أثناء ثورة الخامس والعشرون من يناير ، والتغطية المخجلة والمضلله والمزوره للحقائق من قبل الإعلام المصرى لأحداثها ، والتى لم يقتصر دور الإعلام فيها على هذا فحسب بل هاجم وقام بدور تحريضي ضد الثوار و إتهام المشاركين فى الثورة بالخيانة والعمالة والتخريب ، فلا أحد ينسى وصفهم وإتهامهم للثوار بأنهم (مدعومين من الخارج نظير بعض الدولارات .. ويحصلون على وجبات الكنتاكى ليبقوا فى اعتصامهم بالميدان ). تغافل الإعلام المصرى حينها عن نقل أحداث التحرير الداميه وهانت عليه دماء الشهداء الطاهرة التى سالت على ارصفة وكافة جوانب وأركان ميدان التحرير، الذى شهد بسالة وتضحيه فائقة من قبل شباب وشيوخ ونساء وأطفال أحرار يؤمنون بعدالة قضيتهم ، يدافعون عن حقهم المشروع فى اختيار من يحكمهم ، متطلعين وآملين فى تحقيق حياة كريمة دون مذله لهم ولذويهم ، وقفوا بشجاعة وثبات ضد الهجمات والاعتداءات التى قام بها النظام السابق بكل عتاده وقوته وجبروته وبمساعدة أعوانه من الفلوف والمنتفعين أصحاب المصالح الخبيثة . مع كل هذه الأحداث كانت تستهين وسائل الإعلام المصرية الرسمية والخاصة التابعة للنظام السابق بمشاهديها ومتابعيها ، خاصة كاميرات التلفزيون المصرى التى كانت مثبتة وتتركزعلى النيل الهادئ والسحر الخلاب الذى يستشعره المشاهد حين يرى المراكب السياحية تعبر النهر ، الوقت الذى كان ميدان التحرير ومصر كلها تعتصر وتشتعل وفى قمة الغليان ودماء الاحرار تسيل فى الشوارع .. فيبدوا أن الإعلام المصري والمرئى خاصة مصابا بالتناقض وبحالة من الانفصام شيزوفرينيا " Schizophrenia ". فلقد سخرت الصحف الرسمية حينها بقيادتها العميلة أقلامها الخبيثة للطعن فى الثوار وتخوينهم ، و سمحوا لأنفسهم بالخوض فى اعراض الثوار ووصفهم بأبشع الالقاب و نعتهم باشنع التهم. ومع نجاح الثورة و الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك ونظامه ، وقيام عدد كبير من العاملين و الإعلامين الشرفاء باعتصامات وإضرابات وتقديم استقالتهم اعتراضا منهم على ما يقدمه الإعلام و خاصة التلفزيون والمؤسسات الصحفية التابعة للدولة ، والمطالبة بإقالة رؤساء تلك الاجهزة ومحاسبتهم وتطهير الإعلام منهم لفسادهم وإهدارهم للمال العام والرشوة والمحاباة وتضليل الناس أثناء الثورة . ليثمر مسعى الإعلاميين والمحتجين انذاك باستقالة وزير الإعلام أنس الفقى وإقالة بعض القيادات وعلى رأسها رئيس قطاع الأخبار بالتليفزيون . ولاحظنا عودة لعدد من الوجوه الإعلامية إلى الساحة واختفاء وجوه أخرى وتواريها ، مع التغييرالكامل للخطاب الإعلامي لتلك الصحف وجهاز التلفزيون تجاه الثورة ومن قاموا بها ، وبات ممكنا انتقاد وزراء ورجال أعمال في الحزب الوطني الديمقراطي و شخصيات شهيرة في المجتمع المصري كان لا يمكن المساس بها من قبل. ظننت وقتها بأن الإعلام المصرى على كافة اشكاله الإعلامية المسموعة والمقروئه والمرئية ، قد تم تطهيره وتحرر من قيودة وتبعيته للنظام الحاكم ، ينقل الحقيقة بشفافيه وحياد ، ليعود لدوره الريادى فى الشرق الأوسط ومنافسا قويا لوسائل الإعلام العربية والعالمية من خلال تغطيتة الحية الشامله والسريعة من قلب الأحداث. ولكن يبدوا أنى كنت على خطأ فى ظنى هذا ، فمازال إعلامنا كما هو على حالة القديم لم يتغير شيئا ، تبدلت الوجوه ولم تتبدل السياسات ، لازال إعلاما تابعا غير رائد يفتقد المصداقية والحيادية ، ويساعد فى التضليل وتغييب الحقائق، بل وفى احيانا كثيره يكون سببا رائيسيا بأحداث الفرقة بين الشعب المصري وبث الفتن والقلاق داخل البلاد . فلو تابعنا على سبيل المثال تغطيتة لفاعليات مليونية جمعة 18 نوفمبر التى دعت لها بعض القوى السياسية والمجتمعية خاصة التيار الاسلامى ، فكانت تغطية سطحية مخزية تفتقد الشفافية والحرفية الإعلامية فى النقل، خاصة التلفزيون الذى سلط كاميراته على ميدان التحرير من ابعد مكان والتقط صوره من اقصى الزوايا وكأنه يسكن برجا عاجيا، ويربأ بنفسه من النزول والتفاعل المباشر مع المتظاهرين لنقل نبضاتهم ومطالبهم ، والفضيحة الكبرى هى كتمه لاصوات المتظاهرين والهتافات والصيحات المدوية التى كانوا يرددونها وتهتز لها اركان الميدان ، فقط اكتفى بعرض صورة هامشيه للميدان من بعيد ، ومما يزيد الأمر خزى هو منع بث خطبة وصلاة الجمعة التى اقيمت فى قلب الميدان ، ونقل لنا بدلا منها صلاة الجمعة من احدى المساجد ( هذا الامر يذكرنى بسابق فعله حين كان يركز كاميراته على ضفاف النيل الهادئ ويتغافل عن عمد عما يحدث فى التحرير.. لغيب الناس ويظهر الحال على ما يرام ). وتكتمل التغطية الهزلية باختيار الضيوف والمعلقين البعيدين كل البعد بالفكر والتوجه عن المتظاهرين بالتحرير، ليقوم الضيف بدوره هو الاخر بالطعن فى النوايا والهجوم والتشويه لمطالب تلك المليونية ومن شارك فيها ، دون استضافة للطرف الاخر والسماح له بممارسة حقه المشروع فى الرد وعرض مطالبة . فهل لازال الإعلام المصرى مستمر فى سياستة القديمة والتعتيم وتغييب الحقائق ؟؟ هل سيبقى الإعلام المصرى بعيدا جداعن نبض الشارع المصرى ومعاناته ؟؟ هل سيتغافل الإعلام المصرى عن ما يريده الشعب ويراعي ثقافته الحضارية وتوجهه الاسلامى ؟؟ هل سيفرض الإعلام المصرى علينا وجوه غريبة عن ثقافتنا ومجتمعنا المحافظ ؟؟.. ويقوم بالترويج لأفكارها الشاذه التى تأباها نفوسنا ، وهل سيسمح لتلك الوجوة المشبوهه بالطعن والمساس بالمقدسات والشرائع الربانية مرتدية قناع حرية التعبير ؟؟ وإلى متى سيبقى الإعلام المصرى ناسيا أنه ملك للشعب وليس ملكا لحكومات أو سياسات أو فصيل دون الاخر؟؟ ترى هل سنحتاج لثورة جديدة لتطهير وتغيير القيادات وتقوييم المسار الإعلامي ؟؟ اسئلة كثيره بحاجة إلى أجابة سريعة وشافية ..... وإلى حين الوصول إلى الاجابة وتصحيح هذه الاسئلة على الوجهه الامثل .. اعتذرعن متابعة وسائل الإعلام المصرية الرسمية فعفوااا أيها التلفزيون لم أعد أشاهدك عفوااا أيتها الاذاعة لم أعد أستمع لك عفوااا أيتها الصحف لم أعد أقرئك وسأبحث عن وسيلة إعلامية.. تتميز بالمصداقية ... تتحلى بالحيادية ... شعارها الشفافية ... تحترم فكرى وعقلى وتقدر قرائها ومشاهديها.