لم اعرف الشيخ ياسر برهامى إلا حينما قتل الشهيد سيد بلال..وقتها قالوا أن بلال هو تلميذ برهامى المحبوب وابنه المدلل..ولما عذبته عصابة امن الدولة بغير ذنب وحكموا عليه بالإعدام دون محاكمة وقتلوه بدم بارد بسبب تهمة تفجير كنيسة القديسين التى نفذتها المجموعة الخاصة لحبيب العادلى..كان برهامى وقتها هو حلقة الوصل بين امن الدولة والسلفيون بالإسكندرية..وكان مهندس عملية تهدئه إخوان سيد بلال. فحينما استمعت إلى خطبة برهامى وهو يتكلم عن الصبر والرضا بقضاء الله وعن قبح الظلم دون أن يتفوه تصريحا أو تلميحا عن شهيد التعذيب بلال..عذرته وتلمست له الأعذار..وقلت انه لا يريد أن يكون سببا فى اشتعال الغضب بين السلفيين فينقض عليهم جهاز امن الدولة ويفتك بهم.. وبدلا من مقتل بلال وحده..سيكون هناك ألف بلال. كانت هذه الحادثة قبل الثورة مباشرة وكانت الدعوات لها متأججة ومشتعلة وتفهمت أيضا صمت قيادات السلفيين عن هذه الدعوات..فهم من عذبوا ومن قتلوا فى المعتقلات..فلو دعوا للثورة مع الداعيين وأخفقت بعد ذلك..سيكون الإسلاميون كبش الفداء وسيفنيهم النظام عن بكرة أبيهم. تفهمت هذا الأمر مع أن خروج بعض المشايخ من اليوم الأول للثورة مثل الشيخ محمد عبد المقصود والشيخ نشأت أحمد والشيخ فوزى السعيد والشيخ سعيد عبد العظيم والشيخ أحمد فريد أكثر من نكل بهم فى مبانى امن الدولة.. كان حجة على برهامى ورفاقه..إلا انك لا يجب أن تحكم على الجميع بحكم واحد وقت الفتنة ووقت الخوف ووقت الشدة. واندلعت الثورة وتهاوى النظام وتهافت وتلاطمت ركبتيه من الخوف وبات قاب قوسين أو أدنى من الانهيار الكامل لو أصبح الضغط أعظم واكبر من الفصائل التى ابتعدت عن الميدان..وهربت الداخلية ودخل فئران امن الدولة إلى الجحور حتى أصبحت المنظومة القمعية مثل الذبيحة لا حراك فيها. لكن برهامى وأعوانه صاروا ملوكا أكثر من الملك..فهم يحافظون على النظام أكثر مما يحافظ النظام على نفسه..وكأن برهامى ليس شيخا للدعوة السلفية بل كان بمثابة لواء امن الدولة الذى يؤدى عمله على أكمل وجه. وسقط النظام وانشأ برهامى حزب النور مع بعض من محبيه.. وافسد هذا الحزب أكثر من إصلاحه..فأتى لنا بالبلكيمى الكذاب وبيونس نائب الفعل الفاضح..فللأسف كانت إخفاقات النور أخلاقية وهو ما تسبب فى تدمير صورة الإسلاميين أمام التيارات الليبرالية والعلمانية بل أمام الشعب المصرى كله. لن أخوض فى بلاوى وأخطاء وغباوة هذا الحزب كثيرا أو فى حلزونية نادر بكار.. لكننى الآن بصدد خيانة عظمى قد فعلها برهامى ورفاقه. فيبدو أن برهامى لم تغيره الثورة واعتاد على عمل الصفقات المشينة والخسيسة مع رموز أمن الدولة ومع أذناب النظام البائد. فلو نتذكر الساعات الأخيرة قبيل إعلان نتيجة الانتخابات والتى كانت مصر كلها منتفضة متحفزة ثائرة وفائرة تترقب ثمة خيانة من المجلس العسكرى بإعلان شفيق رئيسا للجمهورية بالمخالفة لنتيجة الانتخابات. فاعلان النتيجة تؤجله اللجنة يوما بعد يوم..والتحرير ملتهب..والقلوب بلغت الحناجر..والكل يستعد لثورة جديدة ضد رئيس للجمهورية محتمل..ابسط ما فعله كان رئيسا للوزارة وقتل 42 شهيد فى ما يعرف بموقعة الجمل فضلا عن فساده الادارى والمالى وانه كان ركن ركين من نظام مبارك. فشفيق كان يمثل النظام البائد بكل قذارته وسفالته والحل مع تنصيبه لرئاسة الجمهورية بالمخالفة لإرادة الشعب هو الخروج عليه وعلى العسكر الذين أتوا به ليعيدوا مصر الى مبارك وأعوانه. لكن فى ظل هذا المناخ الملتهب..وقبيل إعلان النتيجة..يذهب برهامى وعماد عبد الغفور واشرف ثابت إلى شفيق خلسة وسرا وتدبيرا بليل إلى احمد شفيق ليقدموا له فروض الولاء والطاعة. لم افهم تصريحات هذه الجماعة الشريرة قبيل الانتخابات مباشرة وعلى رأسهم نادر بكار وبرهامى بأنهم سيقبلون بنتائج الانتخابات مهما كانت احتراما للديمقراطية. الآن فهمت أنها لم تكن احتراما للديمقراطية..بل احتراما للصفقة المشؤومة التى عقدوها مع شفيق والتى لا تخفى على احد..عدم مشاركة فى الثورة ضد شفيق لو فاز مقابل عدم الانتقام منهم وإدخالهم السجون كما صرح شفيق بأنه سيدخلهم إلى الجحور مرة أخرى. فظاهر الصفقة احترام الديمقراطية..وباطنها جلب منفعة لتيار معين يخون باقى التيارات الثورية ويخون مصر ..ولو لم يعلم ان زيارته لشفيق فى منزله خيانه لكان صرح بها. لكنه لم يخن فقط بل كذب أيضا فى برنامج العاشرة مساء حينما اخبر انه لم يزر شفيق فى منزله وبات وجهه مفضوحا..ثم قال فى برنامج أخر لهالة سرحان انه ذهب لمنزله. ما أقبحكم يا من تكذبون وتخونون البلاد والعباد باسم الدين والدعوة..وما أخطركم على دين الله وسنة نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم. فعلى السلفيين أن يطهرون أنفسهم من هؤلاء الكذبة والخداعين والخونة..فالإسلام ليس به كهنوت ولا كهنة يعطون المسلمين صكوك غفران تغفر لهم خطايهم. نحن نريد دعاة لا يخونون ولا يكذبون ولا يفصلون الدين عن السياسة..فالدين لا يأمر بالخيانة ولا يحث على الكذب..فالتيارات الليبرالية والعلمانية تقول لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة..لكن الدين هو الأصل فى كل شئ..بدونه نهلك وبغيره نضيع. لكن برهامى وأعوانه فصلوا الدين عن السياسة وخانوا العهود والمواثيق وأعطوا مثالا بذيئا للمسلم المتدين الذى لا شك يؤثر على كل التيار الاسلامى وهنيئا للحاقدين. [email protected]