تحت لافتة منتدي المستقبل اختتم السبت الماضي بالرباط الاجتماع الذي ضم نحو ثلاثين دولة من بينها الدول الثماني الصناعية الكبري (ألمانيا - فرنسا - إنجلترا - اليابان - آسبانيا - إيطاليا - كندا والولايات المتحدةالأمريكية) ودول عربية وإسلامية جاءت جميعها لمناقشة قضية الاصلاح في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. * تباين الرؤي.. هيمنت الرؤية الأمريكية علي الملتقي ولا غرابة فأمريكا هي الدولة الرئيسة التي دعت إلي عقد هذا المنتدي لبحث سبل احداث اصلاحات سياسية واقتصادية في الشرق الأوسط، أما العرب الذين حضروا المنتدي فانقسموا إلي فريقين.. فريق دعم الرؤية الأمريكية ورأي أن المنتدي حدث ناجح ويأتي علي رأس هؤلاء البحرين والأردن والمغرب واليمن وفريق آخر ربط الاصلاح بحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي.. وتضافر مع هذه الرؤية انتقاد بعض الوفود انحياز أمريكا الأعمي لإسرائيل ودعمها وعدم جديتها في احراز تسوية منصفة عادلة للفلسطينيين، أما الدول الصناعية الكبري فقد حاولت حفز دول المنطقة علي الاصلاح والالتزام بالديمقراطية وتحسين أوضاع حقوق الإنسان عن طريق عرض المساعدات الاقتصادية. * مظلة للهيمنة...؟ ومن جديد عاد كولن باول وتطرق إلي الحديث عن الارهاب وضرورة معالجة أسباب اليأس والاحباط التي يستغلها المتطرفون ونسي باول في خضم الأحداث أن سياسات أمريكا وإسرائيل في المنطقة هي التي تؤدي إلي هذا اليأس وذاك الاحباط وفي الحقيقة لم يكن هذا المنتدي سوي غطاء ومظلة لسياسة الهيمنة التي تبنتها إدارة بوش الصغير وفرضتها علي المنطقة وأرادت معها فرض ما أسمته بالاصلاح في الشرق الأوسط ويظهر التباين جليا علي أرض الواقع، بل إن الصورة تفصح عن الكثير مما أرادت أمريكا تحقيقه من وراء فرض هذا الإصلاح المشكوك في أمره، فأمريكا لا تهدف إلي اصلاحات حقيقية في المنطقة ويدرك هذا كل ذي عقل فكل دعاوي أمريكا الاصلاحية هي دعاوي تمويهية لبسط سيطرتها ولتحقيق دافع ومصالح شخصية ليس إلا. * تساؤل في محله ويرد السؤال كيف يمكن لأمريكا أن تتحدث عن الديمقراطية والحريات وحقوق الانسان وعالمنا يشهد انتهاكاتها لكل هذا يوميا بالاضافة إلي أن دعاوي الاصلاح لا يمكن أن تتحقق وسط مشاعر العداء السافر لأمريكا وسياساتها التي تدعي أنها تقود الاصلاح إذ كيف يمكن لدولة غاصبة محتلة أن تقود اصلاحا؟ أما الأمر الآخر فهو أنه لا يمكن بأي حال فرض الديمقراطية عنوة وتحت تهديد السلاح وعليه فإن الطرح مشكوك فيه خاصة أن أمريكا التي تطالب به هي التي تتبني اليوم سياسة المعايير المزدوجة والتضليل والخداع وهي التي تتبني سياسة الابادة الجماعية، فلا يمكن لأمريكا بتاريخها الأسود في احتلال الشعوب أن تدعو إلي الاصلاح ناهيك عن أن تقوده إذ كيف يمكن لأمريكا الدعوة إلي الاصلاح وهي تقود حربا ضارية شرسة ضد العراق وتتآمر مع إسرائيل من أجل تصفية القضية الفلسطينية؟! هذا فضلا عن أن أي إصلاح لا يمكن أن يفرض من الخارج وإنما يجب أن ينبع من الداخل تمشيا مع احترام خصوصيات الشعوب. * الشكوك مبررة شاركت في المنتدي مصر والسعودية والبحرين والعراق والأردن والكويت ولبنان وليبيا والسلطة الفلسطينية وباكستان.. وعكست مواقف البعض منهم تحفظات حيال الطرح الذي دعت إليه أمريكا في الاساس والذي كان محل شك من الكثيرين، فالثابت أنه لا يمكن للدول العربية التحرك بندية علي طريق الاصلاح ما لم تستقر المنطقة سياسيا وأمنيا وهذا لن يحدث إلا بحل الصراع القائم مع إسرائيل. كما أنه لا يمكن التعديل علي أمريكا وهي ليست جادة أصلا في احراز تسوية عادلة في الصراع العربي الإسرائيلي ويكفي ما تحظي به إسرائيل من دعم أمريكي كامل لكل سياساتها التصفوية للفلسطينيين وقضيتهم وهو ما يقف حجر عثرة أمام ازدهار المنطقة. * تطويع المنطقة رغم المشاركة الأوروبية في المنتدي إلا أن الهيمنة علي الأمور تظل لأمريكا وبالتالي جاء المنتدي كمحاولة منها لتطويع المنطقة ككل حتي يتسني لادارة بوش استكمال مخططاتها المتعلقة بالشرق الأوسط وشمال افريقيا لقد وضح للعيان أن مثل هذه المنتديات ليست إلا وسيلة أمريكية للالتفاف علي القضايا العربية حتي يكون بمقدور إدارة بوش تمرير مخططاتها الاستعمارية في المنطقة بما فيها السيطرة علي المواقع الاستراتيجية والاستيلاء علي الثروات فيها وضرب العمق الديني للمسلمين من خلال تشويه وتغيير المناهج التعليمية أما الواقع فيقول إنه لا يمكن الأخذ بالاصلاح الحقيقي في منطقتنا إلا بعد شيوع السلام في فلسطين وبعد تحرير العراق من الفوضي التي يغرق فيها ومن الدمار الذي ألحقته أمريكا بدولة الرافين.