كان من الممكن لمؤتمر شرم الشيخ أن ينجح لو أن أمريكا لم تفعل ما فعلته في الفلوجة والرمادي وتلعفر والموصل وسامراء وهيت وبعقوبة، فاجتياح هذه المدن العراقية قلب الأوضاع رأساً علي عقب وتولدت عنه عواقب وخيمة لعل أقلها مقاطعة أطياف عراقية للانتخابات التي حددت حكومة علاوي المؤقتة الثلاثين من يناير القادم موعدا لاجرائها وهو الموعد الذي اصرت عليه أمريكا ولم تلق بالا الي توافق الاطراف المعنية في العراق والتجاذب العنيف فيما بينها بين مؤيد ومعارض. * معارضة مبررة.. من عارض الانتخابات كان علي حق لانه اعترض علي توقيت اجرائها اذ كيف تجري انتخابات وسط هذا الانفلات الأمني وانعدام الاستقرار وشيوع الفوضي؟ ثم ما هي النتائج التي يمكن ان تتمخض عن هذه الانتخابات؟ لذا كان من الضروري بمكان تهيأة الظروف أولا من أجل انتخابات حرة نزيهة فاعلة بحيث يمكنها ان تحدد شكلا ايجابيا لمستقبل العراق وشعبه. وما من شك في ان ما قاله الجنرال ريتشارد مايرز رئيس هيئة الاركان المشتركة الامريكية مؤخرا من أن الحرب الأهلية يمكن ان تندلع في العراق بعد الانتخابات يعد أمرا يثير القلق والخوف معا ويحدو بمن يعارض اجراء الانتخابات في التوقيت الذي حدد لها التشبث بمواقفه ومعارضة اجرائها في يناير القادم لمنع ما يمكن ان ينتج عنها من كوارث. * لا للانتخابات مع الاحتلال.. ان الطبيعة الأمنية غير المستقرة في العراق تحدو بالجميع الي التريث وعدم التعجيل باجراء انتخابات لن تسفر عن النتائج المرجوة، فمن المستحيل الظفر بانتخابات حرة ونزيهة في ظل بقاء قوات الاحتلال علي أرض الرشيد خاصة وقد رأينا كيف أن التمهيد لهذه الانتخابات كان باهظ الثمن اذ حول الفلوجة الي مدينة اشباح تضم جثثا متعفنة وبنية مدمرة نعم.. كان اجتياح الفلوجة بمثابة مغامرة سياسية باهظة الثمن. وجاء مؤتمر شرم الشيخ ليكرس اعادة الاحتلال وليساعد حكومة علاوي علي فرض الأمن قهرا علي افراد الشعب العراقي الذين تحولوا الي لاجئين في بلادهم وفشل مؤتمر شرم الشيخ في تغيير الوضع في العراق وفي اصلاح ما دمره الاحتلال. * ليته لم يعقد.. التأم مؤتمر شرم الشيخ وجمع بين دول الجوار للعراق بالاضافة الي الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن وعدد من الدول العربية والدولة المانحة ومنظمة الاممالمتحدة والجامعة العربية ومنظمة المؤتمر الاسلامي والاتحاد الأوروبي وقيل بأن مشاركة الدول الكبري من أجل قضية الامن في العراق، أما مشاركة جيران العراق فهو لمنع تسرب العناصر الارهابية غير ان من رسم السيناريو للمؤتمر استبعد عن عمد القوي العراقية التي تمثل الشعب وابقي المشاركة العراقية محصورة في حكومة العميل علاوي والتي لا تمثل الشعب بأي حال. وبدا أن الهدف من المؤتمر هو حشد الدعم للانتخابات التي أريد اجراؤها علي أشلاء القتلي العراقيين ودمائهم!! * رفض الاحتلال كان غريبا ان يعقد مؤتمر شرم الشيخ الدولي لمناقشته مستقبل العراق وشعب العراق وان تدعي الاطراف الدولية التي ذكرناها آنفا لحضوره بينما ينحي عمدا الطرف المعني الذي يمثل الشعب العراقي وبالتالي ما كان من الممكن لاي مراقب ان يطمئن الي ان المؤتمر سيعامل القضية العراقية معاملة منصفة وعادلة وكان حريا بمن اقترح عقد هذا المؤتمر أن يفكر جديا منذ البداية في ضرورة دعوة الاطراف المعنية بالعراق بما فيها المقاومة حتي تتاح فرصة الحوار والنقاش أما ان تستبعد المقاومة بذريعة انها طيف واسع ومن الصعب مشاركتها اذ كيف لها ان تشارك؟ فهذه ذريعة خائبة ويمكن الرد عليها بأن المقاومة كان يمكنها ان تخول اطرافا تتحدث باسمها في المؤتمر المذكور علي غرار ما حدث في يوم من الايام في فيتنام والجزائر. لقد ظهر جليا ان مؤتمر شرم الشيخ عقد اساسا لدعم امريكا كاحتلال ومن ثم نحي الطرف الذي رفض الاحتلال وقال لا لاستمرار تواجده علي ارض الرشيد. * لماذا فشل المؤتمر.. بدا عقد المؤتمر منذ البداية من قبيل تحصيل الحاصل، ويكفي أن العراق بعقده لم يحصل علي ضمانات بعدم شرعنة الاحتلال وكان المفروض لانجاح هذا المؤتمر الحصول علي ضمانات تؤكد بأن الاحتلال سيرحل وبأنه لن يكون موجودا بنهاية العام الحالي كي يتمكن شعب العراق من اجراء انتخابات حرة ونزيهة اما الصورة التي عكسها مؤتمر شرم الشيخ فهي اعتراف امريكا الضمني بأنها في أمس الحاجة الي الاخرين لمعالجة المأزق الذي تواجهه في العراق وبالتالي لتبرير وترسيخ تواجدها علي أرض الرشيد وهكذا فشل المؤتمر في أن يقدم حلا سياسيا بعد ان استبعد الاطياف التي تمثل عن حق الشعب العراقي والتي تشكل في مجموعها نسبة لا تقل عن 92% والتي ترفض الاحتلال جملة وتفصيلا..