لن أتكلم كثيرا عن الإعلام الفلولى كثيرا.. فقد تكلمنا عنه مرات ومرات..وتكلم هو نفسه عن نفسه.. حتى سئمه الشعب وعلم أغراض أصحابه الذين ينتمون للدولة العميقة الغميقة التى تريد أن تجر البلاد إلى الفوضى.. والتى تعد مرتعا خصبا لهم. إن الإعلام المصرى بكل وسائله.. المرئى والمسموع والمكتوب يمثل ضلعا فى مثلث الدولة العميقة كما يمثل القضاء والداخلية الضلعيين الآخرين فى نفس المثلث الذى رسمه بعناية رجال مبارك وفلول النظام البائد. فحتى تنجح ثورة يناير لابد ولا مفر من تطهير هذه المؤسسات المفعمة بالفساد كما نطهر مساكننا من الحشرات والآفات والهاموش. فالإعلام يسير نحو الفوضى الخلاقة عن طريق بث الإشاعات وتهويل الأحداث..والداخلية تتآمر على النظام الشرعى الحاكم فى البلاد.. والقضاء يفسد المؤسسات ويحلها ويخلى سبيل المجرمين. ولعل الأربعاء الدامى الذى سقط فيه شهداء الإخوان والحسينى أبو ضيف الصحفى بجريدة الفجر ومئات المصابين.. يثبت لنا مخطط الدولة العميقة لسقوط الدولة المصرية والانقضاض على الثورة. فالداخلية التى تحمى مقرها منذ اندلاع الثورة والتى لم تسمح لأحد بالاقتراب منها وجعلت المناوشات والاشتباكات مع المتظاهرين فى شوارع جانبية بعيدة عن مقر الوزارة..انسحبت من أمام الاتحادية وأغلق وزير الداخلية هاتفه لمدة أربع ساعات حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا ويتحقق اقتحام المتظاهرين للاتحادية وتنهار الدولة وهيبتها. فى الوقت نفسه يلهب الإعلام حماس الشعب ويصور أن الاشتباكات أمام الاتحادية هى مذبحة ومجزرة وحرب أهلية وقعت بين أبناء الشعب ..ولا يوجه هذا الإعلام الفلولى اى تهمة من قريب او من بعيد لفلول النظام البائد الذى كان منتشر أمام الاتحادية وأطلق الرصاص الحى على كلا الأطراف من المؤيدين والمعارضين. وتستمر المعركة والداخلية تنسحب وتترك المتظاهرين للبلطجية يقتلوهم كما قتلوهم فى محمد محمود ومجلس الوزراء والعباسية. ثم تاتى النيابة فتفرج عن الجميع سواء كانوا مسجلين خطر أم متظاهرين المهم أن تضيع الدماء ويحتقن الشعب ويكفر الشعب بمرسى وبالإسلاميين. ليس هذا غريبا على هذه المؤسسات..فالإعلام يمتلكه رجال مبارك..والداخلية هى داخلية مبارك..والقضاء أيضا هو قضاء مبارك..فكل هؤلاء ما كانوا فى مواقعهم إلا بعد موافقة امن الدولة والدولة البوليسية. اعترف واشهد بان هذه الفترة العصيبة التى نعيشها الآن هى أصعب فترة يمكن أن يعيشها وطن بعد ثورته..وكل ما كان قبل عامين من اندلاع ثورة 25 يناير كان عبث وكان تثليجا وتسقيعا وتبريدا للثورة. لكن الآن وبعد اقتراب الدولة من مؤسساتها ودستورها.. حدثت المواجهة المؤجلة..المواجهة المتوقعة بين الثورة الحقيقية وبين فساد دولة مبارك..فانكشفت الوجوه عن قبحها..ووصلت المواجهة لأشدها. فالإعلام مدعى الحياد يعرض إعلانات واضحة موجهة ضد الدستور بشكل فج وكأن لسان حال هذه القنوات يقول:يا روح ما بعدك روح. والداخلية تترك بيوت الله فى الإسكندرية تحاصر وتحطم واجهاتها ويلقى عليها المولوتوف حتى تستفز مشاعر المسلمين وتحدث فتنة كبرى تدخل البلاد فى فوضى لا تنتهى. ووكلاء النيابة الزنود أصحاب تقدير مقبول جدا والذين تعينوا بالواسطة والمحسوبية..لم يتحملوا وجود نائب عام شريف يكشف المستور ويعرضهم أنفسهم لخطر التشرد بعدما اقترب الدستور من إقراره والذى يخول للمظاليم من المتفوقين فى كلية الحقوق أن يعزلون وكلاء نيابة الواسطة ويقبعون فى أماكنهم. فضلا عن قضاة الفساد المتورطون فى قضايا الفساد الذين يرتعشون من فتح ملفاتها وينافحون عن مكتسباتهما الغير شرعية بكل ما أوتوا من قوة. للأسف وأقول للأسف أن الثورة وزخمها منعت اعتقال الفاسدين والمخربين..وجعلت الثورة بغير أنياب ولو لفترة انتقالية تحمى فيها الثورة نفسها.. كما فعل عبد الناصر مع الوفديين.. وكما فعل السادات مع رجال عبد الناصر وكما فعل مبارك مع الجميع. وهذه هى صعوبة المرحلة التى نعيشها..الكل يتكلم والكل ينفخ فى الكير ويصطاد فى الماء العكر باسم الثورة والثوار ومصر الجديدة. لذلك فى غياب قانون يحمى الثورة..يكون على الشعب أن يكون ظهيرا قويا للرئيس ليحمى ثورته حتى نخرج وننسلت من هذه الفترة الصعبة التى تعيشها مصر وأبنائها الشرفاء. [email protected]