أصبح واضحا الآن أن الشيعة سيسودون الجمعية الوطنية التي سينتخبها العراقيون يوم 30 يناير القادم. والسبب في ذلك يرجع إلي أن أغلبية العراق من الشيعة كما أن معظم السنة أعلنوا مقاطعتهم للانتخابات فضلا عن أن القوات الأمريكية حاربت السنة بضراوة حتي أن الجامعات الأمريكية والمنظمات الطبية العالمية قالت إن عدد قتلي العراق من المدنيين بلغ مائتي ألف قتيل معظمهم من السنة. والولايات المتحدة معنية بإجراء الانتخابات في موعدها فحسب ولا يعنيها أن يفوز الشيعة بالأغلبية في البرلمان الذي سيضع الدستور بل إن واشنطن تفضل أن تكون هناك جماعة واحدة تحكم العراق لتحقيق الاستقرار تماما كما فعل الانجليز عندما احتلوا العراق. والغريب في الأمر أن التاريخ يعيد نفسه فقد اعتمد الانجليز علي الشيعة ثم غيروا اتجاهاتهم بعد ما قاومهم الشيعة فاعتمدوا علي السنة وبقيت هذه قاعدة الحكم في العراق حتي بعد الاستقلال وبعد سيطرة صدام حسين علي الحكم. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل الاعتماد علي الشيعة وحدهم يضمن الأمن في العراق؟ والحقيقة أن اياد علاوي رئيس الوزراء يحاول التعاون مع السنة ولكن مشكلة هؤلاء أنه لا يوجد زعيم واحد لهم يستمع الكل لرأيه وينزلون علي حكمه وقراراته كما هو الحال بالنسبة للامام اية الله السيستاني زعيم الشيعة الذي يؤيد إجراء الانتخابات في موعدها المقرر. والمشكلة القادمة في العراق بعد الانتخابات هي ما إذا كان الشيعة بعد فوزهم المتوقع سيظلون يؤيدون بقاء القوات الأمريكية والقوات المتحالفة في العراق أم أنهم ازاء مطالبة السنة لهذه القوات بالانسحاب سيضطرون إلي تغيير موقفهم. ومن ناحية أخري فلا يمكن ضمان نجاح العملية السياسية في العراق إلا إذا نجح الشيعة في اقناع السنة والعمل علي أن يكون لهم وجود في الجمعية التشريعية فإن الاستقرار يعتمد علي منح الاقليات حقوقهم خاصة وأن زعماء الاكراد يخشون من أن الانتخابات القادمة قد تطيح بزعاماتهم وتأتي بقيادات جديدة. واشنطن تظن أن الانتخابات تجعل الأمن ميسرا للقوات الأمريكية وهذا حلم صعب التحقيق لأن خروج صدام حسين من الحكم لم يوفر الأمن والاستقرار أو الرخاء للشعب العراقي ولم يحقق الديموقراطية فالاحتلال الأمريكي جعل العراق يزداد تمزقا!!