هذا الشتاء سيكون ساخنا جداً داخل القطاع المصرفي، ولأسباب عديدة ورغم أن فصل الشتاء لم يأت بعد وأن فصل الخريف لم يغادرنا، إلا أن المؤشرات الأولية تشير إلي أن فصل الشتاء لن يختلف كثيراً عن فصل الصيف في درجة الحرارة داخل أروقة البنوك، وأن الجهاز المصرفي سوف يشهد أحداثاً ساخنة جداً يمكن أن تغير خريطته المستقبلية، إن لم تحدث به انقلاباً. بوادر هذه الحالة بدأت قبل أيام ومن المتوقع أن تتفاعل خلال الأسابيع القادمة، وإذا أردنا أن نطلق عنواناً علي هذه الحالة فإننا يمكن أن نسميها "حركة تصحيح داخل البنوك". الحركة التي يقودها د.فاروق العقدة محافظ البنك المركزي يعاونه فيها نائباه طارق عامر ومحمود عبد العزيز ومجلس إدارة البنك تركز علي إنجاز عدة مهام في فترة محددة هي 5 سنوات تمثل عمر خطة الإصلاح التي تم عرضها علي القيادة السياسية والحصول علي ضوء أخضر لتنفيذها، ومن أبرز ملامح الخطة: 1 الإعداد لخصخصة أول بنك قطاع عام حكومي. 2 الانتهاء من خصخصة حصة المال العام في البنوك والشركات المشتركة. 3 الانتهاء من دمج 5 بنوك في فترة زمنية لا تزيد علي 8 شهور. 4 الإعداد لحالات دمج كبري داخل القطاع تستهدف تقليص عدد البنوك العاملة في مصر إلي 20 بنكاً فقط. 5 استكمال إجراء تغييرات علي مستوي الإدارات العليا بالبنوك، بحيث يتم تزويد القطاع المصرفي بدفعة جديدة من الخبرات المصرفية العاملة في بنوك عالمية كبري، مع صقل العمالة القائمة بالخبرات الجديدة الموجودة في اكبر البنوك العالمية. الملف الأول علي مستوي المهمة الأولي والخاصة بإعداد أول بنك عام للبيع، فإن النية تتجه حالياً إلي اختيار أحد البنوك وبيوت الخبرة العالمية الكبري لتقييم البنك العام وتحديد أبرز نقاط القوة والضعف به وحجم العجز في مخصصاته المجنبة لمواجهة الديون المشكوك في تحصيلها. ويأتي علي رأس هذه البنوك وبيوت الخبرة "ميريل لينش" و"ستاندرد أند يورز" و"موديز" وغيرها من الشركات العالمية المتخصصة في إعداد التصنيفات الائتمانية للبنوك والدول. ويواكب هذه الخطوة المتعلقة بالتقييم الجاري خطوة أخري تتمثل في تقييم البنك من الداخل لتحديد الموقف بشأن العمالة والديون المتعثرة وغيرها من الملفات الساخنة المتعلقة بالسياسات الاستثمارية وضعف الخدمات المصرفية المقدمة. ومن المتوقع أن تتخذ البنوك العامة الستة خطوات مهمة خلال الفترة القادمة لتخفيف مشكلة زيادة العمالة، ومن أبرز هذه الخطوات إدخال نظام المعاش المبكر والتوسع فيه وعدم تعيين عمالة جديدة إلا في الحدود الضيقة. ومع قرب ظهور بوادر فصل الشتاء فإن الأيام القليلة القادمة ستشهد عدة اجتماعات لحسم عدة نقاط أبرزها: 1 ما البنك العام الذي سيتم البدء في خصخصته في العام القادم؟ وتتجه النية هنا إلي المفاضلة بين بنكي القاهرة والإسكندرية في المرحلة الأولي واستبعاد بنكي الأهلي المصري ومصر إلي وقت لاحق، وربما استبعادهما للأبد، خاصة أن أعرق الدول ذات اقتصاديات السوق الحر تحتفظ ببنوك عامة كما هو الحال مع فرنسا التي تمتلك أكبر بنك عام زراعي في العالم. وفي الوقت الذي يميل فيه البعض لاختيار بنك القاهرة للبدء في خصخصته لأسباب عدة علي رأسها قيام الإدارة المالية للبنك المتمثلة في أحمد البردعي باعادة هيكلته وتزويده بالخدمات الجديدة وربط فروعه وتقليص عدد العمالة به إلي حد ما من خلال تطبيق نظام المعاش المبكر، فإنه في المقابل يستبعد آخرون اختيار "القاهرة" كنقطة بدء لبرنامج بيع البنوك العامة التجارية ويستند هؤلاء إلي عدة أسباب علي رأسها: أن بنك القاهرة يمتلك أكبر محفظة من الديون المتعثرة، كما يحوز البنك علي النصيب الأكبر من كبار رجال الأعمال الهاربين بمليارات الجنيهات وعلي رأسهم رامي لكح الهارب إلي فرنسا والبالغ مديونياته للبنك نحو ملياري جنيه، وكذا حاتم الهواري الهارب الي الخارج وتبلغ مديونياته نحو 8.1 مليار جنيه. وفي حالة رفض بنك القاهرة كنقطة بداية في البرنامج فانه سيتم اختيار بنك الاسكندرية خاصة ان الادارة الحالية للبنك الممثلة في محمود عبد اللطيف استطاعت خلال فترة وجيزة اعادة ترتيب البيت من الداخل واستعادة جزء لا بأس به من الديون المتعثرة وزيادة المخصصات وانجاز ملف ربط فروع البنك بالمقر الرئيسي وتطوير الخدمات القائمة وادخال خدمات جديدة علي رأسها التأمين من خلال ابرام اول اتفاق داخل السوق مع شركة الشرق للتأمين وكذا خدمات التجزئة المصرفية والقروض الاستهلاكية. الملف الثاني واذا انتقلنا للملف الثاني المتمثل في دمج بنوك هي: المهندس والنيل والمصرفي الاسلامي الدولي والمصري المتحد والتجارة والتنمية "التجاريون" فان المعلومات المتوافرة تشير الي عدة مؤشرات ابرزها: - انه سيتم الانتهاء من هذه الخطة قبل منتصف العام القادم.