حينما فتك التتار بأهل العراق والشام..كانت وجهتهم بعد ذلك إلى مصر.. ليفعلوا بها ما فعلوه بكل البلاد التى هجموا عليها..وقد أثار أهل العراق والشام الفاريين من مذابح التتار..الخوف والرعب فى قلوب أهل مصر بما كانوا يروه لهم من مذابح وخراب الم بهم حينما دخل التتار إلى بلادهم..فما كان من المصريين إلا الذهاب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية الذى كان معاصرا لتلك الفترة..وسألوه عما يجب فعله..لينجوا من التتار. فما كان من ابن تيمية إلا انه دعاهم للالتفاف حول المماليك..لكن المماليك كانوا يظلمون المصريين ويفرضون عليهم الضرائب المنهكة..وكان المصريون لا يحبونهم. فلما قال المصريون لابن تيمية أن المماليك ظلمة..فما كان منه إلا قول مقولته الخالدة : " ظلم المماليك ولا كفر التتار". ولو قارنا ما بين مرشح الإخوان محمد مرسى.. ومرشح النظام السابق أحمد شفيق لخرجنا بمقولة تشبه مقولة ابن تيمية..وهى "عنصرية الإخوان وأخطائهم السياسية وإخفاقاتهم الفترة الماضية" ..ولا "إعادة إنتاج النظام السابق بكل ما فيه من قهر وظلم وقتل وفساد". لا أتصور أن يعقد أحد ممن يحسبون أنفسهم على الثورة مقارنة بين أحمد شفيق ومحمد مرسى..وكأن شفيق لم يكن رمزا من رموز حكم مبارك واحد أهم أركانه. فشفيق الذى تولى وزارة الطيران المدنى فى الفترة الأسوأ من حكم مبارك..والذى تولى رئاسة الوزارة فى الفترة التى أراد مبارك ورجاله قمع الثورة عن طريق الدفع برجال امن الدولة والبلطجية فى موقعة الجمل..ليقتلوا الثوار ويسحقوهم..والذى أهدر المال العام وسرق مقدرات الوطن..كيف نساويه ونضعه فى المقارنة مع محمد مرسى أو جماعة الإخوان المسلمين؟!. إنها قسمة ضيزى.. فليس قاتل الثوار كمن دافع عنهم فى موقعة الجمل..وليس السارق الفاسد الذى ساعد على تهريب الأموال خارج البلاد وقت الثورة كمن وقف بجانبها. لست هنا فى محل دفاع عن الإخوان..وكم تمنيت ألا يدخل الإخوان سباق الرئاسة.. ولم انتخب مرشحهم فى الجولة الأولى..لكننا الآن فى موقف لا نحسد عليه..فما تركت لنا خلافات القوى السياسية وعشق باقى المرشحين السابقين لكرسى الحكم وعدم اتفاقهم على الدفع بمرشح واحد..إلا أن تكون الإعادة بين مرشحين أحدهم مثله الأعلى وقدوته حسنى مبارك والأخر له خلافات مع الكثير. لكن مهما كانت الخلافات بيننا وبين الإخوان..هل نسمح لأنفسنا أن نعيد بأنفسنا نظام مبارك مرة أخرى؟..هل رفضنا شفيق رئيسا للوزارة إبان الثورة حتى نأتى به رئيسا بعدها؟!. طالعت أقوال بعض القوى السياسية والنخب..فوجدها على شاكلتين..الأولى التصويت لشفيق للحفاظ على مدنية الدولة..والثانية مقاطعة الانتخابات. ولا شك أن الفريق الثانى الذى قرر المقاطعة أفضل كثيرا ممن أعلنوا أنهم سيدعمون شفيق..إلا أن كلا الفريقين سوف يصبون فى مصلحة مرشح الحزب الوطنى. فمن أعلن دعمه لشفيق صراحة..لا أراه إلا فل من فلول مبارك..حاول أن يقنع الشعب بأنه ثائر..لكن أول ما سنحت الفرصة لعودة هذا النظام مرة أخرى..لم يتردد لحظة واحدة بأن يعلن عن ذلك.. بل يروج لمرشحه بلا خجل آو حياء..وفى الغالب الجميع كان متوقع أن يفعل هؤلاء ما فعلوه ولم يصدموا فى هذا الاختيار. أما الذين قرروا مقاطعة الانتخابات آو إبطال أصواتهم فهم بذلك يدعمون شفيق دعما غير مباشر..فشفيق خيار المجلس العسكرى الاستراتيجي الذى منع التحقيق معه فى قضايا الفساد وأبقى عليه بالرغم من تصديقه على قانون العزل السياسى..وجعل مؤسسات الدولة جميعها تصوت له تصويت جماعى..ووصل الأمر لدرجة أن شركة المقاولون العرب رفضت صرف أرباح العاملين بها إلا بعد نجاح شفيق..فضلا عن شراء الأصوات بأموال رجال أعمال الحزب الوطنى ومساعدة امن الدولة التى تقف بقوة خلفه لإعادة النظام القديم.. بالإضافة إلى تصويت الكنيسة له. كما يبقى من الكتل التصويتة لشفيق..مجموعة البائسين الذى استطاع المجلس العسكرى بكل جدارة أن يكرههم فى الثورة ويجعلهم يلعنونها..فتارة يشعل الحرائق اليومية..وتارة يمنع مواد الوقود لتحدث أزمة..مع انتشار البلطجية والانفلات الأمنى..فيكون الخيار الوحيد أمام هؤلاء أن يترحموا على مبارك ويختارون أحدا من ريحته. كل هذا لا شك يجعل لشفيق كتل تصويتية كبيرة..فى الوقت الذى يمتنع الكثير من المحسوبين على الثورة من الإدلاء بأصواتهم لمرسى..الأمر الذى يزيد من فرص شفيق. أن الأمر الآن واضح لا لبس فيه..فأما اختيار مرشح الحزب الوطنى وعائلة مبارك وساكنى طره..أو اختيار مرشح الإخوان وننتهى من حكم العسكر. وأقول لمن يروج أن شفيق سيبقى على مدنية الدولة:بأن العسكريين لا يعرفون إلا الدولة العسكرية البوليسية الأمنية القمعية ومبارك والسادات وعبد الناصر والمجلس العسكرى ليسوا منا ببعيد. ومن يعتقد انه بالإمكان الخروج على شفيق مرشح العسكر لو أعاد بناء دولة مبارك مرة أخرى فى مظاهرات كالتى نراها الآن فهو واهم..فلن تسمح الذئاب الجريحة بفقدان السيطرة على الدولة مرة أخرى,وسيستخدم النظام وقتها ألته البوليسية لسحق المتظاهرين.. وسوف يغطى إعلام الفلول على هذه الجرائم بدعوى أن الصندوق اتى بشفيق..وسيصور المتظاهرين على أنهم مجموعة من البلاطجة ويجب سحقهم من اجل الاستقرار والرخاء وعجلة الإنتاج والأمن.. وسيلاقى هذا رواجا من الناس الذين تعرضوا للازمات المفتعلة وقت الثورة. بل أن الداخلية قامت باستيراد مجموعة كبيرة من الغاز المسيل للدموع والذى يحتوى على غاز الخردل الذى يشل الجهاز العصبى لو تم استنشاقه بل يؤدى إلى الموت فورا..وهذا ما استفاده النظام البائد من ثورة يناير وما أدركه ان الغاز الذى كانوا يطلقونه على المتظاهرين فى أيام الثورة الأولى والذى كان يتعامل معه الثوار عن طريق البيبسى والخل والبصل..هو غاز فاشل لا يفرق جمعا ولا يقمع مظاهرة..فضلا عن أحكام القضاء التى برئت رجال الشرطة من قتل الثوار وهو الأمر الذى سوف يجعل رجال الشرطة تتعامل مع المتظاهرين كأنهم كلابا لا دية لهم..فهم يقتلون ولا يسجنون.. فما المانع من فض اى مظاهرة بالقوة وسفك الدماء؟! لذلك اعتقد أن الخروج على الإخوان أسهل من الخروج على شفيق لو أخفقوا فى أدائهم..والأمر بكل بساطة بان مؤسسات الدولة وعلى رأسها الجيش والشرطة.. لن تتعاون مع الإخوان وتقمع المتظاهرين لأجلهم..وسيكون أداء الإخوان نابعا من خوفهم أن يثور الشعب ضدهم. أما ما يروجه البعض من أن الإخوان لن يتركوا السلطة وسيبقون فيها للأبد..أقول لهم: بأمارة اه..هل الشرطة والجيش سوف يسمحان بذلك أصلا؟!هذه المؤسسات لا يستطيع أن يسيطر عليها الإخوان ولا بعد عشر سنوات كاملة..سوف يتغير فيها الرئيس مرتين على الأقل. أما مقولة أن الإخوان سوف يجعلون مصر دولة دينية..أقول لهم:هل يتركهم العسكر يفعلون ذلك؟ وهل يتركهم الشعب يفعلون ذلك؟!..كما قلت أن خروج الشعب على الإخوان أسهل بكثير من الخروج على شفيق ولن ينفرد الإخوان بشئ ويجبرون الشعب عليها مطلقا. نحن الآن فى لحظة فارقة..إما أن نعيد النظام البائد مرة أخرى بكل مؤسساته ونخون دماء الشهداء..أو نأتي برئيسا مدنيا نستطيع أن نختلف معه سياسيا ونعزله لو أردنا. [email protected]