لقد وصل الغش إلي صناعة الدواء.. وذلك وفقاً لما رصده تقرير برلماني من لجنة الصحة في مجلس الشعب منذ فترة، وتحذير من منظمة الصحة العالمية بوجود 150 صنف دواء في السوق المصري طرحتها مصانع بئر السلم! طرحت "الأسبوعي" هذه القضية الخطيرة التي تصل إلي حد الكارثة إن لم تكن كذلك بالفعل علي بعض مسئولي ومستثمري صناعة الأدوية في مصر، في محاولة لكشف الحقائق خاصة مع التحذير الذي أطلقه قبل أيام اجتماع مشترك بين نقابة الصيادلة وشركة إيبكو من ظاهرة غش المستحضرات الدوائية، وما يترتب عليه من آثار خطيرة علي صحة المواطن المصري، وسمعة الشركات المصرية المنتجة للأدوية. في البداية يوضح د.جلال غراب الرئيس السابق للشركة القابضة للأدوية ورئيس غرفة الأدوية باتحاد الصناعات ان وزارة التموين ليست لها علاقة مباشرة بالتفتيش علي شركات الأدوية أو حتي الصيدليات لأن هذا من اختصاص أو حق أصيل لوزارة الصحة وإداراتها المنوطة بذلك، ويدخل غراب في صلب القضية الأساسية ويؤكد أن غش الأدوية عملية خطيرة إلا أنها ليست ظاهرة عامة ولكن نادرة أو ضعيفة الحدوث موضحاً ان خطورة الغش أو حتي التلاعب في المادة الفعالة للدواء قد يودي بحياة المريض، كما يوضح أيضاً أنه من الخطأ توجيه الاتهام لرؤساء الشركات بغش الأدوية لأن المسئول فقط هو من تسبب في هذا الغش. ويشير د.غراب إلي أن وجود عينة من الدواء فاسدة لا يمثل حالة من الغش لأنه من الممكن أن يكون قد تم التلاعب في هذه العينة لأي سبب من الأسباب أو تغير لونها أو ترسبت نتيجة التغليف عند التسليم أو النقل الخاطئ أو أن العبوة نفسها ملوثة، وبالتالي لا يمكن قياس حالة الغش التجاري علي عبوة واحدة ولكن حالة الغش لها معايير ومقاييس يجب اتباعها في حالة الكشف عليها أهمها وجود نقص في كمية ونسب المادة الفعالة لهذا الدواء. كما يوضح غراب أن مراقبة مصانع "بئر السلم" المنتجة لبعض أصناف الأدوية هي مسئولية مشتركة لوزارات التموين والصحة والداخلية. مشيراً إلي أنه بدون التعاون الكامل لهذه الوزارات لن يتم القضاء علي هذه المصانع رغم قلتها في مجال الأدوية بعكس مجال الأغذية نظراً لصعوبة إنتاج كثير من هذه الأدوية إلا في وجود مواصفات ومواد معينة ويجب في كل الأحوال زيادة الاهتمام من جميع الجهات المعنية وحتي الأفراد للقضاء علي ظاهرة الأدوية المغشوشة نهائياً وتطهير السوق من الدخلاء ومعدومي الضمير الذين لا هم لهم إلا الكسب فقط. الغش المستحيل! ويتفق الدكتور أسامة السعيد رئيس شركة إيفنتس للأدوية مع الرأي السابق ان وزارة التموين ليست جهة رقابية مباشرة علي شركات الأدوية أو الصيدليات ولكنها تتدخل فقط في حالة إبلاغها من وزارة الصحة أن أي من هذه الشركات قام برفع سعر منتجات معينة من الدواء بدون داع أو سابق إنذار وفي هذه الحالة يحق لوزارة التموين تحرير مخالفة لهذه الشركة بسبب قيامها برفع الأسعار وتصبح هذه المخالفة مثل المخالفات التموينية العادية. وينفي د.أسامة السعيد علمه أو سماعه لنبأ حبس صاحب شركة أدوية بسبب قيام وزارة التموين بتحرير مخالفات أو قضايا غش تجاري له مشيراً إلي أن قيام إحدي شركات الأدوية بغش صنف معين من الدواء أو التلاعب فيه تعد سابقة خطيرة مؤكداً أنه لا يوجد أي صاحب شركة يستطيع المقامرة بسمعته ومستقبله في سبيل ذلك حتي ولو كان هذا الأمر سيدر عليه دخلاً كبيراً، ويضيف أنه يعمل في مجال الأدوية منذ 28 عاماً ولم ير أجهزة وزارة التموين تقوم بالتفتيش عليه سواء في مطابقة المواصفات في الأدوية أو حتي في الأسعار. ويوضح د.أسامة السعيد أن إطلاق لفظ مصانع "بئر السلم" علي المصانع المنتجة للأدوية غير الصالحة هو لفظ مهذب، مؤكداً علي ضرورة تقديم أصحابها للمحاكمة الفورية لأنهم يعرضون حياة آلاف من المواطنين للخطر الجسيم مشيراً إلي أن مصانع بئر السلم ليست بالصورة أو النسبة الكبيرة التي قد يتوقعها البعض، كما في مجال الأغذية وخلافه ولكن هناك من يقومون بترويج الأدوية المنتهية الصلاحية وهم عدد محدود ويجب الإسراع بالقضاء عليهم. موضحاً أن هذا هو دور مباحث التموين والمباحث العامة أيضاً وكذلك مفتشو وزارتي الصحة والتموين، ويطالب بتكثيف الرقابة علي الصيدليات لأنها خط الدفاع الأول للمواطن في منع تناوله أدوية مغشوشة والتأكيد علي أصحاب الصيدليات بالشراء من المصادر المعلومة فقط. تضارب الأجهزة وينتقد رئيس إحدي شركات الأدوية الذي فضل عدم ذكر اسمه الصراع بين الوزارات المعنية بالرقابة علي الأدوية أو أي نشاط آخر مشيراً إلي أن ذلك قد يكبد المنتج لخسائر كبيرة بسبب تضارب قرارات كل جهة علي حدة، ويطالب بتحديد دور كل جهة من هذه الجهات أو توحيدها في جهة واحدة ويري أن ذلك هو الإجراء الأفضل خصوصاً أن التضارب واضح ما بين الرقابة علي الأغذية والرقابة علي الأدوية.