سعر السكر والزيت اليوم الاثنين 22-9-2024 في المجمعات الاستهلاكية    استقرار سعر الدولار اليوم الاثنين 23-9-2024 في البنوك    الجيش الإسرائيلي يتهم حزب الله بإخفاء صواريخ كروز في المنازل المدنية    استشهاد 4 أطفال فلسطينيين ووالدتهم جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي    حزب الله استهدف به قاعدة "رامات ديفيد" الإسرائيلية.. ماذا نعرف عن صاروخ "فادي"؟    حالة الطقس اليوم.. أمطار وشبورة على بعض المناطق    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 23 سبتمبر 2024    مصر للطيران تشارك في معرض السياحة الدولي الفرنسي IFTM – Top Resa    موعد مباراة النصر والحزم في كأس خادم الحرمين الشريفين    فودافون تتصدر «X» بعد أزمة الرصيد والباقات    مباحث الجيزة تكثف جهودها للقبض على لص السيارات بالهرم (صور)    وفاة والدة المخرج يوسف المنصور    «ماعندهاش كورونا».. تفاصيل الحالة الصحية ل إيمي سمير غانم | خاص    تفاصيل عزاء نجل إسماعيل الليثي.. نجوم الفن الشعبي في مقدمة الحضور (صور)    أحمد سعد يعلق على سرقة مقتنياته الثمينة في حفل زفاف نجل بسمة وهبة: "المكاسب من عند الله"    أحداث الحلقة 2 من مسلسل «تيتا زوزو».. زيارة صادمة تفاجئ إسعاد يونس    إصابة فى مقتل    مصدر حكومي ل«إكسترا نيوز»: مؤتمر صحفي لوزير الصحة في أسوان اليوم    متحور كورونا الجديد «كارثة» تهدد العالم.. ينتشر بشكل مرعب وسريع العدوى    5 تمارين تنسف دهون الجنبين.. مارسها يوميا للحصول على نتيجة رائعة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-9-2024    جوميز يطيح بنجم الزمالك بعد السوبر الأفريقي.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    الأخبار العاجلة وأهم الأحداث الدولية فى تغطية إخبارية لليوم السابع.. فيديو    بورصة الدواجن.. أسعار الفراخ البيضاء اليوم الاثنين 23-9-2024 في قنا    برلمانية أوكرانية: خسارة أوكرانيا لمدينة أوغليدار مسألة وقت    ماكرون يدعو إلى إعادة التفكير في "العلاقة مع روسيا"    ألمانيا.. حزب أولاف شولتس يفوز في انتخابات ولاية براندنبورج    تشكيل النصر المتوقع أمام الحزم في كأس الملك.. من بديل رونالدو؟    شعبة الأدوية: الإنسولين المستورد متوفر في كل الصيدليات.. ومعظم النواقص أصبحت موجودة    اليوم.. حفل توزيع جوائز مسابقة هيكل للصحافة العربية لعام 2024    تكثيف البحث عن شقيق اللاعب عمرو ذكي بعد تعديه على حارس عقار بالمنصورة    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس "الحركة الوطنية".. والحزب: "كان قائدًا وطنيًا"    ثمانية أيام راحة للاعبي المصري والفريق يستأنف تدريباته في الأول من أكتوبر المقبل    نائب رئيس الوزراء يكشف حقيقة ما تم تداوله بشأن الحالات المرضية في أسوان    طلب جديد لإيقاف القيد.. محامي حسام حسن يكشف تفاصيل صادمة بشأن أزمة المصري    المهندس عبد الصادق الشوربجى: صحافة قوية فى مواجهة التحديات    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس حزب الحركة الوطنية    "بالتوفيق يا فليبو".. صلاح يوجه رسالة لأحمد فتحي بعد اعتزاله    أطفال التوحد خارج مقاعد الدراسة..والأصحاء مكدسين فوق بعض بمدارس "المزور"    عرض «كاسبر» يناقش القضية الفلسطينية في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ال14    بدء تشغيل شادر نجع حمادي الجديد في قنا بتكلفة 40 مليون جنيه    رئيس غرفة صناعة الدواء: كل الأدوية تحتاج تعديل أسعارها بعد تعويم الجنيه    «البحوث الزراعية» تكشف أسباب ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس (فيديو)    القبض على شخص قاد سيارته داخل مياه البحر في دهب    رانيا يوسف: فيلم التاروت لم يكن يوما ممنوعا.. وحصل على موافقة الرقابة    ارتفاع درجات الحرارة وأمطار.