غدا الخميس موعد أول مناظرة بين بوش وكيري. سيكون الجدل الرئيسي القائم بين الغريمين حول العراق وحول سؤال يقول لماذا شنت الحرب أصلا كل سيحاول ان يتناولها من وجهة نظره سيحاجج بوش بانه وجدها سبيلا للقضاء علي الارهاب والوصول الي الحرية والديمقراطية سيحاول جاهدا دعم موقفه للحصول علي ولاية ثانية في البيت الابيض اما كيري فسيطرح رؤيته وهو الذي سبق وان وصف الحرب بانها التسلية التي لم تكن ضرورية وانها انحراف عن الحرب علي الارهاب وان الوضع فوضوي وإدارة بوش مضللة كيري سيحاول من خلال ذلك دعم موقفه من اجل الفوز بالجولة والدخول الي البيت الابيض. بعيدا عن الغريمين فان الحرب كانت كارثة من وجهة نظر "برويز مشرف" وهي وجهة نظر محايدة باعتبار صاحبها مواليا في الوقت نفسه لادارة بوش فلقد خرج برويز مشرف مؤخرا بتصريحات جريئة تحمل ضمنا معارضة وانتقادا للحليف الأمريكي وذلك عندما تحدث عن ان غزو العراق جعل العالم اكثر خطرا وجعل الحرب علي الارهاب اكثر تعقيدا واوجدت مشكلات اكثر للعالم وما قاله لم ينبع من فراغ، فما يحدث اليوم علي ارض الواقع في العراق يعكس وضعا كارثيا وينذر باخطار كثيرة لا تقتصر علي العراق فحسب وانما تتعداها الي دول الجوار، بل والي الدول التي قادت هذه الحرب واشعلت اوارها واعني بها امريكا وتابعتها بريطانيا وكل من لف لفهما مثل ايطاليا واستراليا. الحرب علي العراق فتحت الباب علي مصراعيه كي تصبح دولة الرشيد ساحة يرتع فيها الارهاب وتجري فيها تصفية الحسابات لكل من اجتذبته الساحة بوضعها الملتهب الحالي. تضارب المواقف جاءت تصريحات ساسة البيت الابيض مناقضة لبعضها البعض مما ينبئ بان ادارة بوش وطاقمها من المحافظين الجدد قد وقعوا في مأزق لا يمكلون الخروج منه رأينا بوش يصف الوضع الحالي في العراق بانه وضع يبشر بالخير وان العراق يتقدم بثبات نحو الحرية والديمقراطية ويشدد علي ضرورة عقد الانتخابات في موعدها!! وأي مراقب لابد أن تعتريه الدهشة من كلام بوش هذا الذي ينبئ عن ان الرجل غائب عن الوعي لا يدري شيئا عما يحدث حوله او انه يدري ولكنه اراد ان يغيب نفسه ويغيب من حوله ويمارس نوعا من التعتيم علي ما يحدث في العراق تحت مبدأ "خلي الطابق مستور" اذ ان كشف النقاب عما يحدث يؤجج المشاعر ويصيب بالاحباط لان ما أقدم عليه بوش في العراق كان جريمة اخلاقية وكارثة بكل المعايير اطاحت بسيادة دولة وعصفت بمقاديرها واغتالت أناسها وسلبت ثرواتها وزرعت فيها نبتة الانفلات الأمني الرهيب الذي كان ارضية خصبة لتفريخ الارهاب والارهابيين زاد من وطأته القصف الأمريكي المستمر لمدن العراق حيث تصب الطائرات حممها علي شعب اعزل بدعوي القضاء علي ابو مصعب الزرقاوي!! العنف الأمريكي الإسرائيلي وكما قال برويز مشرف فان مشاهد العنف هي التي تغذي مشاعر العداء ضد امريكا وهو يشير بذلك الي ما يحدث يوميا في العراق من قتل وتدمير وما يحدث يوميا في الأراضي الفلسطينية علي يد اسرائيل التي تمارس الابادة الجماعية فتقضي علي البشر والحجر بدعم ومباركة من ادارة بوش الذي فاجأ العالم بخطابه امام الجمعية العامة للأمم المتحدة في الحادي والعشرين من الشهر الحالي وهجومه اللاذع علي عرفات الأمر الذي يصب ايجابا في صالح اسرائيل دولة الاحتلال التي تمارس القتل اليومي لعشرات الفلسطينيين في غزة دون ان يحرك المجتمع الدولي ساكنا. رسائل متناقضة!! ولا أدل علي أن ما يحدث في العراق يشكل ازمة عميقة بالنسبة لأمريكا التخبط الواضح الذي وقع فيه رامسفيلد الذي اثار الجدل بتصريحاته المتناقضة فمرة يؤكد الحاجة الي زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق ومرة اخري يعلن ان بلاده تفكر في خفض القوات مشيرا الي امكانية انسحاب الامريكيين حتي قبل استتباب السلام فيه وعلي حين يطرح امكانية عقد انتخابات جزئية في العراق تستثني فيها المناطق التي تشهد توترا يخرج كولن باول الاحد الماضي ليقر بان تنظيم الانتخابات قد يكون صعبا بسبب اعمال العنف التي تهز البلاد. هل تعقد الانتخابات؟ غاب عن أمريكا ان تدهور الوضع في العراق والانفلات الأمني الرهيب والفوضي التي تضرب اطنابها في عموم أراضيه ناجم عن وجود قوات الاحتلال والهجمات التي تشنها علي المدن وتزهق خلالها الأرواح نفس الأساليب التي تتبعها اسرائيل مع الفلسطينيين من قتل وتدمير منازل واحالة الحياة الي جحيم. ما يحدث علي ارض العراق ابعد ما يكون عن الصورة الوردية التي تحاول امريكا اليوم تسويقها للعالم بدعوي انها جاءت لتجعل من العراق نموذجا للديمقراطية والحرية لقد وضح لرامسفيلد اليوم ان بلاده ليس في وسعها البقاء في العراق لفترة طويلة لا سيما في ظل استمرار تدهور الاوضاع الامنية التي لا تخفي علي ادارة بوش وبالتالي سيظل من المشكوك فيه اجراء الانتخابات في يناير القادم كما هو مخطط لها لاسيما مع ما يسود العراق من اوضاع غاية في السوء ومع انعدام الاستقرار الحالي والمرشح ان يزداد وطأة مع اقتراب العام القادم واستمرار الاحتلال جاثما علي ارض الرافدين.