فرجينيا وولف الكاتبة البريطانية الشهيرة ، التى أسهمت فى تدشين مدرسة الرواية الحديثة فى بداية القرن العشرين ، وعُرفت بمدرسة تيار الشعور أو اللاوعى ، اتخذت قررا عام 1941 بإنهاء حياتها على نحو جازم ، فملأت جيوبها بالحجارة ، حتى يثقل وزنها ، وألقت بنفسها فى البحر فماتت غرقاً . فى عام 1961 حاول الكاتب المسرحى الأمريكى إدوارد البى أن يكتب عملاً يتحدث عن أعماق الإنسان ، وعن حياة بعض البشر الحافلة بالأوهام والقائمة على الأكاذيب ، فلم يجد أمامه غير الأديبة فرجينيا وولف ليتخذها رمزاً ، فأصدر مسرحيته التى حملت عنوان : " من يخاف فرجينيا وولف " ، التى حظيت بشهرة واسعة وجرى تمثيلها على خشبات المسارح فى بقاع مختلفة من العالم عدة سنوات . وترسماً لبعض من خطى الكاتب إدوارد البى ، أسمح لنفسى بالاقتباس منه لأكتب هذا المقال متخيراً العنوان : " من يخاف فايزة أبوالنجا ؟! " . فى الثانى عشر من شهر نوفمبر 1951 ولدت فايزة أبوالنجا بمدينة بورسعيد ، وتخرجت فى كلية التجارة جامعة القاهرة عام 1973 ، ثم حصلت على دبلوم فى الإدارة العامة من باريس عام 1977 ، وفى عام 1989 نالت ماجستير العلوم الساسية من جامعة جنيف . وبدأت ايزة أبوالنجا حياتها المهنية بالانضمام إلى السلك الدبلوماسى بعد تخرجها عام 1975 . وعندما تم انتخاب الدكتور بطرس غالى أميناً عاماًُ للأمم المتحدة عام 1992 ألق فايزة أبوالنجا بالعمل معه كمستشار خاص له ، حيث كانت قدصلاتها به وقتما كان وزيراً للدولة للشئون الخارجية . وخلال السنوات من 1997 حتى 1999 شغلت فايزة أبوالنجا منصب نائب مساعد وزير الخارجية للعلاقات الأفريقية الثنائية ، حيث أسهمت فى تردى العلاقات المصرية الأفريقية إلى المستوى المزرى الذى وصلت إليه هذه العلاقات . واستمرت رحلة صعود أبوالنجا فشغلت منصب مندوب مصر الدائم لدى الأممالمتحدة فى جنيف وكافة المنظمات الدولية فى سويسرا ، وشغلت منصب مندوب مصر الدائم لدى منظمة التجارة العالمية ومؤتمر نزع السلاح ، وذلك فى الفترة من 1999 حتى أواخر 2001 . فى نوفمبر 2001 حظيت بمزيد من الرضا السامى ، فتم تعيينها فى منصب وزيرة الدولة للشئون الخارجية المسئولة عن التعاون الدولى ، وفى 2004 أنعم نظام الرئيس المخلوع على فايزة أبوالنجا بإنشاء وزارة جديدة مستقلة لها لتصبح وزيرة للتعاون الدولى . المناصب لا تأتى فرادى وإذ أخذت فايزة أبوالنجا فى الاقتراب حثيثاً من الدائرة الضيقة لصنع القرار ، مقدمةً البرهان تلو الآخر على جدارتها بثقة هذه الدائرة وبرضاها ، وهى بالحتم كانت دائرة فاسدة، بل وشديدة الفساد ، فقد راحت تنهال على ابنة أبوالنجا المناصب المدرة للمال والمزيد من المسطوة : عضوية المجلس الأعلى للتخطيط ، اللجنة العليا لمياه نهر النيل ، مجلس إدارة الصندوق الإجتماعى ، مجلس إدارة صندوق تطوير التعليم .. عضوية المجلس الأعلى للاستخدامات السلمية للطاقة النووية الذى كان يترأسه الرئيس المخلوع شخصياً ، عضوية المجلس الأعلى للعلوم والتكنولوجيا ، ومجلس أمناء مكتبة الأسكندرية . ولم تحظ فايزة أبوالنجا برضاء الرئيس السابق وحده ، بل نالت رضاء كل الأسرة المتحكمة : سوزان مبارك والنجل جمال ، وقد أخذت تقدم لهم من خدمات ضرورية فى إطار مشروع التوريث الكارثى . ووصل الأمر – بحسب بعض المصادر – إلى تورطها فى عمليات دفع رشاوى من ميزانية الدولة المصرية لصالح بعض المنظمات وجماعات الضغط الأمريكية بغرض اقناع الإدارة الأمريكية بضرورة دعم مبارك وقطع كل وسائل الاتصال مع الداعين للديمقراطية فى مصر !! ومع اقتراب موعد رفع الستار عن عملية توريث الحكم فى مصر ، كان لابد وأن يكون لفايزة أبوالنجا نصيبها البارز فى المهزلة ، فترشحت لعضوية مجلس الشعب فى 2010 بمسقط رأسها ، لتنجح وتنال صك التزوير الرسمى بعضوية البرلمان المنحل .الطريف أن فايزة أبوالنجا أكدت وهددت فى المرات القليلة التى واجهت فيها الجماهير فى إطار دعايتها الانتخابية أنه لابد من فوز أعضاء الحزب الوطنى بكامل مقاعد البرلمان وإلا لن يكون لبورسعيد أي أمل فى تنمية أو آفاق فى المستقبل . الثورة فى خدمة أبوالنجا ولأن فايزة أبوالنجا واحدة من الكفاءات النادرة التى لا يمكن لبلد من البلدان الاستغناء عن خدماتها ، ولأن جوهر السلطة فى مصر لم يتغير بعد 25 يناير ، والبرهان الساطع على هذا هو فايزة أبوالنجا نفسها .. ذلك أنها استمرت فى الاحتفاظ بحقيبتها الوزارية فى حكومية الفريق شفيق ، ثم مع تشكيل الدكتور شرف لحكومته ، لم تستبقى فايزة أبوالنجا كرسيها فى الوزارة ، بل جرى توسيع اختصاصاتها ومنحها وزارتين بمقعد واحد ، وصارت فايزة أبوالنجا منذ مارس 2011 وزيرة للتخطيط والتعاون الدولى . ما سبق يقطع بأن فايزة أبوالنجا تمسك بملفات خطيرة وشديدة الأهمية بالنسبة لمن يملكون السلطة فى مصر اليوم ومثلما كان عليه الحال بالأمس ، وأن ثمة كثيرين من النافذين فى السلطة يخشونها ويخافون مما تحت يدها من معلومات .. فإلى متى يستمرون فى الخوف من فايزة أبوالنجا ؟! .. ظنى أن الخوف سيظل قائماً حتى تنجز الثورة المصرية مهامها .