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الإثنين    «بسبب علامة غريبة على وجه ابنته».. زوج يتخلص من زوجته لشكه في سلوكها بمنطقة بدر    وفاة والد الإعلامي أحمد عبدون    الأزهر يُعلن تكفله بكافة مصروفات الدراسة للطلاب الفلسطينيين بمصر    ملف رياضة مصراوي.. قميص الزمالك الجديد.. مدرب منتخب مصر للشباب.. منافس الأهلي في إنتركونتيننتال    انتداب المعمل الجنائي لفحص آثار حريق منزل بالجيزة    ميلان يحسم ديربي الغضب بفوز قاتل على الإنتر    بالصور .. الأنبا مقار يشارك بمؤتمر السلام العالمي في فرنسا    محمود سعد: الصوفية ليست حكراً على "التيجانية" وتعميم العقاب ظلم    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    كيف تُحقِّق "التعليم" الانضباطَ المدرسي في 2024- 2025؟    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



25 يناير .." اليوم يوم المرحمة "
نشر في الأيام المصرية يوم 25 - 01 - 2012

إن كنا نحب مصر الجميلة ، العظيمة ، الجليلة، كنانة الله في أرضه، والمحفوظة بحفظ الله لها، والمذكورة في قرآن ربنا الكريم، ونحن نعلو جميعا على خلافتنا، ونذيب تفرقنا وتشتتنا، ونضع مصلحة الوطن فوق كل مصلحة ، إن كنا كذلك، فتعالوا نجعل شعارنا جميعا في هذا اليوم (الأربعاء) الموافق 25 يناير- يوم الذكرى الأولى للثورة المباركة - هذا الشعار الجميل: " اليوم يوم المرحمة"..
من منكم يتذكر هذه الجملة النبوية الكريمة التي منع الله ببركتها دماء تسفك، وأرواحا تزهق، وأبرياء من الممكن أن يقتلوا، لو لم يطلقها صاحبها ويجعلها شعارا للجميع كما أتمنى أنا الآن أن تكون شعارانا اليوم..
ولمن لا يتذكر المقولة الكريمة أقول : إنها وردت على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند دخوله مكة فاتحاً في العشرين من شهر رمضان المبارك ، وقالها ردا على مقولة سعد بن عبادة الأنصاري، رضي الله عنه، عندما مر بأبي سفيان في كتيبة الأنصار فقال: " اليوم يوم الملحمة ، اليوم تستحل الحرمة ، اليوم أذل الله قريشاً "..
وما إن وصل الخبر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، حتى استنكره واستبدله بالشعار الجميل الرحيم ": اليوم يوم المرحمة"، ثم ترجم رسول الإنسانية هذا القول بفعل عملي، حيث أرسل إلى سعد ونزع منه اللواء ، ودفعه إلى ابنه قيس ، ورأى أن اللواء لم يخرج عن سعد إذ صار إلى ابنه.
مقولة سعد بن عبادة كانت شبه مسلمة من المسلمات التي تكاد تسيطر على معاشر الأنصار والمهاجرين وأبناء المسلمين من القبائل الأخرى التي انضمت للإسلام، وشاهد الجميع وسمعوا كيف اضطهد المسلمون من قبل قريش وحلفائها..
ويكفي أن نعلم أن المسلمين بسبب الدفاع عن دينهم، دخلوا مع قريش حروبا شرسة بلغت أشدها وأوجها في غزة أحد الذي انكسر فيها جيش المسلمين وجرح رسول الإنسانية كلها وكسرت رباعيته ودخلت حلقتي"المغفر" في وجنتيه الشريفتين صلى الله عليه وسلم. حتى نزف الدم الغزير ونزعهما عنه أبو عبيدة الجراح بأسنانه الأماميتين فسقط أرضا وسقطت أسنانه مرتين، حتى أصبح رضي الله عنه " أثرما".
واشتدت عليهم أيضا في غزة الخندق حتى وصف الله جل وعلا مدى الضيق والخوف الذي انتاب المسلمون من المشركين بقوله" وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا".
ولم تكن أول مشاهد غزة حنين بأخف وطأ على المسلمين حيث ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وولوا مدبرين وقد انكسروا في بدايتها حتى ثبت الرسول الشجاع وقلة معه ثم انزل الله السكينة والنصر على رسوله وعلى المؤمنين.
ولم تكن أيضا غزة مؤتة- بعيدا عن قريش- و قتل فيها خيرة الصحابة الأجلاء عبد الله بن جعفر وزيد بن حارثة، وعبد الله بن أبي رواحة ونعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدا تلو الآخر- بأرأف من الغزوات السابقة في الشدة والضيق وقلة الحيلة والعدد والعدة.. ثم جاءت غزة العسرة وأعني بها غزة تبوك التي كانت في حر وفقر وجوع وضيق حال وطول طريق .
ومن أجل هذا وذاك كانت مقولة القائد الأنصاري ليست بمستغربة منه من قبل المسلمين سواء كانوا من المهاجرين والأنصار، ولا أكون مخالفا لو قلت إنها كانت ترجمة لما في نفوس الجميع في يوم اجتمعت فيه كلمة المسلمين وقويت شوكتهم وكثر عددهم وهم ذاهبون لفتح مكة التي طردوا منها قبل عامين وهم معتمرين ثم خذلتهم قريش بأن نكثوا العهد وقتلوا حلفاء المسلمين في وقت الصلح..
لكن رسول الإنسانية لم يكن هم سفك الدماء ولا أسر الأبرياء بل أرادها درسا قويا وترجمة واقعية لكبراء قريش وقادتها حين دخل مكة آمنا وهم خائفون، ودخلها منتصرا وهم منهزمون، ودخلها والحق معه وهم الذي خذلوا الحق ونكثوا العهد، ثم أعطاهم الدرس الكبير بالعفو العام الذي لم يكن يصدقه الزعماء فضلا عن العامة من أهل مكة كلها.
بالله عليكم لو لم يتدخل "الرحمة المهداة" بأسلوبه الحكيم، وقلب شعار الصحابي " اليوم يوم الملحمة" وجعله " اليوم يوم المرحمة"، ماذا كان سيجل التاريخ من مآس ومجازر؟ ولما رأى أن في الأب عصبية قد توحي بالشر المستطير في يوم انتظره المسلمون كثيرا، ليردوا لقريش الصاع صاعين، نزع اللواء من الأب – وإرضاء له – أعطاه للابن، وجعل يوم الفتح تسامحا لم تسمع البشرية كلها بمثله.
إن ابن قريش وسيدها وابن ساداتها الكرام، محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، التي طردته قريش من مكة وبيّتت النية وخططت لقتله في فراشه، ليلة الهجرة، قال لقريش كلها عن بكرة أبيها مقولته الخالدة:" اذهبوا فأنتم الطلقاء"، وهو الذي يملك حق القتل وحق الأسر وحق الانتقام وحق الثأر، إلا انه لم يقتل ولم يسفك ولم ينتقم ولم يثأر ولم يرد السيئة بمثلها، بل رد بالعفو العام والصفح الجميل والكرم الذي لم يدانيه كرم والجود الذي أصبح مضرب الأمثال على ممر الليالي والأيام.
إن ديننا الإسلامي الحنيف حرم المُثلة، بل حرم قتل الحيوان، وإفساد الزرع، وهدم البيوت، وكذلك حرم الإجهاز على الجريح، وتتبع الفار، وذلك أن الحرب كعملية جراحية، لا يجب أن تتجاوز موضع المرض بمكان.
وفى ذلك روى سليمان بن بريدة عن أبيه: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا أّمر أميراً على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله، ومن معه من المسلمين خيراً، ثم قال: "اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليداً"
واسمعوا معي لوصية أبى بكر الصديق لأسامة بن زيد حين بعثه إلى الشام: "لا تخونوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلاً صغيراً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة، ولا تعقروا نخلاً ولا تحرقوه، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة، ولا بقرة، ولا بعيراً، إلا لمآكلة، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع (يريد الرهبان)، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له".
هذا في حالة الحرب بين الأعداء، فكيف ونحن لسنا في حرب، بل نحن أبناء شعب واحد ووجب أن نكون إخوانا متحابين متماسكين نطبق ما طلبه منا رسول الإنسانية جمعاء" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".
إن مصر اليوم في الذكرى الأولى تحتاج للرحمة والتسامح والتضامن والتعاون والتآزر وليس للفرقة والتخريب والتدمير والتحريق وسفك الدماء، فالله لن يسامح مصريا يغدر في هذا اليوم بأهله وشعبه وناسه ولن يسامح الله مخربا أو محرقا أو مدمرا ينتهز انشغال الناس في الاحتفال بالذكرى ويسعى في مصر المحروسة خرابا.
إن لنا أعداء متربصين بنا، كما قال القرآن" ودوا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة" وما إسرائيل وحلفاؤها عنا ببعيد، فلا تعطوا الفرصة لمن يريد بمصر ما يريده أعداء مصر منها..
مرة ثانية وثالثة ورابعة وعاشرة ومائة أقول لكم ولكل مصري ومصرية : تعالوا نستدعي التاريخ الجميل، ونطبق هذا الموقف النبوي الكريم النبيل الرحيم، في مصرنا الكريمة الجميلة، ومن أجل مصرنا الكريمة النبيلة الجميلة أيضا، ونجعل شعارنا اليوم: " اليوم يوم المرحمة".

**************
آخر الكلام..
وإذا قدرت فأنت أمٌ أو أبٌ // هذان في الدنيا هما الرحماءُ
(أمير الشعراء أحمد شوقي ، يمدح سيد الخلق صلى الله عليه وسلم في عفوه وتسامحه ورحمته)
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.