هذا الشعار رفعه الرئيس الراحل أنور السادات ابان الحرب الاهلية اللبنانية.. وكان الرئيس السادات يقصد بذلك ان يقول ان الحرب اللبنانية ليست لبنانية.. انما هي حرب الآخرين علي أرض لبنان وان اصابع خفية اجنبية وليست لبنانية هي التي تشعل الحرب وتغذيها. نفس العبارات تقريبا سمعتها علي لسان الرئيس اللبناني الاسبق إلياس الهراوي منذ حوالي شهر في برنامج "خليك بالبيت" الذي يقدمه المذيع اللامع زاهي وهبي علي شاشة قناة "المستقبل" اللبنانية.. عقب جريمة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.. وكان إلياس الهراوي فيها يتحدث ايضا عن الحرب الاهلية اللبنانية التي قامت عام 1975 واستمرت خمسة عشر عاما. اليوم نحن في حاجة الي استعادة كلمات الرئيس الراحل انور السادات ارفعوا ايديكم عن لبنان.. والمطالبة هذه المرة ليست موجهة الي القوي الاجنبية والاصابع الخفية.. انما موجهة بالدرجة الأولي الي قوي الداخل اي الي القوي السياسية اللبنانية.. فكل تيار وكل فريق ماض في طريقه ولا يريد تقديم تنازلات للآخر.. المعارضة اللبنانية التي ترفع شعار الحرية والاستقلال وخروج القوات السورية من لبنان والوصول الي حقيقة اغتيال رفيق الحريري.. ويبدو ان المعارضة ماضية في طريقها حتي النهاية.. رافضة الاستجابة الي الحوار الذي دعت اليه قوي "الموالاة" التي تؤيد الوجود السوري في لبنان.. الا بعد تقديم رؤوساء الاجهزة الامنية لاستقالتهم.. ومعرفة حقيقة اغتيال رفيق الحريري.. ثم بعدها يبدأ الحوار. وحتي عندما دعا الرئيس اللبناني اميل لحود قوي المعارضة الي الحوار مع قوي "الموالاة" واستعداده لاجراء هذا الحوار في القصر الجمهوري او في اي مكان آخر يتم الاتفاق عليه.. كان رد المعارضة عليه بان الحل للخروج من هذه الازمة هو في تقديم الرئيس اللبناني لاستقالته من منصب رئيس الجمهورية.. وادي تمسك كل طرف بموقفه ورفضه تقديم تنازلات للطرف الآخر.. ان بدأت تظهر بعض احداث العنف واعمال الشغب.. كبادرة علي ضياع الأمن في لبنان بعد خروج القوات السورية منه. وربما هذا ما دفع حسن نصر الله امين عام حزب الله الي القول بان حزب الله وقوي الموالاة لن تستجدي الحوار مع المعارضة. وكل طرف يقول للآخر.. انت المسئول عن غياب الحوار.. وانت وحدك الذي تتحمل المسئولية عن انهيار الوضع في لبنان والنتائج المترتبة عليه. ومع استمرار هذا الوضع يزداد الموقف تعقيدا.. ففي وقت سابق كان البطريرك الماروني نصر الله صفير يدعو الي الحوار ويطلب تنفيذ اتفاق الطائف ويرفض تجريد حزب الله من سلاحه ويدافع عن المقاومة اللبنانية.. ثم هذا هو في النهاية يقف في مقدمة المعارضة اللبنانية حتي ولو لم يشارك في اجتماعاتها.. ولا في التوقيع علي بياناتها. الآن البطريرك صفير وبعد زيارته الاخيرة للولايات المتحدةالامريكية ومقابلته للرئيس الامريكي جورج بوش اعلن في تصريحات صحفية بانه لا خلاف بين اتفاق الطائف وبين قرار مجلس الأمن رقم 1559 هذا بالرغم من التباين الكبير بينهما.. فاتفاق الطائف لا يتحدث عن تجريد حزب الله من سلاحه ولا عن توطين الفلسطينيين في لبنان. وربما هذا التغيير الكبير في موقف البطريرك صفير هو الذي دعا حزب الله وزعيمه حسن نصر الله الي المخاطرة والنزول بنفسه الي معترك العمل السياسي.. والحرص علي لقاء مفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني في مقر دار الافتاء بالرغم من انطواء ذلك علي مخاطر امنية.. وهدف حسن نصر الله هو توحيد الصف والموقف ما بين الشيعة التي يمثلها حزب الله والسنة ويمثلها مفتي الجمهورية.. وذلك في اطار فرز المواقف وحشد الانصار واستعراض القوي. اما اكثر ما أدهشني فهو موقف النظامين السوري واللبناني من قمة الجزائر الحالية.. فلم يطلبا عرض ما يجري في لبنان بالرغم من مخاطره الشديدة علي استقراره وامنه والتحديات التي تواجه سوريا علي القمة العربية في الجزائر.. بل ورفض سوريا مناقشة الموضوع من الاساس عندما طلبت بعض الوفود العربية ذلك .. وادعت دمشق بانها قضية داخلية تخص الشأن السوري واللبناني.. وهي حجة كما تري واهية ولا يمكن قبولها.. الا اذا كانت سوريا تتشكك في موقف القمة وفي موقف الزعماء العرب من هذا الملف وانصياعهم الكامل لقرار مجلس الامن رقم 1559. وقد يترتب علي هذا الموقف السوري ان تعترض كل دولة عربية علي ادارة قضيتها او مشكلتها علي القمة العربية.. وفي وقت لاحق لا تعترف بوجود شيء اسمه الجامعة العربية. السؤال الآن: الي اي مدي سيتحمل الوضع في لبنان هذا الموقف المتأزم.. ويبدو ان القوي اللبنانية لم تترك لاحد سوي تكرار دعوة الرئيس الراحل انور السادات.. ارفعوا ايديكم عن لبنان.. والدعوة هذه المرة موجهة الي القوي السياسية اللبنانية.. اي الدعوة الي الحوار وان يسعي كل طرف لتقديم تنازلات الي الطرف الآخر حتي يمكن انهاء هذا الوضع المأسوي الذي تعيشه لبنان.