يقولون فى الدساتير أن الشعب مصدر السلطات..ويقولون أيضا أن السيادة للشعب..ومن المعروف بالضرورة أن الشعب فوق القانون..فهو من يصنعه..وهو من يقره..وهو من يرفضه. ومن المعروف من السياسة بالضرورة..أن الأحزاب تتصارع لتبحث عن مصالحها البحتة وهدفها الأول والأخير هو الوصول للحكم باى شكل وباى طريق..هكذا هى السياسة لا ضمير لها ولا أخلاق. ففى انتخابات مجلس الشعب الماضية تحالف حزب الكرامة الناصرى مع حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان..ولا شك أن هذا التحالف لم يمنع المرارة التاريخية التى بين أيديولوجيات الحزبين.. فحزب الكرامة ينتمى للتيار الناصرى الذى قال عنه مرسى فى يوم تنصيبه رئيسا:"الستينات وما أدراكم ما الستينات"..فى إشارة منه الى جمال عبد الناصر الذى عذب الإخوان وقتلهم وشردهم. لكن سريعا ما انقلب الحزبين على بعضهما البعض..ودخلا فى معركة تكسير عظام اشتدت الآن وطئتها. حتى جبهة الإنقاذ الوطنى المزعومة والتى يتحالف فيها التيار الشعبى الناصرى وحزب الوفد الليبرالى الذى يقول أن ثورة يوليو ما هى إلا انقلاب..وان عبد الناصر ورفاقه دمروا البلاد والعباد..ذلك لان عبد الناصر قد سجن قيادات الوفد وأمم ممتلكاتهم وهو ما لم ينسوه حتى الآن. والتيار اليسارى أيضا والموجود فى نفس جبهة الإنقاذ المزعومة لم يسلم من بطش عبد الناصر وقهره وظلمه..لكنهم فى لحظات قصيرة قد يتفقون وينسون مرارتهم التاريخية لتحقيق مصلحة..وبعد ذلك تتلاعن الأحزاب وتتقاتل وكأنهم أعداء فى حرب حقيقية. هذه هى السياسة مصالح تتلاقى..وخلافات تفرق..ويبقى الشعب حكما بين الجميع..يرفض هذا ويعزل ذاك..يقبل حزبا ويرفض الأخر. هذا الشعب أيا كان هو..مصريا..أمريكيا..لبنانيا..ايطاليا..هنديا..أو حتى شعب بوليفيا الاتحادية..لا يحق لأحد كان من كان أن يتحدث باسمه..أو يحدد مصالحه..أو يكون وصيا عليه..لان الشعوب اكبر من الأشخاص والأحزاب والحكومات والرؤساء..فهو من يأتي بهم وهو من يعزلهم..وهو من يضربهم بالجزمة إذا اخطئوا وتجاوزا حدودهم. وبعد هذه المقدمة الطويلة العريضة..أريد أن اسأل سؤالا..من يكون البرادعى حتى يفرض رأيه على الشعب ويرفض أن يطرح الدستور عليه ليقبله أو يرفضه؟..ومن صباحى؟..ومن عمرو موسى؟..ومن سيد البدوى؟..ومن محمد أبو الغار؟..ومن هؤلاء البلطجية الذين يقولون اننا لن نسمح بعرض الاستفتاء على الشعب؟. من جعلهم أوصياء على شعب مصر..ومن خولهم ليتحدثوا باسمه؟. فى الحقيقة هم لا يمثلون إلا أنفسهم وأحزابهم وليس من حق احد كان من كان أن يقول أننا نرفض عرض الدستور على الشعب ليقول رأيه الذى يمثل الشرعية الوحيدة والحقيقة المجردة. فحينما تأتى ساقطة تدعى إسراء عبد الفتاح تقول لن يعرض الدستور للاستفتاء إلا على جثثنا..لا افهم اى جثث تقصد؟ إن هذه اللغة المفعمة بالبلطجة والسفالة وقلة الأدب لا يمكن أن يقبل بها احد..والرد عليها لا يخرج ايضا عن العنف والبلطجة والفتونة. أنا لا يهمنى هل سيقبل الدستور الآن أم لا..لكنى أتكلم عن حق أصيل لشعب من حقه أن يقرر هو مصيره..ولا ينتظر الساقطات والمرتزقة أن يتحدثوا عنه. الآن الكل مختلف ما بين مؤيد ومعارض..مؤسسة رئاسة وجبهة تخريب وطنى..مسلمون ومسيحيون..تيارات إسلامية ومدنية..فى هذه الحالة المرتبكة والمتأزمة من له القول الفصل؟! ان هؤلاء الخائفين من نتيجة الاستفتاء ماذا نفعل لهم؟..هل ننتظر مائة عام حتى يكون لهم قدرة على التأثير الشعبى؟..وهل ندع الدولة بغير مؤسسات لان تيارات فاشلة كارتونية لا وزن لها فى الشارع لا ترغب فى طرح الاستفتاء الآن على الشعب؟. إن المشكلة الحقيقية للقوى التى تدعى انها مدنية..هى عدم القبول الشعبى لها..فخطابهم المتعالى وعزوفهم عن النزول للشارع ومساعدة الفقراء هو السبب فى انصراف الشعب عنهم ولعكس هذه الأسباب يعكف الناس على التيارات الإسلامية. فرموز القوى المدنية لا تهتم إلا بشيئين..الأولى الظهور أمام الكاميرات فى القنوات الفضائية المختلفة وتقاضى مبالغ مادية نظير ظهورهم على تلك الشاشات..والثانى الجلسات والاجتماعات فى فنادق الخمس والسبع نجوم التى لا تسفر عن شئ. لذلك لا يجب أن تعاقب القوى المدنية الشعب لعدم اختياره فى الانتخابات بهذه الإعتصامات الغير مبررة..فالأولى بهم أن يجتهدوا حتى يحققوا وزنا لهم فى الشارع ويستطيعون بعد ذلك فى المنافسة الحقيقية التى يسعد بها الشعب كله. فالشعب مصالحه تتحقق حينما تكون المعارضة قوية ومؤثرة حتى تدفع الفساد ويبرز الجميع أفضل ما عنده..والآية الكريمة تقول:" ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض". لكن هذه المعارضة القوية لن تأتى من تيارات كارتونية تبلطج فقط عبر الأثير..لكن قوتها وقبولها تستمده من الشارع ومن الشعب. وحتى يحدث هذا..يجب أن يخضع الجميع لقواعد اللعبة الديمقراطية لأنه لا مفر منها..أما البلطجة فلن تأتى إلا ببلطجة اشد منها..والعنف لن يولد إلا عنفا اشد. وأخيرا أقول لجبهة الإنقاذ الوطنى التى تريد أن تفرض رأيها بالقوة وتمارس البلطجة على الشعب وتمنعه من إبداء رأيه فى استفتاء 15 ديسمبر:"تظ فيكم وتظ فى جبهتكم المزعومة". [email protected]