ما اشبه الليلة بالبارحة .. وأن التاريخ ليعيد نفسه بل ان هناك احداثاً سياسية تتكرر وتكاد تكون بحذافيرها .. فهل ذلك يعود للظروف التي احاطت بتلك الاحداث أم بالاشخاص الذين يعيشون علي ظلال الماضي ام بالشعب الذي يرضي ويقبل أي شيء تحت مسمي الاستقرار والامن والامان .. وسأحاول ان اضع امامكم الصورة متكاملة .. وبغض النظر عن موقفي الشخصي في تلك الاحداث المتشابهة لكنها محاولة مني لقراءة ما يحدث الآن في مصر وايضا هي محاولة لاستشراق المستقبل القريب او البعيد .. محاولاً التأكيد ان لكل زمن ظروفه وملابساته ..ولنعد بالذاكرة الي عام 1952 فبعد قيام الثورة وعد الضباط بتسليم البلاد لسلطات مدنية خلال شهور قليلة واجراء انتخابات مجلس الشعب ورئاسة الجمهورية ووعد مجلس الثورة انه لن يؤسس اي حزب سياسي لكن للاسف وخلال شهور قليلة انقلبت كل الموازين بغض النظر عن النوايا وحكم «الضباط الثوار» مصر واستمر الحكم العسكري 60 سنة.. تعالوا معا نقرأ اهم عناوين الصحف المصرية في تلك الفترة منذ عام 1952 حتي عام 1954 .. نشرت صحيفة الاخبار في شهر فبراير 1953 العنوان الآتي (الاعلان الدستوري الجديد) ونشرت الأهرام عنواناً في مارس 1954 يقول (انتخابات لمجلس الشعب خلال اربعة اشهر) لكن للاسف بعد ايام من الإعلان تم الغاء الانتخابات وانفراد الضباط بادارة البلاد ..وفي تصريحات للرئيس محمد نجيب لصحيفة الاخبار عام 1954 عن البدء في اجراءات انتخابات مجلس الشعب قال (كان كثير من الناس يعتقدون ان فترة الانتقال لن تنتهي، لكن الله يعلم كم بذلت من الجهد في سبيل إرساء الدعائم السلمية لحكم دستوري ديمقراطي وطيد الاركان فان مبعث رضائي وسعادتي اليوم ان تيسر لنا تحقيق ذلك الهدف الأسمي وعندما تنتهي المدة المقررة لفترة الانتقال سيتولي الشعب الواعي زمام امره ) وما هي الا ايام ونشر خبر بجريدة الأخبار في فبراير 1954 فيه بيان اعلان استقالة اللواء محمد نجيب عن رئاسة الجمهورية .. أكثر ما يلفت النظر في هذا البيان ما جاء في نهايته حرفياً ( يستمر مجلس قيادة الثورة بقيادة البكباشي جمال عبد الناصر في تولي جميع السلطات الحالية في ان تحقق الثورة اهم اهدافها وهو اجلاء المستعمر عن ارض الوطن) .. ومن مذكرات اللواء محمد نجيب انه يحكي ان هناك اعلاناً دستورياً قام مجلس الثورة ببثه علي الشعب المصري باسم اللواء محمد نجيب دون علمه وفيه اتخذ المجلس قرارا بحل كل الأحزاب السياسية بحجة التمويل الأجنبي المشبوه والاختلافات فيما بين القوي السياسية تمهيدا لبدء الحكم العسكري بعد اسقاط الملك فاروق .. وهناك ايضاً وثيقة تاريخية من اجتماع مجلس قيادة الثورة في مارس 1954 تؤكد ان المجلس سيبتعد عن السلطة خلال أربعة شهور من تاريخ الاجتماع في ذكري ثورة يوليو وعدم مشاركته نهائيا ًفي الحياة السياسية وتؤكد الوثيقة علي فتح باب تكوين الأحزاب وانتخاب مجلس الشعب ومن ثم انتخاب رئيس الجمهورية.. لكن بعد اسبوعين قرر المجلس تأجيل الانتخابات واستمر الحكم العسكري لمصر من وقتها حتي يناير 2011 .. وفي 6 مارس 1954 قرر مجلس الثورة اتخاذ الإجراءات لعقد جمعية تأسيسية تنتخب عن طريق الاقتراع العام المباشر وسيكون لها مهمتان اولا ً مناقشة مشروع الدستور الجديد .. وقرر مجلس الثورة ان تلغي القوانين العرفية قبل اجراء الانتخابات للجمعية التأسيسية بشهر .. اما اهم عناوين الصحف فكانت كالآتي .. الاخبار في 14 يناير 1954 (محاكمة من استغلوا نفوذهم وأفسدوا الحياة السياسية ) .. الأهرام (حل جماعة الاخوان المسلمين ).. ومن المعروف طبعاً للجميع ان العلاقة كانت بين الجيش والاخوان علي ما يرام بل إن الاخوان كان لهم دور كبير في انجاح الثورة ودور اكبر في اسقاط محمد نجيب لكن تبدل الوضع بعد حدوث اختلاف بين ناصر والاخوان علي من يمثل الاخوان في مجلس الوزراء، وكان ناصر يرفض ان يفرض الاخوان اسماء بعينها وكانوا هم مصرون علي ذلك وانتهي شهر العسل بين الاخوان والجيش وانتهي الامر بحل الجماعة بل ومحاكمة قياداتها .. ونشرت صحيفة الاخبار يوم 25 اكتوبر 1954عنواناً يقول (ناصر يحذر من قوي الثورة المضادة ) وكان يتحدث عن فلول النظام السابق التي حاولت جاهدة عرقلة نجاح الثورة ،، كانت هذه بعض ما نشر وتداولته الصحف في عام 1954 واترك لك عزيزي القارئ ان تحكم وان تحدد وجه الشبه والاختلاف بين ما حدث في عام 1954 وما يحدث اليوم في 2011 .. وللحديث بقية .