رسالة الكويت يكتبها: د.سامي هاشم الكويت لم تتغير..! فالناس لديها مساحة حرية واسعة، والديمقراطية تطبق بالمفهوم الصحيح.. وليس بشكل ديكوري.. وقد يكون ذلك أحد أهم الأسباب التي دفعت صدام حسين لغزو الكويت لأن شعب الكويت يتمتع ومازال بالحياة الديمقراطية بكل معانيها.. وهو مما جعل جيرانها أيضاً ينظرون إليها بتوجس وشك..! إن قضايا الكويت كلها مكشوفة تماماً أمام الناس، سواء المواطنين أو الوافدين.. والديوانيات الكثيرة والمنتشرة علي أرض الكويت، تعتبر برلمانات صغيرة مفتوحة أمام الجميع، وأصحاب هذه الديوانيات إما من عائلة الصباح أنفسهم أو من مواطنين عاديين، ولا فرق بين هؤلاء أو هؤلاء..! في هذا العام، كان حديث المجتمع كله يدور حول حقوق المرأة السياسية.. والبداية كانت القانون الذي تقدمت به الحكومة إلي مجلس الأمة للحصول علي موافقة النواب.. اتسع الحوار بين جميع فئات الشعب حول هذه القضية.. واستحوذت علي اهتمام الشارع.. ثم جاء مقال الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي نشرته جريدة الوطن الكويتية وأثار كعادته الشعور العام في البلاد، ويوحي فيه رئيس الوزراء، وهو الرجل القوي في البلاد، بأنه يقف مؤيداً للقانون الذي يمنح المرأة حقوقها السياسية وقد بدأ مقاله الذي يعتبر نادر الحدوث سواء في الكويت، أو في الدول المجاورة يقول فيه: تأتي الحملة التي تهدف إلي منح المرأة الكويتية كامل حقوقها السياسية، متزامنة مع رغبة الحكومة وحرصها علي إعادة طرح مشروع القاون الخاص بحقوق المرأة السياسية علي مجلس الأمة لإقراره.. ويستطرد الشيخ صباح الأحمد قائلاً: إن منح المرأة كامل حقوقها السياسية هو بالدرجة الأولي رغبة أميرية سامية لأمير الكويت الشيخ جابر الأحمد الجابر شخصياً، تقديراً منه للدور الكبير الذي لعبته المرأة الكويتية في كل الظروف علي امتداد تاريخ الكويت ومشاركتها لأخيها الرجل في صنع النهضة المباركة التي تشهدها البلاد منذ الاستقلال وحتي يومنا هذا. وكما قلت فإن مقال الشيخ صباح الأحمد الذي تصدر الصفحة الأولي من جريدة الوطن، هو أمر نادر الحدوث ويوحي بأن الحكومة تخطط لمنح المرأة جميع حقوقها السياسية مما يؤكد إصرار الكويت علي انفرادها بقيادة الإصلاحات ولكن بإشراك كل فئات المجتمع في صنع هذا القرار والأخذ به. هذا وكان الشيخ صباح الأحمد قد اختار لمقاله عنواناً جذاباً ولافتاً قال فيه: "إنني لأشعر بالفخر".. ويعبر الشيخ صباح في مقاله عن انحيازه للمرأة بشكل واضح عندما يقول: فلقد أصبحت المرأة الكويتية علي درجة كبيرة من الوعي الثقافي والسياسي بما يؤهلها لتبوؤ هذه المكانة اللائقة بها عن جدارة واستحقاق، وأنه قد آن الأوان لأن تنال هذا الحق وتمارسه. لقد كنت ولا أزال علي قناعة تامة بأن حصول المرأة الكويتية علي حقوقها السياسية لا يتعارض البتة مع أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، فشريعتنا السمحة تؤيد وتقر مثل هذا الحق للمرأة في مشاركتها للرجل في صنع القرار السياسي واتخاذه. ففي كثير من الدول العربية والإسلامية تشارك المرأة عبر عضويتها في المجالس الشعبية والبرلمانية الرجل في صنع مصير هذه الأمم وشعوبها، وهي تلقي في ممارستها لعملها البرلماني كل تقدير واحترام سواء كان ذلك داخل تلك البرلمانات أو خارجها. إن المرأة الكويتية لا تقل علماً ودراية عن إخواتها البرلمانيات في كثير من هذه الدول، لذا فإنني أشعر بالاعتزاز والفخر لما وصلت إليه المرأة الكويتية من مكانة اجتماعية وسياسية مميزة، فلدينا مديرة الجامعة ووكيلة الوزارة والسفيرة والخبيرة الاقتصادية والخبيرة في الشئون الزراعية والبيئة والنفط والهندسة والآداب والعلوم وغيرها من المجالات الأخري، وهي في أدائها تفرض علينا قدراً كبيراً من الاحترام والتقدير الذي يجعلنا ننادي بمشاركتها في الحياة السياسية الكويتية وفق الحدود الدستورية وقيم المجتمع وأخلاقه، فكويت اليوم والغد والمستقبل تحتاج كثيراً إلي جهود المرأة وعطائها في جميع المجالات والميادين المتاحة للمشاركة في صنع كويت المستقبل الواعد والمشرق. إن الحياة السياسية والبرلمانية في الكويت ستظل ناقصة وغير مكتملة طالما ظلت المرأة الكويتية بما تمثله من ثقل اجتماعي كبير مبعدة عن ممارستها لحقوقها السياسية ومحرومة من المشاركة في صنع قرارنا السياسي من خلال وجود فاعل لها في مجلس الأمة. إن ما نتطلع إليه ونأمله صراحة أن تتمكن الحكومة من الحصول علي موافقة مجلس الأمة علي التعديل المقترح علي قانون الانتخابات علي النحو الذي تحصل من خلاله المرأة الكويتية علي كامل حقوقها السياسية عبر حوار ديمقراطي جاد ومخلص بين السلطتين التشريعية والتنفيذية حيث إن قضية الحقوق السياسية للمرأة هي قضيتنا جميعاً وليست قضية الحكومة ومجلس الأمة فقط، فالكل يسعي لتحقيق ما هو في مصلحة الكويت.