“,” فقد انخفضت واردات الولاياتالمتحدة من النفط الخام في شهر نوفمبر 2012 بنحو 3.7%، لتصل إلى 8.0 مليون برميل يوميًا، كما انخفضت وارداتها من المنتجات بنحو 2.8%، لتصل إلى نحو 2.1 مليون برميل يوميًا. بينما تراجع طلب بقية دول العالم الأخرى بحوالي 0.2 مليون برميل يوميًا، أي بنسبة 0.4% ليصل إلى 45.7 مليون برميل يوميًا، وهو مستوى مرتفع بحوالي 2.0 مليون برميل يوميًا مقارنة بالشهر المناظر من العام الماضي. وقال عباس النقي، أمين عام منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول “,”أوابك“,” “,”إن دول آسيا وبصفة خاصة جنوب شرق آسيا، متلهفة للطاقة“,”. وأضاف النقي في تصريحات خاصة لوكالة “,”الأناضول“,” للأنباء، أدلى بها على هامش مؤتمر خيارات تكرير البترول الثقيل، والذي نظمته “,”أوابك“,” بالقاهرة الأسبوع الماضي، “,”إن هذه الدول حققت ارتفاعًا في حجم استيراد الخام الثقيل بشكل ملحوظ خلال الفترة الماضية“,”. وتابع “,”اليابان ودول جنوب شرق آسيا تجد فرصًا متنامية في الحصول على منتجات متعددة من تكرير الخام الثقيل الذي تستورده بشكل رئيسي من الدول العربية“,”. وأبرمت المملكة العربية السعودية اتفاقًا مع اليابان لتخزين كميات كبيرة من نفطها في جزيرة “,”أوكيناو“,” اليابانية، وأصبح نحو 16% من صادرات النفط السعودي يتم تخزينها هناك، على مقربة من أكبر مستهلكي النفط في العالم. وأرجع الدكتور أحمد الصباغ رئيس معهد بحوث البترول بالقاهرة، انخفاض طلب الولاياتالمتحدة على النفط الوارد من منطقة الشرق الأوسط إلى تزايد طلب الولاياتالمتحدة على الغاز سواء كان طبيعيًا أو صخريًا مع تقدم تقنيات استخراجه، أو الحفر في مناطق لم تكن معتادة من قبل مثل القارة القطبية. وأضاف أن الصين تشهد نموًا اقتصاديًا ضخمًا سيحولها إلى أكبر مستورد للنفط في العالم قريبًا، كما أن الحال ذاته في الهند، إضافة إلى أن اليابان يزداد طلبها على النفط، وإن كان بوتيرة أقل من الصينوالهند. وارتفعت واردات الصين من النفط الخام خلال شهر نوفمبر 2012 بحوالي 111 ألف برميل يوميًا، أي بنسبة 2% بالمقارنة مع الشهر السابق لتبلغ 5.7 مليون برميل يوميًا، بينما ارتفعت واردات الصين من المنتجات النفطية بحوالي 13% لتصل 888 ألف برميل يوميًا حسب تقرير منظمة “,”الأوابك“,” . يشار إلى أن الولاياتالمتحدة لازالت أكبر مستهلك للنفط في العالم، حيث تقول إحصاءات العام 2011 إن الأمريكيين يستهلكون 18.9 مليون برميل نفط يوميًا . وقال الصباغ “,”رغم كل ما يتعلق بطلب الدول الآسيوية للبترول، فستظل الدول الصناعية خاصة في أوروبا المهيمنة على تجارة البترول مع قوة البنية الاقتصادية بها“,”. وذكر تقرير صدر عن التطورات البترولية في الأسواق العالمية والأقطار العربية “,”أوابك“,” أن طلب مجموعة الدول الصناعية ارتفع خلال شهر ديسمبر 2012 بمقدار 0.9 مليون برميل يوميًا، أي بنسبة 1.9% مقارنة بمستويات الشهر السابق، ليصل إلى 47.1 مليون برميل يوميًا، مستقرًا عند نفس مستويات الشهر المناظر من العام الماضي. (الأناضول